بسم الله الرحمن الرحيم من أجل ذلك لن يكون سهلاً علي المراقب لمؤتمر المانحين الأخير لدارفور في العاصمة القطرية (الدوحة) أن يتجاوز تفاؤل د. (التجاني السيسي) لمستقبل التنمية واثر مخرجات المؤتمر عليها في الأقليم بعد أن توقف مؤشر الممنوح من مال الجهات عند 3 مليارات و 696 مليون و659 ألف و100 دولار . وهو نفس التفاؤل الذي دفع بتوقعات رئيس السلطة الإقليمية في (دارفور) أن تحلق عند 7 مليارات دولار في بداية انعقاد المؤتمر . وبختام الجمع تابعنا الرجل يخرج بحالة قريبة من الموقف الأول موضحاً أن المؤتمر وجد دعما سياسيا كبيرا منقطع النظير ، مشيراً إلي عدم توقعه أن تقوم دول وجهات بعينها إدراج اسمها ضمن المساهمين في تنمية الإقليم المترامي الجريح والمظلوم من البيئة والحكومات والنخبة السودانية وبعض أبناءه . ولم ينقص السيد (أحمد بن عبد الله آل محمود) نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء بدولة (قطر) وهو يعلن مخرجات المؤتمر ، لم ينقص نسبة التفاؤل مما حداه بوصف المؤتمر بالناجح بشكل كبير . ليؤكد أنه تم اعتماد آلية لإدارة المال المقدم من المانحين مكونة من (قطر) رئيسا و(السودان) و السلطة الإقليمية لدارفور و ممثلين من الدول المانحة و شركاء التنمية . وكشف (آل محمود) في مؤتمر صحفي في ختام الفعالية أن هذه الآلية ستعقد أول اجتماع لها مباشرة لبدء مهامها مشيرا إلي أن هذه الآلية تم اختيارها من خلال المؤتمر . وبلغة الأرقام وحسب الوزير (آل محمود) الذي أصبح الكثير من أبناء (السودان) يتوسمون في وجهه الخير ، أن (المتعهد به) يكفي لمدة أربع سنوات قادمة ، كأنه استلف من أهل بلاد (الغبش) جملة (للوقت داك يحلنا الحلّ بلة) . وذكر البيان الختامي الذي خرج بعد نهاية المؤتمر أنه تم تخصيص مبلغ 88 مليونا و500 ألف دولار من المنحة القطرية لدعم تنفيذ المشاريع التأسيسية وقصيرة الأجل الواردة في إستراتيجية تنمية دارفور وهي مساهمة تمثل 50 % من جملة 177 مليونا و400 ألف دولار أمريكي هي ميزانية المشاريع . ونوه البيان إلى تحصيل التمويل اللازم لتنفيذ الإستراتيجية بلغ مليار و46 مليونا و659 ألفا و100 دولار أمريكي يضاف إليه تعهد الحكومة السودانية الإيفاء بدفع مبلغ وقدره 2 مليار و65 مليون دولار أمريكي ، كما وردت في وثيقة الدوحة للسلام في (دارفور) ، ليصبح إجمالي المبلغ ، ما ذكرنا في البداية . لكن المسلم به بعد انعقاد المؤتمر أن الدول المانحة بخلاف الدول الإسلامية والعربية ، لها تأريخ طويل في النكوص عن العهد والوعد ، ما يجعل التعويل كبيرا علي دولة قطر في دفع وتشجيع هذه الجهات للتفاعل مع (القضية الخيبة) في جبين العالم ، من حيث إهمال الغرب لحل القضية وفق الأسباب الحقيقية ، إلي السعي لإشعال فتيلها وتوسيع رقعة الصراع . ومما بدا جلياً أن (قطر) برزت وبصورة تكاد تكون قاطعة في هذا المؤتمر أنها الضامن الأبرز ، إذا لم نقل الوحيد في كسب النجاح والضمانة لكل الأطراف ، متصدرة لمحاذير الدول المشككة في مصداقية الطرح . لتجيء الآلية التي تكونت بحكم مخرجات المؤتمر لمتابعة والتدقيق في تدفق منصرفات مال المنح لدارفور إضافة جديدة للتعهد القطري بإعطاء كل محتاج نصيبه من مال التعمير ، وأن لا يتحول كما نحذر مراراً وتكراراً إلي أثاث وسيارات وبيوت وعقود فضفاضة ومال مباح للنهب والتعدي وتحويله إلي غير محله ومورد تسلح الفتنة في أزمة دارفور . بذلك وجد كل مشكك من المشاركين في مؤتمر مانحي التنمية في دارفور نفسه في حرج . إن لم يساهم . فلم تبقي