مجلس الأمن يعبر عن قلقله إزاء هجوم وشيك في شمال دارفور    أهلي القرون مالوش حل    مالك عقار – نائب رئيس مجلس السيادة الإنتقالي يلتقي السيدة هزار عبدالرسول وزير الشباب والرياض المكلف    وفاة وزير الدفاع السوداني الأسبق    بعد رسالة أبوظبي.. السودان يتوجه إلى مجلس الأمن بسبب "عدوان الإمارات"    السودان..البرهان يصدر قراراً    محمد صلاح تشاجر مع كلوب .. ليفربول يتعادل مع وست هام    أزمة لبنان.. و«فائض» ميزان المدفوعات    قوة المرور السريع بقطاع دورديب بالتعاون مع أهالي المنطقة ترقع الحفرة بالطريق الرئيسي والتي تعتبر مهدداً للسلامة المرورية    شاهد بالصورة.. بعد أن احتلت أغنية "وليد من الشكرية" المركز 35 ضمن أفضل 50 أغنية عربية.. بوادر خلاف بين الفنانة إيمان الشريف والشاعر أحمد كوستي بسبب تعمد الأخير تجاهل المطربة    شاهد بالفيديو.. نجم السوشيال ميديا "أدروب" يوجه رسالة للسودانيين "الجنقو" الذين دخلوا مصر عن طريق التهريب (يا جماعة ما تعملوا العمائل البطالة دي وان شاء الله ترجعوا السودان)    شاهد بالفيديو.. خلال إحتفالية بمناسبة زواجها.. الفنانة مروة الدولية تغني وسط صديقاتها وتتفاعل بشكل هستيري رداً على تعليقات الجمهور بأن زوجها يصغرها سناً (ناس الفيس مالهم ديل حرقهم)    اجتماع بين وزير الصحة الاتحادي وممثل اليونسيف بالسودان    شاهد بالفيديو.. قائد الدعم السريع بولاية الجزيرة أبو عاقلة كيكل يكشف تفاصيل مقتل شقيقه على يد صديقه المقرب ويؤكد: (نعلن عفونا عن القاتل لوجه الله تعالى)    محمد الطيب كبور يكتب: السيد المريخ سلام !!    حملات شعبية لمقاطعة السلع الغذائية في مصر.. هل تنجح في خفض الأسعار؟    استهداف مطار مروي والفرقة19 توضح    لماذا لم تعلق بكين على حظر تيك توك؟    السينما السودانية تسعى إلى لفت الأنظار للحرب المنسية    ب 4 نقاط.. ريال مدريد يلامس اللقب 36    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    أحمد السقا ينفي انفصاله عن زوجته مها الصغير: حياتنا مستقرة ولا يمكن ننفصل    بايدن يؤكد استعداده لمناظرة ترامب    الأهلي يعود من الموت ليسحق مازيمبي ويصعد لنهائي الأبطال    صلاح في مرمى الانتقادات بعد تراجع حظوظ ليفربول بالتتويج    سوق العبيد الرقمية!    أمس حبيت راسك!    (المريخاب تقتلهم الشللية والتنافر والتتطاحن!!؟؟    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    "منطقة حرة ورخصة ذهبية" في رأس الحكمة.. في صالح الإمارات أم مصر؟    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    لطرد التابعة والعين.. جزائريون يُعلقون تمائم التفيفرة والحلتيت    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    حدثت في فيلم كوميدي عام 2004، بايدن كتبوا له "وقفة" ليصمت فقرأها ضمن خطابه – فيديو    خادم الحرمين الشريفين يدخل المستشفى    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    مدير شرطة ولاية نهرالنيل يشيد بمجهودات العاملين بالهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس    صلاح السعدني ابن الريف العفيف    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نشوق الرّوح... بين بوادي الكبابيش وصبا نجد .. بقلم: عبيد الطيِّب "ودالمقدم"
نشر في سودانيل يوم 19 - 08 - 2013


وراود النعاس بؤرة الشعور برهة...."
فاستعصمت....
تثاءبت خواطري...
مسحتها بزركشات طية المنديل
نفضت رياشها .. وغردت
أطاعك النسيم والسكون ...
