إسحق أحمد فضل الله يكتب: (وفاة المغالطات)    الهلال لم يحقق فوزًا على الأندية الجزائرية على أرضه منذ عام 1982….    لجنة المسابقات بارقو توقف 5 لاعبين من التضامن وتحسم مباراة الدوم والأمل    المريخ (B) يواجه الإخلاص في أولي مبارياته بالدوري المحلي بمدينة بربر    شاهد بالفيديو.. لدى لقاء جمعهما بالجنود.. "مناوي" يلقب ياسر العطا بزعيم "البلابسة" والأخير يرد على اللقب بهتاف: (بل بس)    شاهد بالصورة والفيديو.. ضابطة الدعم السريع "شيراز" تعبر عن إنبهارها بمقابلة المذيعة تسابيح خاطر بالفاشر وتخاطبها (منورة بلدنا) والأخيرة ترد عليها: (بلدنا نحنا ذاتنا معاكم)    شاهد بالصورة والفيديو.. ضابطة الدعم السريع "شيراز" تعبر عن إنبهارها بمقابلة المذيعة تسابيح خاطر بالفاشر وتخاطبها (منورة بلدنا) والأخيرة ترد عليها: (بلدنا نحنا ذاتنا معاكم)    لماذا نزحوا إلى شمال السودان    جمهور مواقع التواصل بالسودان يسخر من المذيعة تسابيح خاطر بعد زيارتها للفاشر ويلقبها بأنجلينا جولي المليشيا.. تعرف على أشهر التعليقات الساخرة    شاهد بالصور.. المذيعة المغضوب عليها داخل مواقع التواصل السودانية "تسابيح خاطر" تصل الفاشر    المالية توقع عقد خدمة إيصالي مع مصرف التنمية الصناعية    أردوغان: لا يمكننا الاكتفاء بمتابعة ما يجري في السودان    مناوي .. سلام على الفاشر وأهلها وعلى شهدائها الذين كتبوا بالدم معنى البطولة    وزير الطاقة يتفقد المستودعات الاستراتيجية الجديدة بشركة النيل للبترول    أردوغان يفجرّها داوية بشأن السودان    بمقاطعة شهيرة جنوب السودان..اعتقال جندي بجهاز الأمن بعد حادثة"الفيديو"    اللواء الركن"م" أسامة محمد أحمد عبد السلام يكتب: الإنسانية كلمة يخلو منها قاموس المليشيا    وزير سوداني يكشف عن مؤشر خطير    شاهد بالصورة والفيديو.. "البرهان" يظهر متأثراً ويحبس دموعه لحظة مواساته سيدة بأحد معسكرات النازحين بالشمالية والجمهور: (لقطة تجسّد هيبة القائد وحنوّ الأب، وصلابة الجندي ودمعة الوطن التي تأبى السقوط)    بالصورة.. رجل الأعمال المصري نجيب ساويرس: (قلبي مكسور على أهل السودان والعند هو السبب وأتمنى السلام والإستقرار لأنه بلد قريب إلى قلبي)    إحباط محاولة تهريب عدد 200 قطعة سلاح في مدينة عطبرة    السعودية : ضبط أكثر من 21 ألف مخالف خلال أسبوع.. و26 متهماً في جرائم التستر والإيواء    الترتيب الجديد لأفضل 10 هدافين للدوري السعودي    «حافظ القرآن كله وعايشين ببركته».. كيف تحدث محمد رمضان عن والده قبل رحيله؟    محمد رمضان يودع والده لمثواه الأخير وسط أجواء من الحزن والانكسار    وفي بدايات توافد المتظاهرين، هتف ثلاثة قحاتة ضد المظاهرة وتبنوا خطابات "لا للحرب"    أول جائزة سلام من الفيفا.. من المرشح الأوفر حظا؟    مركزي السودان يصدر ورقة نقدية جديدة    برشلونة ينجو من فخ كلوب بروج.. والسيتي يقسو على دورتموند    شاهد بالفيديو.. "بقال" يواصل كشف الأسرار: (عندما كنت مع الدعامة لم ننسحب من أم درمان بل عردنا وأطلقنا ساقنا للريح مخلفين خلفنا الغبار وأكثر ما يرعب المليشيا هذه القوة المساندة للجيش "….")    "واتساب" يطلق تطبيقه المنتظر لساعات "أبل"    بنك السودان .. فك حظر تصدير الذهب    بقرار من رئيس الوزراء: السودان يؤسس ثلاث هيئات وطنية للتحول الرقمي والأمن السيبراني وحوكمة البيانات    ما الحكم الشرعى فى زوجة قالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟    غبَاء (الذكاء الاصطناعي)    مخبأة في باطن الأرض..