لقد أسعدنى خبر تكريم الحبيبه لنفسى الاستاذه ساره نقدالله ، بأكثر من معنى أولاً التكريم مستحق مع نيشان الخدمه الطويله Long service medal للحزب والكيان ، كما أن تكريم السيدات فى مجالات تهيمن عليها ثقافه ذكوريه طاغيه كالسياسه وقياده المجتمع لفته تستحق الإشاده فى وسط قوى ومجتمع تقليدى ، تقف بعض تقاليده عائق أمام قياده المرأه ، فقد بحثت عن عنوان لأكتب تحته عن ساره فهى لايمكن أن تكون غير أختى الكبيره بحكم السن، فالفرق بيننا إسبوع من الأعوام ولكن ساره مُنتزعه منى حق الأمومه بضراعها شأنها شأن بعض الأخوات اللائى ينهضن بأمومه مبكره على من دونهم من أعضاء الأسره حتى بفرق يوم واحد ، فقد ذهبت للكتابه تحت عنوان ساره دهب بنى شنقول ، لما لمعدن الذهب من قيمه عند السودانيين فذهب بنى شنقول جُردت من أجله الجيوش لإستعمار البلاد ، وكما يقول أهلنا للذهب أحفظ مالك ، على إعتبار أنه رصيد لايفنى بالتضخم ، فساره أخذت المعنيين فهى تستحق أن يشد لها الرحال كما أن قيمتها لا تنقص بمرور الزمن . (1) ساره مسيره عطاء وطنى متواصل بتفانى ونكران ذات ، علامه مميزه فى الوفاء للمبدأ و الإخلاص للأحباب ، والوطنيه غير المقسومه على أى رقم غير الواحد الصحيح ، كرست موقفها السياسى فى حزب الأمه ، عظم الظهر للوطنيه السودانيه ، كما خدمت قضيه النوع بتوازن و إعتدال نال رضا و إعجاب الضفه الأخرى للنوع مستلهمه نضال المرأه السودانيه عبر الحقب منذ جدتها رابحه بت علي ود مرعى الكنانيه التى قال عنها شاعرنا عبدالله محمد زين رحمه الله ( شالت الليل وخاضت السيل عانيه الميس وكان الميس حدوا المهدى والمهديه) ، فقد تميزت ساره بالتصميم فى الموقف الوطنى مستدعيه تاريخ مهيره بت عبود ، وماندى بت السلطان عجبنا التى فقشت البخسه وقررت قياده شعب النوبه مع والدها البطل الشهيد السلطان عجبنا كما خلد الموقف الشاعر الشريف زين العابدين بقوله ( أمشى جبال النوبه للسلطان عجبنا أبوماندى عريس الحوبه ) أبوماندى بطل قومى شأنه والخليفه عبدالله وود حبوبه فقد شنق فى سوق الدلنج نهاراً لمواجهته للأنجليز وبرفقته فارس قبيله الجمنق كليكون ، فقد أحالو منطقه النتل، وكرمتي وككره، وتنديه، وسلارا إلى لهيب من النار ضد الإستعمار الانجليزى ، حتى برزت ماندى للتعبئه والقتال فما فعلته ماندى لايقل فى معناه ومضمونه عما قامت به جان دارك الفرنسيه لطرد الانجليز عن بلادها حتى أُُعدمت حرقاً بالنار وهى فى ذات عمر ماندى بت السلطان عجبنا قبل العشرين ، ولكنه الفشل الوطنى والتحيز الثقافى حرمنا من معرفه أبطال تاريخنا القومى فيمكن أن يعرف الشباب اليوم جميله بوحريد فى حرب التحرير الجزائريه وسناء محيدلى عروس الجنوب اللبنانى ، ولكنهم لايعرفون ماندى و أبوها الشهيد صنو عمر المختار . فقد إنتهى تاريخ ماندى بجلاله صغيره فى طوابير الجرى الصباحى للمستجدين فى القوات المسلحه بترديدهم (كوجو - كونا - كرن دالا - مندى ) لذلك تكريم الحبيبه ساره هو سبر لهذا التاريخ العميق المنسى لكفاح المرأه السودانيه . قديما قيل لايمكنك معرفه