لم يقنعني تبرير مراسل العربية أسباب إرتدائه الكدمول    نشطاء قحت والعملاء شذاذ الافاق باعوا دماء وارواح واعراض اهل السودان مقابل الدرهم والدولار    ريال مدريد لنصف نهائي الأبطال على حساب مانشستر سيتي بركلات الترجيح    ركلات الترجيح تحمل ريال مدريد لنصف نهائي الأبطال على حساب السيتي    وزير الخارجية السوداني الجديد حسين عوض.. السفير الذي لم تقبله لندن!    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    سيكافا بطولة المستضعفين؟؟؟    العين يهزم الهلال في قمة ركلات الجزاء بدوري أبطال آسيا    مباحث المستهلك تضبط 110 الف كرتونة شاي مخالفة للمواصفات    شاهد بالفيديو.. بعد فترة من الغياب.. الراقصة آية أفرو تعود لإشعال مواقع التواصل الاجتماعي بوصلة رقص مثيرة على أنغام (بت قطعة من سكر)    مصر.. فرض شروط جديدة على الفنادق السياحية    الحركة الإسلامية السودانية ترد على كندا    شاهد بالصورة والفيديو.. ببنطلون ممزق وفاضح أظهر مفاتنها.. حسناء سودانية تستعرض جمالها وتقدم فواصل من الرقص المثير على أنغام أغنية الفنانة إيمان الشريف    ماذا كشفت صور حطام صواريخ في الهجوم الإيراني على إسرائيل؟    قرار عاجل من النيابة بشأن حريق مول تجاري بأسوان    العليقي وماادراك ماالعليقي!!؟؟    الرئيس الإيراني: القوات المسلحة جاهزة ومستعدة لأي خطوة للدفاع عن حماية أمن البلاد    مقتل 33899 فلسطينيا في الهجوم الإسرائيلي منذ أكتوبر    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    محمد بن زايد وولي عهد السعودية يبحثان هاتفياً التطورات في المنطقة    ترتيبات لعقد مؤتمر تأهيل وإعادة إعمار الصناعات السودانية    خلال ساعات.. الشرطة المغربية توقع بسارقي مجوهرات    بعد سحق برشلونة..مبابي يغرق في السعادة    شاهد بالصورة والفيديو.. فتاة تنضم لقوات الدعم السريع وتتوسط الجنود بالمناقل وتوجه رسالة لقائدها "قجة" والجمهور يسخر: (شكلها البورة قامت بيك)    شاهد بالصورة والفيديو.. بأزياء فاضحة.. الفنانة عشة الجبل تظهر في مقطع وهي تغني داخل غرفتها: (ما بتجي مني شينة)    رباعية نارية .. باريس سان جيرمان يقصي برشلونة    مبارك الفاضل يعلق على تعيين" عدوي" سفيرا في القاهرة    وزير الخارجية السعودي: المنطقة لا تحتمل مزيداً من الصراعات    حمدوك يشكر الرئيس الفرنسي على دعمه المتواصل لتطلعات الشعب السوداني    محمد وداعة يكتب: حرب الجنجويد .. ضد الدولة السودانية (2)    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    رسالة من إسرائيل لدول المنطقة.. مضمونها "خطر الحرب"    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الثلاثاء    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    قصة مانيس وحمدوك وما ادراك ما مانيس وتاريخ مانيس    تنسيقية كيانات شرق السودان تضع طلبا في بريد الحكومة    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    ماذا تعلمت من السنين التي مضت؟    إنهيارالقطاع المصرفي خسائر تقدر ب (150) مليار دولار    أحمد داش: ««محمد رمضان تلقائي وكلامه في المشاهد واقعي»    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    تقرير: روسيا بدأت تصدير وقود الديزل للسودان    تسابيح!    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    إيلون ماسك: نتوقع تفوق الذكاء الاصطناعي على أذكى إنسان العام المقبل    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    ما بين أهلا ووداعا رمضان    تداعيات كارثية.. حرب السودان تعيق صادرات نفط دولة الجنوب    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    الجيش السوداني يعلن ضبط شبكة خطيرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الفرق بين اللحى الشيعة والسلفية الوهابية (2)
نشر في حريات يوم 06 - 09 - 2012

قبل عام وأكثر، أكثرت من المقالات اتي تكشف أبعاد الوهابية الإقليمية سياسيا ودينيا وتاريخيا – وفضحت تغلغلها في دول الجوار!! وقد أعترض على مقالاتي هذه بعض من القراء الكرام بمعنى دع ما لله لله، وما لقيصر لقيصر!! أي لا تكتب في القضايا الدينية بل في السياسة. وكان في وعي هؤلاء القراء المعترضين – أن عقيدتهم “السنية” لا تمس وإنني أهدم هذه العقيدة!!
