سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الثلاثاء    معمل (استاك) يبدأ عمله بولاية الخرطوم بمستشفيات ام درمان    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الثلاثاء    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الثلاثاء    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الثلاثاء    انتدابات الهلال لون رمادي    المريخ يواصل تدريباته وتجدد إصابة كردمان    مركز الملك سلمان للإغاثة يدشن تسليم الدفعة الثانية من الأجهزة الطبية    مشاد ترحب بموافقة مجلس الأمن على مناقشة عدوان الإمارات وحلفائها على السودان    أنشيلوتي: لا للانتقام.. وهذا رأيي في توخيل    بعد فضيحة وفيات لقاح أسترازينيكا الصادمة..الصحة المصرية تدخل على الخط بتصريحات رسمية    شمس الدين كباشي يصل الفاو    راشد عبد الرحيم: يا عابد الحرمين    بعد أزمة كلوب.. صلاح يصدم الأندية السعودية    الإمارات وأوكرانيا تنجزان مفاوضات اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة    القلق سيد الموقف..قطر تكشف موقفها تجاه السودان    الداخلية السودانية: سيذهب فريق مكون من المرور للنيجر لاستعادة هذه المسروقات    السودان..مساعد البرهان في غرف العمليات    تعلية خزان الرصيرص 2013م وإسقاط الإنقاذ 2019م وإخلاء وتهجير شعب الجزيرة 2024م    تدرب على فترتين..المريخ يرفع من نسق تحضيراته بمعسكر الإسماعيلية    الزمالك يسحق دريمز في عقر داره ويصعد لنهائي الكونفيدرالية    إيران تحظر بث مسلسل "الحشاشين" المصري    شاهد بالفيديو.. سائق "حافلة" مواصلات سوداني في مصر يطرب مواطنيه الركاب بأحد شوارع القاهرة على أنغام أغنيات (الزنق والهجيج) السودانية ومتابعون: (كدة أوفر شديد والله)    شاهد بالصورة والفيديو.. طلاب كلية الطب بجامعة مأمون حميدة في تنزانيا يتخرجون على أنغام الإنشاد الترند (براؤون يا رسول الله)    شاهد بالفيديو.. الفنانة ندى القلعة تواصل دعمها للجيش وتحمس الجنود بأغنية جديدة (أمن يا جن) وجمهورها يشيد ويتغزل: (سيدة الغناء ومطربة الوطن الأولى بدون منازع)    شاهد بالصور.. بالفستان الأحمر.. الحسناء السودانية تسابيح دياب تخطف الأضواء على مواقع التواصل بإطلالة مثيرة ومتابعون: (هندية في شكل سودانية وصبجة السرور)    تجارة المعاداة للسامية    يس علي يس يكتب: روابط الهلال.. بيضو وإنتو ساكتين..!!    سرقة أمتعة عضو في «الكونجرس»    بايدن منتقداً ترامب في خطاب عشاء مراسلي البيت الأبيض: «غير ناضج»    تدمير دبابة "ميركافا" الإسرائيلية بتدريب لجيش مصر.. رسالة أم تهديد؟    حسين خوجلي يكتب: البرهان والعودة إلى الخرطوم    شاهد بالصورة.. بعد أن احتلت أغنية "وليد من الشكرية" المركز 35 ضمن أفضل 50 أغنية عربية.. بوادر خلاف بين الفنانة إيمان الشريف والشاعر أحمد كوستي بسبب تعمد الأخير تجاهل المطربة    قوة المرور السريع بقطاع دورديب بالتعاون مع أهالي المنطقة ترقع الحفرة بالطريق الرئيسي والتي تعتبر مهدداً للسلامة المرورية    السينما السودانية تسعى إلى لفت الأنظار للحرب المنسية    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    أمس حبيت راسك!    سوق العبيد الرقمية!    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    لطرد التابعة والعين.. جزائريون يُعلقون تمائم التفيفرة والحلتيت    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    الملك سلمان يغادر المستشفى    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



البروفيسور الفنان شبرين رغم المرض الذي لا يرحم يظل علماً .. بقلم: د. عبدالمنعم عبدالمحمود العربي- لندن
نشر في سودانيل يوم 27 - 01 - 2014

البروفيسور الفنان شبرين رغم المرض الذي لا يرحم يظل علماً يرفرف خفاقاً في سماء فن التشكيل السوداني
إهداء إلي تلاميذه الأبرار وعشاق فنه وإلي أسرته الكريمة
بقلم د.(طبيب) عبدالمنعم عبدالمحمود العربي - لندن
