مآسي هذا البلد لاتقتصر على الواقع السياسى المأزوم .. ولاتقف عند مفترق طرق التردي الإجتماعي .. ومرثية شأننا الحياتى العام سارت به الركبان .. فعلى مدى ربع قرن ونحن نفتقد مؤسساتنا التى بذل شعبنا من اجلها الغالى والرخيص لتمثل نهضة صناعية او قل نواة لهذه النهضة .. ولكنها تفلتت واحدة اثر اخرى ..فالخطوط الجوية السودانية ناقلنا الوطنى ، وهيئة السكة حديد والنقل النهرى.. وهيئة الطيران المدنى .. والخطوط البحرية السودانية ، ومشروع الجزيرة ..وغيرها .. كلها قد ذهب بها بؤس التخطيط الإقتصادى وقذف بها الى خزائن من يدفع ويدفع .. ليذهب عمالها المهرة ومهندسيها وادارييها وعلماؤها ومن صرف على تاهيلهم شعبنا دم قلبه ..الى المنافي هدية من حكومتنا- عفا الله عنها - الى حكومات تشتري علمهم وخبراتهم وقدراتهم .. وشعبنا وهو يرنو لما يجرى فى بلاد الاعاجيب ويعض اصابعه غيظاً .. والحكومة تسد واحدة بطينة والثانية بعجينة..والان ينضم الى مسيرة التفكيك د. مصطفى عثمان اسماعيل ، كأنه لم يرى نتائج الخصخصة التى وأدت مؤسسات جبال النوبة ، النيل الابيض ، النيل الازرق ومشروع الكناف بابو نعامة ، وكيف خرج المزارعون فى هذه المشاريع من دائرة الانتاج الى دوائر ماقبل الموت.. وهاهى لجنة الصناعة بالبرلمان تجدد تحذيراتها من بيع مصانع السكر. ومايترتب على ذلك من تشريد للعاملين ونسف للجهود الجارية لحل مشاكل القطاع ، مؤكدة ان عدم توافر اموال الصيانة احد اكبر المشاكل التى تواجه مصانع السكر (واشارت) الى ان المصانع هى ملك لأهل السودان وينبغي ان يكون التعامل معها بشفافية..ومن هنا يدخل تصريح وزير الاستثمار ببيع مصانع السكر الى مرابع ازمة جديدة تضاف الى الازمات الاخرى..ولم يكتف د. مصطفى ببيع اراضى الولاية الشمالية التى بيعت بضبابية لا احد يعلم ماانطوت عليه من شروط .. والرجل من موقعه لم يدفع باتجاه البحث عن شركاء استراتيجيون يساهمون فى اعادة نهضة هذه المشروعات التى ورثتها الانقاذ عن عهود سابقة ، واليوم لم تكلف نفسها حتى عناء اعادة نهضتها انما اطلقت يد طبيب الاسنان فيها ليختار الطريق الأسهل ببيعها وخلعها من حياة الشعب السودانى كأي ضرس معطوب ..ثم ماهى دراية د. مصطفى عن آثار بيع المصانع الحكومية فى دولة فقيرة الى شركات اجنبية ؟!اليس هذا نوع من (سحر العيون ) عندما تضارب الشركات فى سلعة السكرلتحصل على الأرباح ؟ وعندما ترتفع تكلفة الإنتاج ويكون سعر السكر المستورد ارخص من المنتج محلياً ؟ الايعنى هذا مزيدا من الإفقار وإهلاك المواطن وخلق تنمية غير متوازنة؟!قد نفهم ان مناخ الاستثمار فى بلادنا لايشجع مستثمرا للولوج فيه فى ظل عدم الإستقرار الذى نعيشه ، وقد نفهم ان بيوت االتمويل الدولية تتحفظ على ان تمول الحكومة السودانية لتعثر السداد..قد نفهم هذا وغيره .. اما مالن نستطيع فهمه ان يكون البيع هو الحل ..فاذا عجز التخطيط الاقتصادى عن ان يوجد مخرجاً لصناعة السكر فان عباقرة الاقتصاد فى هذه البلاد مااكثرهم اذا اعطتهم الحكومة المجال او اكرمت شعبنا بالرحيل من حياتنا..ولطالما الحكومة تصر على ان يكون الطبيب وزير زراعة والزراعيون يلعبون السيجة ..وطبيب الأسنان وزير استثمار والإقتصاديون يلعبون الشطرنج .. واذا كانت الحكومة تصر على ان تضع الرجل فى المكان غير المناسب ..فماذا نتوقع غير بيع المصانع والمستشفيات والشعب نفسه .. وننتظر من البرلمان فى هذه المرة ان ياخذ موقفاً حاسما حتى لاتمر كارثة بيع مصانع السكر ..نامل ان يؤدى البرلمان هذا الدور عساه يكفر عن ( تصفيقه ) لميزانية على محمود التى تقف غصة فى حلق شعبنا حتى يومنا هذا ..د.مصطفى عثمان ان لم يكن عندك حلاً غير البيع ..فنقول لك :ارحل .. او ارحلوا.. وسلام ياوطن سلام يا .. سياسة الأطراف تؤتى ثمارها تعذيباً للمواطن ..مدير مستشفى البان جديد يبلغ اخصائى الجراحة د.صبري فخري بالغاء لستة عمليات الجراحة لعدم وجود طبيب عمومى ، وبروف حميدة : يقول لدينا فائض فى عمالة الاطباء وهجرتهم لاتزعجنا..يا اهل الأطراف جلداً ( ماطينة ولاتينة ولازيتونه جُرفيهو الشوك) وسلام يابروف.. جريدة الجريدة haider khairalla [[email protected]] /////////////