لا تزال دعوات الناشطون في السودان مستمرة من أجل تنظيم مظاهرات جديدة عقب صلاة الجمعة المقبلة، احتجاجا على قرار الحكومة رفع الدعم عن المحروقات وما وصفوه بقمع الاحتجاجات التي وقعت خلال الأيام الماضية وسقط خلالها قتلى وجرحى، بينما يسعى نظام "البشير" إلى تصدير صورة سلبية عن المتظاهرين بعد وصفهم ب"المخربين"، وعلى الرغم من حدوث تلك الاحتجاجات خلال العامين الماضيين دون أن يتغير شيء، إلا أن توقعات الخبراء والمتخصصون في الشئون الإفريقية تؤكد أن الربيع السوداني اقترب بشدة، وأن نظام البشير يلفظ أنفاسه الأخيرة. قالت الدكتورة "أسماء الحسيني" الخبير في الشئون الإفريقية، إن احتجاجات السودان ليستالأولى ولن تكون الأخيرة، فقد سبقها تظاهرات كثيرة خلال العامين الماضيين، وفي كل مرة كان يتم قمعها بصورة شديدة القسوة من قبل أجهزة الأمن، ولكن هذه المرة هي الأشد، حيث تحاول حكومة البشير خرس صوت المعارضة عبر العنف الأمني، الذي خلّف عشرات القتلى بالرصاص الحي والمطاطي. وأوضحت أن هناك تعتيما إعلاميا كبيرا في السودان، من خلال التضييق على الصحف القومية والوكالات العالمية والقنوات، وصدرت تعليمات بوصف المتظاهرين بكلمة "المخربين" لتشويه صورتهم، وكل هذا لن يجدي وسيظل نظام البشير مهددا، طالما تعالت الأصوات الداعية للتظاهرات، فالأنظمة التي كانت أشد قوة وبأس سقطت، سواء في مصر أو ليبيا، ولذلك لابد أن ينصت البشير لشعبه ويستجيب لمطالبه. وأضافت أن حزب المؤتمر الوطني الحاكم في السودان منذ ربع قرن، أثبت فساده وتخبطه السياسي وجعل السودان في حالة حرب دائمة، وكان سببا رئيسيا في فصل الجنوب ويهدد بانفصالات أخرى. وحذرت من سد طرق التعبير السلمي وكبت الحريات، الذي يجعل السلاح أشد جذبا ويجعل للحركات المسلحة الكلمة العليا، وستنحاز إلى صف المتظاهرين وهو ما يهدد السودان بحرب أهلية، والبشير عليه أن تقديم تنازلات لا تتمثل في عودة الدعم وخفض الأسعار فقط، وإنما التخلي عن الحكم والتعلم من أخطاء غيره. ومن جانبه قال الدكتور "سعيد اللاوندي" خبير العلاقات السياسية الدولية، أن التظاهرات الاحتجاجية التي رأيناها في السودان، ربما لا تأخذ الطابع السياسي وتعبر عن مطالب شعبية متمثلة في تخفيض الأسعار، وكان العام الماضي قد شهد حالة مماثلة ثم هدأت الأمور، ولكن الشيء الأكيد أن السودان ستشهد ثورة قادمة، ربما تكون هذا العام إذا استمرت التظاهرات واستمر الضغط الشعبي، لأن الشعب السوداني أصبح لديه وعيا سياسيا ولن يصبر على عُمر البشير أكثر من ذلك. وأوضح أن السودان ليست دولة ديمقراطية والدليل هو أن البشير يريد أن يظل قائدا مدى الحياة، وهذا هو خطأ معظم الحكام العرب، كما أنه ديكتاتور وأثبت فشله كرئيس ولكنه لا يعترف بذلك، وبالتالي فقد اتخذ السودانيين ارتفاع الأسعار سببا للتعبير عن رفضهم للنظام، فهم مثل الشعب المصري صبورين لأقصى درجة ولكن إصرارهم لا يقف أمامه أي حاكم. وأضاف الخبير في العلاقات السياسية الدولية، أن الشعب السوداني لن يقبل أن يفرض عليه البشير وصايته أكثر من ذلك، والربيع السوداني لن يتأخر كثيرا؛ فهذه التظاهرات هي شعلة مؤقتة لثورة قادمة، مشيرا إلى أن هذه الثورة لن تزيد أو تقلل من وحدة الشعب؛ مستشهدا بقول أحمد أبو الغيط وزير الخارجية المصري حين قال أن هناك 20 سودان، وهم في طريقهم للاستقلال، أي أن وجود البشير في الحكم لن يمنع هذا التشتت. وفي السياق ذاته يرى الدكتور "جمال زهران" أستاذ العلوم السياسية والخبير في العلاقات الدولية، أن ما حدث في مصر كان مثل الزلزال، وبدأت توابعه في الظهور في المنطقة العربية؛ فالهزيمة الكبرى لنظام الإخوان وخروجهم من المشهد السياسي، كانت دافعا لتحريك الجماعات الرافضة للنظم المتأسلمة في الوطن العربي، ومن الطبيعي أن تكون السودان على رأس هذه الدول. وأكد أن السبب في وجود ثورة في السودان هو هزيمة المشروع الأمريكي في سوريا، الذي كان يسعى لتمكين النظم التي تتسمح في الإسلام، وتنصيب من ينتمون إلى جماعة الإخوان المسلمين، وهو ما شجع باقي دول المنطقة على التخلص من الحكام الديكتاتوريين، خاصة عُمر البشير الذي أثبت فشله على مدى 25 عاما، والسودان يغلي والشعب يتحرك تدريجيا للتخلص من هذا الرئيس الفاشي الاستبدادي. Read more at http://elbadil.com/?p=532553#J41scbAYUldzFk8f.99