في خطوة لم تكن الأولي من نوعها وليست الأخيرة حول التصريحات التي وردت بشأن رفع الرقابة القبلية على الصحف التي ظلت مقيدة في عهد الإنقاذ لربع قرن من الزمان ، في العام الماضي صدر نفس القرار ولكن لا جدوى ولا فائدة من كثرت التصريحات والقرارات بخصوص رفع الرقابة على الصحف ، في ظل هذا النظام الشمولي لا يمكن أن يكون هنالك حريات صحفية وإلا نحن نخدع أنفسنا لو صدقنا هذه الأقاويل والحجج . بلادنا تمر بأزمة اقتصادية وسياسية كبرى وفي ظل هذه الأوضاع المأساوية لا يستطيعون الصحافيين تسليط الضوء على ما يحيط بمجتمعنا ، ماذا يفيد من هذه التصريحات في ظل نظام شمولي وجهاز مراقب لكل ما يكتبه الصحافيين . الدستور الانتقالي للعام 2005 م نص على وثيقة الحريات بما فيها حرية الصحافة والتعبير إلا أنها لم تطبق على أرض الواقع ، فهذا النوع من التصريحات في طريقها لممارسة المزيد من القيود على الصحافة ، لقد علمتنا التجارب في الدولة الغير ديمقراطية لا تستطيع الصحافة أن تمارس دورها كما أن الصحافيين أيضاً يواجهون صنوفاً من العذاب فالحكومات الغير ديمقراطية لا تقبل النقد لمؤسساتها وتعتبر النقد خط من الخطوط الحمراء التي لا يمكن تناولها أو الحديث عنها ، ودائماً ما يخشون الأقلام الجريئة التي تسعى لكشف الحقائق ، لذا تم انتهاك حرية الصحافة والتعبير واغلاق العديد من الصحف السودانية على سبيل المثال ( رأي الشعب ، أجراس الحرية،) كما حجب مواقع الكترونية ( سودانيز أون لاين ، الحريات ، الراكوبة ) اضافة إلي ذلك تم منع بعض كتاب الأعمدة عن الكتابة بأمر من السلطات الأمنية على سبيل المثال لا الحصر ( استاذنا الجليل زهير السراج ، والاستاذة الصحافية أمل هباني، فائز السليك ، أبو ذر على الأمين ، رشا عوض ، حيدر المكاشفي ) هل نعتبر هذه التصريحات كما اعتبرها البعض خطوة في طريقها لبلوغ وضع ديمقراطي يضمن حرية الصحافة والتعبير ، في اعتقادي لا ومنذ متى كانت هنالك حريات صحفية في السودان ؟ حتى الآن لم ترفع الرقابة على الصحف . إن كان التصريحات هي فعلاً خطوة ايجابياً لماذا لا يتم اطلاق سراح الصحف التي تم ايقافها عن الصدور والأقلام التي منعت عن الكتابة؟. هذه التصريحات التي تدعو برفع الرقابة على الصحف تتسم بالغموض، والقصد منها شغل الرأي العام بهذه الحِيلة التي لا أساس لها من الوقع ،بعدما تصدر السودان قائمة الدول الأكثر انتهاكاً لحرية الصحافة والتعبير ، ومنذ مجيء النظام الحالي عرف بكبت الحريات وتكميم الأفواه ، ومصادرة حرية الرأي ، علينا أن نلقي النظر على ما قاله رئيس البرلمان وجه نقداً لاذعاً للصحافيين ووصفهم ب (صغار الصحافيين ) و هذا لا يشجع على أن يكون في السودان صحافة حرة بلا قيود ، إن التعدي على الحريات الصحفية يعد انتهاكاً واضحاً لحرية الرأي والتعبير التي كفلتها المعاهدات والمواثيق الدولية. ممدوح محمد يعقوب