نائب وزيرالخارجية الروسي نتعامل مع مجلس السيادة كممثل للشعب السوداني    السودان..توجيه للبرهان بشأن دول الجوار    شاهد بالفيديو.. الفنانة ندى القلعة تواصل دعمها للجيش وتحمس الجنود بأغنية جديدة (أمن يا جن) وجمهورها يشيد ويتغزل: (سيدة الغناء ومطربة الوطن الأولى بدون منازع)    شاهد بالصور.. بالفستان الأحمر.. الحسناء السودانية تسابيح دياب تخطف الأضواء على مواقع التواصل بإطلالة مثيرة ومتابعون: (هندية في شكل سودانية وصبجة السرور)    شاهد بالفيديو.. الفنانة هدى عربي تدشن أغنيتها الجديدة (أخوي سيرو) بفاصل من الرقص المثير ومتابعون: (فعلاً سلطانة)    شاهد بالفيديو.. الفنانة هدى عربي تدشن أغنيتها الجديدة (أخوي سيرو) بفاصل من الرقص المثير ومتابعون: (فعلاً سلطانة)    تجارة المعاداة للسامية    يس علي يس يكتب: روابط الهلال.. بيضو وإنتو ساكتين..!!    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الأحد    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الأحد    جبريل إبراهيم يقود وفد السودان إلى السعودية    سرقة أمتعة عضو في «الكونجرس»    رئيس حزب الأمة السوداني يعلق على خطوة موسى هلال    بايدن منتقداً ترامب في خطاب عشاء مراسلي البيت الأبيض: «غير ناضج»    الانتفاضات الطلابية مجدداً    استجابة للسودان مجلس الأمن يعقد اجتماعا خاصا يوم الاثنين لمناقشة العدوان الإماراتي    تدمير دبابة "ميركافا" الإسرائيلية بتدريب لجيش مصر.. رسالة أم تهديد؟    بالفيزياء والرياضيات والقياسات العقلية، الجيش السوداني أسطورة عسكرية    دبابيس ودالشريف    أسامة عبد الماجد: مُفضِّل في روسيا.. (10) ملاحظات    حسين خوجلي يكتب: البرهان والعودة إلى الخرطوم    بمشاركة طبنحة و التوزة...المريخ يستأنف تحضيراته    محمد صلاح تشاجر مع كلوب .. ليفربول يتعادل مع وست هام    شاهد بالصورة.. بعد أن احتلت أغنية "وليد من الشكرية" المركز 35 ضمن أفضل 50 أغنية عربية.. بوادر خلاف بين الفنانة إيمان الشريف والشاعر أحمد كوستي بسبب تعمد الأخير تجاهل المطربة    قوة المرور السريع بقطاع دورديب بالتعاون مع أهالي المنطقة ترقع الحفرة بالطريق الرئيسي والتي تعتبر مهدداً للسلامة المرورية    محمد الطيب كبور يكتب: السيد المريخ سلام !!    لماذا لم تعلق بكين على حظر تيك توك؟    السينما السودانية تسعى إلى لفت الأنظار للحرب المنسية    ب 4 نقاط.. ريال مدريد يلامس اللقب 36    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    الأهلي يعود من الموت ليسحق مازيمبي ويصعد لنهائي الأبطال    سوق العبيد الرقمية!    أمس حبيت راسك!    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    لطرد التابعة والعين.. جزائريون يُعلقون تمائم التفيفرة والحلتيت    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    حدثت في فيلم كوميدي عام 2004، بايدن كتبوا له "وقفة" ليصمت فقرأها ضمن خطابه – فيديو    الملك سلمان يغادر المستشفى    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    صلاح السعدني ابن الريف العفيف    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



باى حق حزب سياسي يمول نفسه من المال العام .. بقلم: النعمان حسن
نشر في سودانيل يوم 02 - 07 - 2013

لماذا يجمع مسئول بين اكثر من وظيفة ومرتبه عن الوظيفة الواحدة يكفى تعيين مائة عاطل اكفأ منه
فساد النظام المالى اشد خطرا من الفساد الشخصى
المنظمات الخيرية هى مساهمة اهلية للعمل العام كيف تدعم من الخذينة العامة
الجزء الرابع من الحلقة الاخيرة
النعمان حسن
تناولت فى الاجزاء السابقة من الحلقة الاخيرة موضوع الاجراءات التى تتطلبها المرحلة كاجراءات عاجلة لرد الاعتبار للجنيه السودانى فى مواجهة الدولار باعتباره اول معيار للانحياز للمواطن السوداني والذى سينعكس تلقائيا فى تحسن اوضاعه الحياتية وان كان ذلك خصما على مظاهر البهرجة التى ستتاثر بتراجع قيمة الدولار وهو ما يؤثر سلبا على الطبقة التى ميزت نفسها واثرت ثراء فاحشا وتعيش حياة سافرة فى الترف على حساب المواطن الذى دفع ثمن ثرائها معاناة فى كل اوجه حياته.
