إبعاد يوسف علي من مباراتي مورتانيا وجنوب السودان    المريخ يكثف تحضيراته بالاسماعيلية ويجري مرانين    مصر تدعم دعوى جنوب أفريقيا ضد إسرائيل أمام العدل الدولية    شاهد بالصور.. (بشريات العودة) لاعبو المريخ يؤدون صلاة الجمعة بمسجد النادي بحي العرضة بأم درمان    جماهير الريال تحتفل باللقب ال 36    الروابط ليست بنك جباية وتمكين يا مجلس!!    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب مصري يقدم فواصل من الرقص الهستيري على أنغام أغنية الظار السودانية (البخور طلقو لي لولا) وساخرون: (تم تهكير الشعب المصري بنجاح)    ضربات جوية مُوجعة في 5 مناطق بدارفور    نائب رئيس مجلس السيادة يلتقي وفد مبادرة أبناء البجا بالخدمة المدنية    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء سودانية ترقص وتتمايل داخل سيارتها على أنغام الفنان الراحل ود الأمين: (وداعاً يا ظلام الهم على أبوابنا ما تعتب)    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الأحد    عضو مجلس السيادة نائب القائد العام الفريق أول ركن شمس الدين كباشي يصل الفاو    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الأحد    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الأحد    شاهد بالفيديو.. الناشط السوداني "الشكري" يهاجم الفنانة نانسي عجاج بعد انتقادها للمؤسسة العسكرية: (انتي تبع "دقلو" ومفروض يسموك "السمبرية" وأنا مشكلتي في "الطير" المعاك ديل)    شاهد بالصورة والفيديو.. بطريقة "حريفة" ومدهشة نالت اعجاب الحاضرين.. سائق سوداني ينقذ شاحنته المحملة بالبضائع ويقودها للانقلاب بعد أن تعرضت لحريق هائل    نتنياهو مستمر فى رفح .. إلا إذا...!    عراقي يصطحب أسداً في شوارع بغداد ويُغضب رواد منصات التواصل    ترامب شبه المهاجرين بثعبان    "المايونيز" وراء التسمم الجماعي بأحد مطاعم الرياض    السيسي: لدينا خطة كبيرة لتطوير مساجد آل البيت    محمد خليفة، كادر حزب البعث والقحاتي السابق، يتكلم عن الحقيقة هذه الأيام وكأنه أفلاطون    الهلال يحسم لقب الدوري السعودي    يوكوهاما يقلب خسارته أمام العين إلى فوز في ذهاب نهائي "آسيا"    محمد وداعة يكتب: ميثاق السودان ..الاقتصاد و معاش الناس    تأهب في السعودية بسبب مرض خطير    باحث مصري: قصة موسى والبحر خاطئة والنبي إدريس هو أوزوريس    عاصفة شمسية "شديدة" تضرب الأرض    هل ينقل "الميثاق الوطني" قوى السودان من الخصومة إلى الاتفاق؟    د. ياسر يوسف إبراهيم يكتب: امنحوا الحرب فرصة في السودان    كلام مريم ما مفاجئ لناس متابعين الحاصل داخل حزب الأمة وفي قحت وتقدم وغيرهم    الفيلم السوداني وداعا جوليا يفتتح مهرجان مالمو للسينما في السويد    أصحاب هواتف آيفون يواجهون مشاكل مع حساب آبل    بنقرة واحدة صار بإمكانك تحويل أي نص إلى فيديو.. تعرف إلى Vidu    كيف يُسهم الشخير في فقدان الأسنان؟    روضة الحاج: فأنا أحبكَ سيَّدي مذ لم أكُنْ حُبَّاً تخلَّلَ فيَّ كلَّ خليةٍ مذ كنتُ حتى ساعتي يتخلَّلُ!    