* لست في حاجة الى التذكير بأنني أكره السياسة ، التي أعلنت أكثر من مرة كراهيتي لها حتى قبل أن تقودنا السياسات القائمة الى هذا التدهور المنكور، خاصة من أهل الحكم الذين لايتورعون من الدفاع عن هذه السياسات ويتهمون مخالفيهم فيها بالخيانة بل والخروج على الإسلام حتى وإن كان من بين صفوفهم. * إنهم يعلمون أن السياسة في الإسلام يجب أن تستهدف تلبية حاجات الناس الأساسية والضرورية وفي مقدمتها الإطعام من جوع والأمان من خوف وتحقيق السلام في الأرض والعدالة الإقتصادية والإجتماعية بين الناس وحماية كرامتهم التي جعلها الله سبحانه وتعالى لبني آدم كافة و...ألخ. من القيم الدينية التي نفتقدها في الواقع الماثل. * تعالوا نقترب أكثر من الواقع الذي تظهر بعض أخباره الماساوية في الصحف رغم كل صنوف التكميم التي لا تخدم للوطن ولا للمواطنين ولا حتى للحكومة ذاتها قضية. * نتوقف هنا عند خبر أبرزته صحيفة (الجريدة) على صدر صفحتها الأولى السبت الماضي الذي يقول بوفاة وإصابة الآف من المواطنين بولاية الجزيرة خلال عام 2011 بسبب تلوث المياه حسب تقرير المراجع القومي عن البيئة والرقابة على المياه. * يفيد الخبر حسب تبرير المراجع القومي بأن من بين المصابين بالأمراض المنقولة عبر المياه في ولاية الجزيرة 7 إنتقلوا الى رحمة الله و 5674 أصيبوا بالتايفويد 1963 بالتهاب الكبد وعدد مماثل بالدسنتاريا ، ولا تستغربوا فالتقرير يطالب في عصرنا هذا بتوفير حنفية لكل بيت !!. * نورد هذا الخبر الكارثي والحكومة مازالت مشغولة بترضية القبائل التي قويت شوكتها في ظل تغييب الدمقراطية والحراك السياسي القومي، وتمنحهم الولايات رغم الوعود المتكررة بتقليص الولايات والهياكل الإدارية والصرف الحكومي التي لاتجد طريقه للتنفيذ بل تصدر قرارت عكسها تماماً دون إعتبار لواقع المواطنين خاصة في هذه المناطق المتنازع عليها. * نتوقف هنا عند بعض ما أورده الدكتور أبو القاسم قور في عموده (بدايات قرن) في صحيفة (القرار) السبت الماضي حول مسألة عودة ولاية غرب كردفان الذي يقول فيه أن الفاقد التربوي بها بلغ 6000 طاب وطالبة خلال الأعوام 2009م-2011م- وبلغ العجز في معلمي الأساس 1144 معلم ومعلمة وفي أساتذة الثانوي229 أستاذ وأستاذة. * ليس هذا فحسب فهناك مستتشفى واحد في المنطقة الممتدة من المجلد والفولة وبابا نوسنة ولا يوجد أطباء متخصصون بها وحتى الذين يعملون بها يعانون من نقص المعينات العلاجية، -طبعا هذه الحالة منتشرة حتى في بعض مستشفيات الخرطوم الكبرى- رغم أن هذه المنطقة تعاني من انتشار أمراض المناطق الحارة من ملاريا ودسنتاريا وقارديا إضافة الى إرتفالع حلات مرض الأيدز، ولا يوجد أي مركز فحص وتحليل للايدز ومرض الكبد الوبائي. * نكتفي بهذا القدر من كلام الدكتور ابو القاسم قور الذي يعبر عن الواقع المأساوي في هذه المنطقة الذي يتصارع عليه (الناس اللي الفوق)من أجل إقتسام الثروة والسلطة وقيام ولايات جديدة يصرف عليها المواطنون كما هو حادث بالفعل. * مازال الصراع الفوقي الذي لا يخدم للمواطنين قضية محتدماً وها هم المسيرية يعلنون عبر أميرهم عبد القادر منعم منصور بالخط العريض: لا للإنضمام للفولة أو شمال كردفان وأنهم يطالبون (بولاية النهود ). * ألا يكفي هذا بالتنادي بأعجل ما تيسر للمؤتمر الدستوري الذي تدرك الحكومة رغم رفضها له أهمية إنعقاده وبمشاركة حقيقية للأحزاب والحركات المسلحة بعيدا عن الوصاية وإدعاء حقوق الملكية التي فشلت في الحفاظ علي السودان الكبير ومازالت تكابر رغم الشواهد المأساوية والتحديات السياسية والإقتصادية والأمنية الماثلة والكامنة التي تهدد أمن وسلام وإستقرار وحدة السودان الباقي. نورالدين مدنى [[email protected]] //////////////