كما تناولت النشأة التاريخية للقوى السياسية السودانية من احزاب طائفية وعقائدية وكيف انها بحكم تكوينها الدكتاتورى ستحول دون اى حكم مؤسسى ديمقراطى الامر الذى سيبقى السودان فى نفس النفق المظلم متنازعا بين دكتاورية مدنية حزبية او عسكرية او كلاهما عبر التحالف بينهما كما حدث اكثر من مرة.وسوف يحدث ثانية بل ومرات عديدة ما بقيت القوى السياسية على نفس نمطها الحالى وما لم ينشأ حكم مؤسسى ديمقراطى قوامه احزاب سياسية غير طائفية وغير عقائدية سواء كانت يسارية او دينية
وفى هذه الحلقة اتناول قضية المال العام وهى من اهم القضايا التى لها تاثير مباشر على المواطن العادى ولعل ما يؤكد هذه الحقيقة ان تسميته بالمال بالعام هى فى الواقع تعنى مال المواطن والذى يفترض ان يكون موظفا وموجها لصالحه دون تمييز او تميز قلة على حساب الاغلبية العظمى
ولعلها مفارقة غريبة ففى الوقت الذى اعد هذا الجزء من الحلقة الاخيرة عن متتطلبات المرحلة فيما يتعلق بالمال العام خرجت الصحف تحمل خبرا بالبنط العريض يقول ان مجلس الشورى يبحث مقترحا برفع الدعم عن السلع والتى تبلغ –50%من جملة الميزانية والمبرر لذلك. كما جاء فى الخبر ان دعم السلع تستفيد منه طبقة الاثرياء وليس عامة المواطنين وهو مبرر غريب لان الوضع الطبيعى اذا كان المواطن العادى لا يستفيد من الدعم فهل هذا يدعو لرفع الدعم ام دراسة الاسباب لمعرفة الاسباب التى تحرم المواطن من الدعم المعنى به وبالتالى تصحيح الاوضاع بما يؤمن على وصول الدعم له بدلا من رفع الدعم ليبقى المواطن هو المتضررالاكبرطالما ان السلع يتم استيرادها تحت ارتفاع الدولار وانخفاض الجنيه السودانى خاصة وان المواطن السودانى يتكسب دخله ان وجد عملا بالجنيه السودانى والذى سيترتب عليه فى حالة رفع الدعم انه سيدفع اضعاف ما كان يدفعه تحت الدعم والمفارقة ان طبقة الاثرياء ستبقى هى الرابحة كما هو الحال لانها قابضة على الدولار ولن تعانى من انخفاض الجنيه السودانى كما يعانى المواطن العادى.
