بسم الله الرحمن الرحيم قال تعالى: ( هَذَا بَلاغٌ لِلْنَّاس وَلِيُنْذَرُوْا بِه وَلِيَعْلَمُوَا أَنَّمَا هُو إِلَهٌ وَاحِد وَلِيَذَّكَّر أُوْلُو الألْبَابْ) ..الآية هذا بلاغ للناس توطئة: عودنا الإمام الحبيب التقلب والتلون كالحرباء حين التخفي والظهور فخطابه كما نعلم داخل الوطن غير خطابه في خارجه، فمن استمع له بالأمس في مؤتمره الصحفي لصعق من هول ما سمع، فما أشبه الليلة بالبارحة فلقد ذكرني الإمام الحبيب بموقفه المتخاذل يوم قصفت أمريكا مصنع الشفاء، يومها كان تعليق سيدنا الإمام على جريمة أمريكا وغارتها قوله الفخيم الشافي الوافي الذي شفى غليل الشعب السوداني وقبله جماهير الانصار واصفاً الغارة الأمريكية : " أنه يقول بخطئها" ، وذلك بعد أت تفاخر أيضاً وعبر وسائل الاعلام إبن عمه مبارك الفاضل بأنه هو من أأمد أمريكا بالمعلومات عن مصنع الشفاء الذي يصنع الاسلحة الكيماوية!! . المتن: كنا نعتقد أن الامام الحبيب سيتوجه لأم روابة وأبي كرشولا فور سماعه بما حدث من قبل الجبهة البربرية ليقف مؤازرا على أقل تقدير المواطنين في محنتهم بدلاً من أن يعقد مؤتمراً صحافياً يبرر فيه الجريمة البربرية بغرض تسجيل " بونط" في سجل المكايدات مع الحكومة، في حين أن المؤتمر هو في أصله لا يعدو إلا أن يكون ندوة أو قل محاضرة ليبرر فيها الإمام الحبيب الهجمة البربرية وتقتيل الأهالي العزل ، فليس عجيباً أن نسمع أن الإمام الحبيب يتحدث حديث الشماتة والمكايدة، وليس هذا بغريب عليه فيوم كان الرجل في سدة الحكم أبّان عهد الديمقراطية الطائفية الثالثة سقطت على أياديهم الكريمة الكرمك وقيسان وكان جوابهم عند سخط الشعب لذلك: بأن سقوطها ليس بالأمر الغريب فإن سقطت الكرمك ، فبرلين قد سقطت!! . فالإمام الحبيب لا يهمه لو سقط السودان كله، أو حتى لو سال دم أهله الابرياء أنهاراً، ولا يهمه إن شرد المواطنين من مدنهم وقراهم ، ولا يهمه إن أقام الحلو محاكم للتصفية العرقية المهم ما هو نصيب حزبه؟! ، فهو يعمل بالمثل القائل" مصائب قومٍ عند قومٍ فو ائد"!! ، فقد سبق لحزبه أن استفاد من كارثة ومصيبة السيول، فقد وزع مواد الاغاثة التي وصلت البلاد مشاركة من الأشقاء، على الأهل والأقارب والمحاسيب، بدلاً من أصحاب الوجعة الحقيقيون الذين شردتهم السيول في عقد الثمانينيات من القرن الماضي!! . كنت أتوقع أن يقف الإمام الحبيب موقفاً منحازاً لأهالي أم روابة وأبي كرشولا ضحايا مجازر متمردي الجبهة الثورية، كنا نتوقع منه على الأقل إدانة واضحة شريطة أن لا تكون من نوعية إدانته يوم قصفت أمريكا مصنع الشفاء وإذ قال يومها:" أنه يقول بخطئها"!!تلك الجملة التي سارت بها العربان فأضحت مادة للتندر تلك العبارة كانت تجسيداً للمثل القائل : "تمخض عنها الجبل ليلد فأرا"ً!!. لمن فاته أن يستمع للإمام الحبيب فقد كان مؤتمره خطبةً عصماء لخطيب مفوّه يملك من البلاغة ما يصور به الحق باطلاً و الباطل حقاً ويحدثنا من " مخيخ المخيخ" كما يحلو له أن يصف خطبه التي يتحف بها السامعين!! ، فقد كانت خطبته تبريراً لجريمة لا يتطرق أدنى شك حتى لمعتوهٍ في تصويرها بأنها جريمة ضد الانسانية وتصفية