لمنع انهيار الدولة.. فصائل سودانية: تركنا الحياد واصطففنا مع الجيش    أرسنال يحسم الديربي بثلاثية    إيران تحظر بث مسلسل "الحشاشين" المصري    شاهد بالفيديو.. الناشط صلاح سندالة يسخر من المطربة المصرية "جواهر" بعد ترديدها الإنشاد الترند (براؤون يا رسول الله) خلال حفل بالقاهرة    طباخ لجنة التسيير جاب ضقلها بكركب!    شاهد بالفيديو.. سائق "حافلة" مواصلات سوداني في مصر يطرب مواطنيه الركاب بأحد شوارع القاهرة على أنغام أغنيات (الزنق والهجيج) السودانية ومتابعون: (كدة أوفر شديد والله)    السودان..توجيه للبرهان بشأن دول الجوار    شاهد بالصورة والفيديو.. طلاب كلية الطب بجامعة مأمون حميدة في تنزانيا يتخرجون على أنغام الإنشاد الترند (براؤون يا رسول الله)    شاهد بالفيديو.. الفنانة ندى القلعة تواصل دعمها للجيش وتحمس الجنود بأغنية جديدة (أمن يا جن) وجمهورها يشيد ويتغزل: (سيدة الغناء ومطربة الوطن الأولى بدون منازع)    نائب وزير الخارجية الروسي من بورتسودان: مجلس السيادة يمثل الشعب السوداني وجمهورية السودان    صحة الخرطوم توفر أجهزة جديدة للمستشفيات والمراكز الصحية واحتياجات القومسيون الطبي    شاهد بالصور.. بالفستان الأحمر.. الحسناء السودانية تسابيح دياب تخطف الأضواء على مواقع التواصل بإطلالة مثيرة ومتابعون: (هندية في شكل سودانية وصبجة السرور)    يس علي يس يكتب: روابط الهلال.. بيضو وإنتو ساكتين..!!    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الأحد    تجارة المعاداة للسامية    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الأحد    جبريل إبراهيم يقود وفد السودان إلى السعودية    رئيس حزب الأمة السوداني يعلق على خطوة موسى هلال    سرقة أمتعة عضو في «الكونجرس»    الانتفاضات الطلابية مجدداً    بايدن منتقداً ترامب في خطاب عشاء مراسلي البيت الأبيض: «غير ناضج»    استجابة للسودان مجلس الأمن يعقد اجتماعا خاصا يوم الاثنين لمناقشة العدوان الإماراتي    تدمير دبابة "ميركافا" الإسرائيلية بتدريب لجيش مصر.. رسالة أم تهديد؟    دبابيس ودالشريف    حسين خوجلي يكتب: البرهان والعودة إلى الخرطوم    بمشاركة طبنحة و التوزة...المريخ يستأنف تحضيراته    محمد صلاح تشاجر مع كلوب .. ليفربول يتعادل مع وست هام    شاهد بالصورة.. بعد أن احتلت أغنية "وليد من الشكرية" المركز 35 ضمن أفضل 50 أغنية عربية.. بوادر خلاف بين الفنانة إيمان الشريف والشاعر أحمد كوستي بسبب تعمد الأخير تجاهل المطربة    قوة المرور السريع بقطاع دورديب بالتعاون مع أهالي المنطقة ترقع الحفرة بالطريق الرئيسي والتي تعتبر مهدداً للسلامة المرورية    لماذا لم تعلق بكين على حظر تيك توك؟    السينما السودانية تسعى إلى لفت الأنظار للحرب المنسية    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    الأهلي يعود من الموت ليسحق مازيمبي ويصعد لنهائي الأبطال    سوق العبيد الرقمية!    أمس حبيت راسك!    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    لطرد التابعة والعين.. جزائريون يُعلقون تمائم التفيفرة والحلتيت    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    الملك سلمان يغادر المستشفى    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نحو دستور اسلامى معاصر .. بقلم: د.صبري محمد خليل
نشر في سودانيل يوم 28 - 11 - 2013

د.صبري محمد خليل/ أستاذ فلسفة القيم الاسلاميه بجامعه الخرطوم
[email protected]
تمهيد: تعرض هذه الدراسه للمفاهيم الكليه
للمنظور(السياسى،الاقتصادى،الاجتماعى،القانونى ،الادارى...)الاسلامى، والتى يمكن ان تشكل نقطه البدايه لوضع دستور اسلامى معاصر.
مصادر التشريع:
أولا: أصول الشريعة، التي مصدرها النصوص اليقينية الورود القطعية الدلالة ، هي المصدر الرئيسي للتشريع.
ثانيا: فروع الشريعة ، التي مصدرها النصوص الظنية الورود والدلالة ، هي المصدر الفرعي الأول للتشريع ، باعتبار أنها نقطه البداية- وليست نقطه
نهاية- لاى اجتهاد تشريعي(قانوني) ،لأنها تجسيد لخبره الامه وماضيها.
ثالثا: اتخاذ فروع الشريعة التي مصدرها النصوص اليقينية الورود القطعية الدلالة نقطه البداية لاى اجتهاد تشريعي ، يكون بالالتزام بالقواعد الفرعية التي وضعها السلف الصالح ثم علماء أهل السنة كما هي، أو بعد الترجيح بينها ، أو وضع قواعد جديدة استجابة للمشاكل الجديدة التي لم يطرحها واقعهم الزمانى والمكاني.
رابعا : يتضمن الاجتهاد التشريعي(القانوني) الاستفادة من عدد من مصادر التشريع الفرعية (كالعرف والتراث القانوني الانسانى ( القديم والمعاصر) بشرط عدم تناقضها مع أصول الشريعة.