لكل إنسان في هذه الدنيا سلبيات وإيجابيات وقد اعتاد معظم الناس التركيز علي سلبيات الغير ونسيان الإيجابيات وما الكمال إلا لله وحده. كما أيضاً وللأسف الشديد قد إعتاد البعض من الناس أن يعددوا مناقب وإنجازات زيد ما من الناس بعد ما يموت كأنما التوثيق إو تكريم الشخص وهو علي قيد الحياة يعد نوع من التابو. أيضاً إعتاد البعض البدء بالإعتذار إذا كان لابد لهم أن يوثقوا لشخص ما ولهم به صلة قرابة أو مصاهرة إلخ. فالأستاذ التشكيلي أحمد محمد شبرين الذي أعنيه اليوم بالكتابة هو زوج شقيقتي الحبيبة عائشة حفظهما الله من كل سوء لا أشعر أبداً بحرج في أن أكتب عنه لأعرف الآخرين عنه الوجه الآخر. لذلك سأبدأ بإعادة مقال نشرته في جريدة الصحافة السودانية قبل سنوات مضت ثم أتمم المقال بما يقوله الآخرون عنه أو ما قد سطره التاريخ وتضاريس الزمن وإن كان جل محتوي الموضوع سيركز علي الجانب المهني وشيء من السيرة الذاتية والإجتماعية
(1) الحديقة و النماء
قال لى محدثى إنهم سألوا نوحاً «كيف وجدت هذه الدنيا وقد منَّ الله عليك فيها بعمر مديد لم يحظ به أحد من قبلك»؟ فرد قائلاً: "وجدت لها بابان، باب دخول وباب خروج"!. وأنا الذى شاء الله سبحانه وتعالى أن أدخل هذه الدنيا من بابها الأول لأرجو من الله أن يهبنى فيها صحة وعافية حتى أستطيع تحقيق ما تصبو إليه نفسى من تطلعات دنيوية كانت أم آخروية قبل أن أعيش تجربة الخروج من بابها الآخر!! لقد شدنى "الليلة" الفنان النعام آدم "ملك الطمبور" عليه رحمة الله عازفاً ومغنياً بمهاراته المعهودة وصوته الجميل الذي يصعب محاكاته وهو يغني رائعته "المنقة منقولة.. فى قلبى مشتولة.. خلاص يااهلنا"!! أثارت الكلمة "مشتولة" مخيلتى فبعثتها من سباتها ومن شتيلات الذاكرة ما قد عادت بي القهقرى إلى مسقط الرأس "الوطن الصغير بربر" وأيام حلوة قضيتها فى ريعان الصبا بين أهلي وأحبتى ولكأننى اللحظة أتنسم عبير جناين بربر وحدائقها التى تعمِّرها أشجار النخيل والحمضيات "مشتولة" كانت أم منقولة أو نبتت "بروساً". تذكرته الليلة شاباً وسيم الطلعة ... رفيع القامة ... هادئاً بطبعه ... فى حديثه الهدوء والتفكر بل القوة والوضوح ... أعنى قوة الكلمات ووضوح مخارجها وبلاغة معانيها ... أتى بربر عريساً وقد "زُفَّ" فى مسيرة بهية تليق بمكانته المرموقة ومستواه السلوكى والأخلاقى الرفيع.. لقد عاد الفتى الشاب من لندن إلى الوطن الذى يحبه والذى شارك فى النضال من أجل حريته وإستقلاله وكيف لا وهو من أحد الطلاب الذين أعتقلوا آنذاك ببربر لأنهم رشقوا سيارة الحاكم العام "الإنجليزي" بالحجارة عند زيارته تلك لبربر ... لم أعاصر تلك التجربة ولكن يحكيها لنا التاريخ!! لقد أتى بعد أن أكمل تعليمه العالى بالمملكة المتحدة ليكمل نصف دينه وذلك فى مهد ولادته بقرية القدواب ببربر... رغم تشبعه بالعلم والمعرفة وثقافة الغرب المعاصرة آثر العودة إلى الوطن ينشد ثقافة الجذور والأجداد التى تشبع بها "عرباً وسوداناً" ... لقد صار بجده وإجتهاده مدرسة متفردة فى مجال ذى طابع خاص حباه الله واختصه به وحده حتى صار وظل عالِمَاً بل "عالَمَاً" تثير جغرافيته فضول العلماء والمكتشفين!!. 
لكأننى اللحظة أعيش تلك المسيرة بل الأحرى "سيرة" الشاب الفتى بركبها المهيب وقد إزادنت «القدواب" جمالاً... كما إزدادت الحياة فيها بهجة وحبوراً بحلول خريف واعد... وفي وقتها أفاق العالم الحى وغنى للحياة وعمت البهجة كل الربوع بل حتى طيور البر القاطنة والمهاجرة غمرتها البهجة فملأت الأجواء إنغاماً شجية!!. 
جاء تفاؤل القوم عظيماً فى تلك السنة حيث كان الخريف كما ذكرت واعداً بالخير وقد حظى القوم بما لم يحظوا به منذ عهد بعيد من خيرات الأرض من زرع وفاكهة وإدرار ضرع!. كان الشاب العريس يتابع بإعجاب هطول تلك الأمطار الغزيرة ويتأمل فى ألوان الطيف الجذابة التى تزين بها قوس قزح أرجاء السماء ... ثم يلهم أفكاره ذلك البرق الذى يضئ السماء ورعود تهتز لها الأرجاء ... فلا ينفك مغتنماً فرصة رصد تلك المواقف بلقطات من آلة التصوير التى كانت بحوزته أو رسومات سريعة بريشة من ريش نعام أو صقر جديان مستخدماً الحبر "الشينى" الأسود على ورق أبيض كلها "إسكتشات" جميلة ذات مضمون ومعنى رفيع المستوى!!. 