ولكن بعد سنة ونصف كشفت أحداث المنطقة حول سوريا وليبيا ومصر وتونس واليمن ليس فقط عن المستور الخليجي الخفي لعقود سابقة وأن دول الخليج لاعب رئيسي، بل مع هذه المقالات تطور وعي الكاتب نفسه وأعني شخصي الضعيف، بحيث تكشف لي الكثير والمزيد من هذا المستور الخفي. إحدى المفاجآت لشخصي، إكتشافي، أن المذاهب السنية الأشعرية الأربعة هي المستهدفة من قبل المذهب الوهابي في الدرجة الأولى – وليس فقط الشيعة أو مذهب أهل البيت عليهم السلام. فالشيعة تأتي في الدرجة الثانية ولا يكون الهجوم عليها رغم مصداقيته الظاهرة سوى دخان تكتيكي لضرب المذاهب الأشعرية الأربعة على السياق الإستراتيجي الطويل. فتمحور الوهابية وأفراطها في الدفاع عن “عمر” أو عن “عائشة” بحق وغير حق، لم يكن التكتيك الوهابي المفضل لإثارة غرائز أهل السنة الأشعرية ضد الشيعة فحسب، بل أيضا لجرهم إلى حتفهم!! المذهب الوهابي ومعتنقوه السلفيين بكل أنوعهم ولافتاتهم المخادعة ليسوا من أهل السنة والجماعة، يوهمون المسلمين ويكفرونهم سرا وعلنا، وقطعها هم ليسوا سنة أشعرية!!
ولقد صحت وصدقت مقالاتي السابقة، وكانت مقالاتي سباقة على الجميع في وقت مبكر وبشكل واعي، وقد سبق شخصي القراء والمعارضة السياسية السودانية – في دق ناقوس خطر الوهابية!! والكثير الكثير، مثل قرار بوش 12333 الذي خصخص العمليات القذرة لل CIA وإعطائها لشركات سيكوريتي متخصصة. فما يجري الآن في سوريا هو “خصخصة السلفيين” بوصف مجموعات شركات!! فبالأمس القريب جاءت الأخبار أن الأتراك أسسوا شركات منافسة لهذا النوع الأمريكي تحت مسمى “شركة الدفاع العالمية” يديرها جنرالات الجيش التركي المعاشيين والمفصولين، لتأهيل عصابات آل سعود وآل الثاني على الحدود السورية!!
لذا أعطى السلفيون ومراكزهم التخريبية الألكترونية (غرف الجهاد الألكتروني) داخل السودان وخارجه مقالاتي عناية خاصة – مثل التجسس على حاسوبي وتخريبه بكل ما لديهم من فنون برمجية أليكترونية (هكرز)، ولكن بشكل خاص أيضا محاصرة مقالاتي وهي في سيرفر سودانيزاونلاين أو حريات الخ!! هذه قضية واضحة بالنسبة لي. وعبر هذه المعركة الألكترونية أستنتجت أن دولة المؤتمر الوطني “سلفية” يقودها الشيخ الترابي – أي يقود المؤتمرين معا. ومااذا تعني زيارة الشيخ حسن الترابي القادمة للدوحة في التحليل السياسي؟ في السابق الشيخ حسن الترابي كان يخدع الجميع – يزور قطر وينسق مع أميرها تحت عناوين مضللة ماكرة مثل “مقابلة” مع تلفزيون الجزيرة. أما اليوم، بعد سقوط قناة الجزيرة المدوي، ما الذي يدفع الشيخ للذهاب إلى قطرائيل؟ وماذا يمكن أن يتحدث الترابي مع أمير قطر الصهيوني؟ هل ينصحه أن ورقة التوت قد سقطت؟ وأن دكتور العيون بشار الأسد لن يسقط؟ هل ينصح الداهية الترابي الأمير المفجوع في ماله الضائع أن يحفظ ما يعتقده الترابي بقية ماء وجه الأمير؟ وأن للسياسة حدود، ظاهر ومبطن؟