العلاقة بين الدين والدولة:
أولا: إسناد السلطتين الدينية (التي عبر عنها القران بالأمر بالمعروف والنهى عن المنكر) ، و السياسية (التي عبر عنها القران بمفهوم الأمر)- بموجب عموم الاستخلاف- الى الجماعة ، كما في قوله تعالى﴿ كنتم خير أمه أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر )، وقوله تعالى (وأمرهم شورى بينهم) ثانيا:علاقة الدين بالدولة هي علاقة ارتباط (وليست علاقة خلط)، لان السلطة مقيده في الإسلام بالقواعد- الأصول ، التي مصدرها النصوص يقينيه الورود قطعيه الدلالة. وعلاقة تمييز( وليست علاقة فصل)،لان الإسلام ميز بين التشريع كوضع الهي ثابت،والاجتهاد ككسب انسانى متغير. ثالثا: الجمع بين مدنيه السلطة (من خلال إسناد السلطة السياسية للجماعة والحاكم نائب
عنها) ، ودينيه التشريع(من خلال تقرير أن أصول الشريعة هي المصدر الرئيسي للتشريع).
رابعا: إسناد السلطة الدينية لفرد معين أو فئة معينه إنما يكون من باب التخصص لا الانفراد ، و الحاكم وكيل عن الجماعة، لها حق تعيينه ومراقبته وعزله، يقول الماوردي عن البيعة أنها ( عقد مرضاة واختيار لا يدخله اكراة ولا إجبار)، ويقول أبو يعلي أن الخليفة ( وكيل للمسلمين ).
حقوق الأقليات الدينية:
أولا: الجمع بين الوحدة المجتمع ، وتعدد الأفراد والجماعات المكونة له ، و بالتالي إقرار التعددية - المقيدة بوحدة المجتمع – على المستوي التكويني بإقرار التعددية الاجتماعية (وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَات ِوَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُم ْوَأَلْوَانِكُم ﴾ )الروم : 22) – وعلى المستوى التكليفى بإقرار التعددية الدينية استنادا إلى إقرار القران الكريم تعدد الشرائع.
ثانيا: إقرار مفهوم المواطنة الذي يشمل المسلمين وغير المسلمين، استنادا إلى وثيقة الصحيفة التي أكدت أن تتعدد علاقات الانتماء إلى الأديان المتعددة (لليهود دينهم، وللمسلمين دينهم) ، لا يلغى توحد الناس في علاقة الانتماء إلى الأرض المشتركة ( الوطن) ( وأنَّ يهود بني عوف أمَّة مع المؤمنين ...).
ثالثا: إقرار كافه الحقوق التي قررها الإسلام لمواطني الدولة الاسلاميه ، من المنتمين إلي الأديان الأخرى ، ومن هذه الحقوق:
ا/ حق إسناد الوظائف (الأعمال) لغير المسلم بشرط توافر شرط الكفائه فيه ، باعتباره جزء من حق المواطنة الذي اقره الإسلام ( و استنادا إلى قول اغلب الفقهاء بالجواز" المطلق عند أبي حنيفة وبعض المالكية ، أو المقيد عند اغلب الفقهاء") ب / الأخذ برأي غير المسلمين في الشورى( حيث ان مجال الشورى هو الفروع الاجتهادية المتغيرة وليس الأصول النصية الثابتة).
ج/ إقرار الحرية الدينية لغير المسلمين، وتشمل إقرار حرية الاعتقاد وحرية ممارسه الشعائر والأحوال الشخصية، بشرط الخضوع لقواعد النظام العام الإسلامي، شانهم في ذلك شان المسلمين..
د/ إقرار حقوق المواطنة لغير المسلمين في الدولة الاسلاميه، مع احتفاظهم بحريتهم الدينية،على المستوى الدستوري، ضمانا لعدم إهدارها بواسطة الاغلبيه المسلمة ، ماداموا قائمين بواجباتها، ( وهو التفسير الصحيح لمفهوم اهل الذمه "في ذمه الله ورسوله").
ه/ الغاء التمييز بين المسلمين وغير المسلمين ( حيث انه لم يقل به احد من المتقدمين ، وقال به بعض في مراحل لاحقه ، كحكم تاريخي مرتبط بظروف معينه، وليس كقاعدة مطلقه.) و/ أن الجزية هي حكم من أحكام الحرب ، كبدل للإعفاء من الجندية ، في الشكل السابق للدولة ، على سبيل المثال ورد في الصلح مع نصارى نجران ( ليس على أهل الذمة مباشره قتال ،وإنما أعطوا الذمة على أن لا يكلفوا ذلك) ، بناءا على هذا فأنها لا تؤخذ في حاله أداء الخدمة العسكرية،(كما في الشكل الحالي للدولة ، والذي يلزم جميع المواطنين بأدائها)، وهناك العديد من السوابق التي تؤيد ذلك ، ففي صلح حبيب بن مسلم للجراحجه ( أنهم طلبوا الأمان والصلح ، فصالحوه على أن يكونوا أعوانا للمسلمين، وان لا يؤخذوا بالجزية)( البلاذردى، فتوح البلدان،ج1/ ص217)، ومع أهل ارمينه ( أن ينفروا لكل غاره... على أن توضع الجزاء عمن أجاب إلي ذلك)( الطبري، تاريخ الأمم، ج 5،ص257 ).
النظام الاقتصادي:
أولا: الانطلاق من المفاهيم الكلية للفلسفة ألاقتصاديه الاسلاميه وهى:
1/ إسناد ملكيه المال (اى حق التصرف المطلق في المال)لله تعالى ، قال تعالى (واتوهم من مال الله الذي أتاكم) .