ذهب ثم عاد من أركويت حيث قضى هو وعروسه شهر العسل فى منتجعها الصيفى ... وبرغمه لم ينس أن يترك لريشته وألوانه المائية مساحة من الوقت ليتحفنا بالبديع من تلك المشاهد الجذابة التى صورها رسماً فنقلتنا غيباً إلى ربوع تلك البادية بل حاضرة وطننا الحبيب فى شرق البلاد ... ذكرتنى تلك اللوحات الفنية وأنا وقتها طالباً بالمدرسة المتوسطة درة المتنبى وهو يصف "شعب بوان" :
مغانى شعب طيباً فى المغانى بمنزلة الربيع من الزمان 
بحق لقد فاق الأستاذ مهارة المتنبى "الذى رسم بالكلمات" فرسم هو من واقع الحياة مشاهد رائعة مستخدماً ريشته أيضاً بمهارة فائقة وعفوية الفنان المتمكن فى مجاله. 
مع مرور الزمن كبرنا وتوسعت مداركنا وفهمنا لطبيعة الأشياء ... وبالمقابل صار أيضاً الشاب العريس أباً ثم جداً حباه الله أحفاداً كالدرر!! كما حباه الله تدرجاً بل تطوراً مضطرداً فى علمه حتى نال "كرسى الأستاذية" بل صار مدرسة ذات تخصص نادر معتبر في مجاله.. لقد أجاد وظل كذلك وتميز في أكثر من مجال ومحفل داخل وخارج السودان فعرف منفرداً بتعامله مع الحرف عربياً كان أم أعجمياً ثم كذلك في إخراج اللون فى ثوب بهيج ترتاح له في تعجب وإنبهار عين المشاهد وتسبح في أعماق بحوره عقول الفلاسفة والمفكرين بحثاً عن مفهوم تلك الإلهامات التى خص الله بها هذا الفيلسوف الفنان إبن السودان خاصة لوحاته تلك التي تزينها الحروف النورانية!!. 
لقد شاء الله أن أحظى بدراسة الطب فى بغداد المعروفة بروعتها وحضارات أرض سومر وبابل "ما بين النهرين" وفى كل محطة ورائعة من روائع الفن والتشكيل، كانت لي وقفات تحضرنى فيها شخصية أستاذنا الجليل وغيره من زملائه المشهورين آنذاك مثل إبراهيم الصلحى وبسطاوي وأحمد العربى و"جمال عبد القادر ومجذوب رباح الذان توفاهما الله، عليهما الرحمة" وغيرهم من الذين لا يسعنى المجال لذكرهم ... أذكر أن جاء يوماً أحد الإخوة السودانيين لزيارتى بكلية طب بغداد معرفاً نفسه"بعبد الرحيم الأمين" أستاذ بكلية الفنون جامعة الخرطوم يحمل لى التحية ومكتوباً من أستاذ الفنون "إبن السودان" ... أتى الأستاذ عبد الرحيم بغداد مشاركاً فى المؤتمر الأوّل للتشكيليّين العرب المنعقد ببغداد من 20 إلى 25 أبريل 1974م كان فخوراً بأن أستاذه قد ذكر فى ذلك المؤتمر بل تعرض المؤتمرون إلى أسلوبه واعتبروه بالإجماع مدرسة قائمة بذاتها لتؤخذ بعين الإعتبار فى مجال حروفية الفن الإسلامى!!
بعد غياب عن الوطن دام لأكثر من ثلاثة عقود شاء الله أن يكتب لى عوداً حميداً لأستمتع بلقاء الأهل والأحبة وقدماء الأصدقاء ورفاق درب فرقتنا عن البعض السنون وسبل كسب العيش.. صادفت خريفاً واعداً معطاءاً ... ووجدت الناس فى بهجة وحبور كما حظيت أيضاً بلقاء حميم واعد بالخير والبركات مفعماً بالحب والعواطف مع أستاذنا الجليل والذى صار "جداً" هذه المرة وقد زانه وزاده الشيب وقاراً على وقار.. إستمتعت أيما إستمتاع إذ هو يتحدث عن الشعر والأدب فتجده الأديب الشاعر... ولقد بهر السيد سعادة وزير الثقافة الإيراني الذي زار دار الأستاذ العامرة عندما ألقى أستاذنا مرتجلاً كلمة تاريخية عظيمة عن "عمر الخيام" نشأته وفلسفته ... إلخ كما جهز معرضاً رائعاً ( رسومات بلأبيض والأسود) عن عمر الخيام حاذت الإعجاب. أما إذا جال بك مثلاً فى مجال الطب وعلم الجينات لخلته الطبيب المداويا!! واذا أبحر بك فى مجال الفلسفة والفكر والتاريخ لوجدته فيلسوفاً ولد فى زمان غير زمانه وفى مكان غير مكانه !! أما إن جاز لى أن أذكره فى مجاله فأنا العاجز عن الوصف ... وعلىَّ ترك ذلك لأصحاب الشأن من زملائه... وكيف لا وهو الذى وصفه الفنان القدير الأستاذ المشارك بكلية الفنون الجميلة د. حسين جمعان "بشيخ الفنون"! ... وأنا عائد إلى المملكة المتحدة مقر عملى إقتنيت لوحتين من أعماله ذات مستوى رفيع إحداهما تحمل إسم "الحديقة" والأخرى "النماء".