حادثة غريبة في الخرطوم    رونالدو يفاجئ جمهوره: سأعتزل كرة القدم "قريبا"    صفعة البرهان    حرب الأكاذيب في الفاشر: حين فضح التحقيق أكاذيب الكيزان    دائرة مرور ولاية الخرطوم تدشن برنامج الدفع الإلكتروني للمعاملات المرورية بمركز ترخيص شهداء معركة الكرامة    عقد ملياري لرصف طرق داخلية بولاية سودانية    السودان.. افتتاح غرفة النجدة بشرطة ولاية الخرطوم    5 مليارات دولار.. فساد في صادر الذهب    حسين خوجلي: (إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار فأنظر لعبد الرحيم دقلو)    حسين خوجلي يكتب: عبد الرجيم دقلو.. إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار!!    الحُزن الذي يَشبه (أعِد) في الإملاء    السجن 15 عام لمستنفر مع التمرد بالكلاكلة    عملية دقيقة تقود السلطات في السودان للقبض على متّهمة خطيرة    وزير الصحة يوجه بتفعيل غرفة طوارئ دارفور بصورة عاجلة    الجنيه السوداني يتعثر مع تضرر صادرات الذهب بفعل حظر طيران الإمارات    تركيا.. اكتشاف خبز عمره 1300 عام منقوش عليه صورة يسوع وهو يزرع الحبوب    (مبروك النجاح لرونق كريمة الاعلامي الراحل دأود)    المباحث الجنائية المركزية بولاية نهر النيل تنهي مغامرات شبكة إجرامية متخصصة في تزوير الأختام والمستندات الرسمية    حسين خوجلي يكتب: التنقيب عن المدهشات في أزمنة الرتابة    دراسة تربط مياه العبوات البلاستيكية بزيادة خطر السرطان    والي البحر الأحمر ووزير الصحة يتفقدان مستشفى إيلا لعلاج أمراض القلب والقسطرة    شكوك حول استخدام مواد كيميائية في هجوم بمسيّرات على مناطق مدنية بالفاشر    السجائر الإلكترونية قد تزيد خطر الإصابة بالسكري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



البوليساريو .. تعدد الأجندة أم إفلاس إيديولوجي (1-2) .. بقلم: محمد موسى
نشر في سودانيل يوم 26 - 05 - 2013

مع تسارع الأحداث والمتغيرات في شمال أفريقيا , بدأت الأنظار تتجه إلى المناطق المتأثرة بهذه الأحداث والبؤر المتوترة منذ مدة طويلة , وأخص بالذكر منطقة الساحل وجنوب الصحراء التي عرفت أحداثاً شدت إليها أنظار العالم . ويتوالى في الآونة الأخيرة صدور تقارير إعلامية وأخرى عن مراكز أبحاث تكشف عن الزيارة الأخيرة للمبعوث ألأممي كريستوفر روس إلى الصحراء الغربية والتي أتت إثر تورط عناصر من "البوليساريو" في أزمة شمال مالي . وتندرج هذه الزيارة في سياق المساعي الحميدة التي يقوم بها الأمين العام للأمم المتحدة لمتابعة الأوضاع في منطقة شمال أفريقيا والوقوف على الأزمة في مالي على وجه الخصوص . ومن خلال قراءتي للصراع القائم بين الجزائر والمغرب حول الصحراء المغربية بدا لي واضحا أن مستقبل جبهة البوليساريو قد حسم في خيارين أساسيين لا ثالث لهما , فهي إما أن تتحول إلى حزب أو تنظيم سياسي مدني في إطار مقاربة الحكم الذاتي , وإما أن تتطور إلى تنظيم إرهابي ينشط على شريط الساحل الأفريقي لتنفيذ عمليات إرهابية معينة ضد الجميع بداعي توفير الدعم المالي لطرحها الانفصالي . وتزداد مؤشرات توجه البوليساريو نحو خيار العمل الإرهابي لدواعي موضوعية , منها تراجع التأييد الدولي لموقف جبهة البوليساريو من الناحية السياسية , وكذا لارتفاع حدة الاحتقان الاجتماعي داخل مخيمات تندوف في ظل اختلالات إدارية وتنظيمية وعسكرية . إن حدة الضغوط الداخلية ومتطلبات تأمين حراكها الاجتماعي والسياسي كالمطالبة بتحسين عيش سكان المخيمات تسبب في مزيد من تهميش ما يسمى ب"الجيش الصحراوي" لا سيّما بعد تقوقع قيادة البوليساريو على نفسها بعيدا عن الواقع البائس للمخيمات .
