بسم الله الرحمن الرحيم من أجل ذلك الخرطوم 10 أغسطس 2013م لابد أولا وقبل كل شيء أن تتقي الحكومة الله ، الذي سيسألها كثيرا وكثيرا جدا عن شعب السودان ، ومن بعد ذلك تترك التغاضي والتخفيف من وقع الكارثة الحقيقية بحدوث موجة السيول والفيضانات و(المتوقع استمرارها) ، وتأمر إعلامها الرسمي (غير المتابع كثيرا) أن (يخجل) من نفسه وهو لا يحس بشعبه إلا قليلا ، ولا يعير معاناة (الآلاف من الغبش) الاهتمام المسئول ، وهو يري متلقيه في شرق النيل والجزيرة ونهر النيل والنيل الأبيض وغيرهم ، يلتحفون السماء ، منذ عواصف المطر الأول منتصف شهر رمضان حتى موجات الطوفان أيام العيد المبارك . ثانيا وهو السؤال الذي يجب أن يسأله الناس لحكومتهم التي ((انتخبوها)) ومعهم البرلمان ((المتثائب)) ، وبوجود هذه الكوارث ، عن عدم قيامها بإعلان مناطق الفيضانات ((مناطق كوارث)) ككل العالم والناس ، ليهب إليهم بقية الناس لنجدة بني جلدتهم الذين تشردوا في العراء ؟ . والله إنه لأمر محير !! . هل تخجلون يا سادة من هذا الإعلان ؟ هل سيكون مؤلما أن يسألكم مسئولو الجهات عن إهمالكم للبنايات الهندسية للمجاري المائية وتعبيد الطرق وعدم إنشاء الكباري الصغيرة والكبيرة علي الطرق المسفلتة العابرة للولايات ؟ . باعتقادي لا داعي للخجل إن كان هذا هو سبب ترككم للمنكوبين من غير إغاثة حقيقية . لان العالم كله تعود علي سماعكم تتحدثون ولا تفعلون إلا قليلا . الناظر إلي الواقع إن لم يكن أعمى (القلب) ، وحسب الإعلانات والنداءات العديدة من الكثير من جهات السودان ، أن الملايين من أبناء الشعب السوداني وسط ضعف البنيات الهندسية في تصريف المياه رغم المليارات التي تصرف سنويا ، يواجهون خطر الأمطار والفيضانات والأمراض المصاحبة للكوارث الطبيعية من تلوث المياه والطعام وخراب الأراضي الزراعية وما عليها من زرع وضرع . والوقائع تقول إنها البداية المدوية فقط لكوارث الخريف هذا العام والأعوام التالية ((سلمّنا الله جميعا)) الذي حذرت منه الكثير من الدراسات المناخية العالمية والمحلية التي توقعت حدوث كوارث الفيضانات بسبب الاحتباس الحراري وتبعاته . والسودان يقع ضمن المناطق التي تتهددها الفيضانات والعواصف الماطرة المتوقعة هذه . لذلك يفترض وقتيا وطالما الأرصاد الجوية تتوقع للموقف المزيد ، لا بد من إعلان مناطق في وسط وشرق وشمال السودان مثل شرق النيل وأم بدة والفتح وكرري في ولاية الخرطوم ، ومعها شرق الجزيرة وبربر وبعض مناطق نهر النيل والولاية الشمالية والنيل الأبيض وغيرها من المناطق التي تشرد فيها الآلاف ومتوقع فيها تفاقم الأمر ، يجب إعلانها مناطق كوارث ضربها ومتوقع أن يضربها الفيضان والأمطار الهائلة والتهدم المائي بعد زوال العمران منها . إذ لا يوجد حرج من أي نوع يؤجل هذا الإعلان وهو من الأمور الطبيعية جدا وحدثت في كبريات المدن في العالم . كيف ذلك ؟ وهذه المناطق تشرد فيها ومتوقع فيها أن يتشرد الآلاف من العائلات السودانية . منهم الشيخ الكبير والنساء والأطفال واليتامى والأرامل والفقراء وغيرهم من رعايا الدين والوطن وكلهم مسئوليتنا الجماعية . وللدلالة علي الفداحة في الفقد وهي البداية كما هو متوقع ، أوضحت التصريحات (الرسمية) أن في ولاية الخرطوم وحدها ، مقتل وفقدان العشرات من الشهداء من بينهم أطفال ونساء ، مع تهدم أكثر من 12 ألف منزل تهدما كاملا أو جزئيا . وهذا رصد حدث قبيل أمطار يوم (الجمعة) ثاني أيام العيد التي لا تزال تتوالي خسائرها في نهر النيل والولايات الوسطي وسط تعتيم متعمد للأرقام والضحايا . والجولات الحقيقية القليلة أثبتت أن قرى بأكملها مسحت ، وما صمد منها يبقى محاصرا بالمياه ولا يمكن أن تصلح للسكن . ذلك دون إغفال التخوف من انتشار الأمراض والأوبئة المصاحبة للكوارث المائية في ظل تجمع كميات كبيرة من المياه . صحيح بدأت جهود شعبية وأهلية وشبابية تستحق الاحترام والإشادة وهم يهبون لمعونة المتضررين من الفيضانات ، لكن الواضح انه يوجد تخبط شديد