حضر (غاضبون) وغاب (درع السودان) وآخرين    السهم الدامر والهلال كريمة حبايب في إفتتاح المرحلة الأخيرة من الدوري العام    شاهد بالصورة والفيديو.. تيكتوكر سودانية تثير ضجة غير مسبوقة: (بحب الأولاد الطاعمين "الحلوات" وخوتهم أفضل من خوة النسوان)    شاهد بالفيديو.. الفنانة هدى عربي تظهر بدون "مكياج" وتغمز بعينها في مقطع طريف مع عازفها "كريستوفر" داخل أستوديو بالقاهرة    الصحفية والشاعرة داليا الياس: (عندي حاجز نفسي مع صبغة الشعر عند الرجال!! ولو بقيت منقطها وأرهب من الرهابة ذاتا مابتخش راسي ده!!)    شاهد.. عروس الموسم الحسناء "حنين" محمود عبد العزيز تعود لخطف الأضواء على مواقع التواصل بلقطات مبهرة إحداها مع والدها أسطورة الفن السوداني    شاهد.. عروس الموسم الحسناء "حنين" محمود عبد العزيز تعود لخطف الأضواء على مواقع التواصل بلقطات مبهرة إحداها مع والدها أسطورة الفن السوداني    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناوات سودانيات يشعلن حفل "جرتق" بلوغر معروف بعد ظهورهن بأزياء مثيرة للجدل    "الجيش السوداني يصد هجومًا لمتمردي الحركة الشعبية في الدشول ويستولي على أسلحة ودبابات"    يبدو كالوحش.. أرنولد يبهر الجميع في ريال مدريد    تدهور غير مسبوق في قيمة الجنيه السوداني    ايران تطاطىء الرأس بصورة مهينة وتتلقى الضربات من اسرائيل بلا رد    غوغل تطلب من ملياري مستخدم تغيير كلمة مرور جيميل الآن    التهديد بإغلاق مضيق هرمز يضع الاقتصاد العالمي على "حافة الهاوية"    كيم كارداشيان تنتقد "قسوة" إدارة الهجرة الأمريكية    "دم على نهد".. مسلسل جريء يواجه شبح المنع قبل عرضه    خطأ شائع أثناء الاستحمام قد يهدد حياتك    خدعة بسيطة للنوم السريع… والسر في القدم    وجوه جديدة..تسريبات عن التشكيل الوزاري الجديد في الحكومة السودانية    السلطات السودانية تضع النهاية لمسلسل منزل الكمير    (برقو ومن غيرك يابرقو)    المباحث الجنائية المركزية ولاية الجزيرة تنفذ حملة أمنية كبري بالسوق العمومي وتضبط معتادي إجرام    مونديال الأندية.. فرصة مبابي الأخيرة في سباق الكرة الذهبية    بلاغ بوجود قنبلة..طائرة سعودية تغيّر مسارها..ما التفاصيل؟    كامل إدريس يدعو أساتذة الجامعات للاسهام في نهضة البلاد وتنميتها    مباحث شرطة الولاية الشمالية تتمكن من إماطة اللثام عن جريمة قتل غامضة وتوقف المتورطين    أردوغان: الهجوم الإسرائيلي على إيران له أهداف خبيثة    المملكة تستعرض إستراتيجية الأمن الغذائي لدول مجلس التعاون الخليجي    خسائر ضخمة ل"غانا"..تقرير خطير يكشف المثير    أنباء عن اغتيال ناظر في السودان    الترجي يسقط أمام فلامنغو في مونديال الأندية    افتتاح المرحلة النهائية للدوري التأهيلي للممتاز عصر اليوم باستاد الدامر.    في السودان :كيف تتم حماية بلادنا من اختراق المخابرات الإسرائيلية للوسط الصحفي    من الجزيرة إلى كرب التوم..هل دخل الجنجويد مدينة أو قرية واستمرت فيها الحياة طبيعية؟    الحرب الايرانية – الاسرائيلية: بعيدا عن التكتيات العسكرية    نقل أسلحة إسرائيلية ومسيرات أوكرانية الى افريقيا بمساعدة دولة عربية    والي الخرطوم يصدر عدداً من الموجهات التنظيمية والادارية لمحاربة السكن العشوائي    أدوية يجب تجنب تناولها مع القهوة    إدارة مكافحة المخدرات بولاية البحر الأحمر تفكك شبكة إجرامية تهرب مخدر القات    (يمكن نتلاقى ويمكن لا)    سمير العركي يكتب: رسالة خبيثة من إسرائيل إلى تركيا    عناوين الصحف الرياضية السودانية الصادرة اليوم الأثنين 16 يونيو 2025    رباعية نظيفة .. باريس يهين أتلتيكو مدريد في مونديال الأندية    بالصورة.."