هنيدي ومحمد رمضان ويوسف الشريف في عزاء والدة كريم عبد العزيز    مسؤول بالغرفة التجارية يطالب رجال الأعمال بالتوقف عن طلب الدولار    أسترازينيكا تبدأ سحب لقاح كوفيد-19 عالمياً    النموذج الصيني    غير صالح للاستهلاك الآدمي : زيوت طعام معاد استخدامها في مصر.. والداخلية توضح    القبض على الخادمة السودانية التي تعدت على الصغيرة أثناء صراخها بالتجمع    الصحة العالمية: نصف مستشفيات السودان خارج الخدمة    تنكُر يوقع هارباً في قبضة الشرطة بفلوريدا – صورة    معتصم اقرع: حرمة الموت وحقوق الجسد الحي    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    وزير الداخلية المكلف يقف ميدانياً على إنجازات دائرة مكافحة التهريب بعطبرة بضبطها أسلحة وأدوية ومواد غذائية متنوعة ومخلفات تعدين    (لا تُلوّح للمسافر .. المسافر راح)    دراسة تكشف ما كان يأكله المغاربة قبل 15 ألف عام    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    العقاد والمسيح والحب    راشد عبد الرحيم: يا عابد الحرمين    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    أمس حبيت راسك!    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



البوليساريو .. تعدد الأجندة أم إفلاس إيديولوجي (1-2) .. بقلم: محمد موسى
نشر في سودانيل يوم 26 - 05 - 2013

مع تسارع الأحداث والمتغيرات في شمال أفريقيا , بدأت الأنظار تتجه إلى المناطق المتأثرة بهذه الأحداث والبؤر المتوترة منذ مدة طويلة , وأخص بالذكر منطقة الساحل وجنوب الصحراء التي عرفت أحداثاً شدت إليها أنظار العالم . ويتوالى في الآونة الأخيرة صدور تقارير إعلامية وأخرى عن مراكز أبحاث تكشف عن الزيارة الأخيرة للمبعوث ألأممي كريستوفر روس إلى الصحراء الغربية والتي أتت إثر تورط عناصر من "البوليساريو" في أزمة شمال مالي . وتندرج هذه الزيارة في سياق المساعي الحميدة التي يقوم بها الأمين العام للأمم المتحدة لمتابعة الأوضاع في منطقة شمال أفريقيا والوقوف على الأزمة في مالي على وجه الخصوص . ومن خلال قراءتي للصراع القائم بين الجزائر والمغرب حول الصحراء المغربية بدا لي واضحا أن مستقبل جبهة البوليساريو قد حسم في خيارين أساسيين لا ثالث لهما , فهي إما أن تتحول إلى حزب أو تنظيم سياسي مدني في إطار مقاربة الحكم الذاتي , وإما أن تتطور إلى تنظيم إرهابي ينشط على شريط الساحل الأفريقي لتنفيذ عمليات إرهابية معينة ضد الجميع بداعي توفير الدعم المالي لطرحها الانفصالي . وتزداد مؤشرات توجه البوليساريو نحو خيار العمل الإرهابي لدواعي موضوعية , منها تراجع التأييد الدولي لموقف جبهة البوليساريو من الناحية السياسية , وكذا لارتفاع حدة الاحتقان الاجتماعي داخل مخيمات تندوف في ظل اختلالات إدارية وتنظيمية وعسكرية . إن حدة الضغوط الداخلية ومتطلبات تأمين حراكها الاجتماعي والسياسي كالمطالبة بتحسين عيش سكان المخيمات تسبب في مزيد من تهميش ما يسمى ب"الجيش الصحراوي" لا سيّما بعد تقوقع قيادة البوليساريو على نفسها بعيدا عن الواقع البائس للمخيمات .