2/ استخلاف الجماعة في الانتفاع بالمال ، أما الفرد فنائب ووكيل عن الجماعة في الانتفاع بالمال على وجه لا يتناقض مع مصلحتها، قال تعالى (وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه ) ، وهذا الاستخلاف العام يتحقق من خلال القواعد التالية:
ا/ أن للجماعة حق الانتفاع بمصادر الثروة الرئيسية دون الفرد، قال الرسول (صلى الله عليه وسلم) ( الناس شركاء في ثلاثة الماء و الكلأ والنار (روه احمد وأبو داود).
ب/ تولى الدولة إدارة إنتاج هذه المصادر باعتبارها وكيل للجماعة ونائب عنها، قال عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) ( لو أن عناقا " عنزا " ذهب بشاطئ العراق لأخذ بها عمر يوم القيامة).
ج/ أما ما دون مصادر الثروة الرئيسية فان للجماعة أن تتركه حقا ينتفع به الفرد ، بشرط أن لا يتعارض ذلك مع مصلحتها.
ثانيا: إقرار الملكية الفردية( كشكل قانوني للملكية)، على وجه يتسق مع تصور معين للملكية الاجتماعية (كتحديد لوظيفة الملكية )، مضمونه أن حق الفرد في التصرف في المال ليس مطلق، بل مقيد بالالتزام بالضوابط التي وضعها مالك المال ، وعدم التناقض مع مصلحه الجماعة المستخلفة - أصلا - عن الله تعالى في الانتفاع بالمال
ثانيا: العدالة الاجتماعية هي غاية أساسيه للنشاط الاقتصادي للمجتمع والدولة كممثل له (حيث أشارت إليها الكثير من النصوص ، وسعى الخلفاء الراشدون (رضي الله عنهم) لتحقيقها ، من خلال التزامهم بشروطها كتكافؤ الفرص يقول عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) ( والله ما احد أحق بهذا المال من احد ، وما من احد إلا وله نصيب في هذا المال نصيب أعطيته أو منعته)،وعدالة توزيع الثروة الذي يتضمن عدالة الأجور، روي أن أبو عبيدة تحدث يوماً مع عمر(رضي الله عنه) في استخدام الصحابة في العمل فقال ( أما إن فعلت فأغنهم بالعمالة عن الخيانة ).
ثالثا: إقرار الوظيفة الاقتصادية للدولة- بالاضافه إلى وظائفها الأخرى- وتتمثل في أن احد الغايات الاساسيه للدولة هو إشباع الحاجات المتجددة للجماعة، وهو ما يتجسد في كون وظيفة الدولة في مجال الاقتصاد ، هو توفير الحاجات الأساسية للجماعة من مأكل وملبس وعلاج ومسكن وتكوين الاسره وتعليم وعمل ..(وقد أشارت الكثير من النصوص إلى هذه الوظيفة الاقتصادية للدولة.. روى أحمد عن الرسول(صلى الله عليه وسلم) (من ولي لنا عملا وليس له منزلاً فليتخذ منزلا ،أو ليس له زوجه فليتزوج ،أو ليس له خادم فليتخذ خادم ،أو ليس له دابة فليتخذ دابة ومن أصاب شيئا سوي ذلك فهو غالي )، ويقول الإمام ابن حزم ( وفرض على الأغنياء من أهل كل بلد أن يقوموا بفقرائهم ، ويجبرهم السلطان علي ذلك أن لم تقم الزكوات بهم، ولا في سائر أموال المسلمين بهم ،فيقام لهم بما يأكلون من القوت الذي لابد منه ،ومن اللباس للشتاء والصيف ، وبمثل ذلك بمسكن يقيهم من المطر والصيف والشمس وعيون المارة...)( ابن حزم، المحلى، ج1 ، ص156.) نظام الحكم : الانطلاق من المفاهيم الكلية للفلسفة السياسية الاسلاميه وهى:
أولا: إسناد الحاكميه (السيادة) لله تعالى وحده ، قال تعالى( أن الحكم إلا لله ) ( الأنعام:57) .
ثانيا: استخلاف الجماعة في إظهار الحاكميه الالهيه في الأرض، وذلك بممارستها للسلطة (بما هي ممارسه للسيادة في زمان ومكان معينين) مقيده بهذه الحاكميه الالهيه، فالمستخلف في السلطة ( الأمر) أصلا هو الجماعة ( بدليل تقرير القران أن الأمر شورى بين المسلمين (وأمرهم شورى بينهم)، وكذلك عموم الاستخلاف في القرآن ... "ويجعلكم خلفاء الأرض" ( فاطر: 39).
"وهو الذي جعلكم خلائف الأرض"...( الأنعام:165)) ،أما الحاكم فنائب ووكيل عنها لها حق تعيينه ومراقبته وعزله .
قواعد السلطة :
المساواة : ورد في صحيح مسلم عن أبي هريرة (رضي الله عنه) قال: قيل يا رسول الله، من أكرم الناس؟ قال: أتقاهم)). ثم يقرر الإسلام ما هو صالح للمحافظة علي هذه القاعدة، في أي مجتمع في أي زمان وأي مكان ، وهما قاعدتي العدل والشورى.
العدل : قال تعالى( إذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل) ( النساء:85).
الشورى: وهنا نشير إلى أن مبدأ ترجيح رأى الأغلبية فيما ليس فيه نص يقينى الورود قطعي الدلالة مبدأ أشار إليه علماء أهل السنة (يقول الغزالي في مسألة ( إذا بويع لإمامين) (أنهم لو اختلفوا في الأمور وجب الترجيح بالكثرة... ولأن الكثرة أقوى مسلك من مسالك الترجيح). وقال ابن تيميه في مبايعة أبى بكر( وإنما صار إماما بمبايعه جمهور الصحابة)) كيفية قيام السلطة: أما كيفيه قيام السلطة في زمان ومكان معينين، فقد ترك الإسلام للمسلمين أمر الاجتهاد فيها، بما في ذلك الاستفادة من إسهامات المجتمعات الأخرى .