حقيقة ان طبقة الاثرياء هى التى تستفيد من الدعم لانها تمتصه من خلال الاسعار المجحفة التى تفرضها على المواطن بسبب استغلال الدولار والاتجار فيه وغياب اى ضوابط على الاستيراد واسعار البيع للسلع لتحكم وصول الدعم للمعنيين به لهذا فان العلاج لايكون فى رفع الدعم ومضاعفة معاناة المواطن وانما بالسيطرة على انفلات الدولار والحد من فوضى الاستيراد حتى يصل الدعم للمعنيين به كما ان استغلال طبقة الاثرياء للمواطن الغلبان لا تقف على امتصاص الدعم عن المواطن بالتحكم فى اسعار السلع بل ما تتمتع به هذه الطبقة من اعفاءات جمركية وضريبية تحت مسمى الاستثمار يذهب بطريقة غير مباشرة لجيوب الاثرياء طالما ان الدولة لا تتبع سياسة رشيدة فى التحكم فى الاستيراد واسعار السلع والسيطرة على سعر الدولاربعد ان تراجعت الدولة عن السيطرة عليه لدرجة ان يعدم من يخالف القانون لان تصرح بالقانون الصرافات للاتجار فيه وهذا هو بيت القصيد لهذا فان مجلس الشورى يجب الا يعمل بنظرية(عينه فى الفيل ويطعن فى الضل)
فمن يريد ان يرفع الغبء عن المواطن العادى وان يضمن وصول الدعم له عليه ان يحجم الدولار ويردالاعتبار للجنيه السودانى وذلك باعادة رقابة النقدالاجنبى والحد من حرية التجارة التى تفتح المجال لاستيراد السلع الهامشية والكمالية التى ترفع قيمة الدولار وتثرى الطبقة المميزة فهذا وحده هو الذى يحقق للمواطن الاستفادة من دعم السلع الضرورية
العا لان اسعارها ستنخفض بانخفاض قيمة الدولار وارتفاع قيمة الجنيه السودانى.
واذا كنت اخص هذه الحلقة بالمال العام وهو الذى يترجم فى النهاية لحقوق للمواطن فبلا شك ان هيمنة الدولار على احتياجات المواطن يجعل منه سببا رئيسيا فى استزاف المال العام لصالح المستفيدين من ارتفاع الدولار ويكفى ان الخبر الذى اشرت اليه حول مقترح رفع الدعم حدد فى ذات الوقت ان 50% من عائد الدولة(اى المال العام) يذهب لدعم السلع فهل كانت الدولة بحاجة لصرف هذه النسبة التى تصل نصف المتاح من المال العام على دعم السلع لولا ان اسعار هذه السلع نفسها ارتفع بمعدلات تفوق قدرة المواطن بسبب الدولار طالما انه المصدر لتوفير احياجات المواطن من السلع الضرورية.فلوان سعر القمح او الدقيق على سبيل المثال لا يستنزف هذه المبالغ الضخمة من الجنيه السودانى ولو ان هذا الجنيه كان يساوى ثلاثة دولاركما كان فهل كانت الدولة بحاجة لان تستنزف هذه النسبة من المال العام لدعم السلع..
الامر الذى يؤكد ان بلوغ الدعم هذه النسبة العالية من المال العام انما يرجع لقرار الدولة بالغاء قانون رقابة النقد وتحرير الاقتصاد مما يؤدى لسوء توظيف المال العام.
كذلك من غيرالمعقول ان يستنزف الفصل الاول 50فى المئة من الميزاتية والفصل الاول هو مرتبات ومخصصات وحوافز العاملين فى جهاز الدولة مع ان هذه البنود لو تخطت خمسة عشر فى المائة والافضل الا تتعدى العشرة فى المائة فان معنى هذا ان المال العام مستنزف من الجهاز الادارى فى الدولة وهذه هى الحقيقة.
اذن نحن امام واقع غريب حيث انه وحسبما ورد فى الخبر فان المال العام نصفه مستنزف فى الدعم ويذهب لحساب طبقة الاثرياء والنصف الثانى يذهب مرتبات ومخصصات واشياء اخرى والضحية المواطن صاحب المال العام او الذى يفترض ان يكون صاحبه.
ولنكن امينين مع انفسنا فالفساد فى المال العام لهو اشد واخطر من الفسادالشخصى لان الاخير يمكن محاسبته لانه مخالف القانون ولكن الفساد فى النظام المالى محمى بالقانون كما عبر عنه الخبر بان 50% منه لدعم السلع التى تصب لصالح اثرياء الدولار والنصف الثانى للمخصصات والمرتبات وكلاهما تحت ظل القانون..