إن حالة اليأس التي تنخر نفوس الشباب المحتجزين في مخيمات تندوف وانسداد الآفاق أمامهم يجعلهم في وضعية هشاشة نفسية واجتماعية تُستغل لتجنيدهم والزج بهم في بؤر التوتر المختلفة في المنطقة . وكل تأخر في التصدي لهذه الخلايا سيعطيهم فرصاً أكثر للانتشار بالمنطقة والتحكم فيها مما سيحولها حتما إلى صومال جديدة أو أفغانستان ثانية تهدد الأمن الإقليمي والدولي وتجعل القضاء على الإرهاب أمرا مستحيلا , فقد سبق أن حذر الممثل الخاص الأسبق للأمين العام للأمم المتحدة في الصحراء , إريك يانسن , من مخاطر قيام كيان يدعى "ساحلستان" على أبواب المغرب العربي , إذا لم يتم حل قضية الصحراء في أسرع وقت . ونفس المخاطر التي بات يشكلها الإرهاب في بلاد المغرب العربي حذر منها مرصد الساحل والصحراء , في آخر تقرير له جاء فيه "فضاء الساحل والصحراء أضحى خلال السنوات الأخيرة قاعدة مركزية للتزود بالأسلحة والمعدات المختلفة وتنظيم فروع مكلّفة بإيصال المسلحين والأموال والأسلحة إلى مختلف البلدان" . ولعل الأموال الهائلة التي يحصل عليها الإرهابيون من عمليات الاختطاف والتهريب ستمكنهم من توسيع نشاطاتهم التخريبية بفعل تواطؤ البوليساريو والسكان المحليين في كل من مالي وموريتانيا والنيجر وباقي دول الساحل والصحراء .
وقبل أن تُدق أجراس الإنذار بسقوط عناصر البوليساريو في براثن الإرهاب , نجد أن الكثير من مراكز الدراسات المختصة قد أمّنت على التحذير الذي أطلقته فرنسا حول خطر تحول منطقة الساحل إلى أفغانستان جديدة (ساحلستان) , قد تصبح بفعل قربها الجغرافي من المغرب العربي وأوروبا "أسوأ من أفغانستان" . وأكدت الروابط التي أصبحت جلية أكثر بين (البوليساريو) وبعض التنظيمات "المشبوهة" والتي تعزّز وجودها بفعل عدم الاستقرار الناجمة عن الحرب الأهلية في ليبيا , لا سيّما وأن الأسلحة التي خلّفها النظام السابق لمعمر القذافي جعلت من رقعة واسعة بهذا البلد سوقا كبيرة للأسلحة , -أنظر مقالنا (القذافوبيا والأزمة الأفريقية) صحيفة أخبار اليوم العدد (5917/5919) مارس 2011م .