أتمنى لها حياة سعيدة".. الفنان مأمون سوار الدهب يفاجئ الجميع ويعلن إنفصاله رسمياً عن زوجته الحسناء ويكشف الحقائق كاملة: (زي ما كل الناس عارفه الطلاق ما بقع على"الحامل")    المباحث الجنائية المركزية بولايةنهر النيل تنجح في فك طلاسم بلاغ قتيل حي الطراوة    المدير العام للشركة السودانية للموارد المعدنية يؤكد أهمية مضاعفة الإنتاج    السودان..خطوة جديدة بشأن السفر    3 آلاف و820 شخصا"..حريق في مبنى بدبي والسلطات توضّح    معلومات جديدة عن الناجي الوحيد من طائرة الهند المنكوبة.. مكان مقعده ينقذه من الموت    بعد حالات تسمّم مخيفة..إغلاق مطعم مصري شهير وتوقيف مالكه    إنهاء معاناة حي شهير في أمدرمان    وزارة الصحة وبالتعاون مع صحة الخرطوم تعلن تنفيذ حملة الاستجابة لوباء الكوليرا    اكتشاف مثير في صحراء بالسودان    رؤيا الحكيم غير ملزمة للجيش والشعب السوداني    شاهد بالفيديو.. داعية سوداني شهير يثير ضجة إسفيرية غير مسبوقة: (رأيت الرسول صلى الله عليه وسلم في المنام وأوصاني بدعوة الجيش والدعم السريع للتفاوض)    أثار محمد هاشم الحكيم عاصفة لم يكن بحاجة إلي آثارها الإرتدادية علي مصداقيته الكلامية والوجدانية    ما هي محظورات الحج للنساء؟    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إعادة النظر في التاريخ الأدبي للشعر السوداني المعاصر .. بقلم: د. أحمد عكاشة أحمد فضل الله
نشر في سودانيل يوم 22 - 02 - 2013

تقتصر إعادة النظر هذه في التاريخ الأدبي للشعر السوداني المعاصر (شعر القرن العشرين) إلى أمر واحد فقط من أمور شتى فتغلق بطابع وتطور ذلك الشعر. الأمر الذي يهمنا هو ما يكون قد طرأ على فكر الشعر السوداني منذ بدايات القرن المنصرم (القرن العشرون) ومرد اهتمامنا يعود إلى ما يلي:-
- إبان نهايات القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين أمكنه التمييز بين شعر (باللغة العربية الفصحى) معاصر وتراث شعري تقليدي يضم ما هو شعبي وبعضه فلكلوري.
- نتيجة لتطور فكر الشعر المعاصر أضحى هنالك تمايز بين شعر عرب معاصر والشعر العراإسلامي التاريخي (جاهلي ، إسلامي باكر ، أموي وعباسي ... الخ).
خلال الفترة الممتدة من الربع الأخير للقرن التاسع عشر والنصف الأول من القرن العشرين نظم الشعر السوداني عن تأثر بالتحديات والتطورات التي نجمت من تعاظم تأثير وفكر وثقافة الغرب الصناعي ، وشملت مهمة الشعراء المعاصرين.
- خلق كلاسيكية شعرية (قد تماثل في نضوجها وجودة النظم ما يماثل شأن الكلاسيكية الشعرية التاريخية – الشعر العراإسلامي التاريخي).
- معضلة الشعر السوداني المعاصر والتوفيق بينه وروح القرن الذي امتلأ بالتحديات والتطورات بما فيها رزوخ السودان تحت نير الحكم الاستعماري.
- في أن إسهامهم على نحو جذري للمدارس التقليدية ونسيانهم فحول الشعر القدامى وجرى هذا حينما تعاظمت التحولات العالمية وتسارعت وتيرة التقدم الإجتماعي والثقافي في السودان الذي استقل حديثاً. ومن ضمن ما شمله هذا:-
 ضرورات التقفية.
 القافية الواحدة المفردة ، إذ أضحت هنالك إمكانية تنويع القوافي.
 هجران الأوزان الثابتة وتلك المتماسكة (الطباق).