واشرأب لاشتفافك القدح....
تجاوزوه....
إنما أريد أن يذوب فيه
قرص بدرنا التمام....
والنجم والغناء والهباء...."
" الشاعرعبد القادرالكتيابي"
حين تقسو علينا الغربة ، وليلها الخازي البهيم، والذي يشبه في قساوته وطوله سياسيّ بلادي ، فليل الغربة وانعدام النجيمات الحنان، يجعلني دائما أستجير بشعر الرائع الكتيابي، فكنت حين "أروز" الغربة ،وتغلبني وتهزمني وتقهرني، أستعين "واستعزي" بشعره ، وأحمل معي بعض مقاطع من شعره، وأكرب بها قُشاطتي، وأعيد الكرة مرة أخري، و"اروزها" فأجد نفسي "أجضِّيها" بإمتياذ
حسبي احبك ايها الوطن الذي...
من شمسه نسج الظلالا.........
ياقُبة الالوان والشّجن المطلسم
ايُّها المهووس بالعُنقِ المقسّم......
والصلاة علي النبيِّ وعشق عاشقه تعالي........
عبد القادر الكتابي، في سماء شعرنا ،كندوة مزنة أُم بشَّار، حين تلوح بعرض الأُفق، وفي أرضنا ،كنار السناف التي تشبُّ ليلا في العُلو، و هودعاش الشعر السوداني، ولم أجد في شعره الكذب، ولا شهيق النفاق، ولا الصنعة التي تلوي عنق القوافي، فهو شاعر بكل ما تحمل هذه الكلمة من معاني، لا يقول الشِّعر الدعيُّ أبدا، ولا يعرف الحروف "المعكوفة"
أروزها أي أجضِّيها أو أحملها بقوة أوكما يقول خرّيت الصحراء ،وصاحب دُرع "البياحات" العتامير..........الشاعر الكباشي، علي ود قدّال.......
"كعب الزول يلوم أصحابو دون تأكيد
والمقسومة لا بتخِس ولا بزِّيد
البنروزها بنشيلها إن بقيت حديد
والبنخطها الولد البشيلها شديد"
(2)
البادية رشّشت ، والبرق العبّادي اللِّميع ،يسارق ويرسل الدِّعاش والواوير، بعد أن يضمخه بنوّار السِّعات والإندراب والكتر،او كما يقول شيخنا إبراهيم الدلاّل:-
"كبّن لي الرّشايم فوق عقابات صيفو
ونوَّار سمرو صرّاهو الدِّعاش في طريفو
الناس الكبار حضروا الزمان بي عريفو
ماقالولنا لاقاهم جدي بي شنيفو"
ويخلطه بمُسيال ، ستّات اللّكيك وصاحبات "السُّدرانة" ،وعسّاف أم قريناً ندْ والدِّيس السّابل والمعلّل والمعبَّق بالدّايوق ومعمول الدّواسر ، وشقيق صندل البدويّات الرعابيب،
"ستّات ريدنا من تالاهن الهوي ضارب
بخور شيبة ولباناً طلّقنُّو مغارب
ستّات اللّكيك والمنزل المتقارب
فيهن فسحة ليّا ولي طويل الغارب"
ثم يربطه في طرف هديم ،سمحين النّافلة ،
و يشبله في طوق قمري الدّغش وهمبريب الجنوب، فنهرع لقدومه الميمون ويقتلنا الشّرف ونحن نردِّد........
"من شرفك عضامي إتْلَحِّن
شبكت الخمسة في الخمسة وبقيت مِتْمحِّن
الشَّتلة الفوقها مكنات البوابير قحِّن
داير أتوقها عيل جنحي أبن مايرحِّن"
(3)
قبل أيّام تملكتني حالة مشابهة، بعد هطول أمطار غزيرة، علي ربي نجد وتلالها القُفر.
خرجت مسرعا، لعليّ أستنشق دعاشا ،او همبريبا ، وأنا أرنو إلي البرق العبادي،...
اشاشي اشاشي حين تُرعدُ السَّواري المُدْجنات .......
