[email protected] الثقافه والفكر وحركة الوعي والتنوير هو عظمة الظهر لمشروع التغيير والناقل المؤدي الي ذري التقدم الوطني والإجتماعي والإنساني بشكل عام حيث لايتأتي التغيير علي مستواه الرأسي بنتائج جذرية وإنما ستظل البني القديمه والتقليدية تسيطر علي الأوضاع وستواصل هيمنتها مالم يتبع ذلك تغييرا علي المستوي الأفقي متمثل في إقامة جبهة ثقافية تعمل علي أساس التغيير الإجتماعي بنشر مفاهيم الحداثة والعلم والعقلنة والأنسنة وتجذير مفاهيم الديمقراطية وحقوق الإنسان والمواطنة وغيرها من قيم المعاصرة والنهضة ومحاربة الهوس الديني وقيم التخلف والجهل. وتمارس في ذلك كل الوسائل من فنون وفلكلور وآداب وينخرط فيها المثقفين والمبدعين والمنتجين بأذهانهم وفكرهم واقلامهم - كحركة إجتماعية وثقافية شاملة . إن إسقاط الأنظمة الحاكمه من علي سدة السلطه أمر تم حدوثة في السودان بتحقيق وإنجاز ثورتي إكتوبر وأبريل وقد كانت هاتان الثورتان تغييرا رأسيا لم يشتمل علي تغيير المستوي الأفقي أي لم تحققان تغييرا إجتماعيا فقد ظل المجتمع منحازا لدعاوي ومشاريع الهوس الديني بنسختيه الآيدولوجية والطائفية التي تدعمه النزعات القبلية والإثنية والعشائرية ذات الإنغلاق والتخلف الإجتماعي. كل ذلك يؤكد سقوط وفشل النخب التي عجزت عن إكتشاف ضرورة إختراق وهدم الحواجز ؛ وحوائط الصد في القوي الإجتماعية علي المستوي الأفقي والتي تعمل في تناسق تام رأسيا لتمثل نفسها في بينية السلطه وتعيد انتاجها من جديد - ولذا قد كانت كل عمليات إسقاط الأنظمة التي قادتها النخب الديمقراطية في إكتوبر ؛ وابريل وقدمت فيها تضحياتها الجسام ليست لها أي صلة بعملية التغيير الإجتماعي. ومازالت بعض منظوماتنا الديمقراطية التي تتبني مشروعا للتغيير الجذري لم تغيير طرائقها السطحية بإبتسارها لمفهوم الثورة حيث لم تزل النخب القيادية حبيسة فشلها وعجزها التاريخي بإسقاطها لإنجاز التغيير الإجتماعي كشرط لازم لإنتصار مشروعها الجذري لبناء دولة علي أسس جديدة. يتكشف ذلك في ضعف حراكها الجماهيري - واحتباسها في إطارها النخبوي - وفي تعاليها علي المجتمع - وتركه فريسة لقوي الظلام والتخلف حيث تخلت عنه بمحض إرادتها كرصيد جماهيري داعم للبني التقليدية والقديمه. لايتأتي التغيير إلا بتحرير هذه القوي الإجتماعية عن طريق الثقافه والفكر والوعي وعملية تنوير كبري تنخرط فيها هذه النخب الديمقراطية والمثقفين الديمقراطيين والفاعلين الإجتماعيين مع جماهير شعبنا - وعندها سيحدث التغيير الجذري في بنية الدولة - ولن يهدد تغييرنا مرسي او غنوشي جديد او انصار شريعه كما حدث في بلدان مايسمي بالربيع العربي. يقول انطونيو غرامشي :- إن الهيمنة هي السيطرة التي تحققت بواسطة القبول بدلا من ممارسة قسر الدولة فهي الي حد بعيد تمارس عن طريق المجتمع المدني ومن خلال البني الإدراكية المؤثرة والتي من خلالها يدرك ويقيم الناس إشكالية الحقيقة الإجتماعية. وفي هذا وعي جديد لبعض النخب الديمقراطية التي تعتقد أن عملية التغيير تتأتي عبر إسقاط الأنظمة فقط - إذن نحن في حوجة ماسة إزاء إكتشاف هذه الحقائق بأن نهتم ايضا بإنجاز هذه الجوانب الحاسمة في عملية النضال خطوة بخطوة مع تقدمنا في نضالاتنا التي نوجهها علي المستوي الرأسي لإسقاط سلطة الفساد والإستبداد والكهنوت.. إن الإطار الإفقي لعملية التغيير الإجتماعي ابوابه مشرعه لكل الديمقراطيين والمستنيرين بأن يقدموا مبادراتهم وبصورة فاعلة اكثر حراكا وحيوية لتعويض الهدر والتباطوء التاريخي والتقصير في هذا المضمار الذي نكص عنه الأباء الأوائل لنخبتنا التي عملت من اجل مشروع التغيير. فالنعمل جميعا لنشر مراكز الإستنارة في الفرقان والأحياء والمدن وبصورة فدرالية ومستقلة لبناء كتل إجتماعية متحدة من اجل مشروع التغيير