 التخلي مما كان تقليدياً من التعبير الشعري أو قواعد النظم.
لم يحس الشعراء السودانيون بما أحس به أداء الغرب الصناعي (فرجينيا وولف مثالاً) في مطلع القرن العشرين (1910) إن الطبيعة الإنسانية قد اعتراها تغيير جذري ودلت هذه العبارة على رغبة جامحة لدى الأديب المعاصر أن يقطع صلته بالماضي رافضاً لجميع تقاليد الأدب والتي تبدو قد عفى عليها الدهر. واسلوب التعبير الذي يبدو مميزاً وواقعياً ليلائم عصر التطورات التكنولوجية والعنف المتنامي (الحروب العظمى آنذاك وما تلاها من حروب رئيسية في جنوب شرق آسيا والشرق الأدنى).
وحقاً يصعب تحليل أو فهم الشعر العصراني هو أن معظم ذاك الشعر يبدو في أشعاراً غير واثق فيما يتعلق باتجاهاته التي لها علاقة بالوجود ، وحقاً أن الشاعر هو المتحدث دائماً بالاشعار العصرية بشعر التجزؤ والاغتراب إزاء العالم المحيط به ويقل أن تجد شاعراً عصرانياً لديه إحساس واضح بالذات (نفسه هو) ولهذا يشعر قارئ ذاك الشعر أو المستمع اليه بالضياع.
وأدت هذه المشاعر التي لها علاقة بالوجود وهي الإحساس بالتجزؤ والضياع ، أدت إلى التشاؤم إزاء الحياة.
وتبقى العصرانية الشعرية هي ردة الفعل إزاء التطورات الهائلة التي حدثت في أواخر القرن العشرين ومن بينها تعاظم المدن والحواضر والمتغيرات التكنولوجية الهائلة في مجال النقل والمواصلات والهندسة الإعمار وتزايد أعداد سكان المدن الذي أولد الزحام في الطرقات وتنامي الأسواق الكبرى جعلت كل هذه التطورات المرء أقل إحساساً بالحياة وازدراء شعوره بالتجزؤ والضياع في خضم الحياة اليومية أسهمت كل هذه العوامل إلى خلق وجهات نظر عصرانية في الأدب الغربي. غير أن قيام الأنظمة الفاشية والنازية كشفت عن عجز الشعر العصراني من توفير إجابات على ذاك الشعر الهائل فاغضبه الشعر المعاقب للعصرانيين.
ففي السودان على الرغم من المعرفة بشعر T.S. Liliot لم تلق العصرانية مدى في الشعر السوداني المعاصر. لا ينحصر هذا النحو على العصرانية فقط فإن إتجاهات أخرى للشعر العالمي لم تلق صداها في السودان ويشمل هذا (Symbolism) الرمزية وصناعة الأدب (Letterism) والمجاز (Imagism). عن هذا اهتم الشعراء في العقود التالية للاستقلال الاهتمام بالاحتجاج والصراع السياسي والاجتماعي وجعل الشعر أداة ترويج معتقداتهم الأيدلوجية والسياسية. وغمر الشعر السياسي بالاستعارات والرموز وحكايات رمزية والشروط غير البارعة ، وعموماً ضعف الشعر السياسي وكذلك شعر الواقعية الاشتراكية لأن فيه تفرض أنماط سياسية على الشعر ولم يحقق ذلك أي رقي في السوداني وأحدث ارتباكات فكرية.
إبان هذه الفترة بالتحديد اتخذت قرارات هامة بشأن الشعر المعاصر، وشملت هذه القرارات الأشكال الشعرية والتعامل بشأن العروضيات (القيد الخليلي) وجعل القصيدة بالشكل الشعر الرئيسي ، وجعل الشعر هادئاً ومتأملاً وأوجد طقوساً وجعله مناسباً للاستماع أو القراءة بكامل الهدوء.
