مسلسل مهمات الجيش التشادي العسكرية في افريقيا [email protected] * في الحلقتين السابقتين أسهبنا كثيراً في وصف سياسات نظام انجمينا الكارثية داخلياً وخارجياً، ومن وجهتها الأمنية الصرفة في التعامل مع دول الجوار التشادي وطموحاتها الأفريقية في القيادة- نسخ اسلوب القذافي مجدداً-، وتعرفنا عن قرب أيضاً، على ان هذه السياسات جلبت الكثير من المآسي والأتعاب الى التشعب التشادي على الصعيدين الداخلي والخارجي، دعك من دول الجوار وتجاربها الحية مع دبي ماضياً وحاضراً، وتطرقنا بالتفاصيل المملة إلى إخفاقات النظام العسكرية في كل بقعة يتدخل فيهاعسكرياً مخلفاً وأرئه فضائح كبيرة احدثت ضجة ودوياً وصدىً واسعا في كل ركن من أركان المعمورة،(ليبيا، دارفور وأفريقيا الوسطى..الخ)، وفي هذه الحلقة سنتعرف إلى ان النظام كيف كان، ومازال يدير سياسياً حروبه الخارجية بشقيها الدبلوماسي والعسكري خلال(23)سنة الماضية، وكيف انه سيتم التحضير لها مسبقاً في كل مناسبة، أو أزمة تنشأ إقليمياً وتحيط بتشاد، أو اي تدخل عسكري اخر يتعلق بقضية ما في افريقيا، بدءاً بمنطقة البحيرات الكبرى في الكنغو عام 1998م، وسنرى جميعاً في اي اتجاه ستسير الامور في تشاد سياسياً انطلاقاً من مبدء انتهاج سياسة التوتر المستمرة وتصديرها الى الجيران مدى تلك الحقبة من السنوات العجاف من عمر النظام الحالي في انجمينا وتدخله السافر في شؤون دول الغير دون وجه حق. - تشاد والدبلوماسية المعاقة(الدبلوماسية الأسرية)":- * يكمن القول بصراحة ووضوح ان الدبلوماسية التشادية ظلت معاقة، او يمكن وصفها برهينة توجهات أسرية واضحة لاتغيب عن عقل اي متبصر، أو متتبع للقضايا التشادية، وتلك نسميها دبلوماسية(تصدير التوتر للهروب من وطأة الوضع الداخلي)، وهي ليست دبلوماسية فاعلة ونشطة بكل المقاييس، بل تعتبر احياناً دبلوماسية عقيمة لابعد حد ممكن، لانها لاترتقي إلى مستوى الأحداث الجسام التي تمر بها البلاد هذه الأيام، وبسبب إعاقتها، اهملت العديد من الملفات المهمة اهمالاً معتمداً، ولم تعالج القضايا الجوهرية للبلاد بصورة سياسية صحيحة اقليمياً ودولياً، حيث حصر القائمون على أمرها انفسهم ضمن نطاق القضايا الإدارية فقط،! وانشغل الكثير منهم بتعيين الموظفين وصرف رواتبهم وأشياء أخرى غريبة يصعب وصفها هنا نظراً لضيق المساحة!!، ونرى ان وزارة الخارجية تدير شؤون البلاد بطريقة كلاسيكية قديمة تجاوزها الدهر، ولا تتطابق نظرياً حتى مع الحقب والموروثات الاستعمارية السحيقة، وبقيت هكذا، دون تحقيق أي نجاح على صعيد العمل السياسي المنوط بها، وبذلك ستظل كهذا وحبيسة أفكار تقليدية تجاوزتها الأطر السياسة المعاصرة، ومن هنا يكمننا كشف حجم الخلل والعيب الكبير في عملها الاترجالي من حيث التوظيف الجهوي- الأسري- والحزبي - اتباع دبي سياسياً- ودون مراعاة أي تنوع الكفاءة والخبرة والتدرج السليم سياسياً ودبلوماسياً والتي يمكن ان تخدم تقدم البلاد وتحقق المصالح العليا للوطن، ونكتشف هنا انه في كثير من الملفات الحساسة تدار عبر رئاسة الجمهورية في القصر، وهذا الأمر يبدو واضحاً وجلياً