hussain abdul [[email protected]] قد يسال سائل لماذا يقحم كاتب سودانى (مصر) فى قضية سودانيه قد تبدو داخليه؟ وهذا سؤال مشروع ومن حق السائل أن يطرحه، ومن حقى أن أجيب وأن اوضح بأنى حينما اتحدث أو أكتب عن (الوحده) فأنى اعنى بداية الوحده (الصغرى) بين شمال السودان وجنوبه، ثم الوحده (الكبرى) بين السودان ومصر، وهذا قدر ومصير نتوق له ونتمناه نحن الوحدويين الحادبين على مصلحة الشعبين فى هذين البلدين الشقيقين فى زمن التكتلات الأقليميه والعالميه شريطة ان تتم تلك الوحده فى وقتها المناسب وظروفها الملائمه وفى صورة حضاريه وانسيابيه بين الشعبين دون أن تفرض من اعلى، وأن تتم فى محبة وأخوه وندية ومساواة ومن أجل تحقيق مصالح مشتركه ودون فرض أو صايه أواطماع أو تعال من طرف على الطرف الآخر، حتى لا يصيبها الفشل مثلما فشلت العديد من نماذج الوحده فى عالمنا الأفريقى والعربى. ومصر .. شئنا أم ابينا دوله عزيزه على نفوسنا، وهى من أكبردول المنطقه التى نعيش فيها فى الوقت الحاضر، ولها تأثيرها وبصماتها الواضحه ايجابية كانت أم سلبية على كل ما يدور فى المنطقه من احداث ولها علاقات مميزه مع الدوله العظمى (الأولى) المسيطره والمهيمنه على عالم اليوم (امريكا)، ودون شك تستشيرها هذه الدوله العظمى وتهتدى بهديها وتسمع لنصائح قادتها وخبرائها فى المجالات المختلفه وكلما يخص الشان السودانى وكيفية التعاطى معه. ولذلك لا نقول لمصر ولقادتها ومفكريها اتركوا السودان لحاله، وانما نقول لهم تعاملوا مع الشان السودانى وفق مصالح ورغبات شعبه، وبالطريقة التى تجعل ذلك الشعب محتفظا بحبه لمصر، حيث لا يمكن ان تجد ثلاثة مثقفين أو سياسيين سودانيين يتحدثون لبعضهم البعض الا وجاءت سيرة مصر وسط حديثهم بخير أو شر. مثلما تبقى مصر حاضرة فى الفن والأدب والشعر والغناء السودانى. (مصر يا أخت بلادى يا شقيقه) أو (مصريه فى السودان بى حبى ليك ابوح). واذا فشلت الوحده بين شمال السودان وجنوبه فدون شك سوف لن تحقق بين السودان ومصر. ومثلما هنالك مصريون فى مختلف القطاعات الثقافيه والسياسيه يهتمون بالسودان ويعرفونه معرفة جيده ويحبونه حبا حقيقيا لا يشوبه زيف ويتمنون له كل خير بحكم الروابط التاريخيه والنيليه والأزليه بين البلدين، ويقدرون مواقف السودان الداعمه لمصر فى جميع المواقف والحروبات التى خاضتها منذ عام 1948 - وربما قبل ذلك بكثير - حتى ولو بألأمنيات أو بجهد وعطاء المقل، فهنالك ايضا مصريون يتعاملون مع الشان السودانى وللأسف من منطلق المصلحه الذاتيه والحفاظ على الأمن القومى المصرى لا تهمهم كثيرا طموحات الشعب السودانى واحلامه وأمانيه فى عالم اليوم الذى يتوق الناس فيه الى انظمة ديمقراطيه عادله تحقق لهم الأمن والسلام والرفاهية، ولذلك يدعمون نظام الأنقاذ ويساندونه ويعملون على تثبيته ويروجون لأطروحاته، لا حبا فيه، وانما حفاظا على ذلك الأمن القومى المصرى، الذى يرون ان السودان بغير البشير ومؤتمره الوطنى لن يتمتع بالأمن والأستقرار وسوف يتهدد وربما تسوده فوضى تجعله أشبه بحال دولة أفريقية أخرى عزيزة على انفسنا كذلك وهى الصومال، وبذلك يصبح الأمن القومى المصرى مهددا، وهم لا يدرون ان السودانيين قد يختلفون فيما بينهم لكنهم جميعا يجتمعون على حب مصر. والداعمين للأنقاذ والمساندين لها من هذا الجانب وحده الذى أشرنا اليه يرون تبعا لعدم الأستقرار والأنفراط الأمنى فى السودان، فسوف تشهد مصر المزيد من موجات النزوح والتدفق البشرى السودانى الذى سوف يضائق المواطن المصرى فى معيشته وحياته اليوميه، ومصر لديها ما يكفيها من مشاكل فى مقدمتها الأنفجار السكانى وتزائد عدد المواليد، اضافة الى مخاطر أخرى قد تنشأ من هذا الوضع غير المستقر فى السودان ربما تستقله اسرائيل الطامعه فى مياه النيل بالتغلغل جنوبا عبر بعض الحركات الدارفوريه التى أسست علاقة غير راشده مع ذلك الكيان، وتسببت بذلك فى تراجع التائيد العربى الهام للقضية الدارفوريه ، بل تسبب ذلك التصرف غير المسوؤل الى انحياز عربى معلن او غير معلن لنظام الأنقاذ ومضاد لحركات دارفور كلها التى اسست علاقه مع اسرائيل ام لم تؤسس، والمتطرفه منها