فاجأت المملكة العربية السعودية المجتمع أمس الاول الجمعة بموقف غريب ويعد سابقة في تاريخ مجلس الامن حيث اعتذرت عن عدم قبولها بمقعد غير دائم في مجلس الأمن الدولي في الوقت الذي تتهافت فيه دول العالم على هذا المقعد الذي يشكل لها مظهر ووضع مميز بين الدول الاعضاء في الاممالمتحدة، وكان موقف المملكة نابع من تعبيرها عن غضبها من عجز المجتمع الدولي عن إنهاء الحرب الدائرة في سوريا والتعامل مع غيرها من قضايا الشرق الأوسط حسب البيان الذي صاغته وزارة الخارجية السعودية والذي ادانت فيه مجلس الامن ووصفته بازدواجية المعايير لدى التعامل مع قضايا الشرق الأوسط، وطالبت بإصلاحات فيه، وبرغم تسوية الصراع في فلسطين كانت احد مبررات السعودية لرفضها بالمقعد ولكن البعض يري ان الموقف الفلسطيني ليس فيه جديد وانما الاحتجاج كان في المقام الاول بسبب فشل مجلس الامن والمجتمع الدولي في ازاحت نظام بشار الاسد، وقالت الرياض إن مجلس الامن فشل في تسوية الصراع الإسرائيلي الفلسطيني واتخاذ خطوات لإنهاء الحرب الأهلية في سوريا ووقف الانتشار النووي في المنطقة ورسخ النزاعات والمظالم. واختلفت الأراء ما بين معترض ومؤيد لقرار اعتذار السعودية عن عدم قبلوها لمعقد دائم العضوية بمجلس الامن، ورأي بعض المحللين السياسيين من المجموعة الاولي ان مبررات اعتزار السعودية غير منطقية باعتبار انها كان يمكن ان تكون عضو غير دائم وتقود حملة من داخل مجلس الامن بحكم صداقتها مع الدول الدائمة العضوية والدول ذات المصالح المشتركة خاصة الولاياتالمتحدة في تغير موقفها في المبررات الي صاغتها لاسيما فيما يتعلق بقضية فلسطين، وتحريك الملف العربي وتحقيق مكاسب للامة العربية باعتبار ان وجودها كعضو حتى وان لم يكن دائم العضوية وعدم استطاعتها لاستخدم حق "الفيتو" يمكن ان تحقق مكاسب لا يمكن تحقيقها عبر مطالبتها عبر الجامعة العربية، بجانب المحاولة للتأثير على مجلس الامن للنظر لقضايا الامة العربية بعين الحيادية والموضوعية. وكانت السعودية تتجنب عادة الإدلاء ببيانات سياسية قوية مفضلة معالجة الأمور التي تتعلق بنفوذها كأكبر مصدر للنفط في العالم ووضعها كمهد للإسلام وكحليف عربي رئيسي للولايات المتحدة خلف الأبواب المغلقة. ووصفت المجموعة الثانية اعتذار المملكة السعودية بانه "صحيح" وكان يفترض ان تعمل مع كل الدول العربية والاسلامية على خلفية فشل مجلس الامن في حل القضية الفلسطينية وايقاف القتل منذ قيام الدولة الاسرائلية حتى الان ، واكدت مصادر مطلعة بان موقف السعودية الشجاع سبق ليس سابقة حيث ان الملك فيصل سبق وان رفض تصدير النفط للغرب وامريكا واستطاع ايصال رسالة للغرب بمقدرتها على محاربة الغرب بسبب عدوانها على العرب واعتدائها على والاعتداءات المتكرره ضد فلسطين. ورأى محللون سعوديون إن خيبة الأمل التي أصابت الرياض ترجع في المقام الأول إلى تصرفات واشنطن التي تعد حليف للمملكة والتي انتهجت منذ بدء الربيع العربي سياسات عارضها الحكام السعوديون بشدة وأضرت كثيرا بالعلاقات بين البلدين، وثارت حفيظة السعودية أيضا بسبب التقارب بين الولاياتالمتحدة وإيران -أقدم خصوم الرياض بالمنطقة- والذي بدأ منذ أن تحدث الرئيس الأمريكي باراك أوباما هاتفيا مع الرئيس الإيراني الجديد حسن روحاني الشهر الماضي في أول اتصال بهذا المستوى بين البلدين منذ أكثر من ثلاثة عقود. وفيما راي بيان وزارة الخارجية السعودية أن أسلوب وآليات العمل وازدواجية المعايير الحالية في مجلس الأمن تحول دون قيام المجلس بأداء واجباته وتحمل مسؤولياته تجاه حفظ الأمن والسلم العالميين على النحو المطلوب الأمر الذي أدى إلى استمرار اضطراب الأمن والسلم واتساع رقعة مظالم الشعوب واغتصاب الحقوق وانتشار النزاعات والحروب في أنحاء العالم"، الا ان الخبير الاستراتيجي الرشيد ابوشامه اعتبر ان مبرر ازدواجية المعايير لدي مجلس الامن مسالة معروفه وليست جديدة، وطريقتها في كل المناسبات الكيل بمكيالين، وقال " يبدو ان الملكة السعودية بثرواتها الضخمة لا تحتاج لمجد هذا المقعد، لاسيما وان هذا المقعد ظلت تتصارع علية كافة دول العالم حتى ان السودان سبق ان أتته هذه الفرصة الا ان امريكا حالت دون الحصول علية. واردف ابوشامه ان موقف السعودية قوي وهدفه عمل ضجة اعلامية كبيرة يمكن ان تكون لها ردت فعل قوية ولفت انتباه للقضية الفلسطينية والازمة في سوريا اكثر من كونها عضو غير دائم. وقوبل اعتزر المملكة السعودية بالعديد من ردود الفعل الدولية حتى من قبل السعوديين انفسهم، وقال محلل سعودي طلب عدم نشر اسمه إن قرارا بمثل هذه الأهمية لابد وأن يكون صادرا عن الملك عبد الله أو ولي العهد الأمير سلمان، باعتبار ان المملكة العربية السعودية ظلت تعمل لدخول مجلس الأمن طيلة السنوات الثلاث الماضية دربت دبلوماسيين ثم اعلنت قرار الانسحاب فجأة. فيما اندهشت روسيا وقالت وزارة خارجيتها "إنها مندهشة لموقف السعودية وتقف متحيرة أمام اتهاماتها لمجلس الأمن، وأعفت السعودية بقرارها هذا نفسها من العمل الجماعي بمجلس الأمن الدولي لدعم السلام والأمن الدوليين." الا ان فرنسا تفهمت موقف السعودية، وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية "نشاركهم الشعور بخيبة الأمل بعد الشلل الذي أصاب مجلس الأمن، وراي السفير الفرنسي لدى الأممالمتحدة جيرار أرو أن السعودية كان يمكن ان يكون لديها مساهمات إيجابية للغاية بمجلس الأمن لكننا ندرك أيضا ما تشعر به السعودية من إحباط. asmahan faroog [[email protected]]