الموقف من الديموقراطيه:
اولا: الاخذ بالديموقراطيه كنظام فني لضمان سلطه الشعب ضد استبداد الحكام (باعتبار انها احد اسهامات المجتمعات الاخرى، التى يمكن الاستفاده منها كاليه سياسيه محدوده فى الزمان والمكان ، لتطبيق الشورى كمبداْ سياسى مطلق عن قيود المان المكان ).
ثانبيا : قبول ما اتفق مع أصول الدين وواقع المجتمعات المسلمة من المفهوم الليبرالى للديموقراطيه( الديموقراطيه الليبراليه )، ورفض ما تناقض معهما.
حقوق الانسان : الانطلاق من المفاهيم الكلية للمنظور الاسلامى لحقوق الإنسان وهى:
أولا: ان الشريعه الاسلاميه هى مصدر الحقوق الاصليه للإنسان (التي لا تخضع للتغير في المكان أو التطور خلال الزمان)
ثانيا: ان الاجتهاد هو مصدر الحقوق الفرعية للإنسان ( التي تخضع للتغير في المكان والتطور خلال الزمان).
ثالثا: الالتزام بالحقوق الأصلية التي قررها الإسلام للإنسان ، والتى تنقسم إلى أربعة حقوق رئيسيه تتفرع منها حقوق ثانوية متعددة، وهذه الحقوق الاساسيه هي:
أولاً: حق الحفاظ على الحياة: قال تعالى﴿ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا﴾ ( المائدة : 32) ، ،ويتصل بحق الحفاظ على الحياة حق توفير الدولة الإسلامية الحاجات الضرورية للناس من ملبس ومأكل ومسكن وعلاج و تكوين الأسرة ،يقول الإمام ابن حزم الظاهري ) وفرض على الأغنياء من أهل كل بلد، أن يقوموا بفقرائهم ، ويجبرهم السلطان ذلك إن لم تقم الزكوات بهم ولا في سائر أموال المسلمين لهم، فيقام لهم بما يأكلون من القوت الذي لا بد منه ،ومن اللباس للشتاء والصيف ،و بمثل ذلك بمسكن يقيهم من المطر والصيف والشمس وعيون المارة)( أبن حزم ، المحلي ، ج1- ص 156). ويتصل بحق الحفاظ على الحياة تحريم الإسلام التعذيب لقول الرسول (صلى الله عليه وسلم)( أن الله يعذب الذين يعذبون الناس في الدنيا) ( رواه مسلم).
ثانياً: حق المعرفة: ويترتب عليه إلزامية التعليم الاساسى التي نستدل عليها بقول الرسول (صلى الله عليه وسلم)( طلب العلم فريضة على كل مسلم)، وكذلك مجانية التعليم الاساسى والتي نستدل عليها بقوله تعالى على لسان الرسول (صلى الله عليه وسلم) ( قال لا أسألكم عليه من أجر إن أجري إلا على الله) ،.
ثالثاً: حق التعبير: قال تعالى (وأمرهم شورى بينهم ).
رابعاً: حق العمل: و لحماية هذا الحق سن الإسلام حق الحصول على الأجر المناسب للعمل المناسب لقوله تعالى في الحديث القدسي ( ثلاثة أما خصمهم يوم القيامة ومن كنت خصمه خصمته... رجل أعطي بي ثم غدر ،رجل باع حراً فأكل ثمنه ، رجل استأجر فاستوفي منه العمل ولم يعطه حقه) ( رواه البخاري). كما قرر الإسلام وجوب اختيار الشخص المؤهل للقيام بالعمل المعين وعدم جواز تنحيته وتوليه غيره لهوى أو رشوة أو قرابة ، قال الرسول (صلى الله عليه وسلم) ( من استعمل رجلاً على عصابة وفيهم من أرضى الله منه فقد خان الله ورسوله).
الحقوق الفرعية: أما الحقوق الفرعية للإنسان ، والتي تخضع للتغير في المكان والتطور خلال الزمان، فقد ترك الإسلام للمسلمين أمر الاجتهاد فيها، ويتضمن هذا الاجتهاد الأخذ بإسهامات الأمم المعاصرة في مجال حقوق الإنسان، بشرط عدم تناقضها مع أصول الدين وواقع المجتمعات المسلمة ..
حقوق المراْة : الحقوق الشرعية للمراْه : إقرار الحقوق الاصليه التي قررتها الشريعة الاسلاميه للمراْه ، والتي تنقسم إلى ثلاثة حقوق رئيسيه ، تتفرع منها حقوق ثانوية متعددة، وهذه الحقوق الاساسيه هي :
حق المعرفة: لقول الرسول ( صلى الله عليه وسلم) (طلب العلم فريضة على كل مسلم) .
حق إبداء الراْى : ومن أدله ذلك : إعطاء القران حق الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر للمراْه مثل الرجل(المؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر..). واخذ الرسول (صلى الله عليه وسلم) براى النساء في كثير من الوقائع ، كما هو الحال مع أم سلمه في صلح الحديبيه وقال (حبذا رأيك يا أم سلمه ،لقد انجي الله المسلمين بك من عذاب اليم)( رواه الشيخان). واعتراض المراْه على عمر(رضي الله عنه) حين فكر في تحديد المهور فقال عمر (أصابت امراْه واخطأ عمر).