وتُرسل دعاشا مُضمخا بنوَّار أشجاركم الوارفات
وأشوم بِروقها فأعرف مَناهِل امطارها الهاطلات......
وأسرِجُ بعيري وأُدلجُ ليلا لأنَّ فؤادي للجمال عاشقة ...
وأُوقِنُ أنَّها في عُمق البوادي وفوق الروابي وعند التلال.......
وأسمعُ هديل الطيور وخرير الجداول بماءٍ نميرٍ زلال
وقد اكتسي الوادي وقف السَّنافِ (بعُشبٍ طريٍّ ثوبا وشال)
وحين تُزقزقُ عصافير روحي بذيَّاك العَبق ......
تقوقي القماري وتعزف لحنا طِيوري الناشقة ........
وحين تعذر ذلك،لويت مقود مطيتي، صوب البراري، ممنيا نفسي برغاء بعير، او نباح كلب..........!
او حتي نار سناف تشبُّ بقنافٍ ، أورائحة جديد المطر ، حين يضمخه فوح الخُزاما والصّليان والقيصوم، ووقفت فوق رُبي نجد وحصباءها، وبدأت أسال البدو "الطِّعوس" من فلان وفلان..... ،كما سأل سابقا شاعر المقام والمقال أبا الطيب
"نحن أدري وقد سألنا بنجدٍ أقصيرٌ طريقنا أم طويل
وكثير من السؤال إشتياق ٌ وكثير من ردِه تعليل"
وحين ضجر الرّكب من عناء الطريق ، كما يقول الأديب الراحل عبدالعزيز بن عبد المحسن التويجري ، حيّا قبره السواري المٌدْجنات ،صرتُ أهرول من تلّة إلي تلّة، وأنا أشيح بعُنقي، نحو الأفق البعيد..... لعلي أري شهاب أبا العلاء .......
"الموقودون بنجدٍ نارَ باديةٍ لا يحضُرون وفقْدُ العزِّ في الحَضَر
إذا همي القطْرُ شبَّتها عبيدُهُمُ تحت الغمائمِ للسَّارين بالقطُر"
وللّه در الشّاعر الخليجي حين يصفهم من الشِّعر النّبطي......
"قالو بدو قلت الصّفا والنقاوة........
يا زين شوفتهم علي الضّو جُلاّس"
وحيّا الضحوي العوير قبر شاعر الدوبيت المجيد حقا ود الشّلهمه حين يقول:-
"قشِّك قلَّع الدُّرَّاب وطاتو إنحلَّت
وفي الزّكك البِشُق مُرياح سعيتِك تلَّت
فيك نزل أب لساناً بي مسيخ ما فلَّت
ومجّادعين بعيد خافو الرِّزق يتخلَّت"
وحيّا النِّحاسي وأشابيبه الممطرة قبر الشاعر الكباشي الراحل النور شيخ إدريس وهو القائل:-
"الشّبلت خُروسها وبي الدّهب مرصوصة
دانولها الوهيط أبو حُوفةً مرشوشة
من وادي الملك قطعوبها فوق كاروشة
وقامو مضاري قاطرين الردوف أم شوشة"
" الزّكك هو الشبع والتخمة حد النفاخ، ومُرياح يقصد النار التي توقد في مراح البهائم لرواحها، ولطرد النّاموس والباعوض ،وتلَّت اي شبّت ،والحُوفة هي عُرف ضروة البعير و هي ذروة سناب البعير، ومرشوشة اي بها رشح من بول البعير، عندما يكون هائج، ويسمونه المِصاع، و المضاري بفتح الميم هي خيام العذاري، التي تنشق وترحل مع النِّعم ،والرَّدوف هي الناقة التي مات فصالها ثم ولدت مرة أخري ومات فصالها الثاني وتمتلأُ شحما ،والشوشة هي الوبر الذي يكون علي ذروة السناب"
(4)
الآن أدركت ووجدت، لميسون الكلابية العذر، عندما تركت دمقس معاوية والفُرْه ، ورحابة المُضّجع ونعومة الزّاد، ورحلت مهرولة صوب مضارب، أهل السّماحة وبياض النيّة ،وكأني أسمعُ فرقعة "سُدرانتها" وقرونها التي داعبتها النسايم وهي تردِّد:-
" لبيت تخفق الأرواح فيه أحب إليّ من قصر منيف
وأصوات الرياح بكل فجٍ أحب إلى من نقر الدفوف
وكلب ينبح الطراق دوني أحب إلي من قط أليف
وبكر يتبع الأظعان صعب أحب الي من بغل زفوف
تُري من يفكّ عقالي........؟!