عرقية، فهي جريمة مكتملة الأركان لمجازر أقامها الحلو قائد متمردي الجبهة الثورية، مجزرة نالت من العزل الأبرياء الذين لا ناقة لهم ولا جمل في خلافاتهم وتمردهم على سلطان الدولة، إنها جرائم تلاحق بنص القانون والمواثيق الدولية ويحاكم ويعاقب مرتكبوها ولا تسقط بالتقادم، إن مثل تبريرات الإمام الحبيب تفتقر إلى المروءة والرجولة الاخلاق النبيلة. فهل من عاقل يبرر كما فعل الإمام إقامة المجازر والتصفيات العرقية والتقتيل والسلب والنهب وتدمير البنى التحتية المملوكة للشعب لمجرد عدم تفاعل الحكومة مع مواقف متمردو الجبهة ؟!! لا عجب ، فالإمام الحبيب ينتهج منهج ميكيا فيلي على اعتبار أن الغاية تبرر الوسيلة فلربما رأى في هذه الجرائم التي ارتكبها متمردو الجبهة الثورية اشراقة "فجرها وفجره الجديد" ، وربما اعتقد أن مثل هذه الجرائم البربرية التي قامت بها قد تقربه من معشوقه الأزلي المسمى "كرسي الحكم" ، حلمه ذاك الذي يتشبث به وينتظر تحقيقه حتى بعد أن بلغ من العمر أرذله!! الامام الحبيب أصبح ينعق نعيق الغربان وقد كنت أعتقد أنه كلما تقدم العمر بالإنسان يبدأ العمل لآخرته ، تكفيراً عن ذنوبه السياسة وهو في هذا السن المتقدم ، بدءاً من ذنبه الذي لا يغتفر بشق أعرق البيوتات الطائفية والسياسية ، يوم نازع وهو في الثلاثين من عمره ، عمه الامام الشهيد الهادي المهدي وقد كان يعاني يومها من نهم وحب السلطة ، التي كان نتيجتهما أبعاد أطهر الرجال ذمة ولسانا، رجل قامة هو المرحوم الشاعر المهندس والقانوني والسياسي المحنك محمد أحمد محجوب، فذهبت الأسود وتربعت بنات آوى ، وتلك لعمري ثالثة الأثافي. الحاشية: غادر الامام الخرطوم متوجهاً نحو الكنانة محاولاً ضرب الأسافين بين الحكومة السودانية والحكومة والأحزاب المصرية ، أسلوب قديم مستهجن لا يدل إلا على قصور نظر وانتهازية حزبية وتدليس سياسي، لا يدل إلا على زيادة تشكك جماهير حزبه في قيادته وإلا لماذا تشظى الحزب لسبعين قبيلة وقبيلة؟!!، أو كان يمكنه استدعاها بإشارة من أصبعه إن لبّت وكان زعمه حقيقةً وليس مجرد حديث يُوهَم به الخارج حين يخاطبه بأنه يملك قواعد متأهبة لنصرته وقتما يشاء. على كل حال، ليس من الشجاعة الأدبية والأخلاقية أن يقوم أي سياسي بما يقوم به الامام الحبيب في الخارج ضد بلاده ، مهما كان خلافه مع حكومتها. حقاً نحن نعيش أزمة مع أمثاله عند تعريف المفهوم الصحيح للوطنية، فالوطنية ربما تعني بالنسبة له مجرد مصالح حزبية وذاتية ضيقة، فهو سليل البيت الذي قال أهلوه " أننا وُلدنا لنحكم"، فالوطنية بالنسبة لهم مجرد شعار يمكن التلاعب به للوصول إلى الأهداف والمصالح الضيقة. إنني أستعجب، فإن كان بمقدور الامام إقناع مجموعة من النخب المصرية ذات التوجهات العلمانية والقومية والشيوعية والليبرالية في تدليس سياسي بين، أو ليس من باب أولى أن تتوجه هذه النخب إليه بسؤالٍ مهم وهو: هل استطاع الإمام أقناع الشعب السوداني بأطروحاته وعندما أقنعهم تيمم صوبهم ليقنعهم أيضاً نسبةً لما يربط الشعبين من وشائج مصيرية؟! وهل تساءلوا إن كان الشعب السوداني قد استطاع حتى اليوم فهم طلاسمه السندكألية؟! فإن