الصين – قوة ناعمة ولغة تتأهب للانتشار: تعليم اللغة الصينية بمعاهد كنفشيوس إعداد و حوار :إسماعيل آدم محمد زين مقدمة: إنطلقت الصين من قاعدة حضارية موغلة في القدم و متجزرة بالحكمة و الثقة بالنفس والتواضع،مع قيادة إستطاعت تحريك الجماهير لإحداث التغيير و تطوير البلاد.إضافة للسياسات الرشيدة و التقشف الذي كانت القيادة ملتزمة به تماماً،خلاف ما يحدث في بقية دول العالم- قدوة و أُسوة حسنة.وقد عده كثير من الناس تشدد و تمحك لا طائل منه ! وقد خاب ظنهم إذ تجني الصين الآن الثمار الطيبة وتسني لها إحداث تغيير في بعض السياسات -مثل سياسات الطفل الواحد، كما سمعنا أخيراً و لعل العالم أُصيب بالدهشة مما سُيتيح لبعض الأفراد إنجاب طفل ثان. كذلك سياسة الُعزلة و الإنغلاق لفترة وقد سعت الولاياتالمتحدة لإخراج الصين من تلك العُزلة لإدراكها للتحول الذي لا بُد منه و لتجعل منها شريكاً إقتصادياً خلال عهد نيكسون في أوائل السبعينات من القرن الماضي و بحسابات بسيطة - "حبة أسبرين واحدة لكل صيني و بسنت واحد" و لكم أن تُكملوا التضريبات! سياسة واقعية و ما كان لها أن تنجح لو لا إستجابة القيادة الصينية، عملية عُرفت و قتها بسياسة البنق بونق أو لعبة كرة الطاولة، مما كسر الجليد و دفع بالعلاقات إلي عهدها الحالي، حيث صارت الصين القوة الإقتصادية الثانية في العالم و من أكبر شُركاء أميركا، بل أكبر دائن لها ! و رغم ذلك لم نسمع أي تبجح أو إستفزاز للعملاق الأميركي. و لكن الصين تُرسل رسائلها القوية و الناعمة في صمت ، حيث إختبرت أسلحتها الذرية و أرسلت صواريخها إلي الفضاء و مركبة إلي القمر و إختباراً ناجحاً لتدمير قمر صناعي في الفضاء! أضحت الصين مصنعاً للعالم كُله و مع علاقاتها التجارية و الإقتصادية الجيدة بكل دول العالم تجئ المساعي لتعلم اللغة الصينية و لتدريسها و التي يتكلم بها فرد من كل خمس أفراد وبتعدادها الذي يُقدر بحوالي 1.5مليار شخص.لذلك سعيتُ لزيارة معهد كنفشيوس بجامعة الخرطوم لتعليم اللغة الصينية و التي إبتدرت الجامعة بتدريسها في كلية الآداب منذ أكثر من عقدين و يجئ هذا المعهد لدعم تعليم اللغة الصينية و للمساعدة في إنتشارها مع زيادة علاقات السودان مع دولة الصين و زيادة المصالح الإقتصادية. وكان حوارنا مع مدير المعهد د.تيان هي و الذي يحمل درجة الأُستاذية و مدرب متمكن.سألتُ د. تيان عن مدي إنتشار اللغة الصينية في العالم فأجاب: "يتكلم اللغة الصينية حوالي 99% من الشعب الصيني و هي لغة الخان كأكبر قومية و هم يشكلون 1.3مليار شخص من مجموع الشعب الصيني و الذي يُقدر بحوالي 1.5 مليار فرد كما تنتشر في بعض دول آسيا ، مثل إندونيسيا، ماليزيا و هي غالبة في سنغافورة. ذكرتُ د. تيان هو بالجاليات الصينية الكبيرة في كثير من الدول مثل الولاياتالمتحدةالأمريكية – حيث نجد في مدينة نيويورك مدينة الصين أو شاينا تاون، بنكهة المدن الصينية وطابعها المميز. سؤال : "اللغة الصينية يتحدث بها أكبر عدد من البشر، ما هي فوائد تعلم اللغة الصينية؟" أجاب د.