إن حالة اليأس التي تنخر نفوس الشباب المحتجزين في مخيمات تندوف وانسداد الآفاق أمامهم يجعلهم في وضعية هشاشة نفسية واجتماعية تُستغل لتجنيدهم والزج بهم في بؤر التوتر المختلفة في المنطقة . وكل تأخر في التصدي لهذه الخلايا سيعطيهم فرصاً أكثر للانتشار بالمنطقة والتحكم فيها مما سيحولها حتما إلى صومال جديدة أو أفغانستان ثانية تهدد الأمن الإقليمي والدولي وتجعل القضاء على الإرهاب أمرا مستحيلا , فقد سبق أن حذر الممثل الخاص الأسبق للأمين العام للأمم المتحدة في الصحراء , إريك يانسن , من مخاطر قيام كيان يدعى "ساحلستان" على أبواب المغرب العربي , إذا لم يتم حل قضية الصحراء في أسرع وقت . ونفس المخاطر التي بات يشكلها الإرهاب في بلاد المغرب العربي حذر منها مرصد الساحل والصحراء , في آخر تقرير له جاء فيه "فضاء الساحل والصحراء أضحى خلال السنوات الأخيرة قاعدة مركزية للتزود بالأسلحة والمعدات المختلفة وتنظيم فروع مكلّفة بإيصال المسلحين والأموال والأسلحة إلى مختلف البلدان" . ولعل الأموال الهائلة التي يحصل عليها الإرهابيون من عمليات الاختطاف والتهريب ستمكنهم من توسيع نشاطاتهم التخريبية بفعل تواطؤ البوليساريو والسكان المحليين في كل من مالي وموريتانيا والنيجر وباقي دول الساحل والصحراء .
وقبل أن تُدق أجراس الإنذار بسقوط عناصر البوليساريو في براثن الإرهاب , نجد أن الكثير من مراكز الدراسات المختصة قد أمّنت على التحذير الذي أطلقته فرنسا حول خطر تحول منطقة الساحل إلى أفغانستان جديدة (ساحلستان) , قد تصبح بفعل قربها الجغرافي من المغرب العربي وأوروبا "أسوأ من أفغانستان" . وأكدت الروابط التي أصبحت جلية أكثر بين (البوليساريو) وبعض التنظيمات "المشبوهة" والتي تعزّز وجودها بفعل عدم الاستقرار الناجمة عن الحرب الأهلية في ليبيا , لا سيّما وأن الأسلحة التي خلّفها النظام السابق لمعمر القذافي جعلت من رقعة واسعة بهذا البلد سوقا كبيرة للأسلحة , -أنظر مقالنا (القذافوبيا والأزمة الأفريقية) صحيفة أخبار اليوم العدد (5917/5919) مارس 2011م .
وقال بيتر فام , مدير مركز ميكاييل أنصاري لإفريقيا , التابع لمجموعة التفكير "أتلانتيك كاونسل" في معرض تعليقه على نتائج التقرير السنوي 2011م للخارجية الأمريكية حول الإرهاب في العالم , أن "دعم الجزائر للبوليساريو لا يمثل عائقا أمام إقامة تعاون مع المغرب لمكافحة الإرهاب فحسب , بل تحديا بالنسبة للمجتمع الدولي ككل" . وأضاف, "إننا حقيقة أمام مشكل , وتقرير الخارجية الأمريكية عمل على إثارته" , مؤكدا أن مخيمات تندوف على الأراضي الجزائرية , تشكل "مجالاً خصبا لتجنيد الشبكات الإجرامية والإرهابية" . وشدد على أهمية تعزيز النمو الاقتصادي على الصعيد الإقليمي من أجل التصدي للتطرف والإرهاب , مؤكدا على أهمية دعم الاندماج المغاربي , تماشيا مع النداء الذي وجهه الملك محمد السادس من أجل مواصلة بناء الإتحاد المغاربي . وقد ارتفعت العديد من الأصوات بواشنطن داعية إلى إغلاق مخيمات تندوف , التي أصبحت تمثل نقطة ضعف أمام مكافحة الإرهاب في تجمع جيو-استراتيجي يمتد من المغرب العربي إلى منطقة الساحل , في وقت اعتبر بيتر فام , أن خيار الاستقلال كحل لقضية الصحراء سيؤدي إلى ميلاد دولة "تافهة وغير قابلة للحياة" ستكون "لقمة سائغة" للتنظيمات الإرهابية في شمال إفريقيا .