حق العمل: ومن أدله ذلك: أن المراْه عملت في عهد الرسول(صلى الله عليه
وسلم) في مجالات عديدة ، فقد اشتهر في الطب والتمريض رفيده الانصاريه التي ورثت الطب عن أبيها في الجاهلية، وفى مجال الحرب أورد البخاري بابا كاملا اسماه باب غزو النساء وقتالهن مع الرجال( صحيح البخاري، ط المجلس الأعلى للشئون الاسلاميه، ج5، ص84 ).وولى عمر الشفاء على سوق المدينة ، وكذلك ولى سمراء الاسديه . ولم يعترض الفقهاء –إجماعا- على حق المراْه في العمل سوى الامامه الكبرى ، التي رفضه قطاع غالب من العلماء استنادا إلى الحديث (لن يفلح قوم ولوا أمرهم امراْه). أما القضاء فقد قال الجمهور الذكورة شرط في صحة الحكم فقط ، وقال أبو حنيفة يجوز أن تكون قاضيا في الأموال ، وقال الطبري يجوز أن تكون قاضيا على الإطلاق، وقال ابن حزم جائز أن تلي المراْه الحكم- القضاء-وهو قول أبو حنيفة .
مفهوم المساواة: الإقرار بالمساواة بين المراْه والرجل، طبقا للمفهوم الاسلامى للمساواة ، والذي مضمونه ان تحكم العلاقة بين والرجل في المجتمع، قواعد عامه مجرده ، سابقه على نشاْه تلك العلاقات ، وهو ما يتحقق في الشريعة بما هي وضع الهي مطلق.( ومن الادله على على ذلك :قوله تعالى( ولهن مثل الذي لهن بالمعروف.( وقول الرسول (صلى الله عليه وسلم) (إنما النساء شقائق الرجال)(أخرجه احمد في مسنده) . وكذلك تقرير الإسلام ان المراْه مساويه للرجل في سائر التكاليف الشرعية .وكذلك تقريره ان المراْه مساويه للرجل في المسؤليه(كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته، فالرجل راع في أهله ومسئول عن رعيته، والمراْه راعيه فى بيت زوجها وهى مسئوله عن
رعيتها...)
نفى المثلية : رفض المثلية ، التي تعنى ان تكون المراْه مثل الرجل فى التكوين والامكانيات و المقدرات الذاتية، وهو ما نفاه القران ( و ليس الذكر كالأنثى)، حيث ان التفاوت فى المقدرات الذاتية سنه إلهيه تشمل الناس كلهم ، وهو جزء من مفهوم الدرجيه الذي يقرر تفاوت الناس فى المقدرات والامكانيات الذاتية دون ان يلغى ذلك المساواة بينهم.
النظام القانونى الاسلامى(الشريعه الاسلاميه):
ضرورة التزام تطبيق النظام القانونى الاسلامى بجمله من الضوابط التي تضمن أن يكون تطبيقه ا ، وهذه الضوابط هي :
أولا: اعتبار الواقع: يقول ابن القيم )ولا يتمكن المفتي ولا الحاكم من الفتوى والحكم بالحق إلا بنوعين من الفهم:أحدهما: فهم الواقع والفقه فيه، واستنباط علم حقيقة ما وقع بالقرائن والأمارات والعلامات حتى يحيط به علما.النوع الثاني: فهم الواجب في الواقع، وهو فهم حكم الله الذي حكم به في كتابه أو على لسان رسوله في هذا الواقع، ثم يطبق أحدهما على الآخر، فمن بذل جهده واستفرغ وسعه في ذلك، لم يعدم أجرين أو أجرا،فالعالم من يتوصل بمعرفة الواقع والتفقه فيه إلى معرفة حكم الله ورسوله( (إعلام الموقعين 1/87) .
ثانيا: اعتبار مصلحة الجماعة: وهو ما يتسق مع تقرير علماء الإسلام أن مقصد التشريع الإسلامي تحقيق مصلحة الناس، يقول ألشاطبي( إن أحكام الشريعة ما شرعت إلا مصالح الناس وحيثما وجدت العمل به فيه حق لله من جهة وجوب العمل به وفية حق للعبد من جهة انه ما شرع إلا المصلحة)( ألشاطبي ، الاعتصام ). فشرعه تعالي قائم علي أصول ما تحقق للجماعة مصالحها في كل زمان و مكان ، أما ما دون ذلك من مصالح متجددة ( مرسلة )، فقد ترك الإسلام للجماعة وضعها علي الوجه الذي يحققها ،في إطار أصول الشرع.
ثالثا: التدرج:. وهنا يجب التمييز بين نوعين من أنواع التدرج:
ا/ التدرج في التشريع: اى التدرج في بيان درجه الإلزام في القاعدة الشرعية المعينة( من الاباحه إلى الكراهة الى التحريم او من الندب الى الوجوب...)، ومن أشكاله التدرج فى بيان درجه الإلزام فى شرب الخمر من الاباحه عند قوله تعالى{وَمِنْ ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا} [النحل: 67], إلى الكراهة عند قوله تعالى {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ} [البقرة: 219], الى التحريم عند قوله تعالى{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [المائدة:
90]، غير ان هذا النوع من أنواع التدرج قد انتهى بختم النبوة بوفاة الرسول(صلى الله عليه وسلم).
ب/التدرج فى التطبيق: اى التدرج فى تطبيق القاعدة الشرعية وليس فى بيان درجه الإلزام فى القاعدة الشرعية ومن أدلته قول عمر بن عبد العزيز لابنه ( إنّ قومك قد شدّوا وهذا الأمر عقدة عقدة، وعروة عروة، ومتى أريد مكابرتهم على انتزاع ما في أيديهم ، لم آمن أن يفتقوا على فتقاً تكثر فيه الدماء، والله لزوال الدنيا أهون علي ، من أن يراق في سببي محجمة من دم ، أو ما ترضي أن لا يأتي على أبيك يوم من أيام الدنيا إلا وهو يميت فيه بدعة ، ويحيي فيه سنة ، حتى يحكم الله بيننا ، وبين قومنا بالحق وهو خير الحاكمين )(حلية الأولياء 5/282- صفة الصفوة لابن الجوزي 2/128)
رابعا: مرعاه العرف: وذلك بتجاوز موقفي القبول المطلق أو الرفض المطلق لهذا العرف ، إلى موقف نقدي يقوم على اخذ وقبول ما وافق القواعد الأصول ، ورد ورفض ما خالفها. وهذا الموقف نجد أسسه في اعتبار الاصوليون للعرف كمصدر من المصادر التبعية للشريعة الاسلاميه.
