الجيش يوضح بشأن حادثة بورتسودان    "ميتا" تهدد بوقف خدمات فيسبوك وإنستغرام في أكبر دولة إفريقية    بورتسودان وأهلها والمطار بخير    المريخ في لقاء الثأر أمام إنتر نواكشوط    قباني يقود المقدمة الحمراء    المريخ يفتقد خدمات الثنائي أمام الانتر    مليشيا الدعم السريع هي مليشيا إرهابية من أعلى قيادتها حتى آخر جندي    ضربات جوية ليلية مباغتة على مطار نيالا وأهداف أخرى داخل المدينة    الأقمار الصناعية تكشف مواقع جديدة بمطار نيالا للتحكم بالمسيرات ومخابئ لمشغلي المُسيّرات    عزمي عبد الرازق يكتب: هل نحنُ بحاجة إلى سيادة بحرية؟    فاز بهدفين .. أهلي جدة يصنع التاريخ ويتوج بطلًا لنخبة آسيا    بتعادل جنوني.. لايبزيج يؤجل إعلان تتويج بايرن ميونخ    منظمة حقوقية: الدعم السريع تقتل 300 مدني في النهود بينهم نساء وأطفال وتمنع المواطنين من النزوح وتنهب الأسواق ومخازن الأدوية والمستشفى    السودان يقدم مرافعته الشفوية امام محكمة العدل الدولية    وزير الثقافة والإعلام يُبشر بفرح الشعب وانتصار إرادة الأمة    عقب ظهور نتيجة الشهادة السودانية: والي ولاية الجزيرة يؤكد التزام الحكومة بدعم التعليم    هل هدّد أنشيلوتي البرازيل رفضاً لتسريبات "محرجة" لريال مدريد؟    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (ألف ليلة و....)    الرئاسة السورية: القصف الإسرائيلي قرب القصر الرئاسي تصعيد خطير    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء الشاشة نورهان نجيب تحتفل بزفافها على أنغام الفنان عثمان بشة وتدخل في وصلة رقص مؤثرة مع والدها    كم تبلغ ثروة لامين جمال؟    حين يُجيد العازف التطبيل... ينكسر اللحن    أبوعركي البخيت الفَنان الذي يَحتفظ بشبابه في (حنجرته)    شاهد بالفيديو.. في مشهد نال إعجاب الجمهور والمتابعون.. شباب سعوديون يقفون لحظة رفع العلم السوداني بإحدى الفعاليات    شاهد بالصور والفيديو.. بوصلة رقص مثيرة.. الفنانة هدى عربي تشعل حفل غنائي بالدوحة    تتسلل إلى الكبد.. "الملاريا الحبشية" ترعب السودانيين    والد لامين يامال: لم تشاهدوا 10% من قدراته    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    ترامب: يجب السماح للسفن الأمريكية بالمرور مجاناً عبر قناتي السويس وبنما    كهرباء السودان توضح بشأن قطوعات التيار في ولايتين    تبادل جديد لإطلاق النار بين الهند وباكستان    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    وزير المالية يرأس وفد السودان المشارك في إجتماعات الربيع بواشنطن    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    ارتفاع التضخم في السودان    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    الدفاع المدني ولاية الجزيرة يسيطر علي حريق باحدي المخازن الملحقة بنادي الاتحاد والمباني المجاورة    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    بعد سؤال الفنان حمزة العليلي .. الإفتاء: المسافر من السعودية إلى مصر غدا لا يجب عليه الصيام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإنْسَانويّة ... بقلم: خالدعبيد
نشر في سودانيل يوم 09 - 08 - 2009

حِينَ إقْتَرّحتُ الهُوِّية بمنظورٍ (إنسانوي) وكَواصف جمالي ينتظم حياتنا لَمْ اقترحها بمُخيِّلةِ شاعر فحسب (راجع مجلة كتابات سودانية – العدد الثالث والعشرون – مارس 2003م ندوة الوحدة والتنوع بالسودان30-31اكتوبر2002 .