بعض المنحطين من الذين ينتمون لفرقة الجهاد الألكتروني السودانية وغيرهم من سفلة الوهابية يتربصون بمقالاتي ويشتمونني بقذارة واضحة..هؤلاء لا يستحقون الرد!! هؤلاء موظفون همهم إلغاء حالة التعطل من العمل وكسب وسائل معائشهم بالباطل عبر قبض نقود وسخة وقذرة، وقد دفع لهم المؤتمر الوطني من مال هذا الشعب المغلووووب على أمره الكثير ويدفع آل سعود وآل الثاني وآل عيسى من جهة أخرى أموالا طائلة، لهدف واحد: التشويش!! وهؤلاء الجهلة المنحطون فافد تربوي، لن يفهموا بطبيعة الحال التاريخ المعاصر على حقيقته مثل دعارة آل سعود وآل الثاني وآل عيسى، فهم يعانون من دعارة داخلية تعميهم من رؤية دعارة أرباب نعمتهم مثل الملك فيصل (وأترك البقية مثل الداعر فهد) الذي يمدحونه ليل نهار كمحرر للقدس (!) في الصحف والمساجد السودانية، وهذا تاريخ معاصر..فكيف بالله يفهم هؤلاء المرتزقة ما حدث قبل أربعة عشرة قرنا؟
فهل من المعقول ألا يمر في خاطر هؤلاء “حملة الدكتوراه” في الدين والشريعة والسياسة في السودان هذا التحالف الصهيوني الأمريكي الغربي الإستعماري القائم مع عشائر متخلفة وما يجره من دمار، مثل عشيرة آل سعود وآل الثاني وآل عيسى؟ بلى يعرفون، ولكنها الريالات والدنانير والدراهم!! تبا للنفاق!! دولة المؤتمر الوطني تدفع أكثر من ستمائة مليون جنيه في الثلاثة أشهر الأولى من عام 2012م لغرفة الدفاع الالكتروني بولاية الخرطوم، أقرأ الخبر والتقرير هنا:
http://www.alrakoba.net/news-action-show-id-52376.htm
وماذا عن اللحى الشيعية؟
بقراءة هذا النص الكامل التالي للإمام علي الخامنئي قائد الجمهورية الإسلامية الإيرانية في افتتاح قمة عدم الانحياز ستفهم أيها القارئ الكريم الفرق ما بين لحية شيعية وأخرى سلفية وهابية يعشش فيها القمل والبرغوث والقراد، وتتحنن بالجهل والغريزة الحيوانية، وتتدهن بدهن الدجاج المشوي الذي يحبونه حبا جما – فغلظت رقابهم وتضخمت أعجازهم، ووسع إستهم، وأصبحت عنوانا للمخدرات والشذوذ الجنسي الذي يعصف بهم، اي والله الجنسي الناتج عن الكبت!! لقد أصبح الهم الأول لعصابات الجهاد السلفي في سوريا “مذاكيرهم” وقد دفعهم اللبيدو الفاجر على اللاجئات السوريات المغلوبات على أمرهن على الحدود التركية-السورية – هذا غير الإغتصاب، فهنالك تسعون حالة إغتصاب من جانب الأتراك. وكذلك أصبح الصبايا السوريات في الحدود السورية-الأردنية واللبنانية هدفا مشروعا للسلفيين على دين آل سعود، حتى الحارث الضاري حركه الليبيدو السلفي المجنون فضلا عن الريالات. ذهب الرجل العجوز حارث الضاري لأحد معسكرات اللاجئين الحدودية (معتقلات اللاجئين) المعدة للسوريين في الأردن ويعرض الزواج على إحدى الصبيات السوريات..فبصقت في وجه حارث الضاري!! يا لها من بصقة!! كأنها تنتقم لنا وتبصق على وجه بن تيمية!!
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على الرسول الأعظم الأمين، وعلى آله الطاهرين، وصحبه المنتجبين، وعلى جميع الأنبياء والمرسلين.
نرحب بکم أيها الضيوف الأعزاء الرؤساء والوفود الممثلة لبلدان حرکة عدم الانحياز، وسائر المشارکين في هذا المؤتمر الدولي الکبير.
لقد اجتمعنا هنا لنواصل بعون الله وهدايته، وحسب مقتضيات العالم الراهن واحتياجاته، المسيرة والتيار الذي تأسّس قبل ستة عقود بفضل وعي وشجاعة عدد من القادة السياسيين المخلصين ذوي الشعور بالمسؤولية وتشخيصهم للظروف، بل ونبثّ فيه روحاً وحرکة جديدتين.