وأنا أرزم كما النُّوق اللّقح ،وأردّد مع الرائع حسن دياب
"عربان عبلة نزولو الدَّوْ جِمالهُن دلَّت
ونيران عبلة فوق قلب المتيّم تلَّت
قصّة ريدنا قولو إتْعقَّدت ما إنحلَّت
وآخر طلقة من هدف البريريب جلَّت"
ليت عُربان عبلة، يعلمون بأن القلوب تُضام، وأن الأرواح تزقزقُ كما العصافير،وأن الحنايا تشهقُ..، وحين توسّدتُ حروفي، وتوكأتُ علي الدّعاش والغمام والخيال،ركبت مطايا القوافي الشّرود ، كتبت هذا الدوبيت، لم أكن شاعرا ولكننا حين تُرعد الأشواق ، تومض لها حنايانا،فتحيض قلوبنا شجنا لا شبقا.....
أمِس دُغشية يا المفتاح مطرةً رشَّتْ
ودعاشةً فايحة شاشت لي الرِّويحة ونشَّتْ
معالق قلبي بشويش غافلتها وخشَّتْ
وسلوك الرَّيد نقرتها ووين شبكتي الطشَّتْ
***********************
البرق البِولْوِل قِبلي يرسُم ويِمْحَه
عشان ما يشيلُّو من فرَّت فِويطْرِك لَمْحه
مع الدُّغشية سارق وجاب دعاشةً جمْحه
قلبي الغاوي شارف وشاشا ليك يا السمْحه
*************************
برقاً فرّاَ دُغْشيَّة وسحابو ادَّكَّنْ
طلق واويرو نسَّامو ودعاشتو إنفكَّنْ
ريشات قلبي لي الرَّايماهو طارن وركَّنْ
وطيور الذكري في جوايا جاجَن وعكَّنْ
**************
شبه بي المريق جفلن رواينو وجكَّن
غرز نشابو فوق تمرة فؤادي ومكَّن
يا أستاذ يحي إن كان الظروف ما دكَّن
بتوقو الشاشا لي قلبي وعيوني إتبكَّن
*****************************
صنفت روبزت سمعت سبيدرة رزَّت
جفلت توقرت شالت البعامي وفزَّت
شرفت شوفها تنبت وناضرتني وغزَّت
وبي سهما سنين حلقت معالقي وجزَّت
************************
"جاجن وعكّن اي صاحن مجتمعات،مع حركة إيقاعية ورقص ، وكثيرا ما تفعلها الطيور، إذا رأت ثعبانا او حيوانا مفترسا واهل البادية يقولون "جاجت الطيور" او جاجت الصقور حين تري فريسةً
"ضرب أم سيبة ابدا ما بنقولو غلبنا
ولي الحارّة أم صقوراً جاجن إتالبنا"
" والسبيدر اي الزخيرة، رزّت من الرزيز، جفلت اي شردت ، توقرت اي إبتعدت ، البعامي أي الذي لم تبذغ قرونه وهنا يقصد الجدي او ولد الغزال ، شرفت شوفها اي نظرت بريبة، ناضرتني اي نظرة نحوي وغزّت اي حدّقت بشدّة"
وما بنا إلاّ أن نشاشي لهوادج "أم نفل"، ولقد شاشي قبلنا الشاعر الأموي الأخطل
"صحا القلبُ إلاّ من ظعائن فاتني ............. بهنَّ أميرٌ مستبدُّ فأصعدا
وقرَّبْنَ للبين الجِمال وزُيِّنت..................بأحمر من لُك العراقِ وأسودا
وقُلْن لحاديهنَّ ويحك! غنِّنا............ .. بحداء أو بنت الكنانيّ فدفدا
يَقِلِنَّ إذا ما استقبل الصّيف وقدةً ............ وجرَّ علي الجُدّ الظنون ِ فأنْفدا"
وحين أصبح عزف القلوب للأ لحان الحزينة ،والمواويل الشجيّة ،مع إجراس الرحيل ديدننا أصبحنا نردِّد مع...