أترك للقارئ الكريم العنان ليتخيل شكل ومحتوى ومضمون هاتين اللوحتين وقد خلصت منهما إلى حقيقة أن المولى سبحانه وتعالى شاء للأحياء دخول هذه الدنيا من بابها الأول ولتقضى عمراً قط محسوباً حساباً دقيقاً فى حديقة الحياة التى هيأها المولى بقدر وتقدير وجعل فيها بهجة وإشراقاً كى تتمكن المخلوقات من النماء لتستمر الحياة ويتجدد إعمار الأرض التى جعل الله فيها آدم خليفة ... وليستمر أبناؤه أولى الألباب تفكراً فى خلق السموات والأرض ثم التزود للدار الآخرة قبل المغادرة النهائية من هذه الدنيا خروجاً من بابها الآخر!.
يجدر بى في نهاية حديثى أن أُعَرِّف القارئ الكريم بأن هذا الأستاذ الجليل الذى أعنيه هو "أحمد محمد شبرين" وشدَّ ما سرنى وأثلج صدرى أن أعلم أن الدولة قد كرمته مع غيره من علماء الوطن المبدعين بوسام "نوط الجدارة" الذى هو بحق جدير به!! والله أسأل أن يمد فى أيام الأخ والأستاذ البروفيسور... والإنسان أحمد محمد شبرين وأن يهبه دوام الصحة والعافية وأن يمتد عطاؤه نبعاً لا ينضب معينه خيراً لهذا الوطن بل للوطن العربى والإفريقى والإسلامى أجمع كما أرجو لزملائه ورفاق دربه رجال الفن والتشكيل فى السودان كل التوفيق ومستقبلاً مشرقاً زاهراً. 
لأسرة الأستاذ شبرين منى ومن أسرتى كل الشكر وأجمل المنى. 
لندن- المملكة المتحدة
( 2 ) وهكذا تمر السنوات بحلوها ومرها وتتلخص مسيرة الأستاذ الفنان شبرين يعتقها الزمان ويوثقها كالآتي:
هو من كبار رواد الحركة التشكيلية في السودان ومؤسسي مدرسة الخرطوم التشكيلية مع زميله وصديقه الفنان الكبير ابراهيم الصلحي، ساهم مساهمات ثرة في رفد الحركة التشكيلية وتطويرها فناً متميزاً ونقداً بناءاً.
الاسم: أحمد محمد شبرين
تاريخ و مكان الميلاد: بربر، القدواب، 1931م.
الحالة الاجتماعية: متزوج
- بدأ دراسته في الخلوة ودرس علوم القرآن على يد الشيخ أحمد الجزولي بالقدواب، بعدها التحق بمدرسة بربر الشمالية الأولية ثم المدرسة الأميرية الوسطى، ثم مدرسة وادي سيدنا الثانوية بأم درمان.
- التحق بعد ذلك بكلية الفنون الجميلة والتطبيقية، معهد الدراسات الإضافية (جامعة السودان حالياً)
- الكلية المركزية للفنون بلندن
الخبرات العملية:
- عمل محاضرا بكلية الفنون الجميلة.
- أسس قسم التصميم بكلية الفنون الجميلة بالخرطوم بعد عودته من لندن
- عميد كلية الفنون الجميلة والتطبيقية.
- مؤسس مدرسة الخرطوم التشكيلية مع الفنان إبراهيم الصلحي.
- أحد رواد المدرسة الحروفية العرية في الوطن العربي
- مؤسس مركز شبرين للفنون (أول غاليري في الخرطوم عام 1997)
- عضو لجان تحكيم تشكيلية.
- رئيس اتحاد العاملين بالمعهد الفني بالخرطوم
- عضو مجلس جامعة الخرطوم.
- عضو مجلس جامعة السودان.
- مصمم لبنك السودان 1980م.
- عمل مديراً لمصلحة الثقافة والاعلام.
- وكيل بوزارة الثقافة و الإعلام 1983م.
