انقلاب الحركة الإسلامية والدور المصري: لا يوجد دليل يشير إلى دور مباشر لمصر في إنقلاب نظام الإنقاذ على الحكم الديموقراطي في السودان والذي يقوده حزب الأمة، إلا أن مساندتها المباشرة في اليوم الأول للإنقلاب يؤكد على تبرمها من وجود الحكم الديموقراطي بقيادة حزب الأمة. ففي اليوم الأول لإنقلاب الحركة الإسلامية تحركت مصر داخل الدول العربية لدعمه ولكنها إضطرت ووقفت ضده عندما عارض الإنقلابيون الحرب على العراق ودخول قوات أجنبية في المنطقة والتي جاءت بالفعل بمباركة وموافقة مصرية. غير أن العداء بين السودان ومصر مع نظام الإنقاذ وصل إلى قمته حينما إتهمت مصر السودان بتدبير وتنفيذ محاولة إغتيال الرئيس المصري حسني مبارك والتي نفذتها مجموعة تابعة للحركة الإسلامية المصرية تتكون من 11 فردا بمساعدة من المخابرات السودانية. محاولة اغتيال حسني مبارك توضح ضعف التفكير الإستراتيجي لقيادات الإنقاذ العسكرية والسياسية، على الرغم من أن الجبهة الإسلامية تعتز بأنها تضم خيرة المتعلمين في السودان. ترتب على هذا الفعل الإجرامي الفطير انعكاسات سلبية كثيرة على شعب السودان وعلى نظام الإنقاذ نفسه حين فرض حصار على السودان من قبل المجتمع الدولي بما فيهم كل جيرانه. وأصبح حامل الجواز السوداني مشتبها فيه حتى قبل أحداث الحادي عشر من سبتمبر بداية. استغلت مصر هذه العملية بدرجة عالية من الاستفزاز والابتزاز واحتلت مباشرة منطقة حلايب ومع تطور الأحداث داخل السودان التي قادت إلى خروج الترابي من السلطة ثم أحداث 11 سبتمبر في أمريكا، بدأ نظام الإنقاذ يفقد سيطرته واستقلاليته في اتخاذ القرار مما قاد إلى أن يتنازل عن كل مبادئه للأجنبي إذا لم تهدد موقفه في السلطة ويرفض أي مبادرة يقدمها سودانيون بهدف الحل السلمي الشامل. احتلال حلايب والذي تم مباشرة بعد محاولة الاغتيال، لم تكن لحكومة الإنقاذ القدرة على الاعتراض عليه لا عسكريا ولا دبلوماسيا. الموقف الضعيف لحكومة السودان واحتياجها لدور مصري في نزاعها مع محكمة العدل الدولية أجبرها على التنازل لمصر خاصة في مجال مياه النيل واستثمار الأراضي الزراعية السودانية بأيدي مصرية لصالح مصر. فلماذا تنزع الأراضي من المزارعين والرعاة السودانيين بحجة الاستثمار لتعطى للفلاحين المصريين ولماذا تستخدم حصة مياه السودان للاكتفاء الذاتي من الغذاء لمصر في حين يرزح أكثر من 90% من الشعب السوداني تحت خط الفقر. هل الهدف حقا الإستثمار أم الحفاظ على النظام السوداني الذي أثبت فشله في كل المجالات إلا في مجال الفساد بكل أنواعه والخراب. علاقة السودان مع مصر تاريخيا تقوم على رؤية مصرية تعتبر أن السودان غير المستقر أفضل بالنسبة للأمن الوطني المصري لأنه يظل عاجزا عن ممارسة أي ضغوط على لتعديل حصص المياه الواردة في اتفاقية مياه النيل لعام 1959 وعاجز عن تسخير موارده الطبيعية والبشرية بشكل يجعل منها قوة تهدد الأمن الوطني المصري. لهذا فهي تقود حربا ضد الديموقراطية حتى تنهار ويأتي نظام عسكري تكون هي أول الداعمين له وتحرض كل حكومات المنطقة لتأييده لأن الأنظمة العسكرية الشمولية هي التي تحقق لها مصالحها ويسهل عليها إبتزازها وفرض شروطها المجحفة عليها فيما يتعلق بالإستثمارات المختلفة كما هو حادث الآن في الشمالية وفي مشروع الجزيرة وغيرها بجانب إتفاقيات الحريات الأربعة التي لم تراع أي مصلحة للسودانيين. إن التكامل الإقتصادي بين بلدين أو منظومة دول لها روابط كالتي بين السودان ومصر أمر مهم للغاية من الناحية الإستراتيجية للبلدين ولكن يجب ألا يتم ذلك على حساب السودان وشعبه وهو ما لا تراه مصر. فالكثير من مفكري ومنفذي السياسة المصرية يقولون بوهم الحق التاريخي لهم في أرض السودان وموارده الإقتصادية. هذا الإدعاء يأتي مع وصفهم للوطنيين من السودانيين الذين عملوا وما زالوا يعملون لإستقلال بلادهم بأنهم عملاء للمستعمر. لقد وقفت مصر متفرجة على إنفصال جنوب السودان كما صرح وزير خارجيتها ولم تقم بأي جهد لانهاء الحرب الاهلية فى الجنوب بهدف إستقرار السودان كدولة واحدة. وحتى المبادرة المشتركة التى قدمتها بالاشتراك مع ليبيا جاءت تصب في مصلحة نظام الإنقاذ بعد أن رضخ كلية لشروطها مما قاد إلى تجاهلها تماما من قبل الإيقاد ورفضها حتى أن تكون مشاركة في المفاوضات رغم وجود كل جيران السودان الأفارقة. ووقفت تتفرج على تلك المحادثات حتى تم التوقيع على إتفاقية نيفاشا. وبذلك أصبحت مصر وكل الدول العربية تتعامل مع قضية السودان بالأمر الواقع دون أن يكون لها أي رأي حتى إنفصال الجنوب. لقد إتجهت مصر نحو تحقيق مصالحها وقامت بتقديم الكثير من المنح في مجال التعليم الجامعى وغيرها من خدمات في مجالات الكهرباء والتعليم العام بجانب إفتتاح قنصلية مصرية فى جوبا للمزيد من التنسيق والتعاون بما يضمن توطيد العلاقات التعاونية مع دولة جنوب السودان. فهل يتعظ أهل القرار السياسي في السودان !!!!!!!!!!!!! ا جريدة "ذا إثيوبيان هيرالد" فى 27 يونيو عام 1995 نقلاً عن صحيفة واشنطن بوست الأمريكية 9/2009م. نظر للمزيد الشرق الأوسط الخميس 12 ربيع الاول 1423 ه 23 مايو 2002 العدد 8577 صحيفة الأهرام القاهرية العدد 45198 بتاريخ الخامس من سبتمبر 2010م. كان الإتفاق مع الحكومة المصرية يقضي بزراعة مليون فدان حوالي 48% من مساحته الكلية ولكن وزير الزراعة المصري أعلن أن ما تم الإتفاق عليه هو 2 مليون أي ما يعدل أكثر من 96%. abdalla gasmelseed [[email protected]]