في الأداء الحكومي لإدارة الأزمة والله أعلم ربما عدم رغبة في الإدارة أصلا . وليس أدل علي ذلك من أن حكومة السودان لم تقم حتى اللحظة بإعلان المناطق المنكوبة هذه ((مناطق كوارث)) حتى تهرع الجهات المتخصصة والمنظمات في بقية الدول الصديقة والشقيقة لنجدة أهلنا المنكوبين . ولا تنفع هنا كثيرا وفي هذه الحالات دعوات المنظمات الأهلية . إذ أن الإعلان عن الكارثة هو إعلان رسمي عن قبول تحركات هذه الدول لنجدة المنكوبين من أبناء وطننا . ومن خلال الوقوف الحي والتواصل الآن مع بعض الزملاء الآخرين الذين غطوا إعلاميا هذه الفيضانات في موقع الحدث ، تأكد للمتابع والمهتم بأن هناك حاجة ماسة للغاية بدعم عاجل يفوق المقدرات المحلية . نحن مطالبون الآن كمواطنين وإعلاميين وبرلمانيين ومفكرين ومثقفين ومبدعين وسياسيين ، عاجلاً وليس آجلاً بالضغط على الحكومة السودانية للتحرك الفوري المؤثر لإنقاذ ما يمكن إنقاذه ، والإعلان رسميا بأنها تحتاج لإغاثة عاجلة إذا لم تحس هي بهذه الفاجعة . فالكثير باعتقادي من الدول الصديقة على أهبة الاستعداد وخاصة الدول الإسلامية لمساعدة الشعب السوداني متى ما أعلنت الحكومة ذلك . فليس من العيب أن نطالب بإنقاذ الناس من الموت والدمار والتشرد ، لكن العيب كل العيب أن تسكت الحكومة على الكارثة وهي تحصد أرواح البشر، بينما الأجهزة الرسمية و الإعلامية الحكومية تقوم بدور الترويح عن الوجه ((الآخر)) للحكومة وعهدها الذهبي الذي تعرفه الطبقة المخملية وحدها ، وهم يتباهوا في قنواتهم بأنهم قدموا انجازا بتصريفهم المياه دون أن يصاب احد بأذى أو ضرر كما رددوا ذلك وادعوا . لو كنت مكان الرئاسة و الولاة المنكوبة ولاياتهم (وأدعو أن لا يجعلني الله مكانهم) وسط هذا الإهمال والتقصير الكبير والواضح في البنيات ، لو كنت وقبل أن أستقيل ، لأعفيت أولا كل ((سياسي بحكم الولاء)) يجلس في منصب فني أو تنفيذي له صلة بأرواح الناس ، وتركت المختصين يديرون بكل مهنية وحرفية لإنهاء الأزمة التي نرجو ربنا ((الله)) تعالي أن لا تطول وتنتهي سريعا ولأعلنت حالة الطوارئ . ولأعفيت قيادة الإعلام الحكومي (الأفلاطوني) الذي يهتم بالشكليات وصغير أخبار الحكومة ووزرائها وتأكيد أن الأوضاع (مهلبية) ، وأتيت بقادة يفعلوا (فِعل) التلفزيون والإذاعة أيام فاضت السماء والنيل عام 1988م ، إذ قطعا بث برامجهما المعتادة وتحولا إلي الاهتمام بالمناطق المنكوبة ، فكانا قريبين من الناس ونبضهم ومعاناتهم رغم ضيق الإمكانيات تلك الأيام بالمقارنة مع الحاضر . بكل تأكيد هي كارثة حقيقة قدرها الله تعالى ليختبر الجميع ومنهم هذه الأجهزة التنفيذية ، التي أهملت واجبها ، فقد الآلاف منازلهم ومصادرهم لمياه الشرب ، وآخرون تقطعت بهم السبل نتيجة لتدفق المياه التي منعت من الوصول إليهم ، وسط توقعات بمواصلة هطول المزيد من الأمطار في الأيام القادمة ما يمكن وصفه بأنه سيجعل الوضع أكثر سوءا . وبالرغم أنه لم تسجل وفيات بسبب السيول في بعض المناطق ، لكننا فقدنا العشرات من المواطنين السودانيين ((شهداء)) في مناطق أخرى ، وألحقت الفيضانات دمارا كبيرا في البنية التحتية للمشاريع الزراعية في مناطق يعول عليها كثيرا في الزراعة ، مخلفة كذلك مشردين أبدوا خشيتهم من تردي الأوضاع الصحية وتفشي الأوبئة ، مطالبين السلطات بتوفير مأوى لهم . وكل هذا السرد محاولة لشحذ الهمم والطاقات المنصرفة في شئون أخري ، عسي أن يؤدي كل واحد دوره الذي يُسأل عنه يوم القيامة عند الملك الحق تعالي شأنه وجلّ ، وليعلم من يملك بيتاً يقيه المطر والبرق والرعد والتشرد ، أن أخاه في الدين والوطن تشرد ودمر منزله وجرفت تجارته أو حرفته أو زرعه . وربما تسكن بجواره أرملة لها عيال ضاع سكنهم أو نساء لا عائل لهم أو شيخ هرم على عاتقه أكباد حارة حية لا تحتمل في هذه الأجواء الرطبة جوع الساعات ناهيك الأيام وهم يلتحفون العراء أو خيمة جاءتهم بها جهة حاولت بها مسح تلكؤ أو تقصير جهة نتاجه دمار المجتمع . [email protected]