من خلال المباحثات واللقاءات السياسية بين تشاد وأشقائها وأصدقائها خلال الزيارات العادية والرسمية للوفود الأجنبية، او عن طريق البعثات الدبلوماسية المعتمدة لدى البلاد، وهنا لايفوتنا ان نٌذكّر بفضيحة السفير التشادي بامريكا السيد/ محمود بشير وزوجته(ابنة الرئيس دبي) في قضية التربح غير المشروع وقبضهما قيمة خمسة مليون دولار من شركة أجنبية اروبية مقابل السماح لها بتنقيب حقل نفطي بتشاد، وهي الفضيحة التي أدت بحكومة تلك الشركة إلى تغريمها بعشرات الملايين من الدولارات بتهمة الرشوة .. ولذا، نعتقد أن هذه الدبلوماسية ذات الطابع القبلي، قد أعطت بالفعل فرصة ذهبية لغيرها- اي لنديداتها من وزارات الخارجية في بعض الدول- ان تتجاوزها في بعض الامور الفنية للتباحث والتعامل رأساً مع القصرالجمهوري في تشاد. * ما هي الدبلوماسية؟ - الدبلوماسية تعني واجهة البلاد المعبرة عن سياسة البلاد الخارجية، ومرآة تعكس الوجه المشرف سياسياً لاي وطن حكومةً وشعباً.. ونعتبر أيضاً، ان المعنيين بأمر العلاقة مع تشاد من المحيط الاقليمي لديهم انطباعاً سيئاً عنها، اوعدم ثقة سياسية واضحة تترجمها نمطية الوضع الراهن بالبلاد، ونظراً لما تشهده تشاد حالياً من أوضاع معقدة على الصعيدين الداخلي والخارجي، فالعمل الدبلوماسي يتطلب جهداً جباراً ومخلصاً وقدراً كبيراً من المسؤولية والحكمة، والتعاطي مع واقع الأحداث وتطوراتها، وان أي وقتاً ضائعاً يعتبر خسارة كبيرة للوطن وشعبه، ويجب على الدبلوماسية التشادية ان تلعب دورا أكبر واكثر فاعلية، وان تكسر طوق التردد والخوف والعزلة السياسية والخروج من قوقعة الأسرة التقليدية والتعبير عن مصالح الشعب التشادي كله مع شركاء تشاد والذين يتقاسمونها الهموم اليومية، والسعي إلى تخفيف حدة الهواجس الإقليمية والدولية، بغية الوصول إلى ترميم جدران الثقة وإيجاد أرضية مشتركة تجمع الكل في مائدة للتطبيع السلس والتلقائي، والذي يفضي إلى تحويل مناطق الأزمات في الحدود من مناطق توتر الى مناطق تعايش سلمية وآمنة ومستقرة تنعم بالتنمية المستدامة، وهذا بدوره، اذا ما قدر له ان يحدث، سيكون عنصراً محفزاً لردم الهوة واعادة الثقة المتبادلة بين الاطراف السياسية المعنية في المنطقة، وهوالامر الذي سينعكس بدور إيجابي على الجميع في المنطقة، ويجنب الكل ايضاً الحلول الأمنية في الحدود المشتركة، وبدون دبلوماسية ناجحة، لايمكن التعبير بصراحة عن النفس أمام الآخرين، ولم يكن للغير الاستعداد التام لسماع صوت تشاد وفهم الأهداف المرجوة سياسياً، اواللغة المراد التحدث بها من اجل إيصال الرسالة الي من يهمه الامر، وبمنطق سليم، وغياب هذا التوجه الدبلوماسي في تشاد منذ 23عاماً، كان من شانه ترك الحلول غير الدبلوماسية ان تاخذ طريقها الى العبث- اقصد الحلول العسكرية والتوتر مع الجيران وادارة الحروب في الداخل والخارج- واعاق ذلك النشاط التقليدي من حجم اي نشاط سياسي وحضاري حيوي وبناء.. وان الحل العسكري دائماً يظل خياراً آخيراً، وآخرا حينما تتعطل لغة الدبلوماسية والحوار الموضوعي ولغة العقل والمنطق الدبلوماسي.