ومن بين من حاول جعل الشعر نوعاً ناضجاً من أنواع الادب السوداني وساهموا في إعلاء شأن الشعر في الساحة الأدبية السودانية بحيث صعب تحديه من قبل سائر الآداب. وكذلك كما تدل أغلب نظم الشعراء السودانيين المعاصرين ، دلت على أن الشعر المعاصر كان إنعكاساً وضميراً لسودان بدايات القرن العشرين ونورد أسماء الشعراء الآتية:-
- محمد عمر البناء 1848 – 1919
- محمد سعيد العباسي 1880 – 1963
- عبد الله عبد الرحمن الأمين 1892 – 1960
- حمزة الملك طمبل 1893 – 1960
- أحمد محمد صالح 1894 – 1966
- توفيق صالح جبريل 1893 – 1966
- محمود أنيس 1897 – 1956
- يوسف مصطفى التني 1909 – 1969
- التيجاني يوسف بشير 1912 – 1969
- الناصر قريب الله 1918 – 1953
- إدريس جماع 1922 – 1968
- محمود أبو بكر 1918 – 1971
- محمد محمد علي 1922 – 1970
عرف كل واحد منهم بالبراعة في نظم الشعر والذوق الفطري وكان لأشعار كل واحد منهم الجرس الطبيعي. كذلك كانت في أشعارهم الفطنة الممتعة ، الدعابة أو الطرفة. وكثيراً ما بدأ شعرهم مرحاً وحمل جملة معاني وأشعار واضحة كما كانت تصوراتهم أشد حيوية.
وأكثر ما بين جهد هؤلاء الشعراء الباكرين هو تطور فكر شعرهم ونسبة التضارب فيما بين الفكر السوداني المعاصر في أوائل القرن العشرين وفكر الشعر الإنساني. فإن تطور فكر الشعر السوداني لابد وأن ينهج نهج الشعر الإنساني وكذلك سلك نهج الشعر العربي المعاصر. ولهذا فإن فكر هؤلاء الشعراء على نحو جزئي اشتمل على ما يلي:
- محاولات خلق كلاسيكية شعرية في السودان ، بذل الجهد في خلقها وتطورها محمد عمر البنا وأحمد محمد صالح وتوفيق صالح جبريل ، ويعود النصيب الأوفر إلى أحمد محمد صالح تقدير صديقيه لما له من معرفة عميقة بالعربية وعروضيات الخليل والمعرفة اللصيقة بالأدب الإنكليزي والآداب الغربية والعربية المعاصرة وقد عده صديقاه بحق أهم شاعر في سودان العصر الجديد.
- رومانسية شعرية أولية ، وقد أرسى قواعدها توفيق صالح جبريل المولع بما شابه الحياة من حواضر البلاد وبطبيعة سائر الأرجاء السودانية.
- الرومانسية السودانية الكاملة: لقد طرق التيجاني يوسف بشير وأحمد الملك طمبل ومحمد سعيد العباسي والناصر قريب الله وإدريس جماع ، طرقوا الجمال في الطبيعة والسكينة وبسط العيش ولم يقتصر اهتمامهم على عالم الطبيعة فقط بل اهتموا كذلك بالماضي السوداني والتاريخ العربي والإسلامي وذلك بحثاً عن أفكار واطار ومواضيع لأفكارهم الرئيسية في الاشعار التي نظموها. وبحلول النصف الثاني من القرن العشرين تكررت محاولات خلق كلاسيكية شعرية متأخرة (صلاح أحمد إبراهيم) أو رومانسية شعرية متأخرة (محمد عبد الحي) وكان هنالك الاقتراب والابتعاد عن العصرانية (ما يشار إليه على نحو غير دقيق بالحداثة).
وفي حالة الشعر السوداني فإن الكلاسيكية لا تعتني بالآداب اليونانية أو الرومانية القديمة بل تعني الشعر العراإسلامي التاريخي المعرفة التاريخية وقواعد نظمه واستلهام روحه لهما. مما يميز الكلاسيكية الشعرية السودانية المعاصرة:-
- الوقار العاطفي.
- الرشد (المنطقية والمعقولية والعقلانية فكراً.
- الانتظام في الشكل.
- التزام للشكليات.
- البساطة.
- استرشاد بنية أو هيكل الشعر العراإسلامي التاريخي لخلق أشعار معاصرة بارعة التعبير المجازي وأضحت أشعاره معبرة حقاً.
ولا تعد الكلاسيكية طابع مجمل أشعار كل شاعر حربي ذكر بحيث يقال أن هذا الشاعر كلاسيكي أم غيره إلا أن كل واحد منهم له اسهامه في خلق وتطوير كلاسيكية الشعر السوداني المعاصر.
وهنالك الرومانسية التي غلبت على نظم التيجاني يوسف بشير ، حمزة الملك طمبل ، ومحمد سعيد العباسي والناصر قريب الله وإدريس جماع لقد عرف جميعهم الشعر العربي المعاصر الذين عرفوا بالرومانسيات الغربية الفرنسية والبريطانية والأمريكية وتدل أشعار الشعراء الرومانسيين السودانيين على خصائص خاصة بالرومانسية السودانية ويشمل هذا ما يلي:-
- التقييم العالي للثقافة السودانية خاصة ثقافة شعب بلادنا.
