عادةً ما يستخدم لفظ القارورة لوصف زجاجة العطر، هذه الزجاجة التي تكون من الرقة بمكان يجعلها قابلة للكسر تحت أقل ضغط فما بالك بالعنف، لهذا نجد أننا عادةً ما نحرص على أن نضع قوارير عطرنا في أمن مكان يتمتع بالخصوصية لدينا. ولأن المعروف عن رسولنا الإنسان محمد بن عبد الله صلى الله عليه حبه للعطر، مما جعله يقول حينما أراد أن يوصي بالنساء خيراً: «رفقاً بالقوارير» حثاً منه للرجال أن يتعاملوا مع المرأة كأنها قارورة عطر، توضيحاً منه للرقة الكامنة في طبيعتها التي جعلتها كالقارورة التي يجب استعمال الرفق معها، وعدم ممارسة العنف عليها أياً كانت تلك القارورة زجاجة عطر هي أو زوجة وإنسانة في المقام الاول. ولأن الإنسان المسلم هو كريم في خلقه قولاً وفعلاً، نجده صلى الله عليه وسلم لم يكتف بمجرد الحث على معاملة النساء برفق، بل إنه قام بالإشارة إلى إن من يسيء معاملتهن شخص لئيم.. وأي مسلم ذاك الذي يحب أن يدمغ بلؤم الطبع ضارباً بتحذير رسوله صلى الله عليه وسلم عرض الحائط. لهذا كانت سيرته صلى الله عليه وسلم عند تعامله مع المرأة تفوح عطراً، كيف لا وهو الكريم من كريم من كريم، وحينما نتفكر في الطريقة التي كان يعامل بها زوجاته والنساء عامة، يصبح عطر إنسانيته نفاذاً أخاذاً خلاباً، فها هو يسابق عائشة، ويداعب ميمونة، بل ويقوم صلى الله عليه وسلم بمساعدة الخادم بيديه الشريفتين في أعمال المنزل، ولأنه صلى الله عليه وسلم كان زاهداً في متاع الدنيا الزائل راجياً نعيم ربه بالدار الآخرة، تجمعت وتكأكأت عليه زوجاته يوماً مطالبات إياه بأن يوسع عليهن بعض الشيء، ورغم ذلك لم يستجب لدعوة كل من سيدنا أبو بكر وعمر اللذين طالباه بأن يأدبهن، وذلك حينما وجدوه على هذه الحال معهن، بل وقام كل منهن بلطم ابنته لطمة خفيفة القصد منها التوبيخ لا جلب الأذى «وهكذا نرى إنه من شدة إنسانيته تعاملت معه نساؤه بوصفه زوجاً اولاً» ولكنه صلى الله عليه وسلم لم يقم بمد يده على أيٍ منهن، بل اعتزلهن حتى فصل الله سبحانه وتعالى بينه وبينهن مخيراً لهن بين الله ورسوله ومتاع الدنيا الزائل، فاخترن بطبيعة الحال الله ورسوله. وهكذا نرى كيف أن الإسلام قد أكرم المرأة، بل وقد أعطاها من الحقوق وهي الموءودة بغير ذنب، وإن عاشت فهي متاع منزلي مهمل، فجعل لها حق الميراث، بل وزينها واحتفى بعقلها، كيف لا وهو القائل صلى الله عليه وسلم: «خذوا نصف دينكم من هذه الحميراء» و.. و.. والكثير من الحقوق التي لو سمعت بها نساء العالم من غير المسلمات لأسلمن، ويا له من دين ذاك الذي يسبق الفكر الإنساني بأكثر من أربعة عشر قرناً، مما يجعل منظمات الأممالمتحدة المطالبة بإيقاف العنف ضد المرأة ينطبق عليها المثل القائل: «ماشي الحج والناس راجعين»، ونقول لمن لا يصدقنا اقرأ وتفكر في كتابه عزَّ وجلَّ القرآن، وتأمل في سيرة رسوله صلى الله عليه وسلم، تلك السيرة التي لو تأسى بها المسلمون من الرجال لما احتاج عالمنا الإسلامي لسماع الشعارات الداعية لإيقاف العنف ضد المرأة. [email protected]