يَجيءُ نَظرنا للهُوِّية في أحلّك تخبطاتها وزئبقيتها المُنفرطة آنٍ بعد آنْ . فتارة تجنح إلي نقاءِ الأرومة وتارة تُوصف بالهجنّة وفي أحايين اخر سواد أرومة حقة لا تَستَثني في إصطحابها أدني شائبة مِنْ الإقرار بالنُطّفِ الكائنّة في أرحامها المتخلقة كحالةِ من حالات تصالح الذّات وتَرفّع يائس من (توصيف الحالة السودانية ) أو بعض مِنْ سايكولوجيات القهر وإذ نلتمس مُقاربة نَابهة تخلص بوجهها العملي وتقي القوم إِنزلاقات عَطْفات النفس ، تجيء الحاضنات (الهُوِّيويّة) في تفسيرنا لها في أقصي تطرفها كمسوح يتلبسها (رُهبان الدِير) من الحرس القديم حراس الفكرة الأحاديّة .
إذا كانت النعرات العصبيّة حالة من الهشّاشةِ تعتري النفس فتجنح إلي دحض (فريّة) الأحادية في ذاتها ، إلي (التمسك) باجتراحات هُوِّيويّة ومد جذور وأرومة من النقاء كحالة دفاعية داعمة للشعار والمثال المُحتذي مما يُوقع في اللبس والخلط ويَضحي شقاق الفكاك من ربقة الوصف والموصوف كعتق الزيت من الماء أوان (رج) قارورة المخلوط .
الهُوِّية / الهُوِّيات السودانيّة آخذة شكل الزئبق بكامل تداخلاته الإبستمولوجية فأن تصف زيداً أو عبيد بمحددات (هوِّيوية) هي جِماع لعادات و تقاليد وعرف يضحي مِنْ الصعوبة في ظل التّشكّلات المستمرة والتخلقات المتحولة آن بعد آن وجماع عوامل اللغة / اللغات أو حتي المعتقد كرابط تُمفصل علي غراره فئة بعينها وإذا كان ذلك كذلك يُعد في الأساس فعلٍ غير دقيق يَفتقر إلي المنهجيّةٍ وحدّة البصر .
الهُوِّية أضحت هاجس (فَلقْ دماغ) علي نطاقٍ أوسع من رقاع المليون ميل لهجة مربعة في ظَلَّّ صِدام الحضارات ونهاية الأيدلوجيات لا التأريخ كما أنها أضحت من الخطورة بمكان إذ أصبحت قاب قوسين أو أدني من كونها (حمّالةا وجه) وتََحمّلها العبء الأكبر من دافع Motive لأتون محرقة الكون .
يحتاج الأمر لرتق حالات التفكك المجتمعي Social Disassociation ولعل هذا ما حدا بالكثيرين للعودة (للحاضنة القبلية) بوعي تفسيري ثقافوي (جاهز) ومن ثَمّ مسح شعرة جلد القوميات الآخذة في عودتها للحاضنة القبلية لا محال .
الإسْتِعاضة بالحاضنة الأسريّة وِمنْ بعد الحاضنة القبلية لتأتي الحاضنة الوطنيّة في ذيل القائمة لهو أمر فيه مدعاة للنظر والوقفة المتأنيّة والمتأملة في آن .
لذا جاءَ طرحنا للإنسانويّة كهُوِّية تتّأسس علي إنسانية الانسان السوداني ..وقراءة الإنسانويّة - pan Humanitariansفي مظانِها. تشي دلالة العنوان بما يَنطوى عليه المبحث قياساً هناك الحركة الإنسانيّة تتخذ الإنسانويّة شعاراً وُممارسة تنهض الحركة الإنسانيّة على ما تُؤمن به(إن الإنسان قادر على تحقيق ذاته عن طريق العقل لا الدين). إذا الإقرار بإنسانية الفرد على أساس (العَقْل) بعيدا عَنْ تصاوير التمييز المتعارف عليها ضمنا. وصولا لمبدأ فاعليته (دعه يمر ... دعه يعمل Laisser Passer - Laisser faier.) .