وقال بيتر فام , مدير مركز ميكاييل أنصاري لإفريقيا , التابع لمجموعة التفكير "أتلانتيك كاونسل" في معرض تعليقه على نتائج التقرير السنوي 2011م للخارجية الأمريكية حول الإرهاب في العالم , أن "دعم الجزائر للبوليساريو لا يمثل عائقا أمام إقامة تعاون مع المغرب لمكافحة الإرهاب فحسب , بل تحديا بالنسبة للمجتمع الدولي ككل" . وأضاف, "إننا حقيقة أمام مشكل , وتقرير الخارجية الأمريكية عمل على إثارته" , مؤكدا أن مخيمات تندوف على الأراضي الجزائرية , تشكل "مجالاً خصبا لتجنيد الشبكات الإجرامية والإرهابية" . وشدد على أهمية تعزيز النمو الاقتصادي على الصعيد الإقليمي من أجل التصدي للتطرف والإرهاب , مؤكدا على أهمية دعم الاندماج المغاربي , تماشيا مع النداء الذي وجهه الملك محمد السادس من أجل مواصلة بناء الإتحاد المغاربي . وقد ارتفعت العديد من الأصوات بواشنطن داعية إلى إغلاق مخيمات تندوف , التي أصبحت تمثل نقطة ضعف أمام مكافحة الإرهاب في تجمع جيو-استراتيجي يمتد من المغرب العربي إلى منطقة الساحل , في وقت اعتبر بيتر فام , أن خيار الاستقلال كحل لقضية الصحراء سيؤدي إلى ميلاد دولة "تافهة وغير قابلة للحياة" ستكون "لقمة سائغة" للتنظيمات الإرهابية في شمال إفريقيا .
ولا يختلف اثنان تحت هذا الضغط , إلى الإسراع في إيجاد حل للنزاع حول الصحراء من خلال تحفيز الأطراف على التفاوض بشأن تسوية تركز على الحاضر والمستقبل بدل البقاء رهن إيديولوجيات موروثة عن الحرب الباردة , إن مخطط الحكم الذاتي الذي تقدم به المغرب يشكل أرضية جيدة للتفاوض لحل هذا النزاع الإقليمي , وقد دعم العديد من أعضاء الكونغرس الأمريكي المخطط المغربي للحكم الذاتي , والذي وصفته وزيرة الخارجية الأمريكي هيلاري كلينتون ب"الجدي وذي المصداقية و الواقعي" .-انظر مقالنا (عندما تحاول البوليساريو تقويض الملكية بالمغرب) صحيفة آخر لحظة العدد (1891) نوفمبر 2011م بالفصل الرابع من الكتاب- يتبع
البوليساريو .. تعدد الأجندة أم إفلاس إيديولوجي (2-2)
(2)
إن منطقة شمال إفريقيا والمغرب العربي على وجه الخصوص , أصبحتا محط أنظار الأجهزة الأمنية لكثير من دول العالم , خصوصا بعد أن تأكد أن موجة الإرهاب الدولي تقتحم المنطقة بقوة , وهذا ما أكدته الكثير من التقارير الدولية , غير أن ما يلفت الانتباه في هذه التقارير , هو كونها تجمع على الدور الخطير الذي أصبحت تلعبه جبهة البوليساريو , باعتبارها المحور الأساسي لكل هذه الحركات الإرهابية التي تهدد المنطقة الإفريقية بأكملها , وكل المؤشرات توحي بأن المواجهة القادمة مع البوليساريو , ستكون مواجهة للإرهاب السلفي .
إن تحول منطقة الساحل والصحراء إلى بؤرة توتر جديدة يشكل تحدياً جديداً للمجتمع الدولي , خصوصا وأن اللاعب الأساسي فيه هي جبهة البوليساريو , التي استحالت إلى "رأس الرمح" القوي الذي يمكنه في أي لحظة أن يهدد الأمن والاستقرار في منطقة البحر الأبيض المتوسط ككل , بدعوى ضرب مصالح الدول المعارضة للأطروحة الانفصالية في الصحراء , وهو خطر تجاوز مستوى التهديد إلى مستوى تنفيذ عمليات هجومية على دول ذات سيادة . وبالتالي اتضح جليا أن جبهة البوليساريو ليست حركة تحرر وطني كما تدعي , وإنما هي ضمن صراع جيو-سياسي تنفذ مخططاته , ولذلك فهي مستعدة لركوب جميع الخيارات الإيديولوجية "الزائفة" لتحقيق هدف استمرارها كأداة فعالة لتنفيذ المخططات الاستعمارية والتوسعية على حساب الحقوق المشروعة للمغرب في امتداده الصحراوي .
