"يُرِيدُونَ أَن يُطْفِؤُواْ نُورَ اللّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ" التوبة الآية {32 } صدق الله العظيم إن المدعو احمد طه محمود يزعم في مقاله الذي نشره بصحيفة الانتباهة في شهر فبراير الماضي انه شاهد على محكمة الردة مع أنه لا تقبل له شهادة أبداً بنص القرآن لأنه قاذف للمحصنات ولو كانت له أدنى صلة بالقانون لعلم أن حكم المحكمة لا تشهد عليه الاّ محكمة أعلى درجة وذلك ما فعلته المحكمة العليا الدائرة الدستورية بالقضية نمرة م ع – ق د- 2- 1406 إذ قضت بابطال حكم محكمة الردة على الاستاذ محمود والجمهوريين ذلك الحكم الذي افتعلته محكمة الاستئناف بدون سند قانوني كما وضّحت ذلك المحكمة العليا فقالت : "ونخلص من كل ما تقدم الى ان اجراءات محكمة الاستئناف الجنائية في اصدار حكم الردة في مواجهة محمود محمد طه ورفاقه كانت وللأسباب التي سبق تفصيلها جاحدة لحقوق دستورية وقانونية شرعت اصلا لكفالة محاكمة عادلة" وقالت ايضا : "ولعلنا لا نتجنى على الحقيقة لو اننا قلنا ان تنفيذ الحكم ما كان ليتم لولا ان محكمة الاستئناف اضافت الادانة بالردة وهو ما لم يكن ليصدر اصلا فيما لو كانت الاجراءات قد عرضت على المحكمة العليا بدلا من ان تستقل محكمة الاستئناف بأجراءات التأييد لتنتهي الى ذلك الحكم من خلال المخالفات القانونية والدستورية التي تناولناها فيما تقدم". ويقول المدعو احمد طه ان المهلاوي قال لم يكن هناك تدخل في محكمته، لكن الامر فيما اتضح لاحقا وانكشف اكثر من التدخل وذلك لان مؤامرة المحاكمة قد حيكت في القصر الجمهوري ورفّع المهلاوى الى قاضى محكمة من تلك المحاكم العشوائية التابعة للقصر، اقرأ الوثيقة : "الاخ عوض، النيّل والاخت بدرية سلام الله عليكم آخر هوس الاخوان الجمهوريين هذا المكتوب الذي أرى بين سطوره الردة بعينها، ارجو الاطّلاع ومعكم الاخ بابكر، سأجتمع بكم للتشاور في الامر انشاء الله (هكذا وردت عند النميري ويقصد: إن شاء الله) بعد ان تكونوا على استعداد" . أخوكم في الله جعفر محمد نميري 8 جمادى الاولى سنة 1304 ولما جاء الدور على المهلاوي رغم الضجة باسم الشريعة حكم بالاعدام بموجب قانون امن الدولة الذي اقحم في قوانين سبتمبر، وقد كان رأي المحكمة العليا في حكم المهلاوي "وقد ترتب على استغلال محكمة الاستئناف لسلطة التأييد على هذا الوجه ان فات على المحكمة العليا، ليس فقط حصر الادانة ان كان ثمة ما يسندها في الاتهامات الموجهة بموجب قانون العقوبات وأمن الدولة دون غيرهما، و انما ايضا ان نقصر العقوبة على ماكان يتناسب وفعل المحكوم عليهم وهو فيما نعلم لا يتعدى اصدار منشور يعبر عن وجهة نظر الجمهوريين في قوانين كانت وما زالت محلا للآراء المتباينة على الساحتين الدولية والمحلية مما لا يعدو ان يكون مخالفة شكلية (ان كانت كذلك اصلا) لا تتناسب عقوبة الاعدام جزاءً لها". اين شهادة المدعو احمد طه النكرة من شهادة عبدالله الطيب الذي هو حجة في التفسير والسيرة حيث قال في قصيدته العصماء: قد شجاني مصابه محمود مارق قيل وهو عندي شهيد واراهم من ثغره بسمة الساخر و الحبل فوقه ممدود على وجهه صفاء واشراق امام الردى وديع جليد ولقد رام ان يجدد محمود فقد صار جرمه التجديد واين شهادة المدعو احمد طه من شهادة الدكتور حسن مكي الذي ذكر ان الحكم سياسي، و اعترف بان "محمود خطر على مشروعنا كله" . و اين هى من شهادة القاضي السابق، محمد الحسن محمد عثمان و الذي كان احد شهود تنفيذ حكم الاعدام على الاستاذ محمود حينما قال : "يكشف الغطاء عن وجه الاستاذ يبتسم الاستاذ وهو يواجه القضاة الذين حكموا عليه ابتسامة صافية وعريضة وغير مصنوعة، ووجهه يشع طمأنينة لم ارها فى وجه من قبل فمات مسترخيا وكأنه نائم .. كان يشوبه هدوء غريب ليس فيه ذرة اضطراب وكأن الذي سوف يعدم بعد ثوانى ليس هو .. التفت الى الجالسين جواري لأرى الاضطراب يسودهم جميعا ... فؤاد يتزحزح في كرسيه وكاد يقع وعوض الجيد يكتب حرف نون على قلبه عدة مرات والنيّل يحتمي بمسبحته في ربكة كأن الخوف والرعب قد لفهم جميعا، والاستاذ مقيّد لا حول له ولا قوة ولكنه الظلم جعلهم يرتجفون وجعل المظلوم الذي سيعدم بعد لحظات يبتسم .. التف الحبل حول عنق الاستاذ محمود .. كان وما زال واقفا شامخا" . واين شهادة المدعو احمد طه من شهادة رئيس القضاء الاسبق المرحوم خلف الله الرشيد التي نشرت بجريدة البيان الاماراتية والتى قال فيها : "ان اعدام طه خطأ لا يستند الى مادة في القانون" وقال ايضا : "طالبت بأعطائنا صورة من قرار المحكمة ولكن لم يتم ذلك، والغريب ان قرارات محاكم العدالة الناجزة كلها اعدمت وكنّا نريد دراستها ولكن لم نجدها" !!.