جوائز:
- وسام الجمهورية للجدارة (2003)
- درع تكريم وجائزة مالية من حاكم إمارة الشارقة (2008) تقديرًا لجهوده المميزة لتطوير حركة الفنون والثقافة والإبداع والإسهام الفاعل في ملتقي الشارقة لفن الخط العربي وأثناء بيتالي الشارقة للخط العربي الذي افتتح يوم 2/4/2008 قام صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي بتكريم نفر من التشكيليين العرب وقام مشكورا بإستلام جائزة تكريم شبرين القنان التشكيلي الدكتور عمر درمة عميد كلية الفنون بجامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا
- ميداليات أخري
معارض ومقتنيات:
شارك بالعديد من المعارض في أفريقيا وأوروبا وآسيا ولديه العديد من المقتنيات في لندن وبيروت والجزائر وسوريا وفي المملكة العربية السعودية حيث كانت إحدى أعمالة الفنية لوحة جمالية جدارية تحوي كلمة التوحيد تزين صالة المغادرة بمطار الملك عبدالعزيز كما أن هنالك بعض المجسمات الجمالية من البرونز على كورنيش البحر الأحمر بمدينة جدة.
كتبت عنه جهات عربية وأجنبية عديدة مثال منها الكاتبة اللبنانية مها سلطان بقلمها الآتي في الحياة البيروتية:
العنوان: معرض للرسام السوداني أحمد شبرين . حروفية عربية وطقس أفريقي
المصدر: الحياة
الكاتب: مهى سلطان
تاريخ النشر(م): 22/7/1999
تاريخ النشر (ه): 9/4/1420
منشأ:
رقم العدد: 13284
الباب/ الصفحة: 22
أحمد شبرين من رواد الحركة التشكيلية السودانية. فنان حروفي طليعي من القلائل الذين مزجوا الحروفية العربية بسحر الطقس الأفريقي ضمن رؤى تجريدية حديثة. وهو من مؤسسي مدرسة الخرطوم للفن الحديث، مع ابراهيم الصلحي وأحمد عبدالعال. وهي المدرسة التي عملت على استعادة المظاهر البدائية والزخرفية والقبلية، التي سبق أن ألهمت تيارات المستقبلية والتكعيبية والسوريالية مما أعطى الفن الأفريقي أهمية عالمية في نظريات الفن الحديث خصوصاً مع بيكاسو وماتيس وميرو واستخدام عناصر "ديكورية" من التراث الشعبي والفنون التطبيقية، مع مناظر من الحياة الحضرية والبدوية، في استقراء العمل الفني. وأكثر ما لفت في تجارب هؤلاء الفنانين محاولتهم تطوير لغتهم الرمزية المتصلة بالشكل واللون عبر التركيز على اللونين البني والرمادي وذاكرتهما في تشكيل الملامح البيئية السودانية.
في إطلالته عبر المعرض الفردي الذي نظمته السفارة السودانية، في الصالة الزجاجية وزارة السياحة كتحية لبيروت، عاصمة ثقافية للعام 1999، ثمة مجموعة كبيرة من اللوحات الزيتية تعكس حلم التراث واشراقة الحداثة. فالإيقاعات تذكر بالميراث البصري للفنون الشعبية الأفريقية والقوة الدينامية لحضور الكتابة، إذ عمل شبرين منذ أوائل الستينات على تأسيس تيار حروفي - تجريدي يتلاءم مع تطلعات الفن السوداني المعاصر، كما يتفاعل مع تنويعات التيار الحروفي العربي واتجاهاته المتشعبة في كل من العراق والمغرب ولبنان وسورية ومصر وغيرها من الأقطار العربية.
وليس غريباً أن تصل الروح الإختبارية إلى مداها الأوسع، في تجارب أحمد شبرين من مواليد مدينة بربر، ولاية نهر النيل العام 1931 الذي بحث عن آثار المظاهر الإنسانية وتجذرها في الأمكنة، عبر تداخل العناصر الهندسية والزخرفية بتجلياتها اللونية، مع شرائط الكتابات العربية التي تذكر بالتمائم والتعاويذ والطلاسم والأدعية. فحضور المكان والعناصر الطبيعية البدائية المملوءة بالرموز الإنسانية يعكسها شبرين بتآليفه الأفقية والعمودية. فالأحزمة الكتابية تشبه حكايات الناس في بساطتهم وفطريتهم وأمثالهم وحكمهم، يرويها شبرين كمشاهدات يومية بأسلوب لوني متحرر ومركّب في آن ضمن تكاوين مبسّطة تستدعي ذاكرة بريئة لا تلبث أن تمتلئ بالإستعارات والتوريات. فتحضر ألوان الطين والحناء ويعطر الجو أنواع البخور والصندل، ضمن حركة التفاف ما هي إلا وسيلة للتعبير عن العلاقات الإجتماعية، وجزء منها عادات الناس وتقاليدهم وأمكنتهم وحيواناتهم الأليفة وآلاتهم وأدواتهم البسيطة، يتم التعبير عنها بمناخات احتفالية رائعة، حيث نسخ الكتابة وحركة تمددها، كأنها مفروشة على البسط والسجاجيد والجدران ومنسوجات الخيام، لا تلبث ان تتقاطع مع مساحات العيش المتموجة بالأهازيج الراقصة والتفاصيل الصغيرة المكوّنة من "موتيفات" نباتية وهندسية .. فالعين هنا إزاء لغة بصرية من إيقاعات تجريدية لونية حارة على طبيعة زنجية وحسّية، ما هي إلا لغة الشكل والحركة واللون، تلك التي تروّض الخيال حيثما ولّى وتبعث على الإيهام الشعري.
