ما سر تلك الزجاجات المدفونه تحت قاع النيل من وسكي وكنياك وبيرة ونبيز وفوتكا وتكيلا المكسيكية والروم "شراب القصب" والخمر البلدي" عرقي البلح" وما سر الصفقة الحكومية الساعية لبيع هذا المخزون من الخمر المعتق في القاع منذ العام 1983م أي سنة ميلادي عندما أعلن الرئيس السوداني جعفر نميري الشريعة الإسلامية وأمر بقفل جميع البارات والمقاهي الليلية ، يا ترى كم تساوى صفقة كنز النيل القابع في الجزء الشمالي من القصر الجمهوري آلاف القنانين المعبأة والمحكمة القفل والمحفوظة بدرجة حرارة ساعدت على جعل زجاجة واحدة تكفي لذهاب عقل عدة أشخاص، ياترى كيف سكت الغطاس الذي إكتشف المخزون بالصدفة . عندما روى لي ابن الغطاس عن اكتشاف والده العظيم رأيت في عينيه حزن عميق لم أعرف حتى الآن سر ذاك الحزن ، يا ترى بسبب الحسرة والندم على الكنز الذي قيل أن الزجاجة الواحدة منه تساوي الف دولار على الأقل عند بداية المزاد، أم هو بسبب الحزن على بيع تلك الثروة القومية لصالح أشخاص لا لصالح البلد، أم أن السبب ما حصل لأبيه بعد هذا الإكتشاف، فقط إكتفى صديقي برواية القصة التي لا تخلو من الخيال . قبلها سألته عن سبب غلاء المشروبات ؟ قال لي أولاً لأنها مشروبات لشركات عالمية محفوظة في قاع النيل وثانياً المدة الطويلة التي قضتها المشروبات بعد الصنع والتي جعلت منها خمراً معتقاً فطول المدة أهم محفزات شراء المشروبات الكحولية ، وثالثاً القصة التاريخية لسبب رميه في القاع، كل هذه العوامل تجعل الخواجة لا يفكر في السعر كثيراً. ثم أردف قائلاً كنا نسكن في المدينة المجاورة للنيل وكان أبي رجل سكير معروف بحبه الشديد للخمور الأجنبية وجلسات اللهو والسمر مع زملائه ضباط المعاش الذين عاصروا تلك الفترة من الحكم ومنهم من كان المسئول عن تنفيذ الإعدام بعد الحكم بالشريعة الإسلامة على تلك الأعداد الكبيرة من الزجاج المعبأ بالخمور. في ليلة خريفية من ليالي الخرطوم وبعد هطول المطر زاد الجو شاعرية وزاد الكأس دوران فبدأ الجعلي بالحكى عن صعوبة فتح الزجاجة عندما يكون المرء في حالة سكر ويصعب عليه حتى كسرها في إشارة للعملية السرية التي قاموا بتنفيذها . وبدأ يحكي عن المهمة قائلاً عندما أمرنا الرئيس بكسر الزجاج على النيل إتبعنا أسهل طريقة وهي رمي الزجاج بكامل الصندوق . بالفعل تم ذلك بسريه تامة في ليالي مظلمة ولم يفوح الخبر في ذاك الوقت لأن اللجنة كانت محلفة ولكن سكر هذا الضابط مع تقدمه في السن سرب الخبر في ليلة شرب طويلة حين قال بدأنا بتكسير الزجاج ورميه في النيل لكن بعد أن أقمنا حفلة وداع صغيرة مع الجنود لمشروب السعادة كما يحلو لنا أن نسميه في ذاك الوقت وبعد أن بدأ المشروب يسري في العروق متجهاً للرأس عندها وصلنا للنشوة والسكر الكامل صرنا نقزف صناديق الزجاج بالكامل ناسين التعليمات الرئاسية التي تنص على تكسير الزجاج ثم رميه وانتهت بذلك المهمة في ثلاثة ليالي وثلاث حفلات وداع . وبعد أن سمع أبي القصة وتيقن من صدق الرواية لثقته بصديقه الضابط أحمد الجعلي صمم أن يبحث عن الكنز وبالفعل صار كل صباح يذهب للمكان ويقضي ساعات طويلة في البحث في دائرة موسعة بالناحية الأخرى للقصر الجمهوري بالتحديد على بعد كيلو شمال غرب القصر بتصميم شديد وأحلام عريضة وكان الجعلي على علم برحلة بحث أبي المستحيلة لكنه لم يستطيع أن يثنيه عنها . وفي يوم من الأيام لم يعد أبي إلى البيت وبدأت رحلة البحث عن أبي الغطاس المعروف بحمدان السكران وعرف زميله الجعلي أنه ربما قد غرق في النيل بحثاً عن الكنز وبالفعل تم إحضار غطاس وحدد له دائرة البحث عن حمدان وماهي إلا ساعات وقد وجد حمدان ممسك بزجاجة من تلك الزجاجات الغالية الثمن. وهنا بدأت القصة الخيالية عندما أمسك الغطاس بحمدان سمع صوت يقول له دع الزجاجه وإلا صار لك ما صار لحمدان بالفعل ترك الغطاس الزجاجة وأتى بحمدان وحكى للضابط ما سمع بالداخل ، عرف الضابط أن حمدان وجد الكنز وعرف أيضاً أنه نزل في المرة الأخيرة يبحث وهو سكران والدليل أنه لم يسمع الصوت الذي طلب منه ترك الزجاجة أو أنه لم ينصاع لأمره بسبب السكر ، وعرف أيضاً أن الكنز محروس بالجن. سمع نفر من أتباع الحكومة بالقصة وعينوا حراسة مشددة بالمنطقة ووضعوا لافتات مكتوب عليها ممنوع الإقتراب والتصوير. وهم الأن بصدد توفير مشتري وغالباً ما يكون أحد الشركات العالمية المصنعة للكحول وربما يتم أخز الزجاج لأحد المزادات العالمية لبيعه هناك. لكن السؤال هو كيف ستخرج الحكومة الكنز لتبيعة هل عقدت صفقة سرية كالعادة مع الجان أم أنها ستأتي بشركة صينية للتنغيب عن الخمر في النيل أم أنها ستبيع النيل من أجل الكنز. محمد أبو الدهب [[email protected]]