والشيء الذي يدعو للقلق والدهشة في آن واحد , هي الحالة الإنتظارية والترقب التي تسود الجزائر إزاء التهديد الإرهابي في منطقة الساحل على خلفية الأزمة في مالي من خلال إصرارها على الحيلولة دون أي تدخل عسكري في شمال مالي الذي تحتله عناصر "القاعدة في بلاد الغرب الإسلامي" و "حركة التوحيد والجهاد" التي تواصل تجنيد شباب خاضعون للبوليساريو بتندوف على التراب الجزائري , كان جُل ما وعدوا به هؤلاء الفتية هي "أمل العيش في الجنة الموعودة". إن السؤال الذي يطرح نفسه , هو : لماذا ترفض الجزائر , التي تمتلك أحد المفاتيح الأساسية للحل , ولا سيما الحل العسكري , التدخل لصد التهديد الإرهابي في منطقة الصحراء ؟ , ولماذا تم بشكل غريب , شل لجنة الأركان المشتركة ؟ تلك الآلية التي تم وضع تصور لها بالجزائر العاصمة لمواجهة خطر "البلقنة" في المنطقة , والمعروف أن هذه اللجنة المشتركة تجمع العديد من دول الساحل وهي الآن توجد في حالة سبات تام منذ بداية الأزمة في مالي .
(3)
بعد قراءتنا للوضع الراهن ل"جبهة البوليساريو" , ندرك تماما أسباب ودواعي جنوحها في الأمد المنظور . فبالنظر إلى نضوب ينابيع مواردها المالية من فائض المساعدات الغذائية والإعانات المالية التي كان يدرها عليها نظام القذافي سابقا والجزائر وجنوب إفريقيا , نجد أن هذه العوامل تطرح تداعيات حقيقية حول ضرورة إعادة تدبير بوصلة الخط السياسي لجبهة البوليساريو قبل أن تنعطف في اتجاه راديكالي وإرهابي لمليشياته المسلحة . إن هذه المعطيات الجديدة , ذات المنحى الخطير تجعل من المفروض على الدول الإفريقية نفسها التحرك باستعجال لتطويق الخطر الداهم الذي يتشكل في هذه المنطقة , بدءا بالتصدي للأسباب المباشرة التي يستغلها الإرهابيون لممارسة وتوسيع نشاطهم , وفي مقدمتها الصراع حول الأقاليم الجنوبية الذي تخوضه الجزائر ضد المغرب بدعمها للبوليساريو , وما يترتب عن هذا الصراع من غياب التنسيق الأمني ومراقبة الحدود بين دول المنطقة , مما يخلق حالة فراغ أمني وعسكري تستغله تلك العصابات الإجرامية .
إن التفكير في مستقبل تنظيم البوليساريو اليوم تفرضه المتغيرات الدولية والإقليمية وهي مؤشرات لا تبشر واقع المنطقة إقليمياً ومحلياً بالهدوء المنشود , لأن الجبهة وفي ظل تراكم نكساتها الدبلوماسية الدولية والمحلية , من شأنه أن يفجّر الوضع الداخلي للجبهة ولا سيما داخل جناحها العسكري , الأمر الذي يستحيل معه التحكم في الترسانة العسكرية لجبهة البوليساريو , وما يترتب عن ذلك من تحول أعضاء الجيش الصحراوي إلى فلول إرهابية غير منضبطة .
أما عن حالة الجمود الذي تشهده مفاوضات حل النزاع في الصحراء , وانشغال الرأي العام الدولي عن قضية الصحراء بقضايا دولية راهنة , فمن المؤكد أنها ستذهب بهيبة البوليساريو وقيادتها التي باتت توصف ب"الفاشلة" في إدارة قضية الصحراء , يضاف إلى ذلك المطالب الاجتماعية المتنامية , تعتبر كلها أهم فتيل لانفجار البوليساريو من الداخل . وأمام هذا الواقع تتشابك خيوط العمل الدبلوماسي للبوليساريو , مما يعكس انحدار الأداء الدبلوماسي على المستوى الدولي أو المحلي لصالح أصوات باتت تدعو إلى الإسراع بحل النزاع في الصحراء والعيش في ظل نظام مدني وديمقراطي بعيداً عن حالة "اللا حرب واللا سلم" التي تقيم عليها البوليساريو وجودها .