خامسا: العمل على توفير الشروط الموضوعية : وجوب سعى المجتمع لتوفير الشروط الموضوعية اللازمة لتطبيق النظام القانوني الإسلامي، وهى تتضمن شروط سياسية كالشورى ، واقتصادية كالعدل الاجتماعي، واجتماعيه كالاستقرار الاجتماعي.....هذه الشروط يتوافر بعضها (كالشورى والعدل...) في الدلالة الاصليه لمصطلح الحدود " القواعد الامره"، كما تستند بعضها (كالاستقرار
الاجتماعي) إلى شروط إيقاع العقوبة العامة والخاصة ،التي حددها القانون الجنائي الاسلامى ، فمن الشروط العامة اللازمة لإيقاع العقوبة النهى عن اقامه الحد وقت الغزو وهو ما يستنبط من ان الرسول صلى الله عليه وسلم لم يقم الرسول حدا قط في غزو، بدليل ما رواه بسر بن ارطاه من انه وجد رجلا يسرق فجلده ولم يقطع يده وقال: نهانا الرسول عن القطع في الغزو،و روى عن عمر النهى عن اقامه الحد وقت الغزو ،و قرر الأكثرون انه لا يقام الحد على المحارب أثناء الحرب خشيه ان يلحق بالأعداء(محمد أبو زهره ، الجريمة والعقوبة، ص 324 ).
القانون الجنائي الاسلامى:
الانطلاق من مبادئ القانون الجنائي الاسلامى ، والتي تتضمن جمله من المفاهيم والقيم والقواعد القانونية التي تضبط مفهوم العقوبة ، والتي سبق فيها القانون الجنائي الاسلامى القانون الجنائي الوضعي :
مبدأ (لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص) أو (قانونية الجرائم والعقوبات) : انه لا يمكن عَدّ فعل أو تركه جريمة إلا بنص صريح يحرم الفعل أو الترك وهذا المبدأ نجد الاشاره إليه في جمله من الآيات كقوله تعالى (وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِين حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً).كما نجد الاشاره إليه في قاعدتين أصوليتين هما: «لا حكم لأفعال العقلاء قبل ورود النص»، والثانية: «الأصل في الأشياء والأفعال الإباحة»( محمد شلال العاني و عيسى العمري، فقه العقوبات في الشريعة الإسلامية، ص52- 53).
ويترتب على قاعدة «لا جريمة ولا عقاب إلا بنص» نتائج منها:
ا/عدم رجعية القانون: أن المشرع لا يتناول بالعقاب أفعالاً ارتكبت قبل صدور التجريم، وقد أشارت عده آيات إلى هذه القاعدة كقوله تعالى (إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ)، لكن الشريعة الإسلامية تتفق مع أغلب القوانين الوضعية على وجود استثناءين لقاعدة عدم رجعية التشريعات الجزائية، أولهما يتعلق بمصلحة المتهم( عبود السراج، التشريع الجزائي المقارن، ص118)، والثاني بتطبيق قواعد الإجراءات.
ب/ قصر التجريم وترتيب العقوبات على القانون المكتوب: دون غيره من المصادر القانونية،وفى القانون الجنائي الاسلامى وردت النصوص على العقوبات الحدية والقصاص، أما عقوبات التعزير فكون أنها لم ترد في الشرع، لأنها العقوبة التي يقررها الحاكم للجرائم التي لا حد فيها ولا كفارة ولا قصاص، لا ينفى هذه النتيجة، لأننا نجد الفقه الاسلامى نجد العديد من القواعد التي تفيد حق الدولة في تبنى قواعد قانونيه معينه لتصبح ملزمه للناس ،من هذه القواعد : "للسلطان أن يحدث من الأقضية بقدر ما يحدث من مشكلات" و "أمر الإمام يرفع الخلاف" و "أمر الإمام نافذ " .
مبدأ المساواة في العقوبة: يقصد به أن نصوص القانون التي تقرر العقوبات تسري على جميع الأفراد دون تفرقة بينهم، وقد أشارت العديد من النصوص إلى هذا المبدأ كقوله صلى الله عليه وسلم (إنما أهلك الذين من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، و إذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد، وأيم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها) مبدأ قضائية العقوبة: المقصود به هو أن السلطة القضائية هي المسئولة عن توقيع العقوبات الجنائية، (فلا عقوبة إلا بنص ولا عقوبة إلا بحكم قضائي).
وقد أشار القانون الجنائي الاسلامى إلى هذا المبدأ، يقول الماوردي في الأحكام السلطانية بأن أحد واجبات الإمام ( تنفيذ الأحكام بين المتشاجرين، وقطع الخصام بين المتنازعين، حتى تعم النصفة، فلا يتعدى ظالم ولا يضعف مظلوم) ( د. وهبة الزحيلي، العقوبات الشرعية، ص227-229).
مبدأ شخصية العقوبة: وهذا المبدأ الذي تنبته القوانين الوضعية نتيجة لمبدأي المسؤولية الأخلاقية والحرية الفردية، وهو كذلك من المبادئ العامة الأساسية في القانون الجنائي الاسلامى يقول تعالى (وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى)، وفي الحديث عنه (صلى الله عليه وسلم): (لا يؤخذ الرجل بجريرة أبيه ولا بجريرة أخيه) (أ. محمد تهامي دكير، خصائص العقوبة في الشريعة الإسلامية).
