ربما نذهب بالقول أن السودان قد تضرر کثيرا من انفصال السودان الجنوبي عنه و خاصة فيما يتعلق بالميزانية العمومية للدولة، و ذلک بسبب اعتماد الدولة علي النفط في المرحلة السابقة، و لکن هناک أسباب أخري لا يمکن تجاهلها، ألا و هي الأموال الطائلة التي يتم صرفها لمسؤولي الحکومة في جميع الوزارات. ومن بين تلک الوزارات نجد وزارة الخارجية التي توفد سفراء لها إلي جميع الدول، بامتيازات هائلة لا تتناسب و الظروف التي يعيشها الشعب السوداني. أعزائي دعونا في هذه الحلقة نتطرق إلي وزارة الخارجية السودانية کمثال لما ذکرناه. فقد قلنا أن هناک العديد من السفراء وصلوا لدرجة سفير عبر طرق ملتوية و في مدة قصيرة جدا، و ذلک لأسباب نعرفها و تعرفونها و لکن دعونا من هذا و لنأتي للمهمة التي أوکل إليها السفير. فالسفراء التبس عليهم الأمر فبدلا من خدمة الجالية السودانية في البلد التي يعملون بها، نجدهم يرکزون إهتماماتهم في خدمة أنفسهم و أسرهم و محاولة شراء کل ما يساعدهم في تشييد قصور لهم في السودان و لا يهمهم خدمة الجالية السودانية، فتقديم الخدمة للجالية السودانية أمر ثانوي و لا يستحق الإهتمام منهم. فعلي سبيل المثال، السفير السوداني في الجمهورية الإسلامية بإيران، نجده يستمتع بأحلى أيامه في بلد لا توجد فيها جالية سودانية تذکر، فعددهم لا يتعدي الأصابع، بما فيهم الطلاب الذين يدرسون في الجامعات الدينية في قم، و الذين هم بدورهم قد تضرروا کثيرا من سياسات السفارة التي تصر علي تجاهلهم و لا تعتبرهم جالية سودانية في أکثر الأحيان. و الغريب هنا نجد أن القنصل السوداني يهتم بأمر الجالية السودانية أکثر من السفير و تجده يتواصل مع کل السودانيين بغض النظر عن العقيدة و القبيلة التي ينتمون إليها. اما السفير السوداني في إيران، فتجده غير ملم بأحوال الجالية السودانية و عددهم، و المشاکل التي يعانون منها، حتي أنه يفتقد للدبلوماسية المعهودة التي تجعله محبوبا وسط الجالية السودانية في إيران. فما يهمه هو خدمة نفسه و خدمة أبنائه ما استطاع إليه سبيلا. أما خدمة الوطن و المواطن السوداني المقيم في إيران، فهذا ما لا يتبادر إلي ذهنه بتاتا. و هنا نناشد الحکومة السودانية في النظر في هذا الأمر و ذلک بترشيد المصروفات الطائلة التي تصرف علي دبلوماسي وزارة الخارجية الذين يتلقون هذه الأموال الطائلة من خزينة الدولة لتبديدها علي أنفسهم بدلا من خدمة أبناء وطنهم بغض النظر عن انتماءاتهم العقائدية و الإثنية. Mohamed Saeed [[email protected]]