تحيط بالبلاد خُطب مدلهمة، لا تفتأ تنفك من واحدة منها، إلا ودخلت في أخرى أسوأ منها أو مثلها، كأنها (أي هذه الخطب) معتمدة أسلوباً لإدارة البلاد (الإدارة بالأزمات)، ووراء ظهورنا برامج، وخطط قصيرة، ومتوسطة وطويلة المدى، وخطط إستراتيجية عشرية، وربع قرنية، ولم تظهر فيها مثل هذه التوقعات التي نتفاجأ بها عند فلق كل صباح، ولم تعتمد أسلوباً للإدارة يؤدي إلى هذه النتائج المزعجة المحزنة التي يُخيَّل إليك أن بعضها مُختلق. أعادت الذاكرة هذا الشريط، وأنا أتابع ذاك الحديث المرتب السلس لخبير الدرسات الإستراتيجية البروفيسور محمد حسين أبو صالح في الدورة التدريبية للقيادات الإعلامية حول التخطيط الإستراتيجي للإعلام، التي نظمها المجلس الأعلى للتخطيط الإستراتيجي بولاية الخرطوم في الفترة من 29 أبريل حتى الفاتح من مايو الجاري، الأمر الذي جعلني أقاطعه وأسأله عن الإستراتيجية الربع القرنية، هل أعدت بذات فهم التخطيط الإستراتيجي الذي يُحكى لنا عنه، خاصة وأنه كان ضمن من أعدوا تلك الإستراتيجية؟. فكانت إجابته صادمة لي، وأعتقد ولكل من سمعها، عندما قال: إنها لم تعد بذلك الفهم الإستراتيجي المتكامل، بل زاد من الشعر بيتاً: إنه لم يشارك في إعدادها، بقدر ما جاءته جاهزة لمراجعتها، وبالتالي لم تكن هناك إستراتيجية سودانية بالمعنى المتعارف عليه عالمياً، وأنه يُنفِّذ في إستراتيجية جهات أخرى، وهذه نتائجها. نعم الحكم قاسٍ، ومن خبير واحد، ولكن كل النتائج تدعم حكمه. وكما تقول العرب إن البعر يدل على البعير. فأولى خطوات التخطيط الإستراتيجي هو الاعتناء بالإنسان ومن أجله يتم التحديد الدقيق للمصالح التي تحفظ كرامته، ومن ثمَّ حمايتها بكافة السبل. وعندما يأتي ذكر المصالح، فتلقائياً تتسنَّمها المصالح الاقتصادية، والتي باتت تتحكم بشكل قوي على بقية المصالح إستراتيجية كانت أم غير إستراتيجية. بحق إن ما جاء في تلك الدورة إذا تفهمته قيادات البلاد وقيادات الأجهزة الأمنية، وعملت به ونشرته على مرؤوسيها، لخرجت البلاد من هذا النفق، ولما دخلت الصحافة في صراع ومراقبة، ولما حدثت أحداث أبو كرشولة، وأم روابة، وأم دوم، وغيرها، والتي تنخر بشراسة في عظم الاقتصاد السوداني. anwar shambal [[email protected]] //////////