- السعي وراء الجمال واطلاق الخيال وسكب العاطفة (سعياً وراء الحرية).
- وضع العاطفة والبداهة والحدس قبل الفكر والمنطق والإدراك.
- الصراحة العاطفية حتى عند تناول التجارب الذاتية.
- الإيمان بأن جوانب هامة من التجارب مهملها الفكر والمنطق.
- الإيمان بأهمية الحرية الفردية خاصة بالشاعر منها ما هو فاعلي أي أذكى.
- التماس كل ما هو مدهش أو مذهل أو ما هو يخاف ويرهب (معالجة الموت مثالاً).
لقد بدأ تأثير العصر الحديث على الشعر السوداني بينما بدأ محمد عمر البنا الابتعاد عل نحو جذري من المدارس التقليدية ونسيانه فحول الشعر القدامى ومن بعد الاستجابة للتحديات القوية التي فرضتها التحولات العالمية والتطور المعاصر في السودان في نهايات القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين ومن ضمن ما شمله التحدي القوي:
- ضرورات التقفية.
- الأوزان الثابتة على مبدأ وتلك المتماسكة.
- تشبيهات وبحار الشعر التقليدية.
- هجران الصيغ التقليدية للتعبير الشعري والعادات الجارية في نظم الشعر سابقاً.
وبدءاً من محمد عمر البنا طرق شعراء السودان إبان القرن العشرين الإبداع الشعري فجربوا ونظموا أشعاراً فيها الحسية والجرأة وأشعاراً امتازت جميعها بالبساطة الرائعة والمجاز المتألق ، وبقي أغلب الشعراء الذين ضمنهم القائمة رومانسيين. وحينما جفوا الشعر السياسي فإن أشعارهم عمرت بالاستعارات والرموز أو الحكايات الرمزية والقصة االشروط غير البارعة. وأما سائر شعرهم غير المعني بالشأن السياسي فإن صيغ على قاعدة أشد الهاماً ألا وهي المجاز والاستعارة يضاف إليها شكل القصيدة إلى جانب التزامهم العروضيات.
ليس بفكر الشعر وحده ينحصر تقييم هذه الكوكبة من اباء الشعر السوداني المعاصر بل هنالك اعظم دور لكل واحد منهم وهو توفير المعرفة حول الشعر. وقبل الدخول في تفاصيل دورهم في تطوير الشعر السوداني إبان النصف الأول من القرن العشرين يجب علينا أن نثبت بعض أوجه معرفتهم بالشعر ودوره:-
- عرفوا أن الشعر مبعث التكيف والمنعة والإبتهاج وقرة العين والرضا.
- عد الشعر محادثة في المعرفة.
- لديهم أن الشعر هو تجلي الواقع خيالاً عبر العبارة الشعرية.
- حرصوا على أن يسهم الشعر في الحياة الأدبية.
- وضحوا كيف يمكن للممارسة الشعرية أن تكون خلاقة.
- وفروا الكثير الجديد من التشبيهات والمجازيات والأفكار.
- تمكنوا من أن يطوروا من خلال معرفة التراث الشعري الإنساني والشعر العراإسلامي التاريخي أو المعارف والفلسفات الحديثة والعلوم ... الخ. تمكنوا من تطوير مقدرتهم الظاهرة (الوقوف على ما تمثله الظاهرة في خبرتنا الواعية) على الفهم وطرح الآراء والأفكار.
كانت أشعارهم بمثابة سبل ايصال للمعرفة فنظم الشعر الذي بدأ بمثابة عملية بحثية فيها الاختيار والملاحظة والتفكير والأفكار.
والممعن في سيرة كل واحد من هؤلاء الشعراء يجد أنه كان عالماً بالأدب واللغة والألسن ونهض أغلبهم بتدريس الأدب أو علوم اللغة العربية كما وجدت تجاربهم هذه سبل توفيرهم للمعرفة الشعرية وبذرها في النشء السوداني والحياة الأدبية وأثبت الأدباء والشعراء مقدراتهم على النظم (التركيز والتأليف) مكنت السودانيين من الاقتراب من الشعر وتحبيذه من بعد. واسهموا بمعارفهم الأدبية واللغوية والعروضية والنقدية من توفير مقدرة سودانية على دراسة ونقد الشعر. وإلى جانب هذا فإنهم حسنوا أدوات نظم الشعر وشمل هذا:
- العناية الفائقة بالألفاظ والعبارات.
