لا أعلم ما صحة هذه المعلومة و لكن ذكر بعض المؤرخين أن بيتهوفن ألف سمفونية "ضوء القمر" ليصور لحبيبته العمياء القمر الذي لم تره من قبل. ترتبط أغاني الفنان محمد الأمين بمقتطفات ولحظات حياتية خلفت ورائها ذكريات محفورة في الأذهان. أعلم أن لكلٍّ منا قصته وحكايته مع كل أغنية من أغانيه، ولكن ما سأسرده في كل حكاية نظرتي وارتباطي الشخصي بكل أغنية. من خلال موسيقاه وأغانيه تعرفت على حكايات وتراث ثري وغني جعلني ارتبط أكثر بجذوري السودانية. أجد في ما يقدمه لنا الفنان محمد الأمين ثوره تعبر عن ثقافة ومجتمع سوداني صورت لنا عبر ألحان وأنغام سودانية عربية وافريقية .أسأل الله أن يحفظه لأهله ولكل الشعب السوداني . الحكاية الثانية "غرار العبوس" غرار العبوس دار الكمال ونقاص دوبة حليل ابوي اللي العلوم دراس تبكيك الجوامع الانبنت ضانقيل لقراية العلم وكلمة التهليل بتصادم المغارة خيولا بجن بالليل يا ود ليل البحور يا الجدك المانجيل دوبة حليل ابوي اللي العلوم دراس في يوم الخميس جانا الخبر وانشاع في الاربع قبل ازرق طويل الباع تبكيك الخلوق بي اغزر الدماع دوبة حليل ابوي اللي العلوم دراس غرار العبوس دار الكمال ونقاص دوبة حليل ابوي اللي العلوم دراس ركب السيارة وقام بتشغيلها .......كانت هذه الأغنية أول ما استمع اليه والدي بعد فراره من المنزل .....في ذلك اليوم الذي تلقي فيه خبر وفاة والده جدي الخليفة جعفر الخليفة طه الريفي......هي لحظة أخبرني عنها والدي مؤخراً. تلك الصدفة البحتة وكأن صوت محمد الأمين أراد أن يعانق قلب والدي الحزين لفقدانه والده العزيز. لم تكن هذه الأغنية من الأغاني التي أعرفها أو استمعت إليها من قبل ....ولكن بحثت عنها وعرفت أنها أغنية رثاء ومناحة، حزن وألم لفقدان الشيخ عبد الباقي بن الشيخ حمد النيل. هو شيخ متصوف وعلى ما أعتقد أنه من الجزيرة . شاءت الأقدار أن ترتبط هذه الأغنية بهذه الذكرى المؤلمة. لا أذكر الكثير عن جدي ولكن كنت من الأحفاد المحظوظين لوجوده هو وجدتي معنا في سلطنة عمان على فترات طويلة . يوصف دائماً بالرجل الظريف النطيف واللطيف . كان علماً من أعلام مدينة القضارف. كان خليفة ختمياً ورثها عن أبيه الخليفة طه . أتذكر زيارته الأخيرة لنا في صلالة. لن أنسى أبداً عند تناولنا الفطور واستعدادنا للذهاب إلى المدرسة، كنت أشتم رائحة بخور اللبان وأرى دائماً صينية افطاره مع الشاي والقهوة أمام غرفته كل يوم . عندما نرجع من المدرسة وتفتح والدتي باب المنزل لنا، كان سؤالنا أنا واخوتي هل لنا أن نسلم على جدي ؟ تطلب والدتي منا أن نخفت من صوتنا لعله نائم. بكل هدوء نذهب إلى غرفته إما وجدناه نائم أو مستقيظ من قيلولته النهاريه، نقبله ونسلم عليه، ويسألنا عن المدرسة وكيف كان يومنا . لن أنسى ذهابه معي إلى المدرسة الإبتدائية الصف الأول في مسقط. أعتقد أنه من قام بتسجيلي في المدرسة . أتذكر جلوسنا في مكتب الإدارة وحديثه اللبق مع المدير . أصبت بالنكاف بعد دخولي المدرسة، وكنت متألمة كثيراً . طلب جدي من والدتي وجدتي أن يحضرا بعض العسل والحبة السوداء وبخور اللبان . مسح على رقبتي ذلك الخليط من العسل والحبه السوداء وطلب مني أن استنشق البخور. أذكر صوته جيداً عندما قام بتلاوة ايات كريمة من القران. كان صوته دافئ وجميل عند ترتيله القرآن. أتذكر القليل عن مرضه وبقائه في المستشفى. لا أتذكر كيف ودعناه بعد أن قرر الرجوع إلى السودان. أخبرني والدي أنه لم يرَ جدي يبكي مثل بكائه عند وداعه لوالدتي، كانت والدتي تحبه وتحترمه كوالدها الذي قضت معظم حياتها بعيدة عنه بسبب غربتها . وصف جدي والدتي " بيت سامية الخير ماشي زي الساعة " لإهتمامها ونظامها. أخبرني والدي أن المستشفى نقلت جدي إلى المطار. شعر والدي بأن هذا الوداع سيكون الوداع الأخير، فطلب من جدي العفو والسماح. جلس والدي بالقرب من المطار منتظراً إقلاع الطائرة . انهال في البكاء المتواصل لساعات بالقرب من المطار. جاءنا خبر وفاة جدي ولا أستطيع تذكر كم بقي في السودان بعد سفره من عمان . أذكر ذلك اليوم لإنه مربوط بمناسبةٍ أخرى . في اليوم الذي توفي فيه جدي وصل الفنان محمد وردي إلى صلالة لإقامة حفل غنائي. طلب والدي من خالي التكتم على خبر وفاة جدي حتي تنجح الحفلة وطلب من خالي الذهاب إلى الحفلة حتي لا يستغرب الجميع بعدم مجيئنا . سافر والدي ليحضر مراسم العزاء ويلتقي بإخوته ووالدته . أحزن كثيراً لعدم تذكري الكثير عن جدي وأحزن أكثر لعدم معرفة اخوتي وابناء أعمامي الصغار به. استمتع كثيراً بكل القصص التي يسردها الكثير من الأهل عنه، كم اشتاق إليه، لن أنسى أبداً جلوسه في الحوش في القضارف بالقرب من شجره الليمون وطلبه مني أو من إبن عمتي جلب بعض الماء في إبريق حتى يتوضأ ، ذلك الباب الأزرق، الصالون والقطية ذلك الحوش الوسيع العتيق. أسأل الله أن يرحمه ويغفر له ويسكنه فسيح جناته ..وصلّ الله على سيدنا محمد وعلى آله أجمعين. لنا لقاء في الأسبوع القادم مع تحياتي وفاء أحمد جعفر الخليفة 2013/29/04 Wafa Gaafarelkhalifa [[email protected]]