تموج الشقيقة مصر في هذه اللحظات بأحداث عظام تضع كل مستقبلها السياسي في كف عفريت . فأعظم المحللين لن يستطيع التكهن بما ستؤول اليه الاوضاع هناك . انقسمت مصر الي فسطاطين ، المد الشعبي والمد السلطوي ، المد الشعبي يطالب بما يطالب به أهلنا في السودان من حرية و عدالة اجتماعية ، والمد السلطوي يتشبث بالتمكين ، صوره طبق الاصل لما يحدث بالسودان ، ولكن الفرق بين الحالتين فرق شاسع . المد الشعبي المصري يبدو ومن النظرة الاولي انه منظم ومرتب ، فحركة التظاهرات والاعتصامات تتم بسلاسة وتنظيم عجيبين ، وهي مشحونة بإرادة فولاذية عجيبة ، أما المد السلطوي فيبدو انه حديث عهد بمثل هذه الاحداث ، ويفتقد الدعم المطلوب من أهم عنصرين الجيش والشرطة ، اللذين اعلنا انحيازهما للمد الشعبي . وبالرغم من وضوح الصورة انشائيا ، إلا ان واقع الحال يقول غير ذلك . فالانذار الذي اطلقه الجيش للقوي السياسية بشكل عام ولمؤسسة الرئاسة بشكل خاص وحدده بثمانية واربعين ساعة ، والا فسيفرض خارطة طريق لوضع الامور في نصابها ، ورفض الرئاسة لذلك الانذار وطلبها من الجيش بعدم التدخل ، وضع مصر بأكملها في فوهة مدفع . فالمد الشعبي لن يتراجع ، والمد السلطوي لن يتنازل ، والجيش لن يعلن فشله وهو يملك قوة الحديد والنار . مصر مرشحة لانفجار مدمر قد لا يبقي ولا يذر ؟؟؟ في السودان ، المعارضة السودانية بدأت تحركا خجولا لإحداث تغيير في الوضع السياسي ، واقول خجولا ، لان كل الوقائع تشير الي فشل ذلك التحرك . و اهم هذه الوقائع انقسام المعارضة علي نفسها ، فخطاب الامام الصادق المهدي في ساحة الخليفة قبل يومين أكد انقسام المعارضة ، و حديث المعارضة عن رفض السلطة بالسماح لها بإقامة الندوات هو حديث العاجز الذي يعلم سلفا بالامر ثم ياتي ليجأر بالشكوي مما هو معلوم ، فالسلطة ظلت دوما ترفض السماح بالتجمعات والتظاهرات ، والمعارضة تعلم ذلك وهي تعلن برنامج المائة يوم ، ومن يرغب في اسقاط نظام لا يستأذنه في ذلك ، بل يخرج ويتحمل نتائج خروجه ، فالشعب لم يستأذن السلطة في اكتوبر 1964 ، ولم يستأذنها في أبريل 1985 ، ففلسفة الثورة أنها عمل تراكمي يؤدي في النهاية لغاية محددة ومدروسة ، وكما قال الشاعر : وما نيل المطالب بالتمني ولكم تؤخذ الدنيا غلابا ، ولكن المعارضة السودانية تتمني حصادا ناعما ، من سلطة ذاقت حلاوة الحكم ولن تفرط فيه بالناعم ؟؟!! و يوميا وانا اتفرج علي الاحداث بمصر اسأل نفسي هل في الامكان أن (تبقر) المعارضة السودانية من اختها المصرية وتفرض أجندتها علي السلطة بهذا الشكل العجيب ؟ علما بأن المعارضة السودانية تملك من الارث النضالي بما لا يقارن بما تملكه المعارضة المصرية ، فقد احدثت المعارضة السودانية ثورتين عظيمتين خلال عشرين عام فقط ، بينما المعارضة المصرية حديثة عهد بالثورات ، ولكن يبدو ان قبضة النظام في السودان تختلف عن القبضة المصرية ، فقبضة النظام السوداني مدعومة بالجيش والشرطة ، بينما الامر معكوسا في مصر ، فالجيش والشرطة تدعم المعارضة ، وهنا مربط الفرس . علاء الدين زين العابدين مستشار قانوني المملكة العربية السعودية Othman, Allauddin Z. [[email protected]]