، فبعدها، قد ياتي الحل الأخير لاخذ سبيله، وبالطبع-ان الحل الأمني في الحدود- يعتبر حلاً مؤقتاً وخطيراً في ٓان واحد، وفي كل الأحوال، فانه يمثل حلاً غير مجدياً إطلاقاً، هذا على القل، اذا ما قسنا الامور بمعايير السلام المستدام واعرافه المتبعة لفض أي خلاف سياسي بين الدول، وبالنظر لغياب هذه الرؤي في دبلوماسية تشاد الأسرية - عمليات التوظيف وانتداب ممثلي البعثات الدبلوماسية التشادية بالخارج-، فلذلك فضلت الدول المعنية ان تتعامل مع تشاد بنفس العقلية الأمنية والشروط المتاحة أمامها والتي أنتجتها سياسة الحكومة الحالية في أنجمينا، وهذا يعني ضمنياً- ان الحلول السياسية والدبلوماسية تلك، فشلت فشلاً ذريعاً-، او انها ظلت متعثرة ومنغلقة حول ذاتها الضيقة، ولم ترتقي الي المستوى الحدث، وهذا هو الاعتقاد السائد لدي دول الجوار، بانه لابد من التعامل مع هذه السياسة وعقليتها وفق الاطر والخيارات المطروحة امامها، او، وريثما تتوضح الأمور لديها جلياً في التراب التشادي سياسياً، وطالما لاتوجد اية وسيلة أخري تمكن الآخرين من التخاطب والتفاهم دبلوماسياً مع تشاد وبصورة مؤسساتية - نظراً لتحكم نظام الأسرة الواحدة فقط في ادارة شؤون البلاد وبمزاجها الخاص-، او ان الامور كلها ستظل على حالها هكذا بتشاد، وإلى أشعار آخر،. ولو افترضنا جدلاً، ان كان لتشاد نزاع حدودي مع دولة ما، فان فض اي نزاع سيتم تسويته عادة في إطار آليات اقليمية ودولية لفض النزاع، ومن ثم القيام بوضع خارطة طريق تمهيداً لنشر قوات رقابة وفصل حدودية إقليمية، ولكن في الحالة التشادية مع جيرانها، ربما الأمر أعمق بكثير من المتصور في تحليلنا وقراءاتنا للاوضاع هذه،! فقد اضح الكل يتعامل مع تشاد بنظامها الحالي-من دول المحيط تحديداً- علي أنها تمثل بؤرة للتوتر الأمني التي تهدد الأمن القومية لها، وتطالبها كل دولة جارة بتشكيل قوة حدودية مشتركة!، ولذا، فالكل يفضل وضع شروطه الخاصة، والقاسية أحياناً تجاه تشاد وشعبها، وباعتبار تشاد دولة مغلقة جغرافياً، فمن السهل فرض شروط عليها وإملاءات أخري اكثر قسوة،! وان عملية فرض إقامة الدوريات العسكرية المشتركة على كل حدود تشاد، ياتي تقريباً ضمن هذا السياق، وقد لاتتعمق المفاوضات السياسية طويلاً في تلك المسائل،"لان الدبلوماسية التشادية شبه معطلة وينقص جل كوادرها الخبرة الكافية وفق الشروط والخلفيات التي تم ذكرها" لاسعاف الموقف، ويعود الامر ببساطة الى توظيف اناس ليس لهم اية دارية بحجم المخاطر والاخطاء المرتكبة دبلوماسياً، وان اغلب الموظفين في وزارة الخارجية تم تعيينهم عبر الولاءات الاجتماعية او الحزبية..! وتلك الموجة من التعيينات قد وصل الحد الاقصى وشملت تلك التوظيفات اغلب الادارة التشادية في الفترة الاخيرة، بحيث اضى الطالب في المدرسة ابن العشرينات ان يكون جنرالاً في الجيش التشادي، واصبح الأكبر منه سناً وخبرة نواباً، او اقواماً مهمشون، (فاهلاً وسهلاً بكم في دولة العشوائية العالمية تشاد)!