مؤسس حزب الغد في مصر ، المدعو " أيمن نور" هو صحفي عمل سكرتيراً لتحرير صحيفة "الوفد" في الثمانينات ، حين كان الراحل مصطفى شُردي ، أحد قادة حزب الوفد المصري رئيساً لتحريرها ، وكان أيمن يسمي نفسه ب(العصفورة) ، وهو بهذه الصفة ، فهو ليست له أي علاقة بالسياسة ، ولا وزن في صفوف حزب الوفد العريق الذي أسسه الزعيم الوطني سعد زغلول ، وضم عبر تاريخه الطويل قامات وطنية كبيرة مثل فؤاد سراج الدين باشا وشقيقه ياسين سراج الدين . غير أن أيمن نور قفز فجأة داخل الساحة السياسية المصرية حين شكل مع زوجته الإعلامية التي انفصل عنها قبل سنوات قليلة إثر تنازع على زعامة حزب الغد ، وامتد إلى تنازع رعاية أبنائهما ، وصدر حكم قضائي ضده بإقصائه عن رئاسة الحزب . وقاده طموحه الجامح إلى الترشح ضد الرئيس المخلوع حسني مبارك ،في الانتخابات الرئاسية الأخيرة قبل سقوط نظام مبارك ، وكان أيمن يعرف بأنه ليس الشخص الذي يمكن أن يتقلد هذا المنصب في دولة كبيرة مثل مصر ، إلا أن رغبته في بناء مجد سياسي وشخصي كانت دافعه للترشح إذ لم يكن يملك أية مؤهلات ، ولا تاريخ أو تجربة سياسية لملء المنصب الأكبر منه ومن مؤهلاته المتواضعة ، ورغم أن حزبه (الغد) هو حزب صغيرٌ لا يملك شعبية ولا قاعدة سياسية تمكنه من ولوج ساحة أكبر منه حجماً وإمكانات ، فقد أصبح واحداً من قيادات العمل السياسي بعد الثورة حيث قام بتغيير أسم الحزب إلى (غد الثورة) تماشياً مع أجواء الثورة التي عمت مصر . قصدنا بهذا الاسترسال في تسليط الأضواء على خلفية أيمن نور ، صاحب فضيحة الاجتماع (السري/العلني) والذي عقده الرئيس المصري محمد مرسي مع عدد من القيادات السياسية ومنظمات المجتمع المدني ، لمناقشة تداعيات (سد النهضة) الأثيوبي ، والذي أثار هلعاً وزوبعة إعلامية مصرية عارمة ، وكان لأيمن نور القدح المعلى من رذاذ تلك الفضيحة ، حيث طالب في الاجتماع ب(إطلاق إشاعة) عن شراء مصر لطائرات وأسلحة جديدة ، بقصد إخافة أثيوبيا لتتراجع عن المضي في بناء السد ، وزاد على ذلك بمطالبة الحكومة المصرية ب(تحريك ودعم المعارضة الأثيوبية داخل بلدهم ) لخلق حالة من عدم الاستقرار والزعزعة لأمن الدولة الأثيوبية ... قصدنا من ذلك ،كشف حقيقة الرجل، وتواضع تاريخيه السياسي ، وسذاجة رؤيته في الإسهام بتصور لحل مشكلة السد ! وبعد هذه القنابل الدخانية التي فضحت مدى جهله السياسي وسذاجة يُحزَن لها ، أنبرى بعدها في ذات الاجتماع ، لتوجيه سهامه الصدئة للسودان حيث وصف موقفه من قضية السد ب(المقرف) ، وهو رأي أجمعت عليه كل القوى السياسية المصرية والإعلامية التي تعودت على تبعية الحكومة السودانية للجانب المصري في موضوع تقسيم مياه النيل ، لدرجة أن مسؤولين مصريين كباراً ظلوا يتحدثون نيابة عن السودان وباسمه دون أن يخولهم أحدٌ بذلك عبر وسائل الإعلام، بل وحتى في اللجان المنوط بها دراسة هذا الأمر الحيوي والهام ، دون مراعاة لأبسط قواعد البروتوكول والتعامل بندية ، وحسب ما تقتضيه المصالح الذاتية والسيادية لكل دولة في مجموعة دول حوض النيل ، وهو ما أدى إلى تصنيف السودان داخل هذ المنظومة ،كدولة تقف في مواجهة بقية دولها الموقعة على اتفاقية عنتيبي التي هدفت إلى إعادة توزيع حصص المياه بنسب عادلة حسب مقتضيات المرحلة ، وظروف التنمية وحقوق شعوب هذه الدول في مستقبل يراعي حقوقها والتزاماتها المستقبلية ، ويرى البعض موقف بلادنا في هذه القضية ،انحيازاً وتبعية للموقف المصري دون أن يكون للسودان خيار غير هذا الموقف حسب تقدير واضعي السياسات المائية في مصر ، وهو ما صدم أيمن نور وبقية السياسيين الذين توقعوا أن يظل السودان مؤيداً وداعماً لموقف بلادهم على مبدأ( أنصر مصر ظالماً ومظلوماً) ! بعد أسبوع من الاجتماع الفضيحة الذي كان منقولاً على الهواء