كان يوم أمس بحق وحقيقة يوم الوفاء لأهل الوفاء وجزاء الإحسان بالإحسان، حيث انتظمت في إحدى قاعات وزارة الصحة بولاية الخرطوم احتفائية نظمتها الإدارة العامة للصيدلة، تكريماً واحتفاءً بتعيين الدكتورة أماني عبد الحميد أحمد نوري مديراً عاماً لمستشفى جعفر بن عوف للأطفال بالخرطوم، وهو أحد ركائز الثورة الصحية التي فجرتها وزارة الصحة في ولاية الخرطوم في إطار فلسفتها المتعمقة بنقل الخدمات الصحية والطبية إلى أطراف الولاية والتي وجدت قبولاً طيباً وسط أهل هذه الأطراف، بينما جُوبهت بانتقادات صحافية غير مبررة، ولكن الوزارة صمدت أمامها والأخ البروفسور مامون محمد علي حميدة وزير الصحة بولاية الخرطوم صبر عليها صبر أيوب عليه السلام. وأحسب أن هذه الاحتفائية التي أُقيمت أمس، تحت شعار "العطاء مقابل الأداء والوفاء للأوفياء" أكدت بما لا يدع مجالاً للشك أن نجاحات الوزارة لم تُقتصر على المنشآت وهياكل المباني، وإنما امتدت إلى الإنسان كادراً وظيفياً ومعنًى يجب الوقوف عليه في مثل هذه الحالات. وشهدت بأم عيني كيف أن كثيراً من الأخوات والإخوة من قبيلة الصيادلة، يتدافعون إلى هذه الاحتفائية لتأكيد أن للصيادلة باعاً في الإدارة مثلما لهم باعٌ في أداء مهامهم المهنية، ولذلك جاء هذا التكريم لأول صيدلانية تتسنم إدارة مستشفى كبير مثل مستشفى جعفر بن عوف للأطفال التخصصي الذي أُعد إعداداً منظماً ليكون مستشفًى مرجعياً ليس في ولاية الخرطوم على الرغم من أنه ضمن المستشفيات التي آلت لوزارة الصحة بولاية الخرطوم، في إطار أيلولة المستشفيات، بل هو لأطفال السودان كلهم، فأحسب أن مهام الدكتورة نوري ستتعاظم مع تعاظم توقعات أهل السودان في الوصول لهذا المستشفى المرجعي للأطفال لمقاربة مستشفيات مماثلة في بريطانيا والولايات المتحدة الأميركية أو على أقل تقدير مستشفيات دول الخليج. أخلص إلى أن هذا التكريم الذي غاب عنه الأخ البروفسور مامون حميدة، نسبة لحضوره اجتماع مجلس وزراء ولاية الخرطوم الطارئ لمناقشة مؤشرات الموازنة العامة بالولاية لعام 2014، ولكن حضور كل من الأخ الدكتور صلاح عبد الرازق المدير العام للوزارة والأخ نجم الدين المجذوب مدير عام الإدارة العامة للصيدلة والدكتور بابكر محمد علي مدير عام الطب العلاجي، وكثير من الصيادلة والأطباء والعاملين في الوزارة، أضفى بُعداً حضارياً استشعر فيه الجميع بحضور الغائب الحاضر في ذات الاحتفائية الوزير، كما أن الكلمات الضافيات التي أُلقيت من قبل المنصة، وكنت أحد المشاركين فيها، إضافة إلى كلمات رقيقات من الحاضرات والحاضرين، جعلت من هذه المناسبة مدخلاً مهماً في إنفاذ شعار العطاء مقابل الأداء، تصديقاً لقول الله تعالى في سورة الرحمن: " هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ". فهكذا تؤكد وزارة الصحة أنها تهتم بإنسانها قبل مبانيها. ومن الضروري أن تكون مثل هذه السنة الحميدة ديدناً معهوداً في كل القطاعات والوزارات والمؤسسات لتحفيز العاملين على مزيد من الأداء، توقعاً منهم للكثير من العطاء وتثبيتاً لقيم معنوية فيها كثير من معاني التدين من باب الوفاء للأوفياء. والمأمول من الدكتورة أماني نوري أن تبذل جهداً مقدراً، وعطاءً مضاعفاً في سبيل أن ترتقي بمستشفى جعفر بن عوف للأطفال التخصصي إلى مراقي مستشفيات الأطفال في كثير من بلاد العالم التي تعتني عناية فائقة بالأطفال، باعتبارهم بُناة الغد والمستقبل. وأكبر الظن عندي- وليس كل الظن إثم- أن رسيلاتها ورسلاءها من الأطباء والصيادلة والعاملين كافة في ذلكم المستشفى، سيبذلون الجهد للإسهام الفاعل في ترقية مستشفاهم، وليس ذلك ببعيد إذا صدقت العزائم والإرادات. ولنستذكر معهم ومعهن قول الله تعالى: " وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ". وبعد ذلك، قول الشاعر العربي أبي الطيب أحمد بن الحسين المتنبي: وإذا كانت النُّفوسُ كِباراً تَعِبَت في مُرادِها الأجسامُ [email protected]