، فهنا نجد ان ابن الرئيس دبي اصبح نائباً للقائد العام لقوات تشاد في الحرب المالية وان عمره لا يتجاوز ال 27 ربيعاً، وهو جنرال بمرسوم رئاسي يحمل في كتفه شريط احمر باربع نجمات، ولذا طبيعي جداً ان تظل الدبلوماسية التشادية أسيرة توجهات ضيقة لاتعدى عتبة المنزل الواحد ان صح التعبير، أو حبيسة نظام الوهم الاسري والمعبر عن مصالح الجسم الواحد عرقياً، لذلك، فان الجانب التشادي في كل المناسبات يصبح مضطراً لقبول أي شرط بحيث لاتتضرر جميع مصالحه الخاصة اكثر من اللازم عبر الحدود الستة المحاصرة، وأحياناً تطغى المصلحة الخاصة أو الجهوية على العمل العام للبلاد، ويقلل الجانب التشادي من اعطاء اي اهمية لبعض الملفات المهمة، وتردُ العبارة الشائعة بانجمينا على السنة الموظفين السياسيين بتشاد، قائلين:- (نرجع ونشاور الرئيس ادريس دبي اتنو في هذا الموضوع)!!، وهذا الانطباع هو الذي جعل بعضاً من دول الجوار ترى تشاد صغيرة جداً في أعينها، على الرغم من أنها تعتبر احد مفتاح الخروج والاطلالة لتشاد على العالم الخارجي،(نيجيريا، ليبيا، الكمرون والسودان)، وفي حال عدم عدم الثقة المتبادلة، فان الامر سيكون ادهي وأمر، أو كما قال الشاعر امريء القيس:- ( اليوم خمرٌ وغداً امرٌ)،! وخاصة في ظل دبلوماسية تتسم كل ممارساتها بالتقليدية وضيق الأفق السياسي، على الاقل في هذه المرحلة الحرجة من تاريخ تشاد، وإلا، فكيف يمكن قراءة الأمور الراهنة، ولما وصلت اليه من تفاقم وتعقيد في محيط تشاد الجغرافي الطبيعي، وهي في الحقيقة تلك حالة سياسية يرثى لها، وهي أشبه بالحصار الأمني والاقتصادي المطبق علي تشاد وشعبها،!!. - دبلوماسية انجمينا وخريطة تشاد المحاصرة طبيعياً:- * فإذا نظرنا الي خريطة تشاد السياسية والاقتصادية والاجتماعية، فنجد أنها بلداً مغلقاً لا منفذا بحرياً له كي يطل به علي العالم الخارجي في شبكة متنوعة من التجارة والاستثمارات الخارجية، الا عبراستخدامها للموانئ الدولية التي تمتلكها الدول المحورية آنفة الذكر، ولكي تستفيد تشاد من هذه الموانيء في عملية التصدير والاستيراد وتفك عقدتها التاريخية، فان الأمر يتطلب جهوداً سياسية ودبلوماسية مضاعفة أكبر للتطبيع السلمي مع هذه الدول المحورية، وليس مجدياً في هذا الوقت بالذات انتهاج سياسة المناكفات وتصدير الأزمات والتوتر والحروب، وتبدو الامور اليوم، وكأن الحدود التشادية الإقليمية خطرة وتجوبها دوريات عسكرية بشكل لم يسبق له مثيل في تاريخ تشاد منذ الاستقلال!، - أسئلة أخرى تطرق ذهن الرأي العام التشادي:- * فماذا يفعل الشعب التشادي لفك حصاره الجغرافي والامني؟، وكيف يفهم الشعب التشادي اغراض وجود قوات من دول الجوار تراقب كل نقطة تقريباً من حدوده الجغرافية؟.. - تأملات سياسية لوضع تشاد الحالي :- * ويلاحظ هنا أيضاً، ان نمط السياسة العسكرية الحالي لتشاد تجاه دول المنطقة، هوالذي جعل دول المحيط التشادي ان تتخذ إجراءات جدية وصارمة تجاه الملف التشادي ونشر قوات عسكرية تراقب كل ما يجري من تطورات على حدودها الإقليمية مع تشاد، ولاشك، فان لذلك انكاسات وابعاد سلبية علي وضع البلاد الداخلي، وقد تحمل هذه الخطوات مفاجآت كثيرة وغير متوقعة على صعيد استقرار البلاد وشعبها المستقبلي، من بين تلك التساؤلات التي يطرحها الرأي العام التشادي:-، الي متى سيظل هذا الوضع هكذا،؟ او الي متى سيظل بقاء تلك القوات مرابطة حول الحدود التشادية، او ما هي النتائج المترتبة على ذلك لاحقاً؟، ولكن يجب التاكيد، في ذات الصدد، ان وجود القوات الاجنبية علي حدود تشاد لن يكون وجوداً عبثياً اوعفوياً، إنما هو ذو هدف محدد وبدقة، هذا اذا ما غضضنا الطرف عن الوجود العسكري الفرنسي على التراب التشادي تاريخياً، فان أي تطورات محتملة داخل تشاد، ربما لاتقف هذه القوات موقف المتفرج، او تظل مكتوفة الأيدي للتفرج علي الوضع أمام أعينها، وبذات القدر والمنطق الذي تواجدت من اجله، فإنها أيضاً، -اي القوات الاجنبية- فهي ليست قوات عسكرية أتت من اجل خاطر عيون الشعب التشادي وتسهر علي راحته وامنه، بل أنها قوات جاءت لحراسة امن واستقرار بلادها، وهو الهدف الرئيسي الذي أتت من اجله، وكي توفر الامن والحماية والطمأنينة لمواطنيها، وتعزل عنهم جحم اي خطر وتحصره ضمن اضيق الحدود الممكنة، وبخاصة عبر الحدود التي ظلت تراقبها منذ فترة، وفي المقابل، فإننا نرى، انه تم تشتيت جهود القوات المسلحة التشادية في مهام قتالية خارجية لاطائل يرجى منها غير جلب المأساة والقحط لشعبها داخلياً وخارجياً، فضلاً عن قضاء جنود تشاد جٌل اوقاتهم في الحل والترحال من بلد الي آخر، ومن معركة الي أخرى،!، في الصحراء والأدغال والأحراش، من ليبيا، إلى افريقيا الوسطي ودارفور والكنغو ومالي، وبلدان اخرى قد تكون ايضا اهدافاً مستقبلية محتملة للتدخل فيها!، وهذه العقيدة في الوقت الراهن ترسخت في ذهنية دول المنطقة تجاه تشاد، وبهذا السياسة الخطرة، فان حكومة انجمينا قد تسببت في إهدار طاقات بشرية واقتصادية مهمة في مغامرات لاتعود بالمصلحة العليا للبلاد ولا تجدي نفعاً للوطن والمواطن في تشاد.. وكم من قوة بشرية تشادية غالية على اهلها، تموت من اجل لاشيء،! وبأعداد كبيرة، ولا تقدر بثمن، وتتحدث التقارير العسكرية عن ان الجنود التشاديين يعدون بآلالاف، او ما يزيدون، وهم في مهام عسكرية قتالية خارج تشاد، وتزداد هذه الأرقام في ساحات القتال، وأينما وجدوا، فلنتصور حجم ماسات الجندي التشادي من العام 1998م في الكنغو، التوغو، وافريقيا الوسطي وليبيا، وابتداءا من العام 2003م حتى العام الجاري(1800) جندي تشادي لمهمة مالي وحدها، كم سقط منهم ما بين قتيل وجريح، وكم معاق شوهته الحروب؟!.. وفي دارفور بدءاً من العام2005م الي العام2008م، كم منهم تأذى في ميدان الحرب جريحاً ومفقوداً؟!، وفي ليبيا ازدادت الإعداد مرات ومرات، وهناك من القتلى مما لايحصى عدده، اضافة الى السجناء والمحتجزين، او ممن تاهوا في مسالك وعرة وغير معروفة لذويهم..! ومثلهم آخرون وكثر،! ولاسائل يبحث عنهم، ولاتعويضات تدفع لذويهم من قبل نظام السيد/ ادريس دبي.! ... مأسوية نتائج تلك السياسية:- * تلك هي نتيجة طبيعية وحتمية لسياسة متخبطة ينتهجها حاكم عسكري يدير البلاد بمنطق الحديد والنار، ويرى الكل من حوله اعداءاً له، وطبيعياً، وفي ظروف كتلك، لابد من ردة فعل من قبل دول الجوار