بات وشيكاً تدخل الاتحاد الأفريقي في شمال مالي التي استقل بها أهلها في مارس 2012. وصار اسمها دولة الأزواد. والدولة خليط من 3 ملايين نسمة من عرب الطوارق والأمازيغ (البربر) وشعب السونغاي الذي يسمي نفسه "ملاك الأرض" لأنهم وُجدوا بجهات مدينة تمبكتو قبل ذينك الشعبين. فبعد اجتماعات لوزراء دفاع غرب أفريقيا لدراسة سبل غزو دولة الأزواد قرر الاتحاد الأفريقي أن يشرع في التحضير للتدخل وإزالة الدولة الوليدة من الوجود. وجرى كل هذا، وسيجري، بالتعاون الوثيق مع الغرب والأمم المتحدة. بل ربما ظل يجري بتدبير صريح من الغرب. هذا التدبير لمحو دولة الأزواد استحق وقفة. فأكبر مبررات هذه الغزوة هو تفريغ صحراء مالي من الإرهابيين لتأمين مصالح الغرب. بل قال دبلوماسي أفريقي في معرض "بيع" هذه الغزوة إن دولة الأزواد مهدد مباشر للغربيين. وبالحق نجد حضوراً للقاعدة في دولة الأزواد في منظمة أنصار الدين وتنظيم القاعدة في المغرب العربي. ولكن من بين من أسسوا الدولة جماعات لا تنتمي للقاعدة مثل الجبهة العربية الإسلامية المتأثرة بالإخوان المسلمين والحركة الشعبية لتحرير الأزواد الموصوفة بالعلمانية. ومتى ركز الاتحاد الأفريقي والغرب على هاجس الإرهاب غاب عنهما الطابع القومي العربي والأمازيغي للدولة. ومتى أعتبرنا هذا الطابع صار سهلاً أن نُدِخل الحركة الأزوادية في عداد حركات القوميات الصغرى المتمردة على هيمنة القوميات الكبرى في دولة ما بعد الاستعمار. فالأزواد عانوا التهميش كما عاناه جنوبيو السودان ومسلمو ساحل العاج وأثيوبيا وشعب اللو والسواحيلي في كينيا. فقد ناضل الأزواد بصور مختلفة للخروج من التهميش والتمتع بالتنمية منذ استقلال مالي في 1960 ولكن نكثت حكومة بامكو بعهودها معهم. وانتهزوا فرصة تضعضع الدولة فانفصلوا عنها بقوة السلاح الذي وقع لهم بعد انهيار دولة القذافي. لا يصح أن نغطي على مظلمة تاريخية للشعب الأزوادي لأن بعض حركاته القومية اتخذت طابع الإرهاب. فالظلم ظلمات. ولم يعد الانفصال عن الدولة الظالم مركزها جريرة سياسية. فأنظر دولة جنوب السودان ترى عجباً. بل سنظل نسمع عن قوميات صغرى سئمت العيش تحت المراكز الظالمة تطالب بتقرير المصير في أفريقيا وغير أفريقيا. ومن آخر هذه القوميات الضالعة في ذلك شعب الساحل الكيني والشعب الكتلوني في أسبانيا. وما يستفاد من كل ذلك أن وراء دعوات الانفصال مظالم سياسية ينبغي أن تُرفع عن الناس بغض النظر عن صور النضال التي أخذتها. وقد بدأ الرئيس الكيني في اقتراف الخطأ حين هدد بأن يسحق المطالبين باستقلال ساحل كينيا. وسيصفهم بالإرهاب. وغيرك كان أشطر! لعل أفضل خطة مطروحة على ساحة مسألة مالي هي خطة الجزائر الداعية لنبذ التدخل العسكري في شمال مالي وتفكيك المسألة سلمياً. ومهما كانت دوافع الجزائر فخطتها أقرب للتقوى. فبها وحدها نفرز ما للإرهاب من ما للظلم والتهميش والحقارة. Ibrahim, Abdullahi A. [[email protected]]