أحسب أنه من المقرر أن يعقد المكتب القيادي للمؤتمر الوطني اجتماعاً مساء اليوم (الأربعاء)، وسيكون من ضمن أجندته بنداً يتعلق بمناقشة تقرير لجنة محاسبة أصحاب مذكرة "الإصلاحيين" التي شكَّلها الرئيس عمر البشير مؤخراً برئاسة الأخ أحمد إبراهيم الطاهر وعضوية آخرين. وقد سُرِّبت بعض توصيات هذه اللجنة إلى الصحف الصادرة أمس، من بينها صحيفة "التغيير". وجاء في التسريب أنَّ اللجنة أصدرت قراراً بتجميد النشاط التنظيمي بالمؤتمر الوطني لأعضاء موقعي المذكرة التي وجَّهها 31 قيادياً بالحزب الحاكم إلى الرئيس عمر البشير بوصفه رئيساً لحزب المؤتمر الوطني (الحزب الحاكم). ولكن لا أعتقد أن من حق اللجنة اتخاذ قرار في هذا الشأن، بل عليها أن ترفع توصياتها إلى السيد الرئيس عمر البشير والمكتب القيادي للمؤتمر الوطني، في حال انعقاده اليوم (الأربعاء)، لذلك حرصتُ على أن أحصل على معلومة موثقة في هذا الخصوص من الأخ أحمد إبراهيم الطاهر رئيس اللجنة، ولكنه للأسف حوَّل اتصالات هاتفه إلى هاتف مدير مكتبه، فهذه بلا ريب إحدى المشكلات والعوائق التي تواجه الصحافي والكاتب في السودان، إذ إنه يحرص على أن تكون معلوماته خبراً أو رأياً دقيقة، من مصادر حقيقية، مراعاة للمهنية والمصداقية والاحترافية، ولكنه يتعذر عليه ذلك لأسباب قد تُعيق سبيل الوصول إلى الحقيقة. ولم تكن هذه التسريبات قاصرة على لجنة المحاسبة، بل سارع بعض أعضاء موقِّعي مذكرة "الإصلاحيين" إلى تصريحات صحافية حول هذا الشأن، إذ ذهب بعضهم إلى أن الرسالة التي وجهوها إلى الرئيس عمر البشير، كانت رسالة مفتوحة وموجهة إليه، باعتباره رئيساً للسودان كله، وليس بصفته رئيساً للمؤتمر الوطني. بينما نفى البعض الآخر تلقيهم لخطاب متعلق بتجميد عضويتهم في الحزب، في الوقت الذي أكد فيه أحدهم أنه تسلم خطاب التجميد، ورفض الأسلوب الذي تم به، واعتبره غير قانوني. ودعا الدكتور غازي صلاح الدين العتباني إلى ضرورة التركيز على العمل الإيجابي، وعدم الانجرار إلى معارك انصرافية، مشيراً إلى أن المؤتمر الوطني، وطريقة محاسبته ليست في أولويات هموم جماعته، فقضيته عضوية تعاني من مشكلات البقاء في المقام الأول الشعب السوداني الذي نحن سنتقدم بمزيد من المبادرات السياسية التي توحد الصف الوطني، ونقدم مقترحات لحل مشكلات البلاد، وهذا هو ما يشغلنا في الفترة المقبلة، حسب تعبيره. أخلص إلى أنه في مقدور السيد الرئيس عمر البشير نزع فتيل هذه الأزمة بالحكمة من خلال اعتبار مذكرة "الإصلاحيين" التي وُجِّهت إليه تدخل في إطار الدين النصيحة، تصديقاً للحديث النبوي عن تميم بن أوس رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الدين النصيحة، قلنا لمن يا رسول الله؟ قال: لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين وعامتهم". وليتذكر الأخ الرئيس عمر البشير أثناء معالجته لهذا الأمر، قول الله تعالى: " فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ". وليعلم الأخ الرئيس عمر البشير بأنه إذا احتواهم ولم يقصِهم، كما ذكرت التسريبات في لجنة المحاسبة إلى الصحف، فإنه سيؤكد أنه لا يتخذ قراراته نتيجة قرارات أو بسبب انفعال ومغاضبة، ولكنه يتسامح من أجل وحدة حزبه، والأهم من ذلك أن تسامحه يكون في سبيل حل مشكلات البلاد. وهو يعلم أن لين الجانب أحياناً فيه من الحكمة الكثير، وليُنزل في هذا الأمر قول الله تعالى "وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ". وهذه الشورى يجب ألا تقتصر على جماعة حزبه، بل تشمل كل الأحزاب والقوى السياسية إلا من أبى حتى تكون هناك بشريات حقيقية لحل مشكلات السودان كافة من أجل تحقيق السلام والاستقرار والتنمية المستدامة، لذلك أناشدك السيد الرئيس عمر البشير أن تحتويهم، وألا تقصيهم، فتكسب بذلك شعبية ليست قاصرة عليهم، بل تمتد إلى الكثير من الشعب السوداني وتتفادى بوادر الانشقاق في المؤتمر الوطني. eman alfadul [[email protected]]