تيان" هنالك رغبات فردية و لقضاء بعض المصالح الإقتصادية و التجارية و لتسهيل الأعمال مع الصين و لإجراء البحوث و أنتم هنا تقولون " أطلبوا العلم و لو في الصين" و للتعلم من الأفكار الصينية و حتي العلوم العسكرية." و أضاف "سياسة الإنفتاح قبل حوالي 30 عاماً ساعدت في إنتشار تعلم اللغة الصينية" و ألحقتُ "بمعلومات جديدة حول أثر تعلم لغة جديدة في الحد من فقدان الذاكرة و ضعفها –مشاكل الألزهايمر" أجاب د. تيان " نعم اللغة الصينية تساعد في بعض العلاج، كما أن رموز اللغة الصينية زكية و يمكن بتركيبها خلق كلمات جديدة" عند سؤال د. تيان حول سهولة اللغة الصينية و أقل فترة لتعلمها؟ أجاب " هذه أُمور تختلف من شخص لآخر وفقاً لقدراته و إستعداده، فترة عام كافية ، كما أن تعلم 3000 إلي 3500 رمز تمكن الشخص من التفاهم و قراءة الصحف و القصص" سؤال:" يقولون بأن الرئيس ماوتسي تونج هو الأثر معرفة برموز اللغة الصينية في وقته حيث يعرف حوالي 100000 رمز؟" علق د.تيان " بأن عدد رموز اللغة الصينية يبلغ حوالي 80000 رمز و كانت اللغة الصينية تحتوي علي رموز مصرية و بابلية و هندية، أما الآن فلا توجد مثل هذه الرموز و هي لغة متطورة و أستطاعت إستيعاب المستجدات في عالم اليوم مثل الموبايل و الجي بي إس و الكمبيوتر و هو يتكون من تركيب رمزين- رمز الكهرباء و رمز المخ." "اللغة الصينية حية و نشطة و لديها القدرة علي التطور، حيث تتُرجم بالنطق." "وهو ما يُعرف في اللغة الإنجليزية بالترانزليتريشن، كأن تكتب كلمة ديكشنري بالعربي كما تُنطق بالإنجليزية و هي تعني قاموس.الكاتب" عند سؤال د. تيان حول كنفشيوس، هل هو حكيم كما يعرفه بعض الناس أم هو نبي أم فيلسوف؟ كانت الإجابة "كنفشيوس هو عالم و مُفكر و مُعلم و كانت الثقافة قبله حكراً علي طبقة النبلاء، أما بعد كنفشيوس فقد إنتشر التعليم لكل الشعب- كان لدي كنفشيوس 3000 تلميذ منهم 72 تلميذاً ممتازاً. و قد إستطاع كنفشيوس تعليم طُرق الحُكم و التجارة من خلال تعاليمه و تطوير الكتب الكلاسيكية الموجودة ، حيث ساهم في تطوير كتابين من التسع كتب المعروفة و هما 1-شن ثيو و شي جنغ، كما أن تلاميذه طوروا كتاب " لن يوي". سألت د. تيان حول أشهر كتاب باللغة الصينية، ففي العالم الإسلامي نجد لقرآن الكريم، كما نجد الإنجيل لدي العالم المسيحي في الغرب و غيره من مناطق" أجاب د. تيان " في الصين لا يوجد كتاب ديني كما في الدول المسلمة و المسيحية و لكن هنالك كتب كلاسيكية قديمة طور منها المعلم كنفشيوس كتابين و تلاميذه كتاب آخر منها و هي في مجموعها تسع كتب – حيث تتناول مسائل الُحكم و التجارة و كتاب حول الأشعار القديمة و آخر حول التاريخ-شان سو. أما ال شن شو فهو يُعلم الناس الطقوس و العلاقات بين الناس، مثل المُخدم مع المُستخدم و الزوج مع زوجته و العلاقات بين الأصدقاء و الأقرباء.و كتاب حول الفلسفة و زاد بأن الكتب الموجودة بالصين تساوي الكتب في بقية دول العالم! و أضاف " كنفشيوس، مُصلح و حكيم و مفكر، سعي لتعليم الناس ليكونوا مُخلصين و صادقين و كذلك لإصلاح الحُكم، و الكتب عموماً تتناول القيم النبيلة مثل الصدق و الإخلاص." عند سؤال د. تيان حول إمكانية تعليم اللغة الصينية خارج معهد كنفشيوس بالتعاون مع جهات أخري؟ أكد د. تيان بأن هذا الأمر متاح و حالياً توجد 7 جهات يتم فيها تدريس اللغة الصينية، مثل معهد أي تي سي (ITC) بالتعاون مع معهد كنفشيوس. كما يقوم المعهد بتدريس اللغة الصينية في بعض الوزارات بناء علي طلبها.