وجمالية هذه اللغة التشكيلية أنها تلقائية وطبيعية، صادقة وعميقة، سهلة وممتنعة، ولكنها أصيلة في انتمائها. لا تشخيصية في ظاهرها وإنسانية في مضمونها. فشبرين يبحث في تكاوين اللوحة المعاصرة، عن الطيف العاطفي الذي يستعيد من خلاله السلالات الأخيرة للكتابات العربية كموروث شعبي غني بتقاسيمه وزخارفه ومتونه وهوامشه، الكتابة المليئة بالغرابة والدهشة والمناخات السحرية، حيث الخربشات المبهمة والدلالات اللونية، كأنها هي حدود اللوحة وخضافها وخضمّها.
فالتأليف يجعل شرائط الكتابات تحتل الوسط الأفقي الذي تتعامد عليه شرائط الزخارف فتنهمر عليها وتدفعها إلى أقصى تموجاتها وحركاتها. وأحياناً ترتفع اللغة التصويرية الرمزية إلى ما يشبه الآثار الخطية والرسوم الحيوانية والنباتية التي تُحفر وتُرسم على جلود الحيوانات، تلك الجلود التي يصنع منها السودان أدواته وقلائده من حقائب وآلات موسيقية إيقاعية وأمتعة ذات أشكال مخروطية وأدوات مزينة بالأصداف والخرز والشراريب الطويلة .. وتتبدى تلك العناصر وكأنها تندمج في النص التشكيلي اندماجاً عضوياً، وكذلك اتحاد اللونين الترابي والأسود في طبيعة البداوة المتصحّرة والكحل الأسود الذي يعطيها ملامحها مع ألوان الغروب البرتقالية. فلكل حركة انبساط للحروف، عند خط السماء الأزرق، يوازيه ثقل ألوان الأرض مع الأخضر والأحمر والبنفسجي. فالتجريد يستعيد ليس صورة الأشياء، إنما ذاكرتها اللونية وجمالاتها التوليفية البصرية.
لذلك تتمتع لوحة شبرين بقراءة تجريدية خاصة، نابعة من معرفة الحداثة الأوروبية ومدارسها لا سيما التجريد الغنائي والهندسي ومن عمق الإستنباط العاطفي لخصوصيات الأمكنة وذاكرة التراث الشعبي والفولكلوري، الخصال التي تجعل لوحة شبرين تبتعد عن الإفتعال العقلاني الجاف لإسقاطات الحرف العربي على اللوحة الحديثة أي ذات الرؤية الغربية لبعض تجارب الحروفيين العرب. هذا الإسقاط المتعمّد الذي ما لبث أن جمد وتوقف .. بينما ظلت أبحاث شبرين وتجاربه اللونية وعالمه التجريدي، تنمو وتتطور في مدلولاتها ورموزها ومناخاتها. فقد بسط شبرين سجادة الكتابات الحروفية ليجعلها مكاناً للعيش وحيزاً بصرياً للتأمل في سحر الطقوس الأفريقية والتراث السوداني المتمرغ بذاكرة حضارة النيل القديم، وعلى حدود الأسود والترابي، أشعل شبرين ألوان البرتقالي والأصفر والأخضر والأزرق معطياً اللوحة حقها من الإحتفاء باللون والحياة.
ما كتبه عنه الأستاذ الفنان التشكيلي إبراهيم العوام في سفره "نسق الفكر في الجمال" حديث الطبع طبعة أولي 2013م:
"يعتبر شبرين بحق أكثر رواد الحروفية عطاء جاداً ومنضبطاً أمسك بعظم الحرف وإبراهيم الصلحي أدرك القيمة التشكيلية في الفراغات التي تصنعها الحروف بما أسماه لحم الحرف وشبرين والصلحي هما الذان أسسا مدرسة الخرطوم في السودان وتبعهما عدد كبير من الفنانين في السودان. أيضاً يقول: مع تمكنه في خطه الذي ابتدعه مترسماً خطي الحرف الكوفي مشتقاً منه خطاً حراً عرف بالخط الشبريني الذي تخاطب بحرية كبيرة مع الفراغ. لقد استطاع الفنان أحمد محمد شبرين أن يرسم شعراً حقيقياً، بل إستطاع أن يلج عالم الموسيقي الناعمة وإستطاع أن يقدم في هذا المضمار سيمفونيات خالدة تتسرب الي النفس عبر الكتلة واللون فتفتح عوالم جد موحية في غنائيتها التي تجمع بين الإيقاعات المتوازنة والدقيقة والأصوات ذات التونات المهرمنة والإحساس
الحميم بالحياة. الزمان يطال الأشياء الصغيرة في تقلباته وتطوره، أما الإلهامات العالية التي في قامة الأستاذ الرائد شبرين فتظل تعلم الزمان قيمة الخلود والشموخ والرسوخ."