مشروعيه العقوبة فى القانون الجنائي الاسلامى:
ان نظرية الجزاء فى القانون الجنائي الاسلامى لا تقوم على أساس الانتقام، قال تعالى : ( ولكم في القصاص حياة ) { البقرة : 179 } ( الاحتفاظ للجرم بجزاء شخصي في الآخرة ، واستبدال الدية بالعقوبة والتوبة ، والعفو )، بل هي مثل كل أحكام الإسلام ، قائمة على ما يحقق مصالح البشر ، أو حماية المصالح كما يقال في فقه القانون الجزائي(حفظ النفس بتحريم القتل والعقل بتحريم الخمر،والنسل بتحريم الزنا،والمال بتحريم السرقة) ، وذلك بالجمع بين عنصري الجزاء(اى كون العقوبة هي جزاء على خرق مجموعه القواعد القانونية التي تشكل النظام القانوني الاسلامى ) ، والردع(اى أن من غايات العقوبة الزجر الكافي والمناسبً للمحافظة على قوة الإلزام في القواعد القانونية التي تشكل النظام القانوني الاسلامى )، يقول تعالى (والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا نكالا من الله) والنكال المنع، يقول الشيخ محمد أبو زهره في تفسير الايه (هذا العقاب فيه جزاء كفاء للجريمة، وفيه منع لغير المرتكب عن ان يرتكب) (محمد أبو زهره، الجريمة والعقوبة في الفقه الاسلامى، العقوبة ، دار الفكر العربي، ص192).
العقوبات الحدية وقاعدة درء الحدود بمدافعها الشرعية: اعتبار قاعدة درء الحدود لضمان التطبيق الصحيح للعقوبات الحدية ،ومن أدله هذه القاعده: ما رواه ابن ماجه عن أبى هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (ادفعوا الحدود ما وجدتم لها مدفعا)، وحديث سفيان الثوري عن عاصم عن أبى وائل عن عبد الله بن مسعود قال ( ادرؤوا الحدود بالشبهات ، ادفعوا القتل عن المسلمين ما استطعتم )( رواه ابن حزم عن عمر موقوفا عليه ، قال الحافظ :
وإسناده صحيح )، والحديث (ادرءوا الحدود عن المسلمين ما استطعتم، فإن كان له مخرج فخلوا سبيله، فإن الإمام أن يخطئ في العفو خير من أن يخطئ في العقوبة)، وعن عمر ، قال : لأن أخطئ في الحدود بالشبهات ، أحب إلي من أن أقيمها بالشبهات (المقاصد الحسنة /50).والدرء لغة الدَّفْع (لسان العرب)، أما اصطلاحا فهو دفع العقوبة الحدية، قدر الاستطاعة ،بمدفعها الشرعي:
أولا: على المستوى التشريعي: ومضمونه دفع العقوبة الحدية بمدفعها الشرعي على مستوى إصدار القانون، ويتضمن درء الحدود على المستوى التشريعي عدم اعتبار النظام القانوني العقوبة المعينة عقوبة حديه ما لم يجمع عليها الفقهاء، و هو ما يدل على أنهم استندوا إلى نص يقيني الورود قطعي الدلالة" ، لان كل فعل يختلف فيه الفقهاء حلا و تحريما فان الاختلاف شبهه تسقط الحد ، يقول ابن قدامه في المغنى( ولا يجب الحد بالوطء في نكاح مختلف فيه... لان الاختلاف في اباحه الوطء فيه شبهه، والحدود تدرأ بالشبهات).وهنا تعتبر العقوبة المعينة عقوبة تعذير، مع استمرار توصيف الجريمة التي تستوجبها بأنها جريمة حديه(طبقا للدلالة التبعية الأولى لمصطلح حد) ، وتوصيف الفعل المنهي عنه بأنه حد(طبقا للدلالة الاصليه لمصطلح حد).
ثانيا: على المستوى القضائي : ومضمونه دفع العقوبة الحدية بمدفعها الشرعي على مستوى تطبيق القانون، وذلك بعدم تطبيق العقوبة الحدية على المتهم ما لم تتحقق في فعله كل شروط إيقاع العقوبة الحدية، و تنتفي عنه كل موانع إيقاعها ، فالمدفع الشرعي هنا له قسمان: الاول نافى ، ويتضمن موانع إيقاع العقوبة، ويضم هذا القسم الشبهات ، فقاعدة درء الحدود بالشبهات قررها اغلب الفقهاء،يقول الإمام ابن المنذر:(وأجمعوا على أنَّ درء الحد بالشبهات .كما يضم هذا القسم ما قرره القانون الجنائي الاسلامى من الأسباب الشرعية التي تسوغ سقوط الحد، والتي قسمها الفقهاء إلى ثلاثة أنواع : الأول يتعلق بشروط تحقق العقاب، و النوع الثاني ما يتعلق بالإثبات ، والنوع الثالث ما يتعلق باقامه الحد بعد توافر السبب وثبوت الشرط وقيام الإثبات الخالي من كل شبهه . والقسم الثاني مثبت،ويتضمن شروط إيقاع العقوبة، ويضم هذا القسم الستر كما في قوله صلى الله عليه وسلم قوله (لو سترته بثيابك لكان خيرا لك)، كما يضم العفو كما في القصاص،وتوبة الجاني قبل ان يقدر عليه كما في الحرابة.