ولا يختلف اثنان تحت هذا الضغط , إلى الإسراع في إيجاد حل للنزاع حول الصحراء من خلال تحفيز الأطراف على التفاوض بشأن تسوية تركز على الحاضر والمستقبل بدل البقاء رهن إيديولوجيات موروثة عن الحرب الباردة , إن مخطط الحكم الذاتي الذي تقدم به المغرب يشكل أرضية جيدة للتفاوض لحل هذا النزاع الإقليمي , وقد دعم العديد من أعضاء الكونغرس الأمريكي المخطط المغربي للحكم الذاتي , والذي وصفته وزيرة الخارجية الأمريكي هيلاري كلينتون ب"الجدي وذي المصداقية و الواقعي" .-انظر مقالنا (عندما تحاول البوليساريو تقويض الملكية بالمغرب) صحيفة آخر لحظة العدد (1891) نوفمبر 2011م بالفصل الرابع من الكتاب- يتبع
البوليساريو .. تعدد الأجندة أم إفلاس إيديولوجي (2-2)
(2)
إن منطقة شمال إفريقيا والمغرب العربي على وجه الخصوص , أصبحتا محط أنظار الأجهزة الأمنية لكثير من دول العالم , خصوصا بعد أن تأكد أن موجة الإرهاب الدولي تقتحم المنطقة بقوة , وهذا ما أكدته الكثير من التقارير الدولية , غير أن ما يلفت الانتباه في هذه التقارير , هو كونها تجمع على الدور الخطير الذي أصبحت تلعبه جبهة البوليساريو , باعتبارها المحور الأساسي لكل هذه الحركات الإرهابية التي تهدد المنطقة الإفريقية بأكملها , وكل المؤشرات توحي بأن المواجهة القادمة مع البوليساريو , ستكون مواجهة للإرهاب السلفي .
إن تحول منطقة الساحل والصحراء إلى بؤرة توتر جديدة يشكل تحدياً جديداً للمجتمع الدولي , خصوصا وأن اللاعب الأساسي فيه هي جبهة البوليساريو , التي استحالت إلى "رأس الرمح" القوي الذي يمكنه في أي لحظة أن يهدد الأمن والاستقرار في منطقة البحر الأبيض المتوسط ككل , بدعوى ضرب مصالح الدول المعارضة للأطروحة الانفصالية في الصحراء , وهو خطر تجاوز مستوى التهديد إلى مستوى تنفيذ عمليات هجومية على دول ذات سيادة . وبالتالي اتضح جليا أن جبهة البوليساريو ليست حركة تحرر وطني كما تدعي , وإنما هي ضمن صراع جيو-سياسي تنفذ مخططاته , ولذلك فهي مستعدة لركوب جميع الخيارات الإيديولوجية "الزائفة" لتحقيق هدف استمرارها كأداة فعالة لتنفيذ المخططات الاستعمارية والتوسعية على حساب الحقوق المشروعة للمغرب في امتداده الصحراوي .
والشيء الذي يدعو للقلق والدهشة في آن واحد , هي الحالة الإنتظارية والترقب التي تسود الجزائر إزاء التهديد الإرهابي في منطقة الساحل على خلفية الأزمة في مالي من خلال إصرارها على الحيلولة دون أي تدخل عسكري في شمال مالي الذي تحتله عناصر "القاعدة في بلاد الغرب الإسلامي" و "حركة التوحيد والجهاد" التي تواصل تجنيد شباب خاضعون للبوليساريو بتندوف على التراب الجزائري , كان جُل ما وعدوا به هؤلاء الفتية هي "أمل العيش في الجنة الموعودة". إن السؤال الذي يطرح نفسه , هو : لماذا ترفض الجزائر , التي تمتلك أحد المفاتيح الأساسية للحل , ولا سيما الحل العسكري , التدخل لصد التهديد الإرهابي في منطقة الصحراء ؟ , ولماذا تم بشكل غريب , شل لجنة الأركان المشتركة ؟ تلك الآلية التي تم وضع تصور لها بالجزائر العاصمة لمواجهة خطر "البلقنة" في المنطقة , والمعروف أن هذه اللجنة المشتركة تجمع العديد من دول الساحل وهي الآن توجد في حالة سبات تام منذ بداية الأزمة في مالي .