وأمام هذه الوقائع يجدر بنا أن نتساءل عن شرعية هذه المنظمة التي تدّعي تمثيلها للشعب الصحراوي , عن طريق طروحات زائفة مدعومة مسخّرة في خدمة بعض الأجندات التي تسعى لعرقلة التنمية في المغرب . أم أننا في حقيقة الأمر نشهد حالة إفلاس فكري إيديولوجي لأجندات بالية مهترئة ظلّت الجبهة تتمسك بها من منطلق الغاية تبرر الوسيلة . وأخيراً , الم يحن الوقت للعالم أن يؤمن بان النزاع في الصحراء مفتعل من شرذمة خارجة عن القانون ؟ أليس الأدعى أن يتم وضع حد لهذه الخليّة "المارقة" لإرساء دعائم السلم والرخاء في ربوع دول الساحل وجنوب الصحراء ؟ .
MOHAMED MOSA [[email protected]]
////////////
العقد الاجتماعي: الطريق إلى حل المعضلة السودانية؛ 4-6 .. بقلم: أبكر محمد أبوالبشر
في الحلقة السابقة تحدثنا عن مفهوم العقد الاجتماعي، وكيف تطور في عهد فلاسفة التنوير في القرنين السابع والثامن عشر الميلادي. فالعقد الاجتماعي يعني في معناه العام، إبرام اتفاق بين الناس الذين جمعتهم رقعة جغرافية محددة. فيضعون في ذاك الاتفاق الشروط التي تجعلهم يعيشون مع بعض في دولة التعاقد، وهم بذلك يضعون حداً نهائياً لإنتهاك حق البقاء البشري. وبالتالي أصبحت نظرية العقد الاجتماعي من أهم النظريات لبناء الدولة الحديثة. اليوم نقارن الصلة بين مفهومي حق تقرير المصير والعقد الاجتماعي.
مفهومي حق تقرير المصير والعقد الاجتماعي، وأيهما يعود بفائدة أفضل وأشمل للجميع؟:
مما تقدم عن طبيعة نشأة الدولة السودانية، نجد أن المواطنيين الجنوبيين، في مسعاهم لتماسك وحدة البلاد من التفكك المحتمل، ومن منطلق قناعتهم بوحدة وتماسك البلاد التي صنعها الاستعمار، قد بادروا في تقديم حلول عملية ووطنية قابلة للتطبيق وذلك بمطالبتهم بنظام فيدرالي في إطار السودان الواحد، كان ذلك في مؤتمر جوبا الأول الذي انعقد في 12 يونيو 1947م. وكما سبق فإن الصراع السياسي السوداني والذي يمكن أن يلخص بأنه قائم بين الطلب والرفض، قد قاد المعارضة السودانية متمثلة في التجمع الوطني الديمقراطي بأن تتبنى إقرار حق تقرير المصير للمدريات الجنوبية الثلاثة في حدودها الجغرافية 1/1/1956م وذلك في مؤتمر القضايا المصيرية بأسمرا (إريتريا) العام 1995م، وفي شهر نوفمبر من نفس العام تمّ الموافقة على قبول تنظيم التحالف الفيدرالي الديمقراطي السوداني عضواً في التجمع الوطني الديمقراطي، وكان من ضمن شروطه للإنضمام أن يعدل البند الخاص بتقرير المصير ليقرأ كالآتي: "يصبح حق تقرير المصير حق أصيل وأساسي وديمقراطي وقانوني لجميع الشعوب السودانية المطالبة به" هكذا أصبح تقرير المصير حق لكل الشعوب السودانية في تلك الوثيقة التاريخية. كما أن ذات الصراع أجبر الحكومة السودانية بأن توافق على إقرار حق تقرير المصير في اتفاقية السلام الشامل في يناير 2005م، وبموجب هذه الاتفاقية تم تفكك السودان إلى دولتين في التاسع من يوليو العام 2011م.
