كلام الناس بدعوة كريمة من جمعية الأخوة السودانية الشمالية الجنوبية نتوجه بمشيئة الله يوم غد الاثنين إلى نيروبي للمشاركة في ورشة دور الإعلام في تقوية العلاقات الشمالية الجنوبية التي تعقد بالتعاون بين الجمعية ومنظمة ايكوم و المبادرة الإعلامية الافريقية. الورشة التي تضم مجموعة من الصحفيين من بلدي السودان تهدف لتعزيز دور الإعلام في دفع المساعي الرامية الى إعادة العلاقات السودانية السودانية الى طبيعتها وتقويتها وتطويرها بما يسهم في مد جسور التعاون الايجابي بين السودانيين في البلدين. قبل الدخول في أجواء الورشة التي تجيء في ميقاتها بعد النجاح الذي تم بالاتفاق على ثمار اتفاقية التعاون التي وقعت بين البلدين ، رأيت أهمية استصحاب المتاح من تجارب الآخرين الذين اسهموا بصورة مباشرة في مسار العلاقات السودانية الشمالية الجنوبية. إطلعت على مذكرات الفريق جوزيف لاقو التي ترجمها الى العربية الاستاذ محمد علي جادين، هذه المذكرات وفرت لى معلومات مهمة من واقع التاريخ الذي ساهم لاقو في صنعه. سجل الفريق جوزيف لاقو الحقيقة التاريخية الأهم التي تسببت في توسيع الهوة بين ابناء الجنوب وابناء الشمال عندما اكد أن الاحتلال البريطاني قد وضع قوانين المناطق المقفولة التي منعت الشماليين من الدخول للجنوب ومنعت الجنوبيين من استخدام اللغة العربية والملابس الشمالية. أشار لاقو ايضا للأخطاء الكبيرة التي ارتكبتها الأحزاب السياسية الشمالية والسياسيون الشماليون، باستبعاد السياسيين الجنوبيين من مفاوضات اتفاقية الحكم الذاتي 1953م وفي مداولات إعلان الاستقلال، وإلى أخطاء بعض الرموز السياسية الجنوبية التي ارتبطت بالقوى الخارجية وركزت سياساتها على معاداة اهل الشمال. استعرض الفريق لاقو تاريخ الجنوب منذ مؤتمر جوبا 1947م وحتى ظهور حركة الانانيا، وحركة تحرير شعب السودان، واعترافه بدور المرتزق الالماني شنايدر في دعم الانانيا، وبعلاقته هو مع اسرائيل إبان قيادته لحركة انانيا، وعرج على مؤتمر المائدة المستديرة 1965م واتفاقية اديس أبابا 1972م وكيف أن الرئيس الاسبق نميرى قد مزقها بإعلان تقسيم الجنوب الى ثلاث ولايات، واشار الى استمرار الخلافات الحزبية والقبلية في الجنوب وإلى خلافه هو مع نائب رئيس الجمهورية رئيس مجلس الجنوب آنذاك ابيل الير. أشار أيضا الى "الكشات" التي كانت تستهدف ارجاع العاطلين من العاصمة الى مناطقهم وكيف أنها ظهرت وكأنها تستهدف بعض الاثنيات بمن فيهم ابناء الجنوب، وكيف اثر ذلك على المناخ السياسى ، إضافة لدور الارساليات التي كانت تبشر بنشر المسيحية في الجنوب ، والى إضراب العمال في انزارا بغرب الاستوائية ، وبدء التمرد من توريت. هذه بعض المحطات المهمة في مذكرات الفريق لاقو، تحتاج لإعادة قراءة في ضوء نتائج اتفاق التعاون بين البلدين، والتي نريدها أن تتعزز لصالح السودانيين في في الشمال وفي الجنوب ، بعيدا عن مرارات الماضي التي افتعلت صراع الهوية الذي عقدته الممارسة السياسية والمفاهيم الخاطئة التي ما زالت تجد من يروج لها في إعلام البلدين.