بهذا الإنسانيّة حَق وواجب، هي فلسفة تقتضي التعاقد على الهُوِّية على أساس من الخبرة البشرية ،والحياة الإنسانية العريضة وفي كُلِّها الإجمالي , لا تنهض على الفصل بين الإنسان/ الفرد وإحالات (الهُوِّيه الميتافيزيقيا) كأن تقوم على أساس الدين أو العرق/ الإثنية . وهنا يعد المكون الأساسي والعنصر المهم الإنسان وإنسانيته إعلاء مِنْ شأن (العقل).
إذْ لا يَستقيم منطقاًً أخذ المَرء بشىءِ ليس له فيه يد مثل اللون الأرومة , حدوده الجغرافيّة, والديمغرافيّة , تكوينهِ الأنثروبولوجي , وحتّى تَكوينه البايلوجي , كمحصلة لجينات Genetics وضعت نُطفة في رحمَ الغيب.
وحسبما يُشير التقرير العام لمنظمة الأمم المتحدة The United Nations Educational, Scientific, and Cultural Organization الموسومة إختصاراً ب(UNESCO) بشأن التنوع الثقافي عبر دلالات(الأنثربولوجيا) وحدود العلم. تلخيصاً أو إجمالا لا تُعد العناصر الوراثيّة مُحدد أساسي(للتنوع الثقافي) و ( التنوع الثقافي المتحقق ) لمجموعات إثنية مختلفة شرح سمة ثقافية ما تحتاج لإخضاعها للتجربة, كل إثنيّة على حِده.
فضلاً إن المعرفة العلميّة المتاحة تتأسس على الاعتقاد بأن الفطرة الإنسانية واحدة ومُوحدة. وكَذا الذكاء والمشاعر والطموح وبما أن حدوس العلم وتكهناته تذهب إلى إعلاء إنسانية الإنسان وكرامته فلما لا تتأسس رؤانا للهُوِّية بنظرٍ علمي ينأى عن إنزلاقات العواطف والعصبية. وبرأيِّ أن الاتفاق على أس يشي إلى(هُوية الإنسان السوداني) على غرار الإنسانيّة يُعد في الأساس امتداح ضمني وإقرار داخلي بهُوِّية مقترحة. تَتّنزه عن العصبية المناوئة . والراجح حتى الغُلاة من الطرفين ودُعاة حسم العنصر بأحادية يعد التمسك(بإلانسانويّة) كهُوية وقاية لهم من (الوهن الفكري) المتمسك بعصبية مفردة لا تصب في خانة المجموع. في ظل العولمة وسائط التكنولوجيا (الفاضحة) للمتوقع العرقي والنزوع القبلي. واتجاه العالم لطرح هوية كونية تنتمي إلى إنسان الحضارة نبذا للقبلية والعصبية وللاستيعاب الجمعي في المنظومة (الكونية) GLOBALIZATION على أساس (الآدمية) ... وإنسانية الإنسان السمحاء. إذاً إنسانية الإنسان السوداني كتعريف (هويوي) هو في الأساس خيار ثقافي. ومفاصلة فكرية لا مناص من الأخذ به في ظل (حمى التجدد والتبدل) مرتفعة الثيرميا وعالية التوتر. والإنسانية تجاوز للتجنس والتمترس عند حدود مسألة الأصل والنوع, وطرح البعد الإنساني والاستفادة منه كأقصى ما يكون التوصيف لحالة الوطن الممعن في تمزقه
اقتراح الهوية السودانية وتحقيق الذات السودانية على أساس إنسانوى؟ من ثم(الدولة السودانية الإنسانية) ليس بحلم مناف للواقع. فعبر تعبئة الفرد السوداني بمعان محتملة التحقق وممكنة أساسها الفاعلية والإنتاج على ضوء إنسان واعٍ خالي من بثور الأمية والجهل ولعل الشاهد أن ما يقعده من ان يتطور,اي الانسان السوداني هو تلك المثبطات – أمية وجهل – في إعاقتها التنمية وحرمانه من فاعليته.
وصيغة الإنسان السوداني تسع كل أماني الوطن وتوقه. ومن ثم لا مكان لاحتمالات الردة وأشواق الصابئة القائلين بنقاء الأرومة وصفاءها ( وحق القول مشروع) لا يعدو أن يكون محض نقص ينزع للكمال وشعور كامن متأصل بالضعف (الداعين) لتنكير الذات السودانية واتباعها بنعوت النقصان والتحقير(ما هو إلا انسحاق ذاتي) نبرره ونسوغ له بكثير من الصلف بمن هم بعض جزء منّا ومِنْ أرض الوطن.