ولعل هذا يبقى مدخلى للحديث عن المال العام والذى اعتبره من اهم واخطر القضايا التى تتطلب معالجات عاجلة وجادةالامر الذى يفترض ان يدعو مجلس الشورى لان يبحث اسباب ضياع المال العام ان كان عينه على المواطن وحادب على مصالحه وليس رفع الدعم لمضاعفة معاناة المواطن.
حقيقة المال العام وهو مفتاح القضية وحقوق المواطنة فهوسائب بكل ما تحمل الكلمة.
المال العام وهو كما قلت مال المواطن هو مفتاح القضية كلها لان كونه مال المواطن لابد ان يعم خيره المواطن صاحبه.ولكن هل حقا انه مال المواطن وانه يصب لصالحه هذا هو اذن موضوع هذه الحلقة:
المال العام او مال المواطن هو بالتفسير المبسط يتمثل فى ايرادات الدولة من المال واوجه صرف هذا المال كما انه بالمفهوم القانونى ملك الشعب كله بلا استثناء لذا عرف بمال المواطن فى نفس الوقت والحكومة ليست الا وكيل عن الشعب لتوجيه هذا المال لصالح المواطن.
من هنا فلقد كان الانجليز وبحكم انهم من رحم دولة ديمقراطية الكلمة فيها للشعب وللمواطن والحكومة ليست الا خادم له ويملك محاسبتها ان تغولت على حقوقه فلقد اسس الانجليز نظاما للمال يتحكم اولا فى ايرادات الدولة منه يقوم على ان اى ايراد للدولة مكانه الخذينة العامة ويحظر النظام على اى جهة ان تحجب عن الخذينة العامة اى مصدر من مصادر الايرادات لهذا فان اجهزة الدولة التى تتولى مسئولية جمع الايرادات فانها ملزمة بتوريد كلما تتحصل عليه من مال للخذينة العامة ولا يحق لها ان تتصرف فى جنيه واحد منه.
ثانيا اسس الانجليز نظاما محكما للمنصرفات اى للتصرف فى المال العام عبر ميزانية سنوية تحدد اوجه صرف المال العام وبموجب هذاالنظام المحكم يستحيل لاى جنيه من ايرادات الدولة ان يودع خارج الخذينة العامة كما انه يستحيل لاى جهة ان تصرف جنيها منه الا وفق الميزانية السنوية المعتمدة للتصرف فى المال العام حسب الاولويات التى تقرهااجهزة الدولة.
لهذا انشا الانجليز وزارة خاصة بالخذينة يتبع لها مباشرة كل محاسبى الوزارات والمؤسسات الحكومية لتشرف على منصرفات اى هيئة حكومية وفق الميزانية.دون ان يكون لاى مسئول اى سلطة لتعدى ما هو مضمن فى الميزانية والمجازة من اعلى سلطة تشريعية .
هذا النظام المحكم للمال العام لا تقف فوائده على سلامة استخدامه بما يعود للمواطنين كافة دون تميز بينهم فاهم من هذا فانه يساعد على استقرار قيمة الجنيه السودانى لانه يمثل ركنا هاما فى استيراد السلع الحكومية وفق سياسة الاستيراد التى تخضع لبنك السودان ووزارة الاقتصاد والتجارة.
ولقثد ظلت الحاكمية على هذا النظام الا انه وتحت ظل الحكم الوطنى بدأ فى التأكل الا ان تلقى الضرية القاضية اليوم حيث ان المال العام اصبح اكثره خارج الخذينة العامة ويتم التصرف فيه خارج الميزانية المعنمدة وبعيدا عن اى سلطة رقابية بل وفى اكثر الاحيان دون مستندات مالية سواءلاسباب سياسية او امنية وبهذا لم تعد الخذينة هى ذات الخذينة كما لم تعد شروط التصرف فى المال العام هى ذات الشروط لهذا يحق لنا ان نسمى هذا بفساد النظام فى المال العام ولا اغالى اذا قلت انه بهذا اشد خطرا من الفساد الشخصى لان فساد اى مسئول يسئ التصرف فى المال العام فى غير ما سخرله او بمخالفة اسس صرفه القانونية فان هذا المسئول يقع تحت طائلة القانون وينال العقاب وفق القانون اما ما يصرف تحت النظام المالى الفاسد فانه يصبح شرعيا بالرغم من انه يتم خارج نطاق النظام المالى ولا يجوز المحاسبة فيه لانه لايخضع لاى مراجعة قانونية ومستندية ومن هنا كان من الطبيعى ان تذهب اكثرية المال العام لعير مصلحة المواطن عامة واتما لمصالح هيئات او شخصيات خاصة ولهذا ليس غريبا ان تستنزف الدولة فى ادارة شئونها ما يصل نصف المتاح من المال العام كما جاء فى تصريحات المسئولين..