من ذاكرة التاريخ:
شبرين عوقب وهو طالباً بوادي سيدنا الثانوية لإشتراكه في مظاهرة ضد الحاكم العام الإنجليزي
مظاهرة بربر الشهيرة ضد الحاكم العام كما يرويها من الأستاذ: الأغبش البدوي عبد الماجد - بربر حيث يقول في مقال له بشبكة بربرنت:
إذا أردنا أن نتحدث عن المظاهرة الشهيرة فلابد لنا من الإشارة إلى الجو السياسي العام في السودان في بداية الخمسينيات الذي كان يغلي كالمرجل وكانت المظاهرات تتابع في كل السودان مطالبة بجلاء المستعمر ووحدة وادي النيل (مصر والسودان) وقد تواصلت المظاهرات وتمت مقاطعة الجمعية التشريعية التي قال فيها الزعيم الخالد: إسماعيل الأزهري (لن ندخلها ولو جاءت مبرأة من كل عيب) وقد قابل المستعمر تلك المظاهرة بقسوة بالغة فسقط الشهداء في الخرطوم وعطبرة وبورتسودان.
ففي عطبرة دارت معركة مقاطعة الجمعية عندما اعترضت قوات الشرطة المظاهرة وأطلقت عليها النار مما أدى لاستشهاد خمسة مناضلين على رأسهم ابن بربر الشهيد: (عبد العزيز إدريس) والذي كان يعمل موظفاً بالسكة حديد وقد شيع جثمانه في موكب رهيب من عطبرة حتى بربر حيث ووري الثرى بمقابر (أبكم) وقد بني له قبر بعد الاستقلال لا يزال ظاهراً بالمقابر وكانت تنظم له الزيارة في أعياد الاستقلال في العهد الديمقراطي وكما تعلمن فإن دور بربر قديم جداً منذ المهدية حيث كانت بربر دوماً في المقدمة فتحرير الخرطوم في يد الإمام المهدي جاء نتيجة لتحرير بربر في يد الأمير محمد الخير الغبشاوي الأمر الذي عزل غردون بل وخنقه وقطع عليه خط الإمداد من مصر مما أدى لتحرير الخرطوم وقتل غردون، وتحرير السودان.
واستمر دور أبناء بربر واستمر دور أبناء بربر فعندما انفجرت ثورة عام 1924م كان ابن بربر المرحوم: عز الدين حسين راسخ أحد أؤلئك الثوار وعندما اشتعلت مظاهرات طلبة كلية غردون بالخرطوم تم فصل ثلاثة من أبناء بربر لدورهم القيادي في تلك المظاهرات وهم:
1/ عبد الماجد محمد عبد الماجد الغبشاوي (أبو الروس).
2/ أحمد مختار أحمد التاي.
3/ صلاح الدين حسين راسخ.
بل وتم حرمانهم من العمل في دواوين الحكومة، وقد أصبح عبد الماجد محمد عبد الماجد الغبشاوي بعد الاستقلال نائباً عن دائرة بربر الجنوبية في البرلمان، كما أصبح مختار سفيراً للسودان بالقاهرة. وعند تكوين الأحزاب السياسية كان اشتراك بربر واضحاً عبر حزب الأشقاء.
مظاهرة بربر الشهيرة ضد الحاكم العام
في عام 1951م قررت الحكومة البريطانية إحالة الحاكم العام (السير روبرت هاو ) للمعاش ليخلفه (السير نكس هولم) كحاكم عام وقرر هاو أن يزور المديرية الشمالية لوداع زملائه الإداريين والأعيان ولكتابة تقرير سياسي عن الوضع السياسي بالبلاد وخوفاً على حياته فقد حذفت مدينة عطبرة من برنامج زيارته ليتوجه من الدامر إلى بربر رأساً. جاءنا الخبر بموعد الزيارة وكان ذلك بمثابة تحدٍ لمدينة بربر التي قررت أن تقول كلمتها للحاكم العام فكان أن اجتمع القياديون بالمدينة وعلى رأسهم زعماء الحزب والمعلمون وطلبة المدارس الثانوية (وادي سيدنا) الذين كانوا في إجازة كما كنا نحن طلبة معهد بخت التربية الرضا أيضاً في إجازة، فقرر الجميع الخروج في مظاهرة لتهيئة المواطنين ليخرجوا صباح الغد عند وصول قطار الحاكم العام ((في مظاهرة كبرى)) تهتف بسقوطه وسقوط الاستعمار وبدأ الإعداد للمظاهرة مساءً، وعندما وصلنا للصينية الواقعة شرق منزل محمد جوهر والتي تقود إلى داخلية المدرسة الوسطى اعترضها البوليس بقيادة المأمور وطلبوا من المتظاهرين فض المظاهرة وإلاّ فإنهم سيستعملون القوة ولا زالت كلمات محمد بشير الأحمدي ترك في أذني وهو يقول: (استعدوا للمعركة).