- الارتقاء بالألحان والحرص على اتساق الأصوات.
- الأوزان.
- العناية بالقصيدة.
وشكل العناية بالقصيدة إنجازهم النظمي الهام إذ أنهم كانوا يعرفون عن ماذا يكتبون (لدى غالب أشعارهم موضوعاً) وكانوا يختارون الكلمات والوصف ويستثيرون العواطف التي يجب أن تستثار كما حوت أشعارهم السرد والبحث عن الأشياء والمحتويات وعلى المشاعر والأفكار وكذلك حوت كل ما كان مطلوباً من ردود الفعل.
كان كل واحد من الشعراء الذين جرى ذكرهم يحدد المتحدث في القصيدة أهو (الأنا) أم (طرف ثالث وكان يختار اسلوب وسبل النظم التثقيفية أم عدمها وكان كل واحد منهم تقديره لضرورات الاتزام بالقواعد (العروضات) وأو إطلاق الشعر وأخيراً كان لكل واحد منهم فن نظمه:
- فمنهم من يشرح المواقف والرؤى والأفكار (Exposition).
- ومنهم من بحث القارئ لشعره أو المستمع له ألا يتقبل وجهة نظره (persuasion).
- ومنهم من يورد في أشعاره تسلسلاً للأحداث في إطار موضوع واحد (Naration).
- ومنهم من يصف (description).
- كان لكل واحد منهم طرق التعبير الخلاق عن الأحاسيس والعواطف التي تعلج في صدره (Creative expression).
وعلى الرغم من ضخامة جهد كل شاعر على حده وثراء تجربته الشعرية لم يدع أحد منهم نضوج شعره ، فقد كان كل واحد من الشعراء السودانيين الذين أبدعوا في بدايات القرن العشرين كان على دراية واسعة وعميقة باللغة العربية والشعر العراإسلامي التاريخي والشعر العربي المعاصر ووظف كل واحد منهم معرفته في اتصال سبل نظم الشعر والارتقاء بجمالياته وبفكره وكذلك كان لكل واحد منهم موهبته بل عبقريته التي مكنته من التعلم بسرعة وتوسع وكذلك أوضحت محاولات كل واحد منهم الإرتقاء بنظمه ، بل كان كل واحد منهم كان على قدر هائل من الإدراك والإحساس والوعي إزاء كل شعور أو تأثير. وكان كل واحد منهم متعاطفاً مع أفراد شعبه وكذلك مع البيئة من حوله. وكان لكل منهم مقدرة تفوق المقدرة العادية لسائر السودانيين على فطنتهم ومقدرتهم على ترجمة الأحاسيس والعواطف وكذلك تفوق هؤلاء الشعراء في توضيح فلسفاتهم فيما يتعلق بالحياة سواء كان نظماً أو نثراً.
كانت هذه مصائر شعر وشعراء النصف الأول من القرن العشرين وأعقبت فترة تالية وباكرة من النصف الثاني نشط فيها فكر الشعر السوداني:
- أضحت الرومانسية الحديثة أكثر إدراكاً بالشعر الإنساني وأضحت أكثر طموحاً في درجة الأحاسيس والعواطف السودانية ، كانت هنالك الدراسات الأكاديمية لمحمد عبد الحي وشعره وتألق إدريس جماع في معالجة الجمال البشري والجمال في الطبيعة والسكينة وبساطة العيش وجعل الماضي السوداني أكثر بساطة وأحسن حالاً.
إبان هذه الفترة جرى اقتراب وكذلك ابتعاد من قبل الشعراء السودانيين المعاصرين (صلاح أحمد إبراهيم ومن بعد عبد الرحيم أبو ذكرى) من العصرانية (modernism) والتي تفسر على أنها الحداثة الشعرية إلا انها لم تكن أكثر من رد فعل إزاء أثر عصر على المصائر الإنسانية. ومما يدل على اقتراب الشاعرين من العصرانية
تنويه
سينشر هذا المقال ضمن كتاب شاعر الدهليز توفيق صالح جبريل للدكتور احمد عكاشة والاستاذ عادل عثمان عوض جبريل ضمن اصدارات مركز عبدالكريم ميرغني الثقافي بامدرمان
ahmed fadlalla [[email protected]]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.