[email protected] يستعيد مشروع التنوير فاعليته وحيويته كلما يدرك المجتمع جسامة وفداحة وخطورة تأزم وانسداد اقبية الهوس الديني وطرائقه المتعرجه حيث لاتنفع الحيل والأحابيل في مدارة هزيمته الماحقه وعجزه وفشله البائن في اقناع المجتمع والمراهنة علي اجوبة :- الصبر والصلاة والطهرانية واسلمة الحياة وثوابت الدين وشيطنة الآخر وتكفيره وتجريمه. حيث ما عادت تخاريج تصدعات السلطه مقنعه وكل ما مايمت لمشروعها مرفوض وماخامر تربته التي نما بها من لدن السلطنه الزرقاء وماتلاها من غنوصية ومهدوية وطائفية واصولية للإسلام السياسي الحديث بطابعه الأيدولوجي المودودي الأخواني مزق المجتمع وارهقه عنفا وتصفية وتشريد وجهلا وتخلفا وردة دمر بها طابع الحداثة التي خلفها الإستعمار الحديث علي قلتها من مظاهر التمدن والخدمة المدنية والوعي والتحضر ومن مؤسسات انتاجية وبنية تحتية ومن نهضة ادبية وفكرية. غزل الهوس الديني نسجه علي اختلال الوعي الإجتماعي المنكفئ علي الدين وغياهب الغيب الذي يري نصاعة الحاضر في الماضي السحيق الذي طوته القرون في مجاهل الصحراء وبداوتها وقسوتها وعنفها الدامي واحتفظ في ذاكرته بشخوص احاطتهم القداسة واصبحت فتاويهم نصوصا مقدسه كما ظل مستقبلهم رهين بذات الغيب والدين فلا مستقبل لهم سوي انتصار الدين وعودة المهدي المنتظر او المسيح - فاستقالوا عن حياتهم ووجودهم والقوا إنسانيتهم لرجال الدين الذين بسطوا نفوذهم واستباحوا الدوله والمواطنين. ان انسدال هذه الخيوط وتمزقها تكشف للمجتمع ان الله لايحتاج لدوله وانما هم من يحتاجون لها وعليهم ان يديروها بأنفسهم وليس بواسطة وسيط روحي او كاهن او شيخ او رجل دين وان عقلهم حر في تفكيره له من القدرة علي إبتكار الحلول و التفاعل مع الواقع والتصدي لمشكلاته وليس عليه انتظار اوامر مقدسه توجهه - وانه كإنسان له من الحرية والإستقلالية والتفرد مما لايجعله قطيعا في طائفه او جماعه دينية بقدر ماينتظم في مجتمع متساو في الحقوق والواجبات التي اقرتها الإنسانية عبر نضالها المرير في التاريخ.. عندما خطي السودان قبل سبعه الف عام نحو العلمانيه اتبان الحضارة المروية لدولة كوش وبقرارات الملك اركماني الذي هزم رجال الدين وازاحهم من سدة المشهد السياسي لدولته رافضا خضوعه وخضوع الدوله لوصايتهم - مثل ذلك انتصارا وتقدما لقيم الإنسانيه والحداثه والعقلانية في صورتها الجنينية وتخلقاتها التكوينية الأولي ؛ والآن المجتمع السوداني موعود بالإنطلاق في ذات المسار بعد كل تلك الفجوة الحضارية التي دامت لألاف السنين. لن ينهض المجتمع السوداني الا من خلال حراك تنويري فكري ثقافي ينخرط فيه الفاعلين الإجتماعيين وكافة المثقفين الديمقراطيين في اوساط المجتمع مؤسسين لبناء اجتماعي جديد للخروج به من أسر القرون الوسطي لمعاصرة القرن الحادي والعشرون وللمساهمه في الحضارة الكونية..