لقد اجتمع ضيوفنا هنا من مناطق بعيدة وقريبة جغرافياً، وهم ينتمون لشعوب وأعراق متنوعة وذات ميول عقيدية وثقافية وتاريخية وتراثية شتى، ولکن کما قال «أحمد سوکارنو» أحد مؤسسي هذه الحرکة في مؤتمر باندونغ المعروف سنة 1955 م فإن أساس تشکيل عدم الانحياز ليس الوحدة الجغرافية ولا العرقية ولا الدينية، بل وحدة الحاجة. في ذلك اليوم کانت البلدان الأعضاء في حرکة عدم الانحياز بحاجة إلى أواصر تستطيع أن تحميها من هيمنة الشبکات المقتدرة والمستکبرة والجشعة. واليوم فإن هذه الحاجة لا تزال قائمة مع تطوّر أدوات الهيمنة واتساعها.
وأريد أن أثير حقيقة أخرى..
لقد علّمنا الإسلام أن للبشر رغم تنوّعهم العرقي واللغوي والثقافي فطرة واحدة تدعوهم للطهر والعدالة والإحسان والتعاطف والتعاون، وهذه الطبيعة المشترکة هي التي إن افلتت بسلام من الدوافع المُضلّلة فستهدي البشر إلى التوحيد ومعرفة ذات الله تعالى.
إن هذه الحقيقة الساطعة لها القدرة على أن تکون رصيداً وسنداً لتأسيس مجتمعات حرّة شامخة تتمتّع بالتقدّم والعدالة إلى جانب بعضهما، وتنشر إشعاعات الروح المعنوية على کل الأنشطة المادية والدنيوية للبشر، وتوفّر لهم جنّة دنيوية قبل الجنّة الأخروية الموعودة في الأديان الإلهية. ونفس هذه الحقيقة المشترکة العامة هي التي يمکنها أن تُرسي دعائم حالات من التعاون الأخوي بين شعوب لا شبه في ما بينها من حيث الشکل الظاهري والسوابق التاريخية والإقليمية الجغرافية.
متى ما قام التعاون الدولي على مثل هذا الأساس فسوف تشيّد الدول العلاقات في ما بينها لا على رکائز الخوف والتهديد، أوالجشع والمصالح الأحادية الجانب، أوسمسرة الخونة والبائعين لأنفسهم، بل على أساس المصالح السليمة والمشترکة، وفوق ذلك المصالح الإنسانية، ويُريحوا بذلك ضمائرهم اليقظة وبالَ شعوبهم من الهموم.
هذا النظام المبدئي يقف على الضدّ من نظام الهيمنة الذي اطلقته القوى الغربية المتسلّطة في القرون الأخيرة، وروّجت له وکانت السبّاقة إليه، وتفعل ذلك في الوقت الحاضر الحکومة الأمريکية المعتدية المتعسّفة.
أيها الضيوف الأعزاء…
لا تزال المبادئ والأهداف الأصلية لحرکة عدم الانحياز اليوم قائمة حيّة رغم مرور ستة عقود.. مبادئ مثل مکافحة الاستعمار، والاستقلال السياسي والاقتصادي والثقافي، وعدم الالتزام لأقطاب القوة في العالم، ورفع مستوى التضامن والتعاون بين البلدن الأعضاء. والواقع في العالم اليوم ليس بالقريب من هذه المبادئ والأهداف، لکن الإرادة الجمعية والمساعي الشاملة لتجاوز هذا الواقع والوصول إلى المبادئ والأهداف تبعث على الأمل والنتائج الإيجابية رغم ما يحفّها من التحديات.
لقد شهدنا في الماضي القريب انهيار سياسات فترة الحرب الباردة، وما تلا ذلك من الأحادية القطبية. والعالم باستلهامه العبر من هذه التجربة التاريخية يمرّ بفترة انتقالية إلى نظام دولي جديد، وبمقدور حرکة عدم الانحياز ويجب عليها أن تمارس دوراً جديداً. ينبغي أن يقوم هذا النظام على أساس المشارکة العامة والمساواة في الحقوق بين الشعوب، وتضامننا نحن البلدان الأعضاء في هذه الحرکة من الضروريات البارزة في الوقت الراهن لأجل انبثاق هذا النظام الجديد.
لحسن الحظ فإن أفق التطورات العالمية يبشّر بنظام متعد[د الوجوه تترك فيه أقطاب القوة التقليدية مکانها لمجموعة من البلدان والثقافات والحضارات المتنوعة ذات المنابت الاقتصادية والاجتماعية والسياسية المختلفة. الأحداث المذهلة التي شهدناها طوال العقود الثلاثة الأخيرة تشير بوضوح إلى أن انبثاق القوى الجديدة کان مصحوباً بضعف القوى القديمة. وهذا التغيّر التدريجي في القوة يمنح بلدان عدم الانحياز الفرصة لتتولى دوراً مؤثراً ومناسباً في الساحة العالمية، وتوفّر الأرضية لإدارة عادلة ومشترکة حقاً للعالم. لقد استطعنا نحن البلدان الأعضاء في هذه الحرکة الحفاظ على تضامننا وأواصرنا في إطار المبادئ والأهداف المشترکة لفترة طويلة من الزمن على الرغم من تنوّع الميول والتصوّرات، وهذا ليس بالمکسب الصغير أوالبسيط. هذه الأواصر بوسعها أن تکون الرصيد للانتقال إلى نظام إنساني عادل.