ولعل اكبر مظاهر استنزاف المال العام فى غير موضعه وفى شان لا يمكن ان يكون عاما ولمصلحة كل المواطنين هو ما يستنزف سياسيا من قبل الحزب الحاكم.
ولعلكم تذكرون ما اوردته فى حلقة سابقة من ان النظم الاحادية عقائدية او دينية تمول قبضتها على الحكم من المال العام بعكس الاحزاب السياسية فى النظم اللبرالية القائمة على مؤسسية ديمقراطية لان الاحزاب لاتمول من المال العام ولا يحق لها ان تفعل ذلك لهذا فان الاحزاب الشيوعية عندما حكمت المعسكر الشيوعى كان الحزب والهيئات التابعة له والقابضة على السلطة تمول من المال العام بل وتستاثر بالجزء الاكبر منه لهذا لم يكن غريبا ان تثور الطبقة العاملة نفسها على الانظمة التى استولت على السلطة من اجلها وهكذا الحال فى العراق وسوريا حيث سادحكم احزاب البعث وايران اليوم الحكم الاسلامى وهكذا اصبح الحال فى السودان حيث ان حزب المؤتمر الوطنى وهوالحزب الحاكم والقابض على الحكم نتيجة انقلاب عسكرى والذى تدل كل مؤشراته انه يتمتع بامكانات مالية لم يحدث ان تمتع بها حزب سياسى تحت ظل حكم ديمقراطى فان مؤسساته تعيش حالة من الترف المادى على كل مستوياته حتى الدنيا منها من حيث الدور التى يمتلكها والهيئات التابعة له والانشطة التى يشرف عليها والكوادر المتفرغة فيه والتى يتوفر لها من المال ما لايتوافق مع اى مصادر دخل ذاتى للحزب لعدم امتلاكه لاى مصادراصلا ولهذا لم يكن غريبا عليه ان يستقطب الاحزاب الهامشية التى تحالفت معه الذين يستهدفون المال المتاح فيه بلا حدود لاغراض شخصية.
ولعل هذا اكبر مصدر لاستنزاف المال العام و فى غير موقعه وبعيدا عن مكوناته الطبيعة كمصلحة عامة يتساوى فيها المواطنون ومن يرد ان يكون شريكا فيه ليس له غير طريق واحد ان ينخرط فى مؤسساته حتى اصبحت اغلبية قاعدته اجيرة قبل ان تكون بقناعة سياسية ولا ادرى هل يملك الحزب ان يكشف عن كل منصرفاته المالية العلنية والسرية منها ومصادرها وهل يقبل ان يطبق عليه (من اين لك هذا) اذا كان يملك ان يبرر مصادر شرعية لمنصرفاته ومنصرفات المؤسسات التابعة له من منظمات جماهيرية عمالية وطلاب ونسائية وبعضها منح الحق فى ان ينوب عن الدولة فى تحصيل موارد رسمية لتمويل منصرفاته وغيرها من مكونات الحزب تماما كما كان يحدث فى الاحزاب الشيوعية والبعثية والناصرية وحاليا كما يحدث فى ايران وغيرها من انظمة الحكم الاحادية ولو ان ماصرف وسخر للحزب ومؤسساته وانشطته منذ هيمنته على الحكم لو انه صرف على توفير الضروريات للمواطنين لما كان حجم المعاناة فى العلاج والتعليم ولقمة العيس لعامة المواطنين على هذا النحو الذى يعيشه المواطن اليوم.