والمعتدله، الوحدويه أو الأنفصاليه ويظهر ذلك واضحا فى وسائل الأعلام مهما ادعت مهنيتها وحيادها. وقد تبدو رؤية هؤلاء الأشقاء المصريين الذين ينظرون للسودان من زاوية الحفاظ على الأمن القومى المصرى (فقط) صحيحه ومنطقية فى جانبهم، لكن ما يغيب عن ذهنهم ان السودان القوى الحر الديمقراطى فيه قوة وسند لمصر، أما السودان الواقع تحت قبضة الأنقاذ التى تستغل الدين لأغراض السياسة، قد يؤمن لهم امنهم القومى فى الوقت الحاضر لكنه سوف يكون السبب فى انفراط ذلك الأمن فى السودان ومصر وبصورة لا يمكن تخيلها فى المستقبل، وهذا امر يطول شرحه، ويحتاج لدراسات وأبحاث يتناولها متخصصون بعمق وامانه وجديه ونكرات ذات من اجل مصلحة القطرين ومن اجل قضية (الوحده) التى نؤمن بها ومن اجل مستقبل الأجيال التى سوف تعيش فى هذين البلدين المرتبط مصيرهما ببعضهما البعض شاءوا أم ابوا . ولهذا ارى ان دور الوحدويين فى البلدين قاصر ولابد ان يشمروا عن سواعدهم وأن يتحملوا مسؤليتهم التاريخيه وأن يقوموا بحملة توعية للمثقفين وللرأى العام ووسائل الأعلام فى البلدين منبهين للمخاطر المحتمله التى تهدد وحدة السودان فى ظل بقاء نظام الأنقاذ متشبثا بالحكم رغما عن انف شعب السودان حتى لو حصل على اغلبيه ميكانيكيه فى الأنتخابات القادمه وفرتها له سيطرته على المال والثروة واجهزة الأعلام، وسوف تنسحب تلك المخاطر فى نهاية المطاف على الأمن القومى المصرى، ويومها لن ينفع بكاء على لبن مسكوب. وعليه لا بد من طرح سيناريوهات وبدائل منطقيه وواقعيه وعلمية لهذا النظام لا تتسبب فى انفراط الأمن فى السودان، وتتمكن من حل مشاكله التى يصعب حلها على (المؤتمر الوطنى) منفردا بالسلطه أو بمشاركه صوريه وغير فاعله من ألأحزاب الأخرى بما فيها (الحركة الشعبيه)، التى يسعى المؤتمر الوطنى لتقزيمها وجرها الى مصيرين، الأول منهما اضعافها بكل السبل واظهارها بمظهر الحركة الأنفصاليه الرافضه للوحده وزرع الفتن داخل صفوفها والمصير الثانى هو ان ترضخ لأملاءات المؤتمر الوطنى وتظهر ضعفها وقلة حيلتها وتنازلها عن مبادئها وثوابتها التى تنادى بسودان جديد لا يهمين فيه دين على دين أو ثقافة على باقى الثقافات. وفى الحالتين تفقد مكانتها وأحترامها بين ابناء الشعب السودانى فى الشمال والجنوب الذين ينتظرون منها خيرا كثيرا ويأملون فى مساعدتها الفاعله لحل مشاكل السودان منذ الأستقلال والتسامى فوق الجراحات والمرارات، وقد اظهرت الحركه جدارتها فى ذلك بنجاح مؤتمر جوبا الأخير واستقبالها لأعداء الأمس أصدقاء اليوم بكل ادب وأحترام لم يخلو من لوم وعتاب ومطالب مشروعه لتقديم اعتذارات عن اخطاء الأمس بالأنسياق حول الجهاد الزائف والمشاكل التى وضح عجز نظام الأنقاذ التام من حلها، تتمثل فى أزمة دارفور التى تتشعب وتتضخم فى كل يوم، وفى بقاء الوحدة جاذبه بين الشمال والجنوب وخيارا اولا لأنسان الجنوب (البسيط) فى الأستفتاء، وفى التحول السلمى الديمقراطى، وفى التوزيع العادل للثروة، وفى بسط الحريات والغاء القوانين المقيده لتلك الحريات، وفى فك قبضة النظام وهيمنته على وسائل الأعلام حتى يتعرف المواطن السودانى على حقيقة المخاطر التى تواجه بلده، وقبل ذلك كله لابد من تخلى النظام الحاكم عن مشروع الدوله الدينيه الذى اثبت فشله، وهذ اول مسببات انفصال الجنوب عن الشمال اذا حدث ذلك الأنفصال لا سمح الله. ولا يمكن ان تمنع ذلك الأنفصال محاولات المؤتمر الوطنى اليائسه فى فرض واقع جديد يتمثل فى زيادة النسبة المئويه التى تقرر انفصال الجنوب او بقائه مع الشمال فى دوله موحده، من 50% + 1 الى 75 % رغم أمنياتنا الصادقه فى تحقق الوحده على اسس سليمه. ومن اكبر المخاطر المحتمله التى تؤدى لها هذا المحاولات انفجار حرب بين الشمال والجنوب من جديد وبصورة أعنف واشرس لا تبقى على الأخضر أو اليابس وسوف يكون اول ضحاياها قادة الأنقاذ انفسهم حيث لا يمكن ان ينخدع مواطنوا الشمال مرة أخرى بدعوات الجهاد الزائفه والكاذبه، وسوف لن يقبلوا بموت ابنائهم فى حرب لا ناقة لهم فيها ولا جمل تجعلهم فى النهاية (فطائس) لا شهداء. تاج السر حسين – منبر الوحدة والسلام بالقاهرة.