المتوجسة أصلاً، وذات التحارب المريرة مع نظامه، ولذا، جاءات قرارتها باتخاذ اجراءات انتشار قواتها من اجل المراقبة الحدودية، واستحابة لمنطق سياستها ومصالحها القومية والإستراتيجية، والتي لاتقبل النقاش في بعض الأحيان، وبهذا المنطق السياسي لدول الجوار والتي فرضته توجهات سياسة ادريس دبي علي محيط تشاد منطقاً مخيفاً، يجعل خطوات الرقابة الحدودية لاتعبر بالضرورة عن دبلوماسية المصالح المشتركة، بل تتجاوزها لحد عدم الثقة السياسية المتبادلة في التعاون الثنائي!، لان الجهد الدبلوماسي التشادي لمخاطبة محيطه الطبيعي اصبح شبه غائب تماماً كي ينسجم معه بصورة سلسة وتلقائية تخدم في مجملها الامن والسلم الإقليميين، ورغم قساوة المشهد التشادي والذي تعبر عنه هذه الدبلوماسية، والاجراءات الامنية المصاحبة لها في الحدود، فان الشعب التشادي يعتبر ضحية لسياسة الجلاد، وفوق ذلك كله، فرضت عليه الدول المجاورة نظير سياسة دبي عقاباً فوق عقاب، وعلى الرغم من ذلك، ان تلك الدول ترى في سياسة انجمينا العسكرية بالمنطقة، تشكل أنواعاً متعددة من اطياف التجارب السابقة والقاسية، ومزيجاً من السياسات المتناقضة، وخليطاً من الهواجس الأمنية، وعليه، فان تلك السياسة العسكرية المفروضة علي أبناء الشعب التشادي وعلى كل دول المنطقة، فإنها دون أدني شك، هي التي فتحت الباب واسعاً أمام الكثير من الاحتمالات والخيارات المفتوحة والتي بنظرنا قد تقف في حد بعينه، بل، وتزداد الامور قتامة، وتجعل تشاد وقيادتها السياسية في انجمينا تدور في حلقة مفرغة ونفق مظلم مع دول الجوار وباستمرار، وبخاصة الدول التي تنظر إلي تشاد بعيون من الريبة والشك الدائم والمتزايد أكثر واكثر وباستمرار.!! ونواصل في الحلقة الرابعة:- - ادريس دبي وحرب مالي، شماعة سياسية جديدة للنظام من اجل تكميم أفواه المعارضين له في تشاد:- - أيها التشاديون أهلاً وسهلاً ومرجباً بكم في عالم الإرهاب الدولي.. فهكذا يقول لسان حال سياسة للذهاب للحرب هناك :- (من يعارضني سانسب اليه تهمة الانتماء إلى تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي وجماعة بوكوحرام، أو الجماعة الإسلامية للجهاد في وسط وغرب افريقيا)..!!.. وهذه اللعبة الجديدة لادريس دبي تعتبر لعبة محببة لكل دكتاتور احس بفقدان السيطرة على وضعه الداخلي وترهلت سياسته الخارجية، وكباقي الدكتاتوريين من صنفه، فان لابد له من الاعيب من هذا الشكل، غير ان دبي نسي متجاهلاً خطورة لعبة أكبر من حجم راس دبي الصغير( ادريس دبي والإرهاب في القارة الأفريقية )، لان قضية الإرهاب العالمي أصبحت شبحاً يطارد ظلال كل العالم، وبالتالي كيف يمكن لرئيس تشاد ان يقوم بمحاربة جريمة دولية خطيرة بهذا الحجم وبالفين جندي فقط في صحراء مالي القاحلة!؟ .. علو اعتبار ان الارهاب من اكثر القضايا الشائكة ومصفوفة بمخاطر جمة، وكلفت العالم اثماناً باهظة ماديًا وبشرياً، وخاصة في المناطق الجغرافية التي ينشط فيها،(أفغانستان والشرق الأوسط والى افريقيا جنوب الصحراء)..!- إذن تابعوا معنا في الحلقة المقبلة والتي تعتبر أكثر الحلقات إثارة -