في هذا المنحى نود أن نقارن بين مفهومي حق تقرير المصير والعقد الاجتماعي. أولاً، حق تقرير المصير، هو مصطلح في مجال السياسة الدولية والعلوم السياسية، يشير إلى حق كل مجتمع ذات هوية جماعية متميزة، مثل شعب {الميدوب} أو مجموعة عرقية متميزة مثل {النوبة في منطقة جبال النوبة} أو غيرهما، بتحديد طموحاته السياسية، ومن أجل تحقيق ذلك يتبنى المجتمع المعني، النطاق السياسي المفضل والمناسب لبيئته في إدارة حياة المجتمع اليومية. يتم ممارسة هذا الحق بحرية تامة دون تدخل خارجي أو قهر من قبل أية شعوب خارجية أو منظمات أجنبية. وبالتالي فإن حق تقرير المصير ومن منطلق السياق القانوني، هو مبدأ في القانون الدولي الذي أقره ميثاق الأمم المتحدة، وفي ذلك أن لجميع الشعوب الحق في تقرير مصيرها. هنا نلاحظ أن إحدى مواد القانون الدولي تنص على أنه "لجميع الشعوب حق تقرير مصيرها بنفسها، وهي بمقتضى هذا الحق حرة في تقرير مركزها السياسي وحرة في السعي لتحقيق نمائها الاقتصادي والاجتماعي والثقافي الذاتي". الجدير بالذكر أن مفهوم تقرير المصير، قد تجسد أولاً في إعلان الاستقلال الأمريكي في العام 1776م، ثم في الإعلان الفرنسي لحقوق الإنسان في العام 1789م.
الشاهد في الأمر، أن تقرير المصير يعمل على تصحيح أوضاع سياسية وإدارية غير متفق عليها من جميع الشعوب في دولة قائمة - السودان نموذجاً. وتصحيح الأوضاع هذه، تحتمل عدة نتائج عندما تُمَارس مفهوم حق تقرير المصير، من ضمنها (أ) الاستقلال التام، أي إنشطار القطر الواحد إلى عدة دول فيصبح كل قطر ذات سيادة مستقلة تماماً عن الآخر، كما حصل في السودان في شهر يوليو العام 2011م. أو (ب) أن تكون النتيجة اتفاق في شكل نظام الحكم، مثل اتحاد فيدرالي/كنفدرالي. أو (ج) حماية دولية لإقليم ما في إطار الدولة الموحدة. مثال لذلك، وإستناداً على القانون الدولي الخاص بحماية الأقليات، أن يطلب شعب منطقة جبل ميدوب الواقعة في أقصى شمال غرب إقليم دارفور، حماية من الأسرة الدولية بمقتضاها تطاح لهذا الشعب المجال في الحفاظ على الإرث الثقافي الموروث، وتسمح له بتحقيق تنمية محلية على النحو الذي يراه مناسباً لمنطقته. كما يحق لهذا الشعب أن يشارك في إدارة شئون الدولة على المستوى القومي، في مثل هذه الحالات يكون لهذا الشعب حق النقض (الفيتو) لأية سياسة حكومية مركزية، إذا ما تعارض ذلك مع روح إتفاقية الحماية الدولية. أو (د) أن تقام وحدة كاملة بين المركز والأقاليم الحاملة للسلاح – مثال شعوب دارفور أو كردفان أو جنوب النيل الأزرق أو الشرق أو أقصى الشمال. على أية حال، الهدف الرئيسي في ممارسة حق تقرير المصير أن يعم السلام لهذه المجتمعات، سواءً أبقوا في دولة واحدة أو تفتتوا إلى عدة دول. لكن يبقى القاسم المشترك بين مفهومي العقد الاجتماعي وتقرير المصير، أن أفعالهما هي من صنع شراكة كل الناس في البلد/الإقليم المعني. والهدف السامي منهما هو تنظيم حياة الناس السياسية والاقتصادية والاجتماعية على النحو الذي يرضونه بمطلق حريتهم دون أن تفرض عليهم جهة ما أشياء خارجة عن إرادتهم.