الظروف الراهنة في العالم فرصة قد لا تتکرّر لحرکة عدم الانحياز. ما نقوله هو أن غرفة عمليات العالم يجب أن لا تُدار بدکتاتورية عدة بلدان غربية. ينبغي التمکّن من تشکيل وتأمين مشارکة ديمقراطية عالمية على صعيد الإدارة الدولية. هذه هي حاجة کل البلدان التي تضرّرت وتتضرّر بشکل مباشر وغير مباشر من تطاول عدة بلدان تسلطية متعسّفة.
مجلس الأمن الدولي ذو بنية وآليات غير منطقية وغير عادلة وغير ديمقراطية بالمرّة. هذه دکتاتورية علنية ووضع قديم منسوخ انقضى تاريخ استهلاکه. وقد استغلت أمريکا وأعوانها هذه الآليات المغلوطة فاستطاعت فرض تعسّفها على العالم بلبوس المفاهيم النبيلة. إنهم يقولون «حقوق الإنسان» ويقصدون المصالح الغربية، ويقولون «الديمقراطية» ويضعون محلّها التدخل العسکري في البلدان، ويقولون «محاربة الإرهاب» ويستهدفون بقنابلهم وأسلحتهم الناس العزّل في القرى والمدن. البشر من وجهة نظرهم ينقسمون إلى مواطنين من الدرجة الأولى والثانية والثالثة. أرواح البشر في آسيا وأفريقيا وأمريکا اللاتينية رخيصة، وفي أمريکا وغرب أوربا غالية. والأمن الأمريکي والأوربي مهم، وأمن باقي البشر لا أهمية له. والتعذيب والاغتيالات إذا جاءت على يد الأمريکان والصهاينة وعملائهم فهي جائزة وممکن غضّ الطرف عنها تماماً. ولا تؤلم ضمائرهم سجونهم السريّة التي تشهد في مناطق متعددة من العالم في شتى القارات أقبحَ وأبشعَ السلوکيات مع السجناء العزّل الذين لا محام لهم ولا محاکمات. الحسن والسيئ أمور انتقائية تماماً وذات تعاريف أحادية الجانب. يفرضون مصالحهم على الشعوب باسم القوانين الدولية، وکلامَهم التعسّفي غير القانوني باسم المجتمع العالمي، ويستخدمون شبکاتهم الإعلامية الاحتکارية المنظمة ليظهروا أکاذيبهم حقيقة، وباطلهم حقاً، وظلمهم عدالة، وفي المقابل يسمّون أي کلام حق يفضح مخادعاتهم کذباً، وأية مطاليب حقة تمرداً.
أيها الأصدقاء.. هذا الواقع المعيب البالغ الأضرار مما لا يمکن مواصلته. الکلّ تعبوا من هذه الهندسة الدولية الخاطئة. نهضة التسعة والتسعين بالمائة في أمريکا المناهضة لمراکز الثروة والقوة في ذلك البلد، والاعتراضات العامة في بلدان أوربا الغربية على السياسات الاقتصادية لحکوماتهم تدلّ على نفاد صبر الشعوب من هذا الوضع. يجب معالجة هذا الوضع غير المعقول.
الأواصر المتينة والمنطقية والشاملة للبلدان الأعضاء في حرکة عدم الانحياز يمکنها أن تترك تأثيرات عميقة في العثور على طريق العلاج والسير فيه.
أيها الحضور المحترمون..
السلام والأمن الدوليان من القضايا المُحرجة في عالمنا اليوم، ونزع أسلحة الدمار الشامل المُفجعة ضرورة فورية ومطلب عام. الأمن في عالم اليوم ظاهرة مشترکة لا يمکن التمييز فيها. الذين يخزنون الأسلحة اللاإنسانية في ترساناتهم لا يحقّ لهم أن يعتبروا أنفسهم حملة رايات الأمن العالمي. فهذا لن يستطيع بلا شك توفير الأمن حتى لهم. يُلاحظ اليوم للأسف الشديد أن البلدان المالکة لأکثر مقدار من الأسلحة النووية لا تحمل إرادة جادّة وحقيقية لإلغاء هذه الأدوات الإبادية من مبادئها العسکرية، ولا تزال تعتبرها عاملاً لصدّ التهديدات ومؤشراً مهماً في تعريف مکانتها السياسية والدولية. وهذه رؤية مرفوضة تماماً.