"اللَّقفال بكيرات البنادي العاني
أم سيدا يوت بكسر الحدْ علي الرطّاني
بي سافل الزِّرد مُشهاد ضعنهن جاني
عطَّافهن تبلدي الزرّْنَخ الغرباني
*********************
وين البي البسم متباشر
وأبو دوراً محل ما أطلُّو بلقاه مِقاشر
عبلوجة النّعمنا عِطون وهُنّ دواشر
رحيل عطَّافها اصبح كيف لواري الفاشر
*************************
(5)
لم أفيق من فهقة الشّوق والحنين، إلاّ علي وشوشت الرياح لأغصان شجيرات السَّمر،وهي تهمس في أذنه قائلة:-
إنِّي أشتمّ ريحة عروة بن حزام وإبن الدمينة......!
ولكن نسيما من الجنوب البعيد ، سمعت عبره اشجان علي ود دياب وينابيع مواويله الشجيّة ، وهو يناجي بعيره "السّوسيو"..
" بى الحاله العَلَى ماك دارى فى الباقيلك
ماك عارفنى جنيت من قعدت بشكيلك
طالب اللطنَب المسَّخ عليكا مقيلك
تعال نتغلطو فى الدير يبقى هيلى وهيلك
*********************
إنت خاف جنيت قعدتَ تناجل
اصبُر يا صبى البهديلى مو حق راجل
قصيبة المُرنع التيرابها بمشى فرادل
ليك بدنيها كان شفقان عليها بواجِل ْ
**************************
ولكن هيهات .... هيهات...
وكيف لنا أن نجتاز هذا الأحمر الزّاخر........!
وعندما أيْقنت وعرفت أن الظاعنين، يعرفون أننا عند مربط العجيل ، اي في جهة الشّمال الشرقي، لذا صار ديدنهم وعند وقت السّحر، يناجون البرق العبادي، ونُسيْمات صبا نجد،ٍالتي حرّكت لهم روب الأغصان، فهدهدت قُمري "البليب، وصاروا يجارونه لحنا بلحن، ومن إيقاع الجراري
"يا قميرية إن طرَّاكي
وذكرتينا معاكي
سمحة وتامّة صباكي
والفرع النَّيْ لولاكي ...................."
*"لولاكي من اللولاي او الهدهدا"
حدّقتُ في أديم رمال الصّحاري، ثم رمّلت فسادرني "محزوم"".....
" الخطَّاط بقول تالايا عينك قفلي".......
"رميت الخط بانن لي علامات فرحة
علي دككن نزولهن بي صعيدهن سرحة
ود أُمَّات حقُو البي السيس بياخدن مرحة
دارو فريقة عاين ها الوطاه المِنطرحة"
**************************
(6)
أفقت من غيبوبتي ، علي قهقهت شابان "أدروج"، أمردان ، يلوحان بضبٍٍ ، إصطاداه لتوه، وسرقت النظر إلي أحدهم وهو منتشيا وممسكا الضّب من ذنبه، ويهزُّ ساعده متستبشرا، وينادي وهو منتفخ الأوداج لثالثهم وهو قابع في سيارة "الجمس" الأنيقه، تمتمتُ في سرِّي مخاطبا لوّامتي:
الم يكن هذا هو ورل القيعان ... ......!
الذي صار مضرب الأمثال في الجُبن، ونفخ البطن، ورضاعة الماعز، لله درّ الشاعرة السعودية أشجان الهندي حين تقول:-
"وجدائل المطر الصغيرة.......
رقصت علي القيعان جدّلها الظّما
الخوفُ غول حائم بالباب...
إن قطعت من أطرافه طرفا نما......
