أخيرا لبست الخرطوم (حلة) خضراء زاهية في كثير من مناطقها السكنية الداخلية والمتاخمة لشريط النيل الأزرق والنيل حيث كان من المفروض {ونحن البلد الزراعي الغني بموارده من المياه العذبة والأرض الخصبة} ان تكون المساحات والساحات الخضراء قد احتلت حيزا كبيرا من مساحة الأراضي المخططة للسكن، وهي (ملاذ) نفسي يلجأ اليه المواطن والسكان بحثا عن الراحة النفسية والسكينة والهدوء، لكي يروح عن نفسه وينسى هموم الدنيا التي اطبقت عليه من كل ناحية. ومعروف بالطبع تأثير (الخضرة) على بني البشر، فهي كما يقال ضمن الثالوث (السحري) الذي يذهب الحزن ويدخل الاطمئنان والسرور على النفوس و (يصرع) الرتابة ولو الى حين. لقد تخللت الأراضي السكنية حسب الخطط الموضوعة (ميادين) الغرض منها أن تكون ساحات خضراء تتنفس فيها بيوت الحي ويلتمس سكانها فيها الراحة والهدوء ويلجأ اليها الأطفال مرتعا خصبا للعب والترفيه، ولكن للأسف تم (اغتصاب) تلك المساحات بدافع الجشع وتحولت في لمح البصر الى قطع سكنية، خنقت تلك المناطق المخططة وشوهت صورتها. من حسنات ولاية الخرطوم تخصيصها لتلك المساحة (المعقولة) لتكون ساحة خضراء تهوي اليها العديد من أفئدة الناس التماسا للهدوء والراحة ولكي تكون ملتقى للأسر وأطفالها، مكانا مريحا للسمر والراحة، هروبا من (كتمة) الأحياء والبيوت المكدسة و (سموم) الصيف القاتل. وقد لقت هذه الخطوة استحسانا وقبولا منقطع النظير من المواطنين بدليل وجود تلك الأعداد الكبيرة من الأسر والأفراد الباحثين عن متنفس ومتنزه لهم ولأطفالهم، لا سيما في أمسيات عطلة نهاية الأسبوع، كما أن توفير مضمار لممارسة رياضة الركض أو المشي قد كان له كبير الأثر في استقطاب العديد من الجمهور (الرياضي) من الجنسين الى مساراته المتعددة التي جمعت كل الأعمار بمن فيهم كبار السن الذين يودون ممارسة المشي في مكان (مغلق) ومأمون بعيدا عن المخاطر التي تهدد سلامتهم في الطريق العام، فضلا عن عودام السيارات التي تلفظ الغازات الملوثة للأجواء المجاورة لها، وقد وفرت لهم تلك الساحة الأجواء (النظيفة) المأمونة. وهناك العديد من المسائل التي تقتضي مساهمة الجمهور فيها لكي تحافظ على تلك (الثروة) القومية التي تعتبر ملكا عاما للجميع، مثل الحفاظ على النظافة العامة للساحة ومراعاة شعور الأخرين من حيث المظهر والسلوك الحضاري العام والتقيد بالتعليمات والقواعد والتوجيهات والارشادات المعلنة التي تتبناها ادارة الساحة. وقد تشكل الساحة أو تعطي فرصة طيبة لهيئة ترقية وتطوير السلوك الحضاري (لا سيما في الحدائق العامة ومناطق تجمع الجمهور) لكي تثبث وجودها عن طريق بث أعضاء من الهيئة في نواحي ومناطق الساحة لكي يضطلعوا بدورهم الهام في (تثقيف) الجمهور في محاولة لرفع الوعي العام الخاص بالتعامل في مثل تلك الأماكن العامة وكذا ترقية السلوك الحضاري الذي ينبغي أن يسود في مثل تلك الأماكن العامة التي يرتادها الجمهور من كافة فئاته. ولكي تكون الساحة جاذبة بشكل أكبر نأمل أن تعمل ادارة الساحة على تسهيل دخول أفراد الجمهور وتخصيص تذاكر بسعر مخفض للعائلات (مع مراعاة الفئات العمرية والأطفال) لرواد الساحة. وتخصيص صندوق لاقتراحات الجمهور من أجل تحسين وتطوير الساحة. ونأمل من سلطات الولاية أن تعمل على تعميم نفس الفكرة على العديد من مناطق وأحياء العاصمة المثلثة في سبيل ترقية الجوانب الترفيهية وتوسيع رقعة الساحات الخصراء لما في ذلك من تأثير ودور كبير على النواحي الجمالية لعاصمتنا العريقة. alrasheed ali [[email protected]]