Faisal Addabi [[email protected]] ورد في الأخبار العالمية أنه بعد أيام من الكشف عن برنامج بريزم التابع لوكالة الأمن القومي الأمريكية ، والذي يُعتبر أكبر برنامج تجسس في العالم والذي يمكنه الحصول على أي معلومات عن مستخدمي شركات الإنترنت المختلفة كالفيس بوك، تويتر، جوجل ، يوتيوب وغيرها، ظهر إدوارد سنودن ، الذي كان يعمل مساعداً فنياً لوكالة المخابرات المركزية وأعلن مسؤوليته عن تسريب الوثيقة التي تثبت وجود البرنامج وتثبت تورط شركات ودول كبرى فيه! وقد ورد في بعض أقوال سنودن (أن البرنامج يمثل تهديداً وجودياً للديمقراطية ويعتقد أن ما قام به هو واجب مدني وأنه لا يرغب في العيش في مجتمع لا مجال فيه للخصوصية، فالحكومة الأمريكية -من وجهة نظره- قد منحت نفسها سلطة ليست من حقها وانتهكت خصوصية المواطنين الأمريكيين)! ظهر الرئيس الأمريكي اوباما ودافع عن برنامج التجسس الأمريكي بتصريح مفاده أن المكالمات الهاتفية للمواطنين الأمريكيين هي التي تخضع للمراقبة بموافقة من الكونجرس الأمريكي وأن الهدف هو رصد والتقاط وتسجيل مكالمات الارهابيين وفحصها واستخدامها بعد الحصول على إذن قضائي لأغراض حماية الأمن القومي الأمريكي وأن المواطنين الأمريكيين لا يخضعون لبرنامج بريزم المستخدم للرقابة على الانترنت في جميع المواقع الالكترونية العالمية بقصد حماية العالم الحر من الارهاب العالمي. من المؤكد أن فضيحة بريزم هي أخطر بكثير من فضيحة ويكيليكس لأن فضيحة ويكيليكس اقتصرت على إفشاء معلومات تتعلق بجرائم الحرب المروعة التي ارتكبت أثناء احتلال العراق من قبل قوات حلف الناتو الغربي، بينما تتعلق فضيحة بريزم بإفشاء معلومات عن وضع العالم كله تحت رقابة الشرطة السرية الأمريكية بمساعدة دول ومواقع الكترونية دولية من المفترض قانوناً أن تقوم بحماية معلومات مواطنيها أو مستعملي خدماتها علماً بأنه من المستحيل عملياً الاتفاق على تعريف للإرهاب ، فمقاتلو حركة طالبان كانوا يعتبرون في نظر أمريكا مقاتلين من أجل الحرية حينما كانوا يقاتلون الاتحاد السوفيتي ، وتحولوا الآن إلى إرهابيين في نظر أمريكا بعد أن أصبحوا يقاتلون حلف الناتو الغربي، كذلك فإن معظم شعوب العالم تنظر للمقاتلين الفلسطينيين كمقاتلين من أجل التحرر من الاحتلال الاسرائيلي بينما تصنفهم أمريكا كإرهابيين! لقد أثارت فضيحة بريزم ، التي فجرها إدوارد سنودن، انقساماً كبيراً في المجتمع الأمريكي، فكثير من المواطنين الأمريكيين ومواطني الدول الأخرى ، يعتبرونه بطلاً عالمياً دافع عن حرية العالم بأسره عندما كشف للعالم أكبر برنامج تجسس عالمي على مر التاريخ البشري وكشف تناقض الحكومة الأمريكية التي تنادي بحماية الحريات الفردية في دستورها وتتجسس على جميع مواطني العالم عبر وضعهم تحت رقابة استخباراتها السرية ، لكن كثير من المواطنين الأمريكيين وغيرهم من مواطني دول العالم الأخرى يعتبرون إدوارد سنودن خائناً لوطنه وأنه ارتكب جريمة فدرالية خطيرة هي جريمة إفشاء معلومات رسمية سرية ويبررون وجود برنامج التجسس الأمريكي باعتباره الوسيلة العملية الوحيدة لمحاربة الارهاب العالمي! لقد اختفى إدوارد سنودن كالشبح في فندق في هونج كونج كما يُقال وسيبدأ جهاز الاستخبارات الأمريكي وجميع أجهزة الاستخبارات العالمية الموالية له في مطاردته من أجل إلقاء القبض عليه ومحاكمته وسجنه بينما ستسعى جميع أجهزة الاستخبارات العالمية المعادية أو المنافسة لأمريكا إلى إخفائه والاستفادة من هذا الشاهد العدائي الأمريكي الذي شهد على أهله ولسان حاله يردد مقولة أحد اشهر السياسيين الأمريكيين : إن أي شعب يضحى بالحرية من أجل الأمن لا يستحق الأمن ولا يستحق الحرية!