(3)
بعد قراءتنا للوضع الراهن ل"جبهة البوليساريو" , ندرك تماما أسباب ودواعي جنوحها في الأمد المنظور . فبالنظر إلى نضوب ينابيع مواردها المالية من فائض المساعدات الغذائية والإعانات المالية التي كان يدرها عليها نظام القذافي سابقا والجزائر وجنوب إفريقيا , نجد أن هذه العوامل تطرح تداعيات حقيقية حول ضرورة إعادة تدبير بوصلة الخط السياسي لجبهة البوليساريو قبل أن تنعطف في اتجاه راديكالي وإرهابي لمليشياته المسلحة . إن هذه المعطيات الجديدة , ذات المنحى الخطير تجعل من المفروض على الدول الإفريقية نفسها التحرك باستعجال لتطويق الخطر الداهم الذي يتشكل في هذه المنطقة , بدءا بالتصدي للأسباب المباشرة التي يستغلها الإرهابيون لممارسة وتوسيع نشاطهم , وفي مقدمتها الصراع حول الأقاليم الجنوبية الذي تخوضه الجزائر ضد المغرب بدعمها للبوليساريو , وما يترتب عن هذا الصراع من غياب التنسيق الأمني ومراقبة الحدود بين دول المنطقة , مما يخلق حالة فراغ أمني وعسكري تستغله تلك العصابات الإجرامية .
إن التفكير في مستقبل تنظيم البوليساريو اليوم تفرضه المتغيرات الدولية والإقليمية وهي مؤشرات لا تبشر واقع المنطقة إقليمياً ومحلياً بالهدوء المنشود , لأن الجبهة وفي ظل تراكم نكساتها الدبلوماسية الدولية والمحلية , من شأنه أن يفجّر الوضع الداخلي للجبهة ولا سيما داخل جناحها العسكري , الأمر الذي يستحيل معه التحكم في الترسانة العسكرية لجبهة البوليساريو , وما يترتب عن ذلك من تحول أعضاء الجيش الصحراوي إلى فلول إرهابية غير منضبطة .
أما عن حالة الجمود الذي تشهده مفاوضات حل النزاع في الصحراء , وانشغال الرأي العام الدولي عن قضية الصحراء بقضايا دولية راهنة , فمن المؤكد أنها ستذهب بهيبة البوليساريو وقيادتها التي باتت توصف ب"الفاشلة" في إدارة قضية الصحراء , يضاف إلى ذلك المطالب الاجتماعية المتنامية , تعتبر كلها أهم فتيل لانفجار البوليساريو من الداخل . وأمام هذا الواقع تتشابك خيوط العمل الدبلوماسي للبوليساريو , مما يعكس انحدار الأداء الدبلوماسي على المستوى الدولي أو المحلي لصالح أصوات باتت تدعو إلى الإسراع بحل النزاع في الصحراء والعيش في ظل نظام مدني وديمقراطي بعيداً عن حالة "اللا حرب واللا سلم" التي تقيم عليها البوليساريو وجودها .
وأمام هذه الوقائع يجدر بنا أن نتساءل عن شرعية هذه المنظمة التي تدّعي تمثيلها للشعب الصحراوي , عن طريق طروحات زائفة مدعومة مسخّرة في خدمة بعض الأجندات التي تسعى لعرقلة التنمية في المغرب . أم أننا في حقيقة الأمر نشهد حالة إفلاس فكري إيديولوجي لأجندات بالية مهترئة ظلّت الجبهة تتمسك بها من منطلق الغاية تبرر الوسيلة . وأخيراً , الم يحن الوقت للعالم أن يؤمن بان النزاع في الصحراء مفتعل من شرذمة خارجة عن القانون ؟ أليس الأدعى أن يتم وضع حد لهذه الخليّة "المارقة" لإرساء دعائم السلم والرخاء في ربوع دول الساحل وجنوب الصحراء ؟ .
