غريبة هي الديمقراطية في مصر بل غريبة أم الدنيا نفسها تميزت منذ الالاف السنوات بأنها تتفرد بغرابة الاخبار القادمة منها وشذوذ الاحداث الواقعة فيها فقصص القرءان علي كثرة أحداثها وتعدد مواضيعها وتشويق محتوياتها جسدت قصة سيدنا موسي ما يحدث في مصر الان فتحالف فرعون صاحب الملك وهامان المدبر وقارون صاحب المال والإعلام ضد سيدنا موسي الذي يحمل دلائل ربانية إحتكموا للسحرة كفيصل وعندما برهن سيدنا موسي بما يحمل معه من أدلة و براهين نُكِس فرعون ونخبته علي رؤوسهم رفضا لهذا الحق البَّيِن ومناكفة للحق المشروع لسيدنا موسي بنشر دعوته فكان هذا التحالف أول تحالف للباطل وصولجانه ضد الحق الأعزل وكل ذلك لأن النتيجة لم تكن في صالح تحالفهم . الطغمة او مجموعة العسكر في مصر صوتها عال هذه الايام كما هو دوما وهي معروفة بذلك كيف لا وهي التي تسيدت مصر في اخر ستين عاما من تأريخها الحديث . فلم تعرف مصر بعد استقلالها حكما غير حكم العسكر وتناحره حثي بين ابناء جلدتهم فاللواء محمد نجيب كان اول المنقلب عليهم عسكريا في مصر وهو من زمرة العسكر . المشهد في مصر الان الدولة العميقة هي التي تدير الدولة الرسمية وتستخدمها كغطاء والعسكر الان هم حماة الدولة العميقة في مصر كما يحمي عسكر تركيا الدولة العلمانية . لم أستغرب انقلاب الجيش المصري وقوي الليبرالية والطوائف المسيحية والنخب ومن يدعمونهم من الخارج علي الشرعية البينة وعزل الرئيس محمد مرسي الذي أستغربه ان كيف سمح له بالفوز من الاساس ؟ . لان الاخوان المسلمون الحركة الام في مصر ليسوا كحركة حماس وليست هي حركة النهضة كما أن مصر ليست هي تونس او فلسطين ولا هي كغيرها كما نعلم من حيث أهميتها الجغرافية والسياسية والأمنية من الدول التي يترك فيها الحبل علي قارب الديمقراطية ليأتي بمن يشاء وبحرية تامة ، اعتدنا دائما ان نجد ايادي كثيرة تتدخل لتؤثر علي قرار ما في مصر صغيرا كان ام كبير فهي كما نعلم الجار الاقرب لقلب الامة النابض فلسطين ولربيبة الغرب وعنوان العالم الجديد اسرائيل . وللحق فإن عام مرسي هذا الذي مكثه في الحكم رئيسا لمصر كان طويلا جدا علي اعدائه اللدودين ولجيرانه الناغمين تماما كألف عام مما يعدون. فهو لم يُتَرك يوما ليمارس مهامه وواجباته في ظل ظروف عادية بل ان متاريسا وعقبات كانت تتولد كل يوم في وجه الرئيس المنتخب ثم أن كيف لرئيس أتت به صناديق الاقتراع لايحظي باحترام الدولة ومؤسساتها فلا قرار له ينفذ ولا سيادة له تحترم . لقد تخوف الجيش التركي من حكومة نجم الدين اربكان الرجل الطاعن في السن الاعزل بعد أن كان مُعِمراً في المعتقلات فنزع عنه الشرعية و أسقط حامي العلمانية حكومة منتخبة فكان الخطأ التاريخي الذي مكن للإسلاميين بأكثر مما يتوقعون في تركيا اليوم وهاهو اعتراف جنرالات الجيش التركي بخطئهم التاريخي هذا بعد حين . علي نفس هذا النحو خطي الجيش الجزائري خطوات مماثلة فأقدم علي حماقة ضد الجبهة الاسلامية للإنقاذ في الجزائر قاصدا قطع الطريق امامها من الفوز في الانتخابات التي حققت فيها الجبهة الإسلامية للإنقاذ فوزا مؤكدا مما حدا بالجيش الجزائري التدخل لإلغاء الانتخابات التشريعية في البلاد مخافة من فوز الإسلاميين وتحكمهم في مفاصل الدولة وكانت خسائرها بالآلاف الارواح في ماعُرِف بحرب العشرية السوداء مخاوف من أقدموا علي عزل الرئيس مرسي والانقلاب علي الشرعية معروفة فكل من يضع نفسه في مقام الخصومة والندية امام جماعة الاخوان المسلمين في مصر فانه يحسب لها الف حساب فلها جذور راسخة في القدم في تحريك الشارع وجلب التأييد ولها النفس الطويل في ادارة العملية السياسية والتعامل مع الخصوم فضلا عن مؤسسات كبري اقتصادية واجتماعية تؤثر علي الداخل المصري وهي ان جاز أن نطلق هذا المصطلح فهي دولة داخل الدولة الام . كما ان خبرتها في التعامل مع بطش الانظمة العسكرية التي توالت وتعاقبت علي حكم مصر محل اعتبار فالسجن يزيدها قوة في الترتيب والتخطيط والاغتيال لقيادتها يجرم الحكومات ويدينها . لقد وضح أن انقلاب العسكر علي الرئيس مرسي وغطائه الديني والسياسي ودعمه الخارجي أمر دبر بليال لكنه أعطي مرسي وجماعته شرعية أقوي من شرعية الصندوق التي انحازت للجماعة الاخوان المسلمين في ثلاث مناسبات خلال عامين . إجتهد أصحاب هذا الانقلاب هم ومن يحسن التدبير من خارج مصر علي حبك خيوطه لتضفي عليه الشرعية المدنية فخرجت مظاهرات هي بالأساس لم تتوقف طوال عام الرئيس مرسي في الحكم ثم جاء حامل الصليب بابا الكنيسة القبطية الذي تقمص دورا سياسيا معبرا عن طائفته التي لم ترضي لمرسي كرسي الرئاسة يوما . وظهر شيخ الأزهر بمظهر الحادب علي المصلحة العامة يجاورهم رئيس الوزراء القادم البرادعي بدون صفة شرعية تخول له اذاعة خارطة الطريق التي وضعها الجيش كل ذلك بدعوي الحرص علي المصلحة العامة .والاستجابة لنداء الشعب . كشفت عملية عزل الرئيس مرسي عن ديمقراطيين بلا ديمقراطية ارتضوا بالصندوق حكما ثم ماإن لم يأتي بما تهوي أنفسهم انقلبوا عليه بافتضاح فمن أنقلب علي مرسي سيحصد الفوضى الخلاقة التي قد تودي بالمنطقة كلها الي موارد الهلاك . انكشفت أكاذيب أخونة الدولة وفزاعة الاخوان المسلمين فملايين المصريين في إنحاء الجمهورية خرجوا احتجاجا كأنهم مستوردون من خارج خرجوا حماية للشرعية التي انقلب عليها العسكر متناسيا قرار الشعب باختيار من يحكمه غير مراع لمعطيات الواقع ليقمع من خرجوا ليحموا شرعية انتخابية شهد عليها العالم وهم بصدور عارية تحت وابل من رصاص الجيش . ////////////////