تتميز العلاقات بين السودان وجارته الشرقية إثيوبيا بخصوصية اجتماعية وثقافية لافتة، وهي ربما المحرك الأساسي للتقدم المضطرد في التعاون بين البلدين على اصعدة مختلفة، وكان هذا التعاون ثمرة لتفاهمات مشتركة بين الحكومتين في الخرطوموأديس أبابا، على كيفية التعاطي مع قضايا كثيرة مطروحة على المستوى الداخلي وعلى مستويات التعامل مع الآخرين في العالم والإقليم، والمتتبع للعلاقات بين البلدين يجد أن الوجود الإثيوبي المتدفق على السودان فرض وجودا ثقافيا وتلاحما بين الشعبين، كما أن البلدين يديران الخلافات المحتدمة بين دول الحوض حول مياه النيل، وتلعب إثيوبيا دورا محوريا على صعيد حلحلة خلافات الخرطوم مع جوبا، ونجد أن العلاقات السودانية الإثيوبية شهدت استقرارا معقولاً خلال فترة الرئيس الراحل مليس زيناوي بعد صراع كبير بين البلدين طوال فترة حكم الدرق 1974م، والرئيس منقستو هايلاماريام منفرداً. احتضنت العاصمة أديس أبابا مرارا مسئولي الدولتين وجرت في المدينة مفاوضات ووقعت اتفاقيات عدة تتعلق بالعلاقات بين الخرطوموجوبا، بالإضافة إلى وضع منطقة أبيي وتقاسم عائدات النفط، ونجد أن قوات حفظ السلام الإثيوبية في أبيي بلغ عددها 4 آلاف جندي، اضيف لهم 1000 جندي للحل الأمني فى السودان، بجانب أن إثيوبيا أصبحت مفوضة لحل المشكلة الأمنية الموجودة في أبيي فقوات (اليونيسفا) هي الجهة الوحيدة المكلفة بالمحافظة على الوضع الأمني فى أبيي. موضوعات القمة الرئاسية غدا الثلاثاء يصل رئيس الوزراء الإثيوبي هايلي ماريام ديسالين الى الخرطوم على رأس وفد رفيع المستوى للمشاركة فى اجتماعات اللجنة العليا السودانية الإثيوبية المشتركة التي بدأت اجتماعاتها على مستوى الخبراء أمس الأحد، وسيعقد الرئيس الإثيوبي عقب مراسم الاستقبال الرسمية اجتماعا مع الرئيس عمر البشير، بقاعة الصداقة، وتعقبها جلسة محادثات مشتركة بين البلدين وستبحث القمة المشتركة محاور سياسية واقتصادية وثقافية واجتماعية، إضافة الى القضايا المشتركة وفي مقدمتها مسائل الحدود، وستشهد ختام المحادثات المشتركة بعد غد الأربعاء توقيع اتفاقيات في مختلف المجالات. والتأمت أمس بقاعة الصداقة اجتماعات اللجنة العليا السودانبة الإثيوبية على مستوى الخبراء لإعداد الوثائق والاتفاقيات للتوقيع عليها ورفعها للمجلس الوزاري اليوم توطئة لإجازتها من قبل رئيسي البلدين غدا الثلاثاء، الجانب السوداني أكد أهمية انعقاد الدورة في الظروف السائدة دوليا وإقليميا ومحليا والتي تجعل منها ذات مغزى كبير، وقال السفير عبدالمحمود عبدالحليم المدير العام لإدارة لعلاقات الثنائية والإقليمية بوزارة الخارجية رئيس الجانب السوداني لدى مخاطبته الجلسة الافتتاحية أمس إن علاقات السودان وإثيوبيا ليست فقط لصالح الشعبين الشقيقين وإنما تشكل أساسا قويا لسلام وتنمية واستقرار الإقليم والقارة. وبدوره أمن السفير سلمون أبابا رئيس الجانب الإثيوبي في الاجتماعات أن بلاده تولي اهتماما بالغا لهذه الاجتماعات من منطلق حرصها القوي على علاقات قوية ومستقرة وطبيعية مع السودان. وإثيوبيا تؤكد أن السودان يحظى بأولوية في حراك دول الجوار الإثيوبي خاصة فيما يتعلق بالسياسة الخارجية لإثيوبيا وأن شعبي البلدين يعولان على اجتماعات هذه الدورة لتحقيق رغباتهما المشتركة في التنمية المستدامة والجوار الآمن . علاقات الخرطوم/ أديس/ أسمرا وتوقع بعض الخبراء أن يطرح الرئيس البشير مبادرة للتوسط بين أديس أبابا واسمرا لاسيما وأن انتقال السلطة في أديس أبابا الى رئيس الوزراء هايلي ماريام ديسالين قد يشكل سانحة تاريخية لإعادة اللحمة بين إثيوبيا وإريتريا لأن الحرب بينهما بدت مشخصنة لحد كبير، ونعني بذلك خلافات عميقة بين مليس زيناوي وأسياس أفورقي وخصوصا أن أسباب الحرب الحقيقية بينهما لم تعرف حتى اليوم حيث أرجعها البعض إلى تنكر إريتريا لاتفاقيات سرية مع إثيوبيا لاستغلال ميناء عصب عقب الاستقلال (12) دون التفريط في السيادة الإريترية ودون المغالاة في الأسعار والتشدد في مراقبة الصادر والوارد الإثيوبي، وأرجعها البعض إلى الخلافات الحدودية بين الطرفين، بيد أن كل تلك الأسباب تبدو واهية وغير منطقية وخصوصا وأن ما يجمع بين الطرفين أكبر بكثير مما يبدو على السطح، ونعني بذلك أن قبائل التقراي في إثيوبيا والتقرينجا في إريتريا ما هم إلا أبناء عمومة، لذلك من المحتمل أن تبدأ العلاقات في التحسن التدريجي بين الطرفين ويمكن أن تتسارع وتيرة التصالح في حالة تدخل السودان لاسيما في اعقاب الزيارة الأخيرة لافورقي لشرق السودان. العلاقات الاقتصادية وبالرغم من أن حجم التبادل التجاري بين السودان وإثيوبيا بلغ (500) مليون دولار في احسن حالاته وتوقيع 50 اتفاقية ومذكرة تفاهم منذ عام 1999، إلا أن مستوى التنفيذ لازال متدنيا. وبالرغم من أن السودان وإثيوبيا من أكبر منتجي ومصدري السمسم والثروة الحيوانية إلا أن تحكمهما في السعر لازال ضعيفا، فالبلدان يحتاجان لبعضهما تجاريا فمثلا اثيوبيا تحتاج لميناء بورتسودان، والسودان يحتاج الى طاقة من اثيوبيا التي يمكن أن يحصل عليها السودان بسعر رخيص، كما تحتاج اثيوبيا الى الزيت والقمح وكذا السكر وتستورد هذه المواد من الخارج، واذا تم انتاجها فى السودان ستكون اثيوبيا سوقا له بسعر تفضيلي، هذا اذا علمنا أن اثيوبيا تصرف 2 بليون دولار لاستيراد هذه السلع، مع الإشارة الى أن طلباتها تزداد يوميا لأن كثافة اثيوبيا السكانية حاليا 85 مليون نسمة، اذن نرى هناك إمكانية كبيرة بين البلدين يمكن استغلالها فى مجال التبادل التجاري. واذا تمتنت علاقات البلدين التجارية يمكت أن يسهما في القضاء على الفقر وتحقيق السلام والاستقرار، من خلال التكامل الاقتصادي بصورة جادة وتناغم السياسات الاقتصادية الكلية وزيادة الاعتماد المتبادل وحسن إدارة المياه وانشاء مشاريع زراعية مشتركة ومشاريع ربط السكك حديد. الوجود الإثيوبي في السودان لم اجد احصائية رسمية عن نسبة الوجود الاثيوبي في السودان ولكن اعداده كبيرة لاسيما في الخرطوم، ولعل تميز العلاقات الأزلية بين السودان وإثيوبيا دون غيرها من الدول الأخرى، جعل أعدادا كبيرة من الإثيوبيين يتجهون نحو السودان منذ زمن بعيد لتقديم خدماتهم وتوفير الأيدي العاملة في كل القطاعات. ويعد حى الديم في الخرطوم أشهر الأحياء التي يسكنها الإثيوبيون، وقد اندمج كثير منهم في المجتمع السوداني، ونشروا ثقافاتهم في الأسواق الشعبية من ملابس ومنتجات إثيوبية بعد أن وجدوا وضعا جيدا لممارسة حياتهم بصورة طبيعية. ورغم التدفق الكثيف للإثيوبيين على السودان فإن القرب الجغرافي والعلاقات القديمة بينهما جعل من الشعبين السوداني والإثيوبي أصحاب ثقافة تشترك في كثير من الأوجه.