لم يقف استنزاف المال العام تحت النظام المالى الفاسد على استئثار اتشطة الحزب التى لا يحق له ان يحمل وزرها للمواطن فان الامر تعدى ذلك لاستنزاف المال لمصلحة كوادر الحزب شرعيا بما ابتدعه الحكم من العقودات الخاصة فى التوظيف.
رحل الانجليزوبالمناسبة ما كان لهم ان يرحلوا لولا انهم حسبوا الاتجاه العام لدى اغلبية الشعب الوحدة مع مصر وهو ما يرفضونه تمام لهذا سهلوا توجه الدولة للاستقلال واعلانه دون الرجوع للاستفتاء لعلمهم يومها براى الاغلبية فى الوحدة مع مصر لهذا رحلوا على غير موعد ولكنهم خلفوا نظاما ماليا لو حرص عليه الحكم الوطنى لكان الحال غير الحال وعلى راس هذا النظام انهم وضعو كادر وظيفى يحكم كل تعيينات الموظفين على كل المستويات بدرجات وظيفية محدد حيث ان موقع الموظف ودرجته الوظيفية تحدد مرتبه تلقائيا ولا يشذ اى موظف عن هذا الكادر الوظيفى وكل موظفى الدولة متساوين فى شروط الخدمة فوكيل الوزارة فى كل مؤسسات الدولة يتقاضون نفس المرتب وبنفس الشروط وكل هذا يتم مركزيا تحت قبضة ديوان شئون الموظفين التابع لوزارة المالية والقابض على كل مصادرالمال العام الوظيفية بحيث يستحيل ان يخصص جنيها لاى مسئول بعيدا عن لوائح الخدمة التى يتساوى امامها الجميع ولكن الوضع الان اباح ما سمى بالعقود الخاصة بحيث تم تميز الكوادر السياسية الموالية للحكم فى ان تتقاضى مرتبات ومخصصات تبلغ مئات ان لم يكن الاف الاضعاف لنفس الوظيفة لالسبب الا لان هذه الكوادر تعين وظيفيا بعقد خاص لا يخضع للوائح الخدمة التى يخضع لها سائر الموظفين بل والكثير منها عقود بالدولار ولاتخضع التعيينات فيها لسن المعاش وبهذا اصبحت هذه الكوادر سياسية اكثر من انها كادر خدمة مدنية وبجانب هذا فان اكثريتهم يجمعون اكثر من وظيفة فى ذات الوقت وعضوية العديد من محالس الادارات بينما هناك كفاءات اعلى منهم بلا عمل وكلها بالعائد المادى المميز ليصبح هذا البند القائم على العقود الخاصة من اكبر مصادر استنزاف المال العام ولا ادرى ان كان ما يتردد صحيحا والذى يشير الى ان نسبة من مرتبات العقود الخاصة تذهب للحزب لهذا فانها وقف على كوادر الحزب الملتزمة سياسيا ولا ادرى ماذا يكون الموقف لو ان احصاءات مالية كشفت عن اصحاب العقود الخاصة وعدد الوظائف التى يجمعونها وكم صرف عليهم اظن الاحصاءات هنا ستصاب نفسها يالذهول لهول ما ستفاجأ به ولعل واحدة من الحالات التى تداولتها الصحف فى فترة ماضية حول العقد الخاص لواحد من مديرى الموسسات الرسمية الهامة بلغ المليار شهريا كما جاء فى الصحف من مرتب ومخصصات والذى لم يتم نفيه بل ابرز صاحبه العقد الذى يؤكده لهو دليل على حجم هذا العقودات الشخصية.وترى كم يكون الفرق بين جملة ماصرف على العقودات الخاصة مقارنة بماكان سيكون الحال لو خضع اصحاب العقودات الخاصة للكادر الوظيفى الموحد وكم كان سيوفر هذا الفرق الذى ذهب لمصالح مواطنين اصحاب حق من غسيل لمريض بالفشل الكلوى او لتعليم من اقعده المال عن مواصلة تعليمه وان يوفر العمل لعاطل سدت فى وجهه ابواب العمل لشح المال. وغير هذا كثير.