مباشرة في قنوات التلفزيون المصري رغم سريته ولم يكن أحدٌ من المشاركين فيه بما فيهم الرئيس مرسي يعرف بأن ما يقوله منقول للعالم بالحرف الواحد دون أن يدروا ... ظهر أيمن نور في برنامج (الساعة العاشرة) الذي يقدمه الإعلامي وائل الأبراشي مساء يوم الجمعة الماضي ، حيث قدم اعتذاره للسودانيين حين سأله الأبراشي عما قاله في ذلك الاجتماع عن السودان . وأدعى أيمن أنه يكنُ للسودان والسودانيين كل التقدير والمحبة ، ذاكراً بأنه (إتحادي) الهوى ، ولا نعرف إن كان يقصد (اتحادياً ) يتبع الميرغني ، أو اتحادياً نسبة لاتحاد بين مصر والسودان ؟ وبعد أن قدم اعتذاره للمرة الثانية ، فجر (قنبلته) الصاعقة حين ذكر أنه (لديه شركة في السودان ، هو رئيس مجلس إدارتها) ، وباغتنا باعتراف آخر بقوله أن لديه (مكتباً للمحاماة) في السودان ! لقد قدم هذا الدعي لشعب السودان الذي (شتمه) في الاجتماع المغلق ، هدية باعترافه بوجود (بزنس) له في بلدنا الهامل (!) ، أي أنه صاحب مصالح تجارية ومالية في بلدنا ( المقرف) حسب تعبيره ، ومع هذا ، فهو لا يتوانى عن شتم الذين أكرموه وسمحوا له بتأسيس شركات تجارية ومكاتب محاماة تدرُ عليه أموالاً (هاملة) من جيب وعرق شعب السودان المقرف ، وبذلك يكون المدعو أيمن نور هذا ، قد (عضَ اليد التي تطعمه) ، وسبَ الشعب الذي سمح له بإقامة مشروعات تجارية على أرضه . ومثله ، وقبله فعل الممثل المسرحي والسينمائي أحمد آدم حين استهزأ بالسودان ، وعايرنا بسواد بشرتنا ، بل امتدت سخافته لتنال من رئيس الدولة ، ولم يجد لمن يتصدى له في أي جهاز إعلامي أو من المسؤولين الذين يصدعوننا صباح مساء بغثائهم عن الوطنية وحب الوطن والدفاع عنه . وآخر ما أبتدعه بعض المصريين ، النكتة المتداولة على مواقع الانترنت ، والتي تقول (إذا كان حد مفتكر إنه مرسي ينفع يحكم مصر، فذلك معناه أنه كريمات تفتيح البشره تنفع في السودانيين) ، ونحن وإن كُنا لا نبالي بمثل هذا الهُراء ولا نعيره أدنى اهتمام ، ونفخر بلون سحنتنا التي يحاولون معايرتنا به ، إنما ننقلها هنا حتى يرد من يستطيع منا كلٌ بطريقته ،على كل من يتطاول أو (يقل أدبه) في حق شعبنا وبلدنا . ونحن نعتز بسوادنا وسُمرتنا ولوننا (الأخدر) وإن كان لا يعجبهم . وختاماً ، فنحن لا نراهن على موقف الحكومة السودانية مثقال ذرة من خردل في الرد على هذه الحملات السخيفة ، كما لا نطالبها ب(بإغلاق) مقرات أيمن نور في بلادنا ، لأنها ببساطة لن تجرؤ على خطوة كهذه ، وهي التي سكتت عن المطالبة باسترداد (حلايب وشلاتين) وقريتي (أرقين) المحتلة منذ سنوات من قبل مصر . ولكن أقصي ما يمكن أن نقوم به كسودانيين نعتز بكرامتنا ووطننا ووطنيتنا، ولا نقبل من أمثال أيمن نور أو غيره اعتذاراً ولو قبل (رؤوسنا أو أحذيتنا) ، لهو أن نحرض على أخذ المبادرة بأنفسنا لإغلاق مقر شركة ومكتب المحاماة التابعين لأيمن نور في الخرطوم وبالقوة ، كرد فعل شعبي وطبيعي ، ثأراً لكرامتنا المنتهكة ، وكصفعة في وجه هذا الدعي وأمثاله لعلهم يرتدعون أو يثوبوا إلى رشدهم إن كان لهم رشد . ونقول بالفم الملآن والصوت العالي ، إن التقاعس والتخاذل عن الرَد على أمثال هؤلاء من بعض سياسي وإعلاميي مصر، قد أورثنا المهانة والذل ، وتصعير الخد الأيسر لمن يصفعنا ليفعل ذلك على الخد الأيمن ،أو حتى على (قفانا) على قول المصريين . كما أن التنازل بإدعاء الطيبة أو ب(عدييها ومشييها أو ما تبقى حساس) يشجع أمثال أيمن الذي لا يساوي (جناح بعوض) عندنا ، على التطاول والتمادي في الإساءة إلى بلدنا وشعبنا . وقديماً قال أسلافنا : (الأضينه ، دُقو واعتذرلو ) ، وينبغي على الآخرين أن يعرفوا حدود قلة أدبهم وتطاولهم واستعلائهم الفارغ ، وقبل ذلك بأننا لسنا (أضينات) منير حسن [[email protected]] /////////////