MOHAMED MOSA [[email protected]]
////////////
العقد الاجتماعي: الطريق إلى حل المعضلة السودانية؛ 4-6 .. بقلم: أبكر محمد أبوالبشر
في الحلقة السابقة تحدثنا عن مفهوم العقد الاجتماعي، وكيف تطور في عهد فلاسفة التنوير في القرنين السابع والثامن عشر الميلادي. فالعقد الاجتماعي يعني في معناه العام، إبرام اتفاق بين الناس الذين جمعتهم رقعة جغرافية محددة. فيضعون في ذاك الاتفاق الشروط التي تجعلهم يعيشون مع بعض في دولة التعاقد، وهم بذلك يضعون حداً نهائياً لإنتهاك حق البقاء البشري. وبالتالي أصبحت نظرية العقد الاجتماعي من أهم النظريات لبناء الدولة الحديثة. اليوم نقارن الصلة بين مفهومي حق تقرير المصير والعقد الاجتماعي.
مفهومي حق تقرير المصير والعقد الاجتماعي، وأيهما يعود بفائدة أفضل وأشمل للجميع؟:
مما تقدم عن طبيعة نشأة الدولة السودانية، نجد أن المواطنيين الجنوبيين، في مسعاهم لتماسك وحدة البلاد من التفكك المحتمل، ومن منطلق قناعتهم بوحدة وتماسك البلاد التي صنعها الاستعمار، قد بادروا في تقديم حلول عملية ووطنية قابلة للتطبيق وذلك بمطالبتهم بنظام فيدرالي في إطار السودان الواحد، كان ذلك في مؤتمر جوبا الأول الذي انعقد في 12 يونيو 1947م. وكما سبق فإن الصراع السياسي السوداني والذي يمكن أن يلخص بأنه قائم بين الطلب والرفض، قد قاد المعارضة السودانية متمثلة في التجمع الوطني الديمقراطي بأن تتبنى إقرار حق تقرير المصير للمدريات الجنوبية الثلاثة في حدودها الجغرافية 1/1/1956م وذلك في مؤتمر القضايا المصيرية بأسمرا (إريتريا) العام 1995م، وفي شهر نوفمبر من نفس العام تمّ الموافقة على قبول تنظيم التحالف الفيدرالي الديمقراطي السوداني عضواً في التجمع الوطني الديمقراطي، وكان من ضمن شروطه للإنضمام أن يعدل البند الخاص بتقرير المصير ليقرأ كالآتي: "يصبح حق تقرير المصير حق أصيل وأساسي وديمقراطي وقانوني لجميع الشعوب السودانية المطالبة به" هكذا أصبح تقرير المصير حق لكل الشعوب السودانية في تلك الوثيقة التاريخية. كما أن ذات الصراع أجبر الحكومة السودانية بأن توافق على إقرار حق تقرير المصير في اتفاقية السلام الشامل في يناير 2005م، وبموجب هذه الاتفاقية تم تفكك السودان إلى دولتين في التاسع من يوليو العام 2011م.
في هذا المنحى نود أن نقارن بين مفهومي حق تقرير المصير والعقد الاجتماعي. أولاً، حق تقرير المصير، هو مصطلح في مجال السياسة الدولية والعلوم السياسية، يشير إلى حق كل مجتمع ذات هوية جماعية متميزة، مثل شعب {الميدوب} أو مجموعة عرقية متميزة مثل {النوبة في منطقة جبال النوبة} أو غيرهما، بتحديد طموحاته السياسية، ومن أجل تحقيق ذلك يتبنى المجتمع المعني، النطاق السياسي المفضل والمناسب لبيئته في إدارة حياة المجتمع اليومية. يتم ممارسة هذا الحق بحرية تامة دون تدخل خارجي أو قهر من قبل أية شعوب خارجية أو منظمات أجنبية. وبالتالي فإن حق تقرير المصير ومن منطلق السياق القانوني، هو مبدأ في القانون الدولي الذي أقره ميثاق الأمم المتحدة، وفي ذلك أن لجميع الشعوب الحق في تقرير مصيرها. هنا نلاحظ أن إحدى مواد القانون الدولي تنص على أنه "لجميع الشعوب حق تقرير مصيرها بنفسها، وهي بمقتضى هذا الحق حرة في تقرير مركزها السياسي وحرة في السعي لتحقيق نمائها الاقتصادي والاجتماعي والثقافي الذاتي". الجدير بالذكر أن مفهوم تقرير المصير، قد تجسد أولاً في إعلان الاستقلال الأمريكي في العام 1776م، ثم في الإعلان الفرنسي لحقوق الإنسان في العام 1789م.