إذاً يضحي التصدي لإنسانية الإنسان السوداني بالمجابهة العقلانية وترسيم الخطى بوعي يعد المخرج الأوحد من مأزق الانقسام والاحتراب وشقاق التعايش.لان الوقوع في(حبائل) توصيف الهوية على أساس العرق يحرم السودان من فرصته الحقيقية في النهوض وبسط التنمية على أثر الحضارة والتقدم.
على مستوى الدين ينبغي أن يكون التعايش والتسامح سمة غالبة حتى نفوت الفرصة عل الذين يصفون مآلات العالم من منطلقات (حرب العقائد) و (صراع الحضارات) لا الرؤى لان الأخيرة في اختبار دائم لنفسها وبحث دؤوب عن صيرورتها.
ختاماَ في الجدلِ الذي اثارته الاطروحة كتب الاستاذ الفاضل صلاح محمد احمد في جريدة الصحافة 20فبراير 2003ردا علي احدهم في عدم
تمثله لاستكناهنا واستقرءانا للهوية كتب الاستاذ صلاح قائلا أن تسبح ضد التيار فهذا عمل عظيم تستحق عليه التعاسة بتهوفن
فى عدد الثلاثاء المتميز 4 فبراير 2003م نشرت جريدة الصحافة مقالاً للأستاذ المهدي آدم و أظن أعيد نشره فى عددٍ متميز آخر يلي العدد السالف فى ذلك نستميح الصحيفة عذراً و بعد إذن الإستاذ المهدي فى الرد عليه فيما جاء فى مقاله (لعبة المرايا و الأقنعة).
حتى لا نوسم مبدئياً بعدوى سوء النية و نصاب ب (زكام) سوء التفاهم الهدام .. ينبغي أن نقلب قول المهدي على وجوه عدة و نحمله ما يطيق القول و يسع قدر إستطاعته (لعبة المرايا و الأقنعة) .
مجمل طرح (المهدي) هو إتفاق ضمني و (خالد عبيد) على (ميتافيزيقيا الهوية و يختلف معه ناسفاً دعواه القائلة بإنسانية الإنسان السوداني و هذا خطل وقع فيه (المهدي) و من جملة إستفهامات تساور مخيلتي و أنا أقرأ ما كتبه المهدي فى تلك (الأقنعة).
هل يا ترى كان يقصد أن الإلتزام بالإنسانية (دعوة غرض و هوى) و ما مسوغ نبرة التهكم التي طرح بها قول خالد عبيد (التنزه عن الهوى و الغرض … يشفع قوله (ليطرح علينا) خالد عبيد (هوية مقترحة) من أنتم بالله عليك أيها المهدي و ما دلالة (علينا) .. هل هذه (العلينا) للتعظيم أم للجمع. فى الأولى لا نرى ما يدعو لهذه (الأنا). و الأخيرة تستوجب الإفصاح و سؤال آخر .على أي أقنعة الأيدلوجيا تتخفى هذه (الأنا) الرافضة لكل ما هو جميل و أي تيار آيدلوجي أو قانون وضعي أو حتى (فكر موضعي) أ و تشريع شارع. ينافي الإنسانية و يذرها كظيمة تتلوى . و المدهش حقاً تزامن رد الأستاذ (المهدي) على رؤى أطروحة الهوية مع سند و شاهد آخر دمغه الدكتور منصور خالد و إعلاءه من قدر الإنسانية ..
