[email protected] أحسب أنَّ الجدل المُثار في وسائل الإعلام المختلفة هذه الأيام حول إصلاحيي المؤتمر الوطني، ظاهرة صحِّيَّة فيها قدرٌ من الحيويَّة الحزبيَّة التي من خلالها تنداح أفكارٌ جريئة ومواقفُ شجاعة، شريطة ألاَّ تُحدث المطالبة بالإصلاح مفاصلة حزبيَّة، تُكرِّس الخلاف في الرؤى، والتبايُن في المعالجة شقاقات يتصدَّع معها بنيانُ الحزب وبنيتُه، بينما دعاة الإصلاح يُنظر إليهم بالحق أو الباطل بأنهم خارجون عن الأُطر التنظيميَّة الحزبيَّة، وخوارج لا ترى الإصلاح إلا من خلال جماعتها، وأنَّ غيرها ليس بينهم رجلٌ رشيد، وفي الوقت نفسه جماعة الإصلاح تنافح عن رأيها الإصلاحي مهما كلَّفها ذلك من ثمن، حتى لو خرجت من الحزب وانشطرت إلى حزب آخر، فلا يمكن أن تحقِّق دعاوى الإصلاح التي تنادي بها وتكون قلة قليلة، ضعيفة الأثر، صغيرة العضويَّة. وأظنُّ، وليس كلُّ الظنِّ إثمًا، أن إصلاحيي المؤتمر الوطني (الحزب الحاكم) تباينت مواقفُهم حول المثول أمام لجنة المحاسبة برئاسة الأخ أحمد إبراهيم الطاهر القيادي في المؤتمر الوطني ورئيس المجلس الوطني (البرلمان)، وأحسب أنَّ هذا يُضعف موقف موقِّعي المذكرة من إصلاحيي الحزب الحاكم. لذلك من الضروري ألا تصدر عنه تصريحات صحافية متضاربة، إذ يذهب البعض منهم إلى القول بأنهم يملكون خيارات مفتوحة، في حال تم فصلُهم أو اتُّخذت قرارات صارمة ضدهم، بينما يتجه البعضُ الآخر إلى التفكير في إنشاء حزب سياسي جديد، مع الإصرار على عدم الانضام لحزب يدعو إلى إسقاط النظام أو حزب سياسي آخر. وقد حدَّثني الأخ الدكتور أسامة توفيق عضو قيادي في الحراك الإصلاحي بالمؤتمر الوطني و"السائحون" بأنهم ينفون ما يردِّده البعض من أنَّ الحراك ينسق مع حزبهم، وأنهم لن يضعوا أيديهم مع أيدي من يريد إسقاط هذا النظام. وأكَّد لي أنهم إذا اتَّخذت لجنة المحاسبة التي شكَّلها السيد الرئيس عمر البشير، أيَّ إجراء تعسفي فستكون الخيارات مفتوحة، ومنها إنشاء حزب سياسي جديد، ولن تنضم هذه المجموعة إلى أي حزب آخر. وفي هذا الصدد أكَّدت الدكتورة عواطف الجعلي أنه إذا تم فصلهم فسيكوِّنون حزبًا جديدًا. أخلص إلى أنَّ الحديث عن الخيارات المتفوحة فيه قدرٌ من الغموض والإبهام الذي يحتاج إلى تفصيل، والأهم أن الرأي الإصلاحي ينبغي ألا يُرفض لأنَّه من باب النصيحة التي أوصى بها رسول الله صلى الله عليم وسلم بالنصيحة لعموم المسلمين، حيث قال "الدين النصيحة، قلنا: لمن يا رسول الله ؟ قال: لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين وعامتهم" وكذلك نناشد الأخ الرئيس عمر البشير أن يبادر باحتواء المشكل من خلال احتواء موقِّعي المذكرة بدلاً من فصلهم أو التسبُّب في مغادرتهم للحزب، عليه المطلوب الحرص على الجماعة والبُعد عن الانشقاق والمفاصلة، حتى لا يكون المؤتمر الوطني أقرب إلى الأحزاب التي انشقَّت إلى أكثر من خمسة أحزاب، وانشغلت بالخصام مع بعضها البعض، والنماذج في الأحزاب السودانيَّة بهذا الخصوص كثيرة ومريرة.