حجة تذكر كتلك الحجج التي كانت (تُؤطر) بها تعهدات المانحين . لكن لا يضعن أحدكم ثقته كاملة ومن ضمنكم دولة (قطر) ذاتها ، في تعهدات المانحين الذين إن سرت وراءهم في طريق ينبئونك إلي نيتهم السير إلي اليمين فتصدقهم ، وبعدها تراهم يسيرون إلي اليسار . وليست تعهدات اتفاقية (نيفاشا) منكم ببعيدة . اشتراطات بالجملة ومال زهيد . وعند (زرزرتهم) يقولوا وجهنا التعهد المرصود إلي (مال الإغاثة) ومنصرفات المنظمات الإنسانية ومقارها وجيوب (لوردات) معالجي الأزمات الإنسانية . وهنا ننوه للخطير هذه المرة ومن البداية أن المشاريع وإعداد عقودها مع الشركات المنفذة للمشاريع بيد هذه الجهات والدول المانحة ، التي يمكن أن تتخذ من هذه الشرطية التي قصد بها إضفاء الشرعية والشفافية علي سير وتداول المال الممنوح ، ذريعة لتوقف العمل والتعنت والتحجج بكل ما هو ممكن لكي لا تُدخل أية جهة يدها في جيبها لدعم التنمية في (دارفور) . وذات التنمية هي ما أتفق الجميع في أروقة المؤتمر في بيانه الختامي علي أهمية إستراتيجيتها واعتبارها المدخل الأساس للتحول التدريجي إليها من العون الإنساني والنزوح ، ومنطلق لمرحلة الإنعاش وإعادة التعمير في فترة وصلت لست سنوات هي عمر صلاحية الممنوح من مال المشاركين . كما اتفق المشاركون في أعمال المؤتمر على العمل على الترتيب لانعقاد مؤتمر للاستثمار في (دارفور) يأتي ترتيبه لاحقا ، وعقد مؤتمر لمتابعة تعهدات هذا المؤتمر ، وطالبوا باستكمال التمويل خلال عامين من تاريخ انعقاده . وشدد البيان على أن الحل الناجع لأزمة دارفور يكون عبر الحوار السلمي المفضي إلى سلام مستدام ، و الانتقال من الإغاثة الإنسانية إلى الإنعاش المبكر وإعادة الإعمار والتنمية . وهنا لابد من العودة إلي تصريح السيد (أحمد بن عبد الله آل محمود) نائب رئيس مجلس الوزراء القطري أنه تم اعتماد آلية لإدارة المال المقدم من المانحين مكونة من قطر رئيسا والسودان و السلطة الإقليمية لدارفور و ممثلين من الدول المانحة وشركاء التنمية . وهذا الاعتماد جيد وفي وقته . لكن كما ذكرنا صاحبه تأكيد د. (السيسي) في ما يشبه السلاح ذو الحدين أن التعاقدات مع الشركات المنفذة للمشاريع في دارفور متروك للدول المانحة . فيه حد يضفي الشفافية والالتزام بالحياد الواضح ، لكنه مدعاة للتخوف من قبيل أنه حقل ألغام فيه الحجج والتسبب منتشر ، ففخ مقصود أو ظرفي كالانفلات الأمني وبعض سير الإجراءات الحكومية تصبح حججا لتوقيف عجلة التنمية . وإذا كان هنالك تعويل بالإضافة للدور القطري ، فإنه مطلوب من أن تلتزم الحكومة السودانية ومعها السلطة الإقليمية بدارفور بمظهر الدعم الحقيقي ليس بالمال فحسب وإنما بالجهد الوطني والشعبي والأهلي والتبشير بفائدة التنمية وربط المواطن بالواقع ودفعه للإحساس بان هذه المشروعات ليست مشروعات (حكومة) لتصبح هدف كل منفلت مجرم ليس همه إلا ضرب الخرطوم في مقتل ، بل مشروعات شعبية يحميها المواطن بدمه قبل منزله وحقله ، لان التنمية في (دارفور) تنمية لكل السودان وتنمية للإسلام والقرآن الكريم في انتشاره وتأثيره في المجتمعات . وبهذا المؤتمر وقع علي عنق الحكومة ود. (السيسي) و(تاج الدين نيام) وبقية الأخوة في السلطة الإقليمية وبقية الحركات الموقعة علي وثيقة الدوحة للسلام والتي إن شاء الله لاحقة ، وقعت علي أعناقهم ذمه أهلهم في كل ربوع دارفور في العمل بجهد وشفافية وتجرد ، وأن لا تضيع الأموال إن وصلتهم في زخرف لا ينفع الناس في الغرب إلا مشقة وتشردا ونزوحاً . [email protected]