معدن الشخص إلا أذا سافرت معه أو تداينت منه فى المال ، فأنا بهذا المضمون أعرف الحبيبه ساره نقدالله ، لا أذكر التاريخ تحديداً الذى جمعنى باُسره آل نقدالله ، فهذه الاسره أينما وجُدت تكون مركز لحزب الأمه وكيان الأنصار شأنهم فى ذلك شأن قبيله الجبلاب على صغرها فهى ضخمه بنشاطها الحزبى ، فآل نقدالله كان منهم المرحوم العم صلاح نقدالله بسنار حيث نشأتى فقد كنا نزوره فى المطبعه مع والدى كلما نحضر إلى المدينه من القريه ، فقد كنت مهتم بهذه الزياره التى يقدم لي فيها دائما مشروب الفانتا فى السوق ، كما أسمع من الأسره عن نسبنا مع آل نقدالله عن طريق أخوالنا من آل النيّل فى عرضه أمدرمان ،لا أريد أن استزيد عن تاريخ أسره نقدالله ، فساره علم بنفسها لا تحتاج إلى إضافه لتعرف بها ، سوى من خلال والدها قائد معركه الإستقلال أو شقيقها عبدالرحمن الذى أصبح رمزاً لمواجهه التسلط الإنقاذى ، فقد سافرت مع ساره خارج السودان إلى جمهوريه مصر العربيه برفقه المرحوم سيدأحمد خليفه والبرلمانى محمد آدم عبدالكريم فى زياره امتدت لثلاثه اسابيع طفنا فيها كل تجمعات الطلاب السودانيين بمصر كما سافرت معها لكردفان فى نفير حزبى بقياده الحبيب عبدالرسول النور والزهاوىابراهيم مالك والحبيبه ساره هذه الزياره التى امتدت لقرابه الشهر طفنا فيها كل كردفان من الحمادى ألى الدلنج والجبال الغربيه والجبال الشرقيه ولقاوه وبابنوسه انتهت بنا الجوله فى الميرم بحر العرب وختمناها بالنهود وأبوزبد و الأبيض ، فقد كانت ساره نقدالله صندل هذه الرحله فقد بذلت فينا كل أمومتها من عطف ورعايه وعنايه و إهتمام كما كانت الخطيب المفوه والمحاور اللبق والمسافر الصبور المتحدى للشدائد والمشاق ، ونحن نسافر فى مناطق عمليات عسكريه ، أذكر أن المرحوم عمى النور إسماعيل قد رافقنا فى الرحله من المجلد جنوباً ، فقد توقفنا للإستجمام فى الباديه بين التبون و أم بطيخ وقد جلس بجانبى العم النور اسماعيل وهو معجب بساره وفى مُخاله جانبيه ، المخُاله عند البدوتعنى الونسه الدقاقه أقرب للقطيعه ، فقال لي والله ياولدى بت الأمير دى فارسه عديل شيتاً تحملت ضهر الحديد الحار دى كل هذه الفتره واخبار الدواس هنا وهناك ماخوفتها البت دى فارسه تب . (2) المرأه فى السودان أكثر حظاً من بقيه النساء فى العالم العربى و الإسلامى فقد نشأت فى مجتمع متسامح نسبياً يحترم النساء ويقدرهن ، ويعترف لهن بدور صغير معلن وكبير خفى ، لايستنكف السودانيون بمناداه الشخص باسم أمه ، حتى رموز المجتمع مثل الشيخ طاى الله ود مدينه ، , أذكر فى عام1987 فى العهد الديمقراطى إندلعت مظاهرات فى الخرطوم نسبه لرفع سعر السكر القرار الذى تراجعت عنه الحكومه الديمقراطيه ، فقد كان طلاب المدارس الثانويه يهتفون ضد رئيس الوزراء السيد الصادق المهدى بقولهم ( ياود رحمه غليت اللحمه ) ، هذا الواقع المتسامح نسبياً سهل مهمه كفاح المرأه السودانيه لنيل حقوقها السياسيه فى الترشيح والتصويت و الاجر المتساوى للعمل المتساوى قبل نساء فى أوربا المتقدمه . (3) فى السودان النساء