السلاح النووي لا يضمن الأمن ولا يحقق تکريس السلطة السياسية، إنما هوتهديد لکلا هذين الأمرين. لقد أثبتت أحداث عقد التسعينات من القرن العشرين أن امتلاك هذه الأسلحة لا يمکنه صيانة نظام مثل النظام السوفيتي السابق. واليوم أيضاً نعرف بلداناً تمتلك القنبلة الذرية وتتعرّض لأعنف العواصف الأمنية.
الجمهورية الإسلامية الإيرانية تعتبر استخدام الأسلحة النووية والکيمياوية وأمثالها ذنباً کبيراً لا يغتفر. لقد اطلقنا شعار «شرق أوسط خال من السلاح النووي» ونلتزم بهذا الشعار. وهذا لا يعني غضّ الطرف عن حق الاستفادة السلمية من الطاقة النووية وإنتاج الوقود النووي. الاستخدام السلمي لهذه الطاقة حقّ لکل البلدان حسب القوانين الدولية. يجب أن يستطيع الجميع استخدام هذه الطاقة السليمة في شتى مجالات الحياة لبلدانهم وشعوبهم، ولا يکونوا تابعين للآخرين في تمتّعهم بهذا الحق. لكن بعض البلدان الغربية التي تمتلك هي السلاح النووي وترتکب هذا العمل غير القانوني ترغب في أن تحتکر القدرة على إنتاج الوقود النووي. ثمة تحرّك غامض مُريب راح يتکوّن لتکريس واستمرار احتکار إنتاج وبيع الوقود النووي داخل مراکز تُسمّى دولية، لکنها في الواقع في قبضة بضعة بلدان غربية.
والسخرية المرّة في عصرنا هي أن الحکومة الأمريکية التي تمتلك أکبر مقدار من الأسلحة النووية وغيرها من أسلحة الدمار الشامل وأکثرها فتکاً، وهي الوحيدة التي ارتکبت جريمة استخدام هذه الأسلحة، تريد اليوم أن تكون حاملة راية معارضة الانتشار النووي! هم وشرکاؤهم الغربيون زوّدوا الکيان الصهيوني الغاصب بالأسلحة النووية وخلقوا تهديداً کبيراً لهذه المنطقة الحسّاسة، لکن نفس هذه الجماعة المخادعة لا تطيق الاستخدام السلمي للطاقة النووية من قبل البلدان المستقلة، بل ويعارضون بکل قدراتهم إنتاج الوقود النووي لغرض الأدوية وسائر الاستهلاکات السلمية الإنسانية، وذريعتهم الکاذبة الخوف من إنتاج سلاح نووي. وبخصوص الجمهورية الإسلامية الإيرانية فهم أنفسهم يعلمون أنهم يکذبون، لکن الممارسات السياسية حينما لا يکون فيها أدنى أثر للمعنوية، تُجيز الکذب أيضاً. والذي لا يستحي في القرن الحادي والعشرين من إطلاق لسانه بالتهديدات النووية هل تراه يتحاشى ويستحي من الکذب؟!
إنني أؤکد أن الجمهورية الإسلامية لا تسعى أبداً للتسلح النووي، کما لن تغضّ الطرف أبداً عن حق شعبها في الاستخدام السلمي للطاقة النووية. شعارنا هو«الطاقة النووية للجميع، والسلاح النووي ممنوع على الجميع». وسوف نصرّ على هذين القولين، ونعلم أن کسر احتکار عدة بلدان غربية لإنتاج الطاقة النووية في إطار معاهدة حظر الانتشار هولصالح کل البلدان المستقلة بما في ذلك البلدان الأعضاء في حرکة عدم الانحياز.