إذاً القول ب (من نحن) على حد تعبير المهدي سؤال لا طائل من ورائه قول مردود . لا تدعمه أسانيد العقل و الرأي فى هذا المقام و يفضحني حالي . . و نحن ندلف بحثاً فى غياهب و مظان الإعلام رغبة فى المعرفة و الإستزادة جبلنا على السؤال فكانت لنا (رفعت أرنب أنف) صوب جنوب الوادي بزمن يسير من نشر (المهدي!!) مقالة، نشتم بها الأخبار فحدثني أخ قادم من (مصر المؤمنة) و قاهرة المعز .عن صدور ندوة التعدد الثقافي و بناء الدولة الوطنية -و العهدة له- و قال فيما قال أن الدكتور منصور خالد أعجب إيما إعجاب بأطروحة الأستاذ خالد عبيد و عن إقتراحه لهوية تتأسس على إنسانية الإنسان السوداني و يرى الدكتور منصور خالد –و ما زال الحديث لصديقي- بأن هذا طرح يستصحب الواقع بنظر أبعد من (أرانب الأنوف) لمستقبل رحب يسع أماني الوطن و اشراقه و صاحب الطرح فطن ذو عقل ثاقب و يبشر بمستقبل واعد . . بيد أني كذبت الصديق و افترضت انه يجامل على طريقة من يجدك معنياً بأمر ما فيقوم بالنسج على ذات المنوال و لم أستبعد وصول الأطروحة للدكتور منصور خالد و هو الأديب الباحث الكدود .. و رغم ظني إلا أنني تفاجأت بما كتبه الدكتور منصور خالد تزامنا و مقال (المهدي!!) (و صدق الصديق و إن كذب) يقول الدكتور منصور خالد (أقول ، و من بعد ، أنا لست شمالياً، بعد ان اختلق لي الكاتب هُوية معينة و بالقطع أنا لست جنوبياً (أنا سوداني فحسب!!!) هذه الرحلة التي قطعت لأتجاوز بها كل نوازع التميز الجهوي ، العرقي ، و الديني بين أبناء الوطن الواحد لم يفلح بعد فى سلوكها (كثيرون فى الشمال و الجنوب)و لو فعلوا لتصالحوا مع أنفسهم و (تأنسنوا !!!) ثم أنا سوداني بالصدفة التاريخية و الجغرافية انا إنسان فى البدء و المنتهى و ليس الإنسان كل من مشى على قدمين ، الإنسان هو المخلوق القادر على التماهي مع بني البشر بحكم إنسانيته و هو الحريص على مد جسور التفاهم مع كل الثقافات و محاياة كل الشعوب و القبائل و هو المدرك لأن الرؤية تتسع كلما إنسجم مع المغاير و المفارق. أ.ه (صحيفة الحرية 4فبراير 2003) أي تلخيص لأطروحة خالد عبيد هذا و أي رد بليغ كان . ما الذي يدعو رجل بقامة الدكتور منصور خالد على تأكيد سودانيته و هو معروف فى أصقاع العالم ما الذي يدعو رجل بقامة و خبرة الدكتور منصور خالد للواذ و الإحتماء بالأنسنة و دعوة الإنسانية ، ما الذي يدعوه لنفي المكون التقليدي أنا لست شمالياً . . . أنا لست جنوبياً أنا سوداني فحسب !!! و بعد كل هذا يعود المهدي ويعلي من شأن الزعم القائل بالنفي (لا طائل من سؤال النحن) . على المهدي قراءة ما بين السطور و بهذا يفسد إمكانية القراءة الدقيقة دعك من التأويل و هو يغرق فى التجريد الحرفي و قراءة الأوراق على عجل .
فى مقاله ثمن المهدي من قول الناقد الفذ مجذوب عيدروس و نفى فى لا علاقة له بأصل الورقة (علاقة الدم) مشيراً إن الأوراق السالفة لم تبحث هذا الأمر على طريقة قصورها لا لأنها غير معنية بهذا المبحث القيم للأستاذ الناقد مجذوب عيدروس. ترى يلزم أحد خبراء النقد مثل السيد عيدروس بإختيار موضوعاته !! أم يعيب على الآخرين إقتصار مباحثهم على ما يوقنون به و ما هم معنيين به فى المعالجة أصلاً .
و جملة الخطل الذي يوقع الأستاذ المهدي نفسه فيه تفسيره الحرفي (لمسألة النهج العلمي) الذي دعا إليه خالد عبيد و الشاهد أن رؤية خالد عبيد ، قوامها إنسانية الإنسان و معيارها العقل هكذا يستقيم الطرح (يالمهدي!!) و النهج العلمي موضع إطار التناول لا كما أشرت على طريقة لا تقربوا الصلاة . . . !! و هذا إجتزاء و بتر مخل .