ثالثا لم يكن النظام المالى الذى احكم به الانجليزقبضة الدولة على المال العام لم يكن يسمح لاى مسئول مهما كان ان يتبرع منه باى مبلغ لاى جهة ايا كانت فالميزانيات لا تتضمن بندا اسمه التبرعات ويحق للمسئول ان كان هناك مبرر لذلك ان يقترح تخصيص المبلغ فى الميزاتية ليس بصفة تبرع وانما مبلغ مصدق لغرض بعينه لايخرج عن اوجه صرف المال العام واغراضه اما ان يتصرف مسئول فى اى جزء من المال العام ولاى جهة كانت مهما كانت المبررات فانه امر لا تسمح به النظم المالية فى دولة مؤسسات ديمقراطية لان التصرف على هذا المنوال بتقديم ما يسمى تبرعا فانه يفتقد المعايير كما انه لاتصدر بموجبه مستندات ولا يخضع لمراجعة او مراقبة الجهات المسئولة عن المال العام حيث ان كلمة تبرع تسقط المسئولية القانونية التى يتتطلبها التصرف فى المال العام كما انه يتيح للمسئول ان يتصرف فى المال العام وفق معاييره الخاصة دون مساءلة او محاسبة وهذا يجعل المسئول فوق المال العام مع ان المال العام هو حق المواطن ولا يجوز التصرف فيه الا وفق الاسس التى يحددها المواطن عبر نظمه وتشريعاته ويكون المال خاضعا للمراجعة والمساءلة وهو ما لا يحكم التبرعات ولكن الثابت ان هذا البند المفتوح اصبح ممارسة عادية لدى كثير من المسئولين على مستويات مختلفة على مستوى المركز والولايات وبديهى ان الذى يسهل التصرف فى المال العام على هذا النحو هو نظام التجنيب الذى ابتدع فى المال العام حيث يكون المال المجنب خارج دائرة التحكم فى المال العام لهذا اذا ارادت اى جهة ان تحدد حجم ما يصرف تحت بند التبرعات المفتوح دون ضوابط و مستندات بل وفى كثير من الاحيان يدفع نقدا دون ان يقابله مستند بالاستلام مما يصعب الوقوف على حجم المال المستنزف فى هذا البند غير المؤسس والذى تحكمه المزاجية والنظرة الذاتية الضيقة والذى يفتح الباب للمجاملات بعيدا عن اى اسس رسمية.
رابعا وكما هو الحال مع بند التبرعات فهناك بند لا يقل خطورة عنه وهو ما يقدم من دعم من الخذينة العامة لما تسمى بالمنظمات الخيرية والتى انتشرت ظاهرتها فى السنوات الاخيرة بعد ان تفشت ظاهرة دعم هذه المنظمات من الخذينة العامة وهو ما لم يعرف عبر تاريخ العمل الخيرى حيث ان المنظمات الخيرية تستهدف المساعدات فيما لا تحققه الخذينة العامة فكيف اذن تدعم من الخذينة. لقد ظل العمل الخيرى عبر التاريخ من اصحاب المال الذين يعلنون عن مساهماتهم خيريا عبر تخصيص بعض اموالهم للعمل الخيرى كما ان المتظمات الخيرية التى تبادر بها مجموعات خيرية انما تعتمدعلى استقطاب الدعم من اصحاب المال الخاص وليس بمساهمات الخذينة العامة عبر مسمى التبرعات فمامعنى ان تتبرع الخذينة لعمل خيرى وهى مسئولة عن تخصيص المبلغ لنفس العمل عبر المؤسسات الرسميةلهذا اصبحت المنظمات الخيرية مدخلا عرفت كيف تستغله شخصيات ذات نفوذ تتخذ منها وسيلة للحصول على المال العام عبر المساهمات لدعم المتظمات الخيرية لتصبح هذه المنظمات وسيلة للمال العام لاغراض خاصة تخت غطاء العمل الطوعى يؤكد ذلك كثرة المنظمات الخيريىة التى تقف وراء تاسيسها شخصيات ذات وذن و التى لا يلمس لها وجود فعلى فى ساحة العمل الخيرى الذى يتخذ وسيلة لاستقطاب الدعم صوريا من الخذينة العامة مع ان هذه المنظمات هى التى يفترض ان تدعم الخذينة من خلال ما تقدمه من دعم للمواطن وليس العكس لانها فى هذه الحالة تصبح تحايل للاستيلاء على المال العام وهذا هو حال الكثير منها.