الشاهد في الأمر، أن تقرير المصير يعمل على تصحيح أوضاع سياسية وإدارية غير متفق عليها من جميع الشعوب في دولة قائمة - السودان نموذجاً. وتصحيح الأوضاع هذه، تحتمل عدة نتائج عندما تُمَارس مفهوم حق تقرير المصير، من ضمنها (أ) الاستقلال التام، أي إنشطار القطر الواحد إلى عدة دول فيصبح كل قطر ذات سيادة مستقلة تماماً عن الآخر، كما حصل في السودان في شهر يوليو العام 2011م. أو (ب) أن تكون النتيجة اتفاق في شكل نظام الحكم، مثل اتحاد فيدرالي/كنفدرالي. أو (ج) حماية دولية لإقليم ما في إطار الدولة الموحدة. مثال لذلك، وإستناداً على القانون الدولي الخاص بحماية الأقليات، أن يطلب شعب منطقة جبل ميدوب الواقعة في أقصى شمال غرب إقليم دارفور، حماية من الأسرة الدولية بمقتضاها تطاح لهذا الشعب المجال في الحفاظ على الإرث الثقافي الموروث، وتسمح له بتحقيق تنمية محلية على النحو الذي يراه مناسباً لمنطقته. كما يحق لهذا الشعب أن يشارك في إدارة شئون الدولة على المستوى القومي، في مثل هذه الحالات يكون لهذا الشعب حق النقض (الفيتو) لأية سياسة حكومية مركزية، إذا ما تعارض ذلك مع روح إتفاقية الحماية الدولية. أو (د) أن تقام وحدة كاملة بين المركز والأقاليم الحاملة للسلاح – مثال شعوب دارفور أو كردفان أو جنوب النيل الأزرق أو الشرق أو أقصى الشمال. على أية حال، الهدف الرئيسي في ممارسة حق تقرير المصير أن يعم السلام لهذه المجتمعات، سواءً أبقوا في دولة واحدة أو تفتتوا إلى عدة دول. لكن يبقى القاسم المشترك بين مفهومي العقد الاجتماعي وتقرير المصير، أن أفعالهما هي من صنع شراكة كل الناس في البلد/الإقليم المعني. والهدف السامي منهما هو تنظيم حياة الناس السياسية والاقتصادية والاجتماعية على النحو الذي يرضونه بمطلق حريتهم دون أن تفرض عليهم جهة ما أشياء خارجة عن إرادتهم.
ومن جانب آخر، فإن مفهوم العقد الاجتماعي كما سبق، يعني في معناه العام، إبرام اتفاق بين الناس الذين جمعتهم رقعة جغرافية محددة، بموجبه يتحدون ويكونون هيئة معنوية لإدارة الإرادة العامة، أي الدولة، يصبحون رعاياها ومواطنون فيها، ويتساوون فيها في الحقوق والواجبات. فالعقد الاجتماعي يخص كل شعوب وأقاليم الوطن الواحد، وليس قاصراً على فئة محددة في المجتمع أو إقليم بعينه ذات هوية متميزة، كما هو الحال في عملية ممارسة حق تقرير المصير التي طبقها شعوب جنوب السودان لوحدها دون سائر شعوب السودان الأخرى، أو الشعوب الإريترية بمعزل عن الشعوب الإثيوبية. لهذا فإن حاجة المجتمع إلى السلطة الحاكمة أو الدولة، هي الحاجة للمحافظة على الحياة والحرية والملكية، وهي حقوق مهددة بالتعدي، والعقد في طبيعته هو تنظيم للحرية والملكية بالقانون.