ومن جانب آخر، فإن مفهوم العقد الاجتماعي كما سبق، يعني في معناه العام، إبرام اتفاق بين الناس الذين جمعتهم رقعة جغرافية محددة، بموجبه يتحدون ويكونون هيئة معنوية لإدارة الإرادة العامة، أي الدولة، يصبحون رعاياها ومواطنون فيها، ويتساوون فيها في الحقوق والواجبات. فالعقد الاجتماعي يخص كل شعوب وأقاليم الوطن الواحد، وليس قاصراً على فئة محددة في المجتمع أو إقليم بعينه ذات هوية متميزة، كما هو الحال في عملية ممارسة حق تقرير المصير التي طبقها شعوب جنوب السودان لوحدها دون سائر شعوب السودان الأخرى، أو الشعوب الإريترية بمعزل عن الشعوب الإثيوبية. لهذا فإن حاجة المجتمع إلى السلطة الحاكمة أو الدولة، هي الحاجة للمحافظة على الحياة والحرية والملكية، وهي حقوق مهددة بالتعدي، والعقد في طبيعته هو تنظيم للحرية والملكية بالقانون.
فالشعوب التي تعاني من النزاعات المتواصلة، تصل إلى قناعة أن وحدتها مسألة حتمية لحماية مصالحها الاقتصادية والأمنية على وجه الخصوص. وإذا توقفنا عند تجربة السودان الحالية، يبدو جلياً أن حكومة الجبهة الإسلامية الحالية قد سارعت وأوصلت جميع فئات الشعوب السودانية في طول البلاد وعرضها، إلى أن سبل عيشها على المستوى الشخصي محددة بالإنقراض، وأن سلامة أمنها على المستوى الفردي أصبحت غير متوفرة في الريف والحضر على حد سواء، فحاجة الناس، كل الناس إلى الأمن والحرية والحفاظ على أملاكهم هي التي تفرض عليهم السعي الجاد للعقد الاجتماعي. فحالة السودان هذه شبيهة للحالات التي كانت سائدة في أوروبا في عصر فلاسفة التنوير والتي قادت إلى إقامة دول التعاقد، ومن ثَمّ الاستقرار السياسي والتنمية الاقتصادية والاجتماعية في دول غرب أوروبا وأمريكا الشمالية. لهذا فإن الظرف الحالي في السودان أنسب من أي وقت مضى لإقامة دولة التعاقد الاجتماعي، إذ أن مثل هذه العملية من شأنها أيضاً أن تستصحب معها بوادر رتق النسيج الاجتماعي السوداني الذي بات يتفكك يوماً بعد يوم.
من هذا المنطلق، واضح جداً أن العقد الاجتماعي أوسع منظوراً من تقرير المصير، إذ أنه يمثل أهم النظريات التي ظهرت حتى الآن بشأن تأسيس الدولة، لهذا فإن الدول التي نشأت عن طريق ممارسة حق تقرير المصير وانفصلت عن الدولة الأم، مثل دولة جنوب السودان، هي أيضاً في حاجة ماسة لعملية العقد الاجتماعي، لتتمكن كل فئات مجتمع الدولة الحديثة من ممارسة حقها السيادي في تفصيل مفاصل دولتها الحديثة.
هناك بعض المسائل التي قد تعيق سلاسة سير عملية التعاقد الاجتماعي، لما تحتوي هذه المصطلحات من تفسيرات غير متفق عليها، فبالرغم من أن حلولها الجذرية تكتمل في عملية العقد الاجتماعي، إلا أن فتح باب النقاش حولها الآن، للوصول إلى تفسيرات ومعاني متفق عليها بطرق موضوعية تعد أمراً ضرورياً من أجل إتمام عملية التعاقد الاجتماعي بسهولة ويسر عندما يجلس الشركاء لذلك. فعلى سبيل المثال، نذكر من ضمن هذه المسائل، مفهوم العلمانية، والهوية القومية، والنسيج الاجتماعي السوداني. فقد رأينا كيف أن الثورات المطالبة بالحريات وبالحقوق الأساسية للإنسان، قد أدت إلى قتل عدد من الملوك الذين كانوا يتمتعون بحق الملوك الإلهي ويؤسسون لحاكمية الدين. وبما أن مصطلح العلمانية أو الهوية القومية أو غيرها من المصطلحات التي هي من ضمن القضايا الدستورية الخلافية في وسط المجتمع السوداني، فلا بأس أن نقدم هنا بعض التوضيحات المختصرة لها لتسهيل توضيح مفهوم العقد الاجتماعي الذي نحن بصدده الآن.
نواصل ......
[email protected]
مانشستر "المملكة المتحدة"، الأحد، 26 مايو/أيار، 2013م.
//////////////


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.