لم يكن مستبعداً ان تعترف المجموعة الاقتصادية لدول وسط أفريقيا (سياك) بحكم "ميشال جوتوديا" الذي استولي على السلطة في افريقيا الوسطي في مارس الماضي عبر انقلاب عسكري اطاح بفرنسوا بوزيزه الذي اتي هو الاخر عبر انقلاب عسكري . وياتي اعترف (سياك) في ظل رفضا مسبقا لقادة كثير الدول الافريقية لحكم الانقلاب العسكري ببانغي . بينما بررت (سياك) اعترافها بشرعية تولي زعيم المتمردين جوتوديا للحكم في جمهورية افريقيا الوسطى لتنفيذه كل الشروط المطروحة، وأعلن الرئيس التشادي إدريس ديبي يوم الجمعة الماضية التاسع عشر من ابريل الجاري خلال قمة (سياك) بانجمينا، الاعتراف بحكم جوتوديا ولكن ليس بصفته رئيسا للجمهورية، بل باعتباره رئيسا للدولة في المرحلة الانتقالية. يذكر أن قمة المنظمة رفضت في بادئ الامر الاعتراف بجوتوديا وطالبت بعقد اجتماع المجلس الانتقالي بغية انتخاب رئيس مؤقت للدولة لمدة 18 شهرا، أي لغاية إجراء الانتخابات العامة في البلاد.وكان ديبي قال خلال قمة عقدها زعماء من منطقة وسط افريقيا في مطلع الرابع من ابريل الجاري بانجمينا "يبدو مستحيلاً بالنسبة لنا أن نعترف برجل نصب نفسه رئيسا لافريقيا الوسطى" ،،وبرر اعتراضه بان العسكريين المرابطين هناك وعددهم 500 غير قادرين على تنفيذ هذه المهمه، والمفارقة ان ديبي بنفسة جاء للحكم عبر انقلاب عسكري . ظاهرة الانقلابات العسكرية تكاد ملازمة للقارة الأفريقية منذ منتصف ستينيات القرن الماضي ، ومع حلول عام 1978 أصبح ما يزيد عن نصف دول القارة يحكم بواسطة العسكريين بل إن أكثر هذه الدول خضعت للحكم العسكري منذ استقلالها أكثر من فترة خضوعها للحكم المدني ، ولم تفرق هذه الانقلابات بين الأنظمة الأفريقية سواء من حيث النظام السياسي أو الاجتماعي أو مدي التأييد الشعبي للنظم القائمة .ورغم ان ظاهرة الانقلابات منبوذة دوليا ويرفضها المجتمع الدولي بشدة لكنه في الاخر يلجأ للاعتراف بها ،مثلما يفعل مع انقلاب بانغي ،والسودان مثله كبقية الدول الافريقية اعلن رفضة للانقلاب العسكري في افريقيا الوسطي ،واكد ان موقفه يتوافق و الاتحاد الافريقي ،الا انه ايد توصية تجمع (سياك) بالاعتراف بالحكم الجديد ،ويتوقع ان يعترف الاتحاد الافريقي بالحكم الجديد في بانغي خلال قمته المرتقبة في مايو المقبل . وكان جوتوديا قد عين حكومة ضمت ثمانية مناصب للمعارضة و16 من أعضاء بالمجتمع المدني، بينما تم اختيار معظم العشرة الباقين من بين صفوف سيليكا. وتولى جوتوديا أيضا منصب وزير الدفاع واعتبرت المعارضة بافريقيا الوسطي أن قرار تعليق مشاركتها بالحكومة لا يؤثر على رئيس الوزراء نيكولا تيانغاي الذي اختير لمنصبه بموجب اتفاق سلام أبرم في يناير بين بوزيزي وسيليكا، وكان هذا الاتفاق قد انهار نهاية الأمر عندما اتهم المتمردون بوزيزي بعدم الوفاء بوعوده، وهو ما أدى إلى الإطاحة به ،و المعارضة في افريقيا الوسطى رفضت المشاركة في حكومة تسيير الأعمال التي عينها جوتوديا الذي نصب نفسه رئيسا للبلاد، قائلة إنها تعج بالمتعاطفين مع المتمردين السابقي وقال المتحدث باسم أحزاب المعارضة الرئيسية التسعة إدوارد كويامبونو إنه لا يمكن تقبل حصول حلفاء سيليكا المتنكرين في صورة نشطاء بالمجتمع المدني على 16 منصب .ولم يكن انقلاب "جوتوديا" الاول في الدولة الجارة ،بل تعتبر الانقلابات والانقلابات المضادة، سمة مميزة لدولة أفريقيا الوسطى منذ استقلالها عام 1960، حيث شهدت خمسة انقلابات وانقلابات مضادة منذ استقلالها ، وانتهى الانقلاب الخامس بسيطرة متمردين تحت اسم "ائتلاف سليكيا"، الذي كان يطالب بإنهاء سنوات من الإقصاء من قبل حكومة الرئيس المخلوع، فرانسوا بوزيزى، وأجبروه على الفرار . عمل جوتوديا موظفا في السلك المدني ، وكان أول تمرد له على السلطة في 2005 عندما كان دبلوماسياً يمثل بلاده في السودان ، استغل وجوده في الخارج في توطيد علاقاته مع حركات التمرد الأجنبية في خرق لما هو متعارف عليه من عمل الدبلوماسيين ، وعاش جوتوديا في الاتحاد السوفياتي السابق زهاء عشر سنوات، حيث ذهب إليه دارسا لعلوم الاقتصاد، وانتهى به الأمر مقيما هناك و تزوج وأنجب طفلين، شغل منصب وزير الدفاع حتى مطلع الشهر الجاري، حيث لم يأل جهداً في كبح جماح المتمرد بداخله ، وجاء تعيينه في المنصب في إطار اتفاق سلام طارئ مع حكومة بانغي، وتخلى جوتوديا عن منصبه أوائل مارس ليبدأ تمردا جديدا على الحكومة ، ويميل جوتوديا (64 عاما) إلى الاهتمام بالشأن العام، وله طموحات سياسية ينشد تحقيقها بكل ما أُوتي من حماسة، وفقاً لما تقوله لومبارد . وعلق مجلس الأمن والسلم في الاتحاد الأفريقي عضوية أفريقيا الوسطى في المنظمة كخطوة بروتكولية يقوم بها عند كل انقلاب عسكري ،وفرض عقوبات على حركة التمرد التي استولت على العاصمة وأطاحت بالرئيس فرانسوا بوزيزي، وسط قلق غربي مما وصفته بتدهور الأوضاع في البلاد .وجاء في بيان تلاه مفوض السلم والأمن بيالاتحاد الأفريقي رمضان العمامرة أن "المجلس قرر تعليق عضوية جمهورية أفريقيا الوسطى في جميع أنشطة الاتحاد الأفريقي على الفور، وكذلك فرض عقوبات، أي قيود على السفر وتجميد أرصدة قادة سيليكا (حركة التمرد)" وبينهم رئيسها ميشال جوتوديا . asmahan faroog [[email protected]]