أن تسن الدولة فى صميم أجندتها - و هي التي ظلت تلف و تدور بشأن الإنسان السوداني وفقاً لبرنامج تنازلها المضطرد (حد الإنبطاح) و اكيد ثبات خطلها و غيها الذي تعمه فيه – قراراً جمهورياً فى إنشاء اللجنة الوطنية لإنفاذ (القانون الدولى الإنساني) أكيد نظر و حق ينبغي ان يؤخذ عنوة و ما خالد عبيد إلا هذه الرؤية الصافعة لوجه الشمولية و الدعوة الأكيدة لإنتصار العدل الإنساني (الصحافة الجمعة 21 فبراير 2003) .
فيما يخص الإجتزاء و الإستعجال النقدي يحضرني هدوء الأستاذ خالد عبيد. فى معرض طرحه بندوة التعدد الثقافي بقاعة المصارف – و لعلها مشيئة قدرية – وقع الأستاذ خالد عبيد في ذلة لسان عفوية عندما أشار لعبد الله النعيم أو كما أراد أن يقول مترجم رواية طائر الشؤم. . فكانت ذلة لسان (حصان قادر على السير بحافر واحد) أتى قوله إشارة الى عبد الله علي ابراهيم و لم يفت القول على النابه خالد عبيد إذ سرعان ما إستدرك –عفواً- عبد الله النعيم . بيد أن المدهش نهض شاب فى حماس و عجلة، آن المداخلات ليكيل السباب و اللوم على الدكتور عبد الله علي ابراهيم بوصفه أحد كهنوت و حراس (الثقافة ، الإسلامو عربية) و ما الى ذلك من نعوت. الأستاذ عبد الله علي ابراهيم أياً كان موقفه و أياً كان موقفنا منه لم يكن له علاقة بالندوة لا من قريب و لا من بعيد إلا ما يرد فى السياق أو تلك الهفوة ذلة لسان الأستاذ خالد عبيد –سامحه الله- ليُطّرد السباب و اللعن بحق الدكتور عبد الله علي ابراهيم و كنت ألمح خالد عبيد بهدوئه و رزانته تلك (و نحن فى بلدٍ إذا غضب أحدنا قال لأخيه يا بن الكلب ) و كأن خالد يقول لذي الحماس الزائدة (إذهب و إقرأ الورقة جيداً ) و بدوري أدعو الأخ المهدي الى قراءة الورقة مرة أخرى
فى قول الأستاذ المهدي عربي بقاري دينكاوي شلكاوي . . ألخ. تلك أقليات بسيطة بيد أني أطرح عليه السؤال هل ترى يدرك ما هي نسبة الدينكا لإنسان الجنوب و لإنسان السودان ككل و دور قبائل التماس فى حرب التمكين قبائل النيل الأبيض و بحر العرب الحرب التي أشعلت محرقتها (حكومة الفقر و الدمار و الكضبن و الصهينة) أو كما قال (حميد) اقرأ معي هذا العنوان بالأحمر الصارخ على متن جريدة الأيام و هامشها (الدينكا و المسيرية يحملون الحكومة مسؤلية تأجيج الصراع بينهما – الأيام السبت 22 فبراير 2003 ندوة نظمتها وحدة بناء السلام التابعة للأمم المتحدة ) ماذا تعني بقولك أقليات (بسيطة) أخي المهدي هل البساطة هي بساطة (المثال) أم (النوع) أو (الكم) أم (الوعي) . . لا ينبغي للمهدي الإستهانة (بأس القضية) و البعوضة تدمي مقلة الأسد. فيما يحترب الناس؟ و رحى الحرب فيما و الي ما،َ منذ الخمسينات ؟.