تجربة ثلاثة عقود من الصمود الناجح حيال التعسّفات والضغوط الشاملة لأمريکا وحلفائها أوصلت الجمهورية الإسلامية إلى قناعة حاسمة فحواها أن مقاومة شعب متّحد وذي عزيمة راسخة بوسعها التغلب على کل الهجمات المخاصمة المعاندة، وفتح طريق الفخر نحوالأهداف العليا. التقدم الشامل لبلادنا في غضون العقدين الأخيرين حقيقة تنتصب أمام أعين الجميع، وقد اعترف بها المراقبون الرسميون الدوليون مراراً، وقد حصل کل هذا في ظروف الحظر والضغوط الاقتصادية والهجمات الإعلامية للشبکات التابعة لأمريکا والصهيونية. حالات الحظر التي سمّاها الهاذرون باعثة على الشلل لم تبعث على شللنا ولن تبعث عليه، وليس هذا وحسب بل ورسّخت خُطانا، وعلّت من هممنا، وعمّقت ثقتنا بصحة تحليلاتنا وبالقدرات الداخلية لشعبنا. لقد رأينا بأعيننا مرّات ومرّات معونة الله على هذه التحدّيات.
أيها الضيوف الأعزاء…
أرى من الضروري هنا التطرّق إلى قضية جد مهمة. ومع أنها قضية تتعلق بمنطقتنا لکن أبعادها الواسعة تجاوزت هذه المنطقة وترکت تأثيراتها على السياسات العالمية طوال عدة عقود، ألا وهي قضية فلسطين المؤلمة. خلاصة هذه القضية هي أن بلداً مستقلاً ذا هوية تاريخية واضحة اسمه فلسطين اغتصب من شعبه في إطار مؤامرة غربية مُرعبة بزعامة بريطانيا في عقد الأربعينيات من القرن العشرين، ومُنِح بقوة السلاح والمذابح والمخادعات لجماعةٍ هُجّر معظمهم من البلدان الأوربية. هذا الاغتصاب الکبير الذي رافقته في بداياته عمليات تقتيل جماعية للناس العزّل في المدن والقرى، وتهجيرهم من بيوتهم وديارهم إلى البلدان المجاورة، تواصل طوال أکثر من ستة عقود على نفس الوتيرة من الجرائم، ولا يزال مستمراً اليوم أيضاً. هذه إحدى أهم قضايا المجتمع الإنساني. ولم يتورّع الزعماء السياسيون والعسکريون للکيان الصهيوني الغاصب طوال هذه الفترة عن ارتکاب أية جريمة بدءاً من تقتيل الناس وهدم بيوتهم وتدمير مزارعهم، واعتقال وتعذيب رجالهم ونسائهم وحتى أطفالهم، إلى الإهانات والإذلال الذي مارسوه ضد کرامة هذا الشعب، والسعي لسحقه وهضمه في معدة الکيان الصهيوني المولعة بالحرام، وإلى الهجوم على مخيّماتهم التي تضمّ ملايين المشرّدين في فلسطين نفسها والبلدان المجاورة. أسماء مثل «صبرا» و«شاتيلا» و«قانا» و«دير ياسين» مسجّلة في تاريخ منطقتنا بدماء الشعب الفلسطيني المظلوم. والآن أيضاً، وبعد مرور خمسة وستين عاماً، تتواصل نفس هذه الجرائم في سلوکيات الذئاب الصهيونية الضارية بالبقاء في الأراضي المحتلة. إنهم يرتکبون الجرائم الجديدة تباعاً ويخلقون أزمات جديدة للمنطقة. قلّ ما يمرّ يوم لا تبث فيه أنباء عن قتل وإصابة وسجن الشباب الناهضين للدفاع عن وطنهم وکرامتهم والمعترضين على تدمير مزارعهم وبيوتهم. الکيان الصهيوني الذي أطلق الحروب الکارثية، وقتل الناس، واحتلّ الأراضي العربية، ونظّم إرهاب الدولة في المنطقة والعالم، وراح يُمارس الإرهاب والاغتيالات والحروب والشرور لعشرات الأعوام، يُسمّي أبناء الشعب الفلسطيني الثائر المناضل من أجل إحقاق حقوقه إرهابيين، والشبکات الإعلامية التابعة للصهيونية والکثير من وسائل الإعلام الغربية والمرتزقة تکرّر هذه الکذبة الکبرى ساحقة بذلك التزامها الأخلاقي والإعلامي. والزعماء السياسيون المتشدّقون بحقوق الإنسان يغضّون الأنظار عن کل هذه الجرائم، ويدعمون دون خوف أوخجل ذلك الکيان الصانع للکوارث، ويظهرون في هيئة المحامي المدافع عنه.