هل إمتطي شاعرنا ابي الطيب المتنبي، بعد الأينق الماهرية وبيجاوياته ،آلة الزمن الهوليودية المجنونة...........؟! حين قال:-
لقد أَصْبَح الجُرذُ المستغيرُ أسيرَ المنايا صريع العَطبْ
رماه الكنانيُّ والعامريُّ وتلاّه للوجهِ فعل العربْ
كلا الرجلين اتْلي قتله فأيُّكما غلَّ حُر السَّلبْ
وأيُّكما كان من خلفه فإن به عضَّةً في الذَّنبْ
الجرذ هو الكبير من الفئران ويسمي عندنا في السودان "الجقر" حتي نجد اهل السودان يطلقون علي سيارة "التيمس" إسم الجقر تندرا ، والمستغير هوالذي يغير علي مؤن الفرقان والبيوت ويسطو عليها ، تلاّه اي صرعاه وقتلاه وهنا يسخر الشاعر من قاتلي الجرذ "الجقر" الكناني والعامري لأنهم صرعاه لوجهه، الغل: هو الخائن والسارق من مغانم الحرب خفية وخلسة، ويسخر الشاعر منهم لأنهم إشتركا في قتله ، فيسألهما أيكما إستحوذ علي سلبه وخان فيما سرق من الغنائم ، ثم يتمادي الشاعر بسخرية مضحكة ويسألهما أيكما عض الجرذ في ذنبه حيث يقول"فإن به عضّة في الذنب"
وهنا تحضرني ، سُخرية العمدة حمد محمد حامد ، في قصة بلّة الذي "تنبَّر" بقتل طائر الحبار ، وهي عند الكبابيش من أجبن الحيوان ، وتجدني أضحك كثيرا حين يردِّد العمدة بسخريته المعهودة:
"يقولو ليك بلّة كتل الحبارة...........كتل الحُبارة..............
أها دي قصّة بلّة الكتل بيها الحُبارة..........!
وقصّة المتنبي مع الجرذ او "الجقر"، تذكرني بقصة الشاعر الكباشي، الذي هجمت وغارت، إحدي الفئران او الجرذ علي مونته، وايضا أتلفت مُخلاته التي بها مقتنياته فصاح بها ساخرا ومتوعدا:-
"هوي يا فارة هي يا إنتاية
بعد الجنسية أ وعي تقدِّدي المُخلاية
إتِّي عديلة بي تحت الغُصن جرَّاية
وكانت شلت الضُّقُل ضيلك بقيف سقداية"
(7)
عمّت بشائر الخير ربوع الوطن الحبيب، مبشرة بخريف الرتوع أو خريف" شُرِّي دي اللّيتباشرن قبايلُو"
وكما وصفه الصديق دكتور جمعة البرِّي الكباشي
"البرق البِعَقْلُولو العطيش في حِرور
جاب لينا الدِّعاش قال الصعيد ممطور
اصبح نملو فوق كوم الدُّباب منشور
وطربان طيرو هبالو النسيم كافور
*****************
إتْراحل هرع من غادي جي مَدفور
واتحيَّن وقف مِنْلم جميع مضفور
أشابيب النِّحاسي وصبها المخبور
نزلت ديس فلاني الشبلولو سيور
**********************
عينة النترة ساقت وخرف العتمور
والضحوي البعم في صبو ديمة صبور
السيل وهط العالي وعني الشختور
واتخلط رحل عاد كبو مو معبور
********************
الوادي الرَّفس سقّايو في الصنقور
ضهبان سيلو في سدرو الشِّدر مدفور
مدَّرِّع رقبتو وممَّغِي وممسور
وفار جنحينو متمدِّد بعيد مفرور
*******************
لا بتشوف درو ولا بنفرز كرور
ولا بتعرف مفاصل ولا عدل مخبور
صبح رهادو متقرن بعيد ممسور
واتخلط جررب في مشافو بحور"*
وهذا ما حصل في السيول والأمطار الأخيرة، التي ضربت البلاد، ولكن مادام بلادنا اصبحت كلها كوارس ، ففي ظنّيِ كوارس الأمطار، خيرا وبركة لأنها كوارس نعمة لا نقمة، وأول هذه النعمة، طيور العينة، اوصقور الجديان، وأعني بذر ودرافين وشباب نفير، هؤلاء الشباب ، الزينين وسمحين النّافلة،والذين اصبحهوا للحزانا الضُّل والضرا........