فالشعوب التي تعاني من النزاعات المتواصلة، تصل إلى قناعة أن وحدتها مسألة حتمية لحماية مصالحها الاقتصادية والأمنية على وجه الخصوص. وإذا توقفنا عند تجربة السودان الحالية، يبدو جلياً أن حكومة الجبهة الإسلامية الحالية قد سارعت وأوصلت جميع فئات الشعوب السودانية في طول البلاد وعرضها، إلى أن سبل عيشها على المستوى الشخصي محددة بالإنقراض، وأن سلامة أمنها على المستوى الفردي أصبحت غير متوفرة في الريف والحضر على حد سواء، فحاجة الناس، كل الناس إلى الأمن والحرية والحفاظ على أملاكهم هي التي تفرض عليهم السعي الجاد للعقد الاجتماعي. فحالة السودان هذه شبيهة للحالات التي كانت سائدة في أوروبا في عصر فلاسفة التنوير والتي قادت إلى إقامة دول التعاقد، ومن ثَمّ الاستقرار السياسي والتنمية الاقتصادية والاجتماعية في دول غرب أوروبا وأمريكا الشمالية. لهذا فإن الظرف الحالي في السودان أنسب من أي وقت مضى لإقامة دولة التعاقد الاجتماعي، إذ أن مثل هذه العملية من شأنها أيضاً أن تستصحب معها بوادر رتق النسيج الاجتماعي السوداني الذي بات يتفكك يوماً بعد يوم.
من هذا المنطلق، واضح جداً أن العقد الاجتماعي أوسع منظوراً من تقرير المصير، إذ أنه يمثل أهم النظريات التي ظهرت حتى الآن بشأن تأسيس الدولة، لهذا فإن الدول التي نشأت عن طريق ممارسة حق تقرير المصير وانفصلت عن الدولة الأم، مثل دولة جنوب السودان، هي أيضاً في حاجة ماسة لعملية العقد الاجتماعي، لتتمكن كل فئات مجتمع الدولة الحديثة من ممارسة حقها السيادي في تفصيل مفاصل دولتها الحديثة.
هناك بعض المسائل التي قد تعيق سلاسة سير عملية التعاقد الاجتماعي، لما تحتوي هذه المصطلحات من تفسيرات غير متفق عليها، فبالرغم من أن حلولها الجذرية تكتمل في عملية العقد الاجتماعي، إلا أن فتح باب النقاش حولها الآن، للوصول إلى تفسيرات ومعاني متفق عليها بطرق موضوعية تعد أمراً ضرورياً من أجل إتمام عملية التعاقد الاجتماعي بسهولة ويسر عندما يجلس الشركاء لذلك. فعلى سبيل المثال، نذكر من ضمن هذه المسائل، مفهوم العلمانية، والهوية القومية، والنسيج الاجتماعي السوداني. فقد رأينا كيف أن الثورات المطالبة بالحريات وبالحقوق الأساسية للإنسان، قد أدت إلى قتل عدد من الملوك الذين كانوا يتمتعون بحق الملوك الإلهي ويؤسسون لحاكمية الدين. وبما أن مصطلح العلمانية أو الهوية القومية أو غيرها من المصطلحات التي هي من ضمن القضايا الدستورية الخلافية في وسط المجتمع السوداني، فلا بأس أن نقدم هنا بعض التوضيحات المختصرة لها لتسهيل توضيح مفهوم العقد الاجتماعي الذي نحن بصدده الآن.
نواصل ......
[email protected]
مانشستر "المملكة المتحدة"، الأحد، 26 مايو/أيار، 2013م.
//////////////


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.