ما نقوله هوأن فلسطين للفلسطينيين، والاستمرار في احتلالها ظلم کبير لا يطاق، وخطر أساسي على السلام والأمن العالميين. کل السبل التي اقترحها وسار فيها الغربيون وأتباعهم ل «حلّ القضية الفلسطينية» خاطئة وغير ناجحة، وکذلك سيکون الأمر في المستقبل أيضاً. وقد اقترحنا سبيل حلّ عادل وديمقراطي تماماً. يشارك کل الفلسطينيين، من مسلمين ومسيحيين ويهود، سواء الذين يسکنون حالياً في فلسطين أوالذين شرّدوا إلى بلدان أخرى واحتفظوا بهويتهم الفلسطينية، يشاركون في استفتاء عام بإشراف دقيق وموثوق، فينتخبون البنية السياسية لهذا البلد، ويعود کل الفلسطينيين الذين تحمّلوا لسنوات طويلة آلام التشرّد إلى بلدهم فيشارکوا في هذا الاستفتاء، ثم تدوين الدستور والانتخابات. وعندها سيعمّ السلام.
وأودّ هنا أن أقدّم نصيحة خيّرة للساسة الأمريکان الذين ظهروا دوماً کمدافعين عن الکيان الصهيوني وداعمين له. لقد سبّب لکم هذا الکيان لحد الآن الکثير من المتاعب، وجعلکم وجهاً کريهاً بين شعوب المنطقة، وشريکاً لجرائم الصهاينة الغاصبين في أعين هذه الشعوب. والتکاليف المادية والمعنوية التي فرضت على الحکومة والشعب في أمريکا طوال هذه الأعوام المتمادية تکاليف باهضة، وإذا استمر هذا النهج في المستقبل فمن المحتمل أن تکون التکاليف التي تتحمّلونها أکبر. فتعالوا وفکّروا في اقتراح الجمهورية الإسلامية بشأن الاستفتاء، واتخذوا قراراً شجاعاً تنقذون به أنفسکم من هذه العقدة المستعصية. ولا شك أن شعوب المنطقة وکل الأحرار في العالم سيرحّبون بهذه الخطوة.
أيها الضيوف المحترمون…
أعود إلى کلامي الأول فأقول إن ظروف العالم حسّاسة، والعالم يمرّ بمنعطف تاريخي جد مهم. ومن المتوقع أن يکون ثمة نظام جديد في طريقه إلى الولادة والظهور. ومجموعة بلدان عدم الانحياز تضمّ نحوثلثي أعضاء المجتمع العالمي، وبوسعها ممارسة دور کبير في صياغة المستقبل ورسمه. وتشکيل هذا المؤتمر الکبير في طهران له بدوره معنى عميق ينبغي أن يُؤخذ بنظر الاعتبار في الحسابات. نحن أعضاء هذه الحرکة نستطيع عبر تظافر إمکانياتنا وطاقاتنا الواسعة ممارسة دور تاريخي باق من أجل إنقاذ العالم من الحروب والهيمنة وانعدام الأمن.
وهذا الهدف لا يتحقق إلا بالتعاون الشامل في ما بيننا. ليست قليلة بيننا البلدان الثرية جداً والبلدان ذات نفوذ دولي. ومعالجة المشکلات بالتعاون الاقتصادي والإعلامي وتبادل التجارب التقدمية أمور متاحة تماماً. يجب أن نرسّخ عزيمتنا ونکون أوفياء للأهداف، ولا نخشى سخط القوى العاتية، ولا نفرح ونطمئن لابتساماتها، ويجب أن نعتبر الإرادة الإلهية وقوانين الخلقة دعامة لنا، وننظر بعين العِبرة لانهيار تجربة المعسکر الشيوعي قبل عقدين، وانهيار سياسات ما يسمّى بالليبرالية الديمقراطية الغربية في الوقت الحاضر، والذي يرى الجميع مؤشراته في شوارع البلدان الغربية والأمريکية والعقد المستعصية في اقتصاد هذه البلدان. وبالتالي لنعتبر سقوط المستبدين التابعين لأمريکا والمتعاونين مع الکيان الصهيوني في شمال أفريقيا، والصحوة الإسلامية في بلدان المنطقة، لنعتبرها فرصة کبيرة. بإمکاننا أن نفکّر برفع مستوى الفائدة السياسية لحرکة عدم الانحياز في إدارة العالم، وبمقدورنا إعداد وثيقة تاريخية لإيجاد تحوّل في هذه الإدارة، وتوفير الأدوات التنفيذية لها.. بوسعنا التخطيط لحالات تعاون اقتصادي، وإيضاح نماذج التواصل الثقافي بيننا. ولا ريب أن تأسيس أمانة عامة ناشطة ومتحفزة لهذه المنظومة ستستطيع المساعدة على تحقيق هذه الأهداف بصورة کبيرة ومؤثرة.
وشکراً.
شوقي إبراهيم عثمان
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.