النظام الادارى والوظائف العامة: الانطلاق من المفاهيم والقيم والقواعد الكلية للمنظور الادارى الاسلامى و التي تتضمن :
المنظور المؤسسي للوظيفة: تجاوز المنظور الشخصي للوظيفة ، والذي يخلط بين الوظيفة وشخص الموظف، والالتزام بالمنظور المؤسسي للوظيفة الذي يميز بينهما( وهنا نستند إلى واقعه عزل عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) لخالد بن الوليد (رضي الله عنه) حتى لا يربط المسلمون بين النصر( ذو الشروط
لموضوعية) و(شخص) خالد بن الوليد ، روى سيف بن عمر أن عمر ( رضي الله عنه
) قال حين عزل خالداً عن الشام ، و المثنى بن الحارثة عن العراق ( إنما عزلتهما ليعلم الناس أن الله تعالى نصر الدين لا بنصرهما ، وأن القوة لله جميعاً ) (البداية والنهاية :7/93() معيار الكفاية : الأخذ بالكفائه كمعيار وحيد للوظيفة العامة ( نستدل بجمله من النصوص كقول الرسول (صلى الله عليه وسلم) ( من استعمل رجلاً على عصابة، وفيهم من أرضى الله منه فقد خان الله ورسوله) .
عدالة الأجور: الالتزام بمبدأ عدالة الأجور( الذي اقره المنظور الادارى الاسلامى، روي أن أبو عبيدة تحدث يوماً مع عمر(رضي الله عنه) في استخدام الصحابة في العمل فقال ( أما إن فعلت فأعنهم بالعمالة عن الخيانة ) إسناد الأعمال لغير المسلم : إسناد الأعمال(الوظائف) لغير المسلم المواطن مادام شرط الكفائه متوفر فيه، لأنه جزء من حق المواطنة الذي اقره الإسلام (وثيقة الصحيفة) ( وهنا نجد انه إذا كان هناك في الفقه الاسلامى من يرى المنع المطلق كأغلب المالكية والإمام احمد، فإننا نجد أيضا من يرى الجواز المطلق كابي حنيفة وبعض المالكية، وهناك من يرى الجواز أحيانا والمنع أحيانا، وهو رأى اغلب العلماء ، حيث يرى ابن العربي( أن كانت في ذلك فائدة محققه فلا باس به)(ابن العربي، 16،268) الاستفادة من الإسهامات الاداريه للأمم المعاصرة: تجاوز موقفي الرفض والقبول المطلقين لإسهامات الأمم الأخرى في مجال الاداره ، إلى موقف نقدي قائم على اخذ وقبول ما يتسق مع أصول الدين وواقع المجتمعات المسلمة، ورد ورفض ما يتناقض معهما . (فقد استفاد عمر بن الخطاب(رضي الله عنه) من الفرس في تدوين الدواوين ، يقول ابن الأثير(الديوان هو الدفتر الذي يكتب فيه أسماء الجيش وأهل العطاء، وأول من دون الدواوين عمر، وهو فارسي معرب).
سيادة القانون: الأخذ بمفهوم سيادة القانون طبقا لتفسيره الشكلي والجوهري ( حيث نجد أن الفكر القانوني الاسلامى ،على مستوى أصوله النصية الثابتة، يتسق مع مفهوم سيادة القانون طبقا لدلالته العامة المشتركة، فهو أولا:
يتفق مع التفسير الشكلي للمفهوم،والمتعلق بوجوب وجود قانون ينظم حركه المجتمع ، من خلال تقريره وجوب أن تحكم العلاقات بين الناس في المجتمع قواعد عامة مجرده سابقه علي نشأة تلك العلاقات هي الشريعة الاسلاميه اى النظام القانوني الاسلامى، يقول تعالى{وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ً}[الأحزاب: 36] ، ويقول تعالى: { فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ }- [النساء: 59].كما يتفق الفكر القانوني الاسلامى على مستوى أصوله النصية الثابتة مع التفسير الجوهري للمفهوم والمتعلق بالتزام الدولة ممثله في سلطاتها التشريعية والتنفيذية بالقانون ومعاييره، حيث تشير إليه كثير من النصوص كقوله صلى الله عليه وسلم «إنما أهلك الذين من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، و إذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد، وأيم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها») الهوية :
أولا: أن علاقة الانتماء الاسلاميه ( الدينية) لا تلغى علاقات الانتماء الأخرى (الوطنية" الجغرافية" ، القومية" اللسانية"...) إنما تحددها - كما يحدد الكل الجزء - فتكملها وتغنيها .
ثانيا: أن العلاقة بين الوحدة الاسلاميه والوحدة الوطنية والقومية هي علاقة تكامل وليست علاقة تناقض ، باعتبار أن الوحدة الوطنية والقومية هي خطوات تجاه الوحدة الاسلاميه.
ثالثا: ضرورة التمييز بين الوحدة الاسلاميه التكليفيه ( الدينية) " والتي تتمثل في التقاء المسلمين على أصول الدين مع اباحه اختلافهم في فروعه " ، والوحدة الاسلاميه ألتكليفيه (السياسية)، " والتي تتمثل في الوحدة السياسية بين الأمم والشعوب المسلمة"، دون الفصل بينهما باعتبار أن الأولى هي شرط للثانية . رابعا : الالتزام بقاعدة التدرج ، من خلال السعي لتحقيق الوحدة الاسلاميه بشكل تدريجي سلمى مؤسساتي.
العلاقات الدولية : وجوب خضوع العلاقات الدولية للدول الاسلاميه للعديد من الضوابط والمعايير: كالعمل مع الدول والمؤسسات الدولية والجماعات السياسية المختلفة من اجل إيجاد نظام عالمي متعدد الأقطاب، والتحرر من التبعية السياسية والاقتصادية والثقافية ، وتفعيل دور المؤسسات الدولية كالأمم المتحدة كأدوات للتعاون الدولي لا التبعية السياسية. (وهنا نستدل بقول الرسول (صلى الله عليه وسلم) (لقد شهدت في دار عبد الله بن جدعان حلفاً ما أحب أن لي به من حمر النعم، ولو دعي به قبل الإسلام لأجبت)(رواه أحمد رقم 1655 و 1676).
- للاطلاع على مقالات أخرى للدكتور صبري محمد خليل يمكن زيارة العنوان http://drsabrikhalil.wordpress.com


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.