تنهض أطروحة (خالد عبيد) على زحزحة يقينية تنطلق من عمق راكز لمسلمات الهُوية تستفيد من نقد النقد و نقد الضد و دمغ المغالطات التاريخية بكون الهوية هي أيضاً مفهوم ميتافزيقي و إن كان ذلك كذلك. فلما التعجل اخي المهدي لم هذه الوصاية الدامغة فى فضحها المهترئ . . . لا طائل من (سؤال النحن) إذاً لماذ يسهر القوم و يختصموا و إذا كان سؤال من نحن غير ذي بال و لا جدوى من طرحه رغم إنه يصادف هذا النحن أو كما تحب أن تسميه،و سؤال (الهو) كم أحب أن أسميه بدوري. أن يضحى الأمر (ما إنفك) (و ما زال) (و سيظل) !!!! مطروح و مشروع للآخر. بيد أني أسأل من أي منطلق تنطلق أيها المهدي و أي هوىً و غرض تود مصادقته !!! لعل البتر الذي عالجت به أطروحة خالد عبيد فيه كثير من التشفي (و عدم الموضوعية) فإن كان ثمة إجتزاء لكان من الأجدى و الأنفع أن تجتزئ قوله الداعي لتوطين عري الإخاء و التعايش . . أن يقول خالد (لا مناص من التعايش و التواضع على هوية قوامها إنسانية الإنسان السوداني. كان من الأجدى تفكيك إنسانية الإنسان السوداني بما يجمع أنساق الأقوام لا بما يفرق. كثيرون هم من يوافقون خالد عبيد فى نقده أطروحات الهوية, و دعاة هذا الزعم قد لا ترضيهم غير مفاضلة الإنسان على معيار إنسانيته و لعل الدكتور منصور خالد على رأسهم بما طرحه من طرح قيم و قول مفيد و أعود و أقول كما قال خالد عبيد (تنهض الحركة الإنسانية علي ايمان عميق بالفردوالجماعة. و أن الإنسان قادر على تحقيق ذاته عن طريق العقل لا الدين) و لإقرار إنسانية الفرد على أساس العقل بعيداً عن تصاوير التميز المتعارف عليها ضمناً وصولاً لمبدا فاعليته (دعه يعمل )(دعه يمر) بهذا المفهوم الراسخ تضحى الإنسانية حق واجب و هي فلسفة تقتضي التعاقد على الهوية على اسا من الخبرة البشرية و الحياة الإنسانية العريضة فى كلها الإجمالي لا تنهض على الفصل بين الإنسان / الفرد و إحالات الهوية الميتافيزيقية ، و رأي أن خالد عبيد لا يميل الى التوثين الفكري لأفكار من سبقوه كأن يبصر الأمور على طريقة( تأبير النخل) فى يثرب. و يطرح من خلالها عمق الإنسانية و الإنسان و لذا يحق له ان يطرح خالد عبيد أطروحته القيمة التي تنأى بنفسها عن إسفاف الوقوع (فى إثم الوهم التاريخي) و (خرافات الآيدلوجيا). و أحابيل العصبية الحصرية الضيقة و إقصاء الآخر على حد تعبير خالد عبيد برؤى تستقيم على جدة و تنبني على واقع مأخوذ من عمق الآدب و جماليات فرانسيس دينق أي كان موقفنا منها و تبصير خالد عبيد بالوجه الجمالي المحض و نوازع إنسانية الإنسان و دوافع الإخاء الكامن بين تضاعيف فرانسيس دينق به تجاوز للوقوع فى إسقاط توصيف د. فرانسيس دينق على أساس نعرة الغبن التأريخي و التشفي من العروبة –لا ابرئ نفسي من هذا الزعم – بيد اني أشكر خالد عبيد على كشف القناع عن الوجه الآخر و إمكانية تأويل فرانسيس دينق بمقتضى يفهم فى سياقه ، سياق التعايش و الإخاء و قبول الآخر المختلف و الثناء الوفير لخالد عبيد يعود لأنه بصرني بإعادة قراءة فرانسيس دينق بروى محايدة و بوجه مختلف و رؤى محتملة أيضاً.
و شكراً خالد عبيد
لعبةالمراياوالاقنعه مهدي ادم جريدةالصحافة4-فبراير2003
*ندوة التعدد الثقافي و بناء الدولة الوطنية – أطروحة مقاربة لهوية مقترحة تتأسس على إنسانية الإنسان السوداني قدمها خالد عبيد 30-31 اكتوبر 2002م


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.