كانت الإجابة بنعم فلماذا لم ينتفض هذا الشعب لإعادته بعد الاطاحة بمعشوقته المسامة "سدة الحكم" في الثلاث مرات التي حكم فيها السودان بإسم ديمقراطية الطائفية ، والتي وصل فيها السودان في المرات الثلاث إلى حضيض الحضيض أي أسفل سافلين، ولماذا في الثلاث مرات لم يهرع الشارع لينقذه من إطاحة العسكر به وبحكومته رغم أنه أسس ما أسماه بالجبهة الشعبية لحماية الديمقراطية ولماذا لم تعصمه يومها من طوفان العسكر بل وهادنهم؟!! الهامش: ينوي الامام الحبيب أن يطوف في رحلاتٍ مزمعة على حد تعبيره لمزيدٍ من المؤتمرات الصحفية والندوات والمحاضرات ، فمؤتمره الصحفي برأيي لم يكن مؤتمراً صحافياً إلا بالاسم فقط، ولأن الهدف منه كان دعوة أكبر عدد من مندوبي الصحف والاعلاميين ليستمعوا إلى المحاضرة والتي أختار لها حتى العناوين ، فالمؤتمرات الصحفية تأتي بعد اجتماعات محددة وتتميز بالتفاعلية وفيهها توجه الأسئلة للحصول على أجوبة ولكن أن تكون هناك أجندة من سبع نقاط فهذه محاضرة أو ندوة وبنود الأجندة كما تلاها الامام الحبيب هي وكان الأحرى أن يصدر الحزب بياناً بدلاً عن ذلك : 1) الاستراتيجية القومية لحوض النيل. 2) الاجتماع التشاوري الموسع 3) التعبئة الشعبية من أجل السلام والنظام الجديد المنشود 4) محادثات السلام. 5) مشاركة النظام. 6) الأبعاد الدولية للاتفاقيات السودانية 7) رحلاتي المزمعة ابتداء من يوم السبت القادم. المدقق في هذه الأجندة لا يجد صعوبة في أن يكتشف أن الأمر بعيد عن كونه مؤتمراً صحفياً وأنه محاضرة أو ندوة مستترة بثوب مؤتمر صحفي وفي هذه الحالة لا تخرج عن وصفه الانتهازية الحزبية الضيقة التي لا تفرق بين مصالح الوطن العليا وبين المصالح الحزبية والذاتية ، والإمام خريج المدرسة المكيافيلية فالغاية عنده تبرر الوسيلة!! .. والأعجب من ذلك أن الإمام الحبيب إختار تسمية هذه المحاضرة ب"لمؤتمره الصحفي" !! تُرى هل أبو عبدالرحمن سيلقي ذات المحاضرة في القاهرة عند زيارتها له.؟!! قصاصة: من المفارقات المضحكة على الأقل من وجهة نظري أن الإمام الحبيب ذكر في ندوته آسف مؤتمره الصحفي أنه رفض دعوة البروفيسور غندور كرئيس للوفد المفاوض للمشاركة في المفاوضات وحجته أنه لا يريد مجرد مشاركة ديكوريه ، وهذا أمر جيد إن كان ذلك مبدأ يتبعه الإمام في كل مشاركاته ، فقد سبق أن فوض بصفته عضو التجمع المعارض الحركة الشعبية للتفاوض نيابة عن حزبه في نيفاشا ، ألم تكن تلك مشاركة ديكوريه ؟! والأصح أنها لم ترقَ حتى لدرجة المشاركة الديكورية والأصح أنها كانت مشاركة هامشية ، والامام الحبيب خير من يفهم الفرق بين " ديكوريه وهامشية". طبعاً هامشية فيها الكثير من قلة القيمة خاصة سبق ذلك مؤتمر القضايا المصيرية الذي أقرّ فيه تجمع المعارضة حق تقرير المصير!!.. أليس كذلك؟!! يا أهلنا في أبي كرشولا وأم روابة حقاً النار تلد الرماد ، فلسان الإمام في الداخل غيره في الخارج!! .. فأهمني طبعاً؟!! .. المهم عوافي عليكم وربنا يقيل عثرتكم بعيداً عن الامام الحبيب فهو لا يرحم ولا يدعو معنا لنزول رحمة الله !! عوافي!! Abubakr Yousif Ibrahim [[email protected]]