شباب نفير مثل نجمة "السواقة" ،عند اهل الرّيف والبوادي ، لأن دورة ظهروها تأتي ،بعد خمسة وعشرين عاما، وأهل البادية تنتظر طلوعها وبذوغها بفارق الصبر، لأنها بشارة خير وفال فرح، وطلوعها يعني نجاح الخريف او الموسم ونجاح "الدّرت"، وبداية أفراح أهل الرّيف والبادية ، وأمثال شباب نفير، يطلق عليهم بالرّيف "عشا البايتات ودُخري الزّمان "،ومثل شابات نفير، يُكتنين ويسمين "أُم نفل....و أم شوايل" ،ويا صبايا "وصبيّن" نفير.... يسعدنا أن نتلقاكم بالدِّفوف ،وزغرودات الحسان، وشُبّال العذاري ، لأننا نرجو ان تكونوا أولاد وبنات صُرَّة السودان ، التي تنشدها رمّالية ودع موروث الوطن وقيمه، والتي أفتقدناه مع مجئ ليلةالضّلمة "أم كُبوس" ،ومع بذوغ قمركم الذي "فجّ" العتمة، وشهابكم الذي "تش" عين التفرقة بالنفير ، نترقب بذوغ شمس الحرية ، وحتي ولو عبر نار "المفراكة" الصّوّان والقدح.
"أبوك يا الدُّخري مابِطرْد البِتجفِل شاردة
وأُمّك أم نفل توب العروض لي زاردة
وحوض الضايحة أحوك مُشرع شراب الواردة
وأُختك زغردتا تِسن القلوب مي باردة
**********************
(8)
حين رأيت مسؤولا كبيرا مهروا، وعاضّا علي طرف جلبابه بأسنانه، من فعل السواري المُدجنات و"النّعَّاع أبو رزيز" ومن "كنجرت" شباب نفير ومن وراءه زمرته الذين أحسنت وصفهم ميسون الكلابية، وتسبقهم تحت عنافقهم حواصلهم، التي إمتلأت من عرق الجباه الشٌّم..........
ضحكت في سرِّي وردّدت جهرا:-
"أمانة يا مسؤولين ........
من عركة شباب نفير ضيلكم وقف سقداية.........!"
عبيد الطيب "ودالمقدم" بوادي الكبابيش 17-8-2013
المرجع- ديوان المتنبي شرح دكتور درويش الجويدي
ديوان الأخطل
مقتطفات من شعر اشجان الهندي
* مسدار دكتور جمعة "خريف البادية " أحسبه من أجمل ماقيل في الخريف وهو طويل ويحكي عن الخريف من بدايته وحتي وقت الدرت والأفراح المصاحبة له...
*"*"الأشابيب هي خطوط هطول المطر الرأسية ،والنّحاسي هو المطر الذي يكون بعد الضّحوي وقبل الضُهري ويكون سريعا ولكن هطوله غزيرا،الدّيس هو شعر المرأة ، وأشهر مشاط شعر العذاري عند الكبابيش هو "القادرية" ويكون في شكل نسع، والسيل وهَّط العالي أي جعل المرتفعات مسطحة وعني الشّختور اي توجه نحو المجاري، وهذا ما حصل في السيول الأخيرة ، التي ضربت البلاد، رفس اي فاض ، والسقّاي هي الخيران التي ترفد الوادي ، والصنقور هي التلال التي تكون بها حصباء، ضهبان اي كأنه مجنون والشّدر اي الشجر، مدّرِّع رقبتو اي يجري بدون هُدي، وممّغي وممسور اي ممتد طولا، وفار جنحينو متمدِّد اي ممتد عرضا ، لا بشوف درو ولا بنفرز كركور اي لا توجد مفاصل للماء وحتي اصبح كالبحر"
aubaid magadam [[email protected]]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.