نعم لم تخطئ عيناك .. هذا ما قصدته تحديداً وما يحدث بالفعل .. وستتفهم وجهة نظري إذا بدأنا الحكاية من البداية. قبل الانتخابات البرلمانية الماضية 2012 أعلن الإخوان المسلمين بوضوح أنهم لن ينافسوا على المقعد الرئاسي وفى تفسير ذلك قدم المهندس خيرت الشاطر الرجل الأقوى في التنظيم طرحاً رصيناً مفاده عدم الرغبة في تكرار سيناريوهي الجزائر في تسعينيات القرن المنصرم أو حماس في غزة 2007 وأنه من الخطأ تحمل عبء السلطة كاملاً وإحداث تغييرات كبيرة ومفاجئة دون أن يسبق ذلك تمهيد وإعداد وتدرج ، ولكن الشبق للسلطة والاندفاع الشديد نحو التمكين وضغوط الخارج عوامل دفعت الإخوان لاقتراف خطأهم السياسي الأفدح بالإقدام على الترشح للرئاسة الذى رتب وضع المصريين في "خانة اليك " بين نارين وخيارين احلاهما مر" مرسى أم شفيق " ،وبالتالي عندما اختار المصريون بينهما كانوا في حقيقة الأمر يختارون بين خيارين اجباريين صنعهما وتسبباً فيهما الإخوان. وبعد فوز د. مرسى بالرئاسة كان أمام الإخوان خيارين ، الأول : ترسيخ احترام الدستور والقانون والبحث عن أكبر مساحة من التوافق السياسي والمجتمعي والإدارة الرشيدة لمؤسسات الدولة بتقديم الكفاءات على الثقات وتغليب الصالح العام على مصالح" الجماعة"، والثاني وهو ما اختاره الإخوان للأسف وكان تماماً عكس الخيار الأول وبدأ بقرار د. مرسى عقب توليه بأيام عودة مجلس الشعب المنحل بحكم قضائي من المحكمة الدستورية العليا ثم مواقف وقرارات من عينة حصار " الدستورية " نفسها لمنعها من إصدار أحكام متوقعة بحل تأسيسية الدستور ومجلس الشورى ، وإصدار الإعلان الدستوري الكارثي الذى بموجبه حصن قراراته من أي طعن وأطاح بالنائب العام واستبدله بنائب خاص للجماعة ، وفواجع أحداث الاتحادية واحتفالية 6 أكتوبر و" الاستاد " واخلاله بكل الوعود التي قطعها على نفسه ..وغيرها من الكوارث الأخرى. وفى المجمل كان خيار الإخوان إدارة الدولة لصالح " الجماعة " وليس إدارة الجماعة لصالح الدولة سبباً في وصول المصريين إلى " خيار الثورة " بعد فقدانهم الأمل في استجابة الإخوان لمطلب الانتخابات الرئاسية المبكرة ، وقبل ذلك رفض الاستفتاء على بقاء د. مرسي واكماله لولايته الرئاسية ، ومن قبل كل ذلك رفضهم تغيير الحكومة والنائب " الخاص " وتعديل الدستور. إذن كانت ثورة 30 يونيو خياراً إخوانياً بامتياز ، أو خياراً إجبارياً دفعناً إليه الإخوان دفعاً. والآن بعد عنف وتظاهرات الإخوان المستمرة منذ فض اعتصامي رابعة والنهضة الشعب يريد رئيساً قادراً في المقام الأول على مواجهتهم ، وهذا يستلزم ان يحظى بشبه إجماع وطني على شخصه ، ويملك السيطرة على الأجهزة الأمنية ،والرؤية الاستراتيجية والدعم العربي ، وكلها اشتراطات تتجسد في الفريق السيسي . إذن : هل تتفق معي ان الإخوان بشكل أو بآخر اختاروا السيسي رئيساً لمصر؟ *كاتب صحفي