يصنعن الرجال المرأه فى السودان تشكل قيم المجتمع و أخلاقه من كرم وفروسيه وعلاقات مع الجيران و الأهل وزعامه للأسره و القبيله ، فالمرأه هى أول وزير ثقافه و إعلام عرفته القبائل السودانيه، فالكل قبيله حكامه تضع القيم الواجب سيادتها فى مجتمعها زى ما بقولو الفرنجه Set of values فنجد فى تاريخنا شغبه المرغمابيه و إسمها الحقيقى (آمنه ) فى باديه البطانه فقد قادت قبيلتها كزعيمه وحكامه ومقاتله عاشت مراره الهزائم و أفراح الإنتصارات وقد سلم المجتمع القبلى فى ذلك التاريخ لها بالقياده ، هذا الحديث قد لايعجب البطاحين فقد هزمتهم شغبه وقتلت زعيمهم برير ، وكذلك نجد من الحكامات ذوات الصيت و التأثير على المجتمع عاشه تمساح البحر , فقوسه التى انشدت قائله ( ووب علينا جانا السرج مقلوب وقالو موسى وسدوه الطوب ) إلى أن تصل لتحديد أخلاق موسى وتقول ( مابياكل الملاح أخدر وما بيشرب خمر يسكر حليل موسى ال للرجال خوسه) وكما قالت بنونه بت المك فى وصف أخيها عماره ( طاقيتك الخوذه العصاه بولاد ، وسيفك من سقايتوا يتعجب الحداد ، وقارحك من غير شكال ما بيقربوا الشداد ) حتى تصل إلى ( يابقه عقود السم يا مقنع بنات جعل من جمع ) وكذلك يمكن لتأكيد الإستدلال بالدور القيادى فى صناعه و تأسيس قيم المجتع للنساء فى السودان من خلال مناحه رقيه بت حبوبه ، وكذلك لعبت الحكامه أدوار مفتاحيه فى أرياف دارفور وكردفان حيث حكامه قالت ( الجنزير التقيل البقيلو ياتو البيوقد نارا يدفاها هو ولد أم الدرجات المؤصل وقت الحاره الزول بيلقى أخوه ، وفى كثير من الشواهد نجد النساء يلعبن أدوراً أساسيه فى مجتمعاتهن كما فى أُغنيه الصبيان الجرو حتى تصل إلى البجرى نسيبتو ومرتو طلقانه ) ، فما تقوله وتتمناه النساء هو مايسير عليه الرجال إرضاءاً لهن ومحبته فيهن لذلك يمكن أن نقول أ ن النساء فى السودان صانعات للرجال ويلعبن أدوار ضخمه غير معلنه فى قضايا هامه فى المجتمع وتوجهاته وصيانه مصالحه لذلك الحبيبه ساره حاضنه لهذا التأثير والحضور القوى فى الاسره والمجتمع وهى تدين بدين الفضيله والإنسانيه لاتعرف الألوان غير لون الحق و لا الأعراق غير أكرمكم عندالله اتقاكم و لا الجهات غير خلقناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا . (4) ختماماً أقول أن تكريم ساره نقدالله هو تكريم لتاريخ ممتد وعطاء موصول وجزيل لكل رائدات الحركه النسويه عامه فى السودان وحزب الأمه والأنصار خاصه فهو تكريم للسيده مدينه عبدالله أول من ساهمت فى إنشاء مدرسه مسائيه لتعليم النساء بودنوباوى والسيده القوت عبدالرحمن المهدى والسيد ساره الفاضل محمود وعلى الصعيد القومى تكريم للسيده عزيزه مكى و أم سلمه سعيد ونفيسه المليك وفاطمه محمد ابراهيم ، نتمنى أن تتوالى وتنتظم سنه تكريم الرائدات فى العمل النسوى والتوثيق المنصف لتاريخ كفاح المرأه السودانيه حتى نجد نصب تذكارى لشهداء نساء الشعب السودانى أمثال ثريا بت الزاكى فى الجزيره أبا وهدى أحمد فى ود نوباوى وأخريات التحيه للحبيبه ساره نقدالله دهب بنى شنقول 19 ديسمبر 2013