خامسا ظاهرة الشركات الحكومية التى يبلغ عددها المئات والتى ليست فى نهاية الامر الا وسائل لاستيلاء القائمين عليها دون جدوى اقتصادية وبوسائل شرعية عبر العقودات الخاصة والمخصصات اما الجانب الاكثر استنزافا للمال العام انما يتمثل فى الاعفاءات الضريبية والجمركية تحت مايسمى الاستثمار حيث ان هذه الاعفاءات انما هى خصما على ايرادات المال العام لهذا لابد من ان يكون لهذه الاعفاءات مردود للمال العام وللاقتصاد السودانى بما يعوض ويبرر هذه الاعفاءات الا ان الكثير منها هى المستفيدة من الاعفاءات وليس لها اى اسهامات تعوض ما تخسره الخذينة العامة لهذا فان اى دراسة لما فقدته الخذينة العامة من الاعفاءات مقارنة بما تحقق منها سوف يبين العجز الذى لحق بالخذينة العامة حيث ان اصحاب المال عرفوا كيف يستغلوا الاستثمار من اجل الاعفاءات كوسيلة للتحايل دون مقابل يبرر ما تفقده الخذينة فى المال العام. من اجل جنى الارباح المضاعفة
وتاتى اخيرا خسائر الخذينة العامة واهدار المال العام فى المنشئات وسد الاحتياجات بعد ان تم الغاء كل المؤسسات الحكومية التى اسسها الانجليز لتقوم بهذا الدور حرصا على المال العام وعلى راسها مصلحة المخازن والمهمات والنقل الميكانيكى والاشغال وغيره حيث اصبح الباب مفتوحا لصرف المال العام فى المنشئات الحكومية دون ضوابط مالية ورقابية حيث اصبح لكل جهة ان تتصرف وفق ارادة القابضين عليها بعيدا عن رقابة المركز على ما يستنزف من مال فى هذه المنشئات واستيراد احتياجات هذه المؤسسات الحكومية التى ما كان لها مطلق تالتصرق فى النظام المالى الذى اسسه الانجليز.
حقيقة الحديث يطول عن المال العام ولعل هذه نماذج من وسائل استنزاف المال العام ولو ان رصدا احصى ما تستنزفه هذه النماذج من المال العام لادرك الاسباب الحقيقية لمعاناة صاحب الحق المواطن صاحب هذا المال الذى يصرف فى غير موقعه وليس لصالحه لانه لم يعد تحت دائرة اختصاصاته واحتياجاته
لكل هذا فان السلطة ممثلة فى الحكم الوطنى ولما سبق توضيحه انما هى عبء على المواطن ولااغالى اذا قلت ان القوى السياسية كلها شريكة فى هذا الواقع مع الاختلاف النسبى خاصة تحت مظلة النظام الحالى ولكن حتى القوى التى ترتدى ثوب المعارضة فان غالبية قياداتها ومؤسساتها لم تغيب نفسها عن هذا الواقع عبر مشاركاتها المختلفة فيه سرا وعلانية بمسميات مختلفة مباشرة او بطريق غير مباشر وليس هناك ما اختتم به الحديث عن المال العام غير انه اذا كان المواطن هوالهدف للقوى السياسية حاكمة ومعارضةلابد من اعادة الوضع لما كان عليه تحت ظل الحكم الانجليزى للسيطرة على مصادر المال العام وصرفه وفق اولوياته وليس اولويات السلطة ايا كان نوعها.
والى الحلقة القادمة
noman hassan [[email protected]]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.