ولكن اتفق الجميع إذا حدث صدام مع البوليس فإنه سيعتقل المتظاهرين الأمر الذي سيؤدي لفشل مظاهرة الغد عند حضور الحاكم العام وقرروا إرجاء المعركة إلى صباح الغد وانفض الجميع على أمل اللقاء غداً وجاء الصباح الذي كان الجميع ينتظرونه على أحر من الجمر ومنذ شروق الشمس تقاطر المواطنون من كل أنحاء المدينة والقرى المجاورة وخرجت بربر كما لم تخرج من قبل والهتافات تشق عنان السماء بسقوط الاستعمار وسقوط هاو وحياة وحدة وادي النيل، وجاءت اللحظة الحاسمة عند وصول القطار وأمطر المتظاهرون الصالون (عربة من عربات القطار لترحيل كبار الشخصيات) بوابل من الحجارة وجاء طلبة المدارس ومعلموهم واختلط الحابل بالنابل، وهنا قرر مفتش المركز ورجال الشرطة إنزال الحاكم العام وزوجته من الناحية الشرقية للمحطة، وأخذه مباشرة إلى المركز فعلت الهتافات إلى المركز إلى المركز وأخذت الجماهير تزحف إلى المركز وعند وصولهم إلى السوق الذي كان آنذك في مرحلة البناء، حمل المتظاهرون الطوب ووجدوا البوليس قد قام بعمل خط نار أمام السوق وأطلقوا القنابل المسيلة للدموع ، وتم الالتحام وأصيب من أصيب واعتقل من اعتقل، وهنا قرر مفتش المركز (محمد محمود الشايقي) أحد أبناء بربر خوفاً من إزهاق الأرواح تهريب الحاكم العام من المركز إلى المحطة عبر الجزيرة ليصل المحطة ويتحرك به القطار ليقف بين عطبرة وبربر حتى المساء ليعود إلى الخرطوم قاطعاً رحلته. فأعجب من حاكم عام يتم تهريبه عبر الجزيرة ويغادر ملعوناً إلى الخرطوم.
وانتشر خبر المظاهرة وتمت إذاعته في إذاعة ركن السودان في نفس اليوم كما نشرته الصحف السودانية والمصرية وبدأت محاكمة الذين اعتقلوا في في المظاهرة فحكم على المناضل: حسن المضوي والمناضل: مصطفى عبد الله سعد (الشهير بمصطفى السمكري).
كما تم الحكم على الطلبة: الرشيد التجاني عبد الماجد و أحمد محمد شبرين، وعمر بن إدريس بالجلد.
وسطرت بربر موقفها واضحاً أسوة بغيرها من المدن التي أدت دورها كاملاً في معركة الاستقلال.
أنشطة أخري وخاتمة:
شارك في الخمسينيات من القرن الماضي ممثلاً للطلاب في الوفد الذي قابل الرئيس إسماعيل الأزهري يطلبون بناء مستشفي لمدينة بربر وقد تم قبول وتنفيذ ذلك الطلب
شبرين كان من المصممين الرئيسيين للعملة السودانية والشعارات المتعددة للمؤسسات الحكومية والخاصة والدولية وكذلك الأوسمة وأعماله الفنية بيعت في اكبر أسواق المزاد العالمي وهما سوسيزبي وكريستر في لندن ونيويورك وهو أول فنان تشكيلي سوداني تباع أعماله عند سوسيزبي. له لوحة مشهورة إسمها "رأس إمرأة" رسمها اثناء دراسته بلندن وتوجد الآن في متحف الكلية الملكية بلندن كما إقتنت أعماله عدت سفارات ومتاحف ملكية كلأردن والشارقة
شبرين مفكر وناقد ومحاور وكاتب مجيد كما أنه أيضاً يقرض الشعر ويترجم سونات شيكيسبير وشعر المعلقات إلي لوحات تجريدية حروفية جميلة كما أنه يعزف علي العود ويتذوق الموسيقي بجميع أنواعها ومدارسها خاصة الفلكلور السوداني وأدب المدائح يزده طرباً حتي أنه قد يفقد الكونترول فيرقص أحياناً كالدرويش "بلاساق" كما قالها الفيتوري الشاعر المرهف العظيم
شبرين رجل شفوق رقيق المشاعر ويحب وطنه لكن من الصعب أن يغير رأيه إذا اتخذ قراراً ما
أقعده مرض قصور الكلي الذي حمله إلي الإعتماد الكلي علي الغسيل الدموي وقبل ذلك ضعف عنده البصر نتيجة الجلوكوما اللعينة التي في بعض الأحيان لا تنذر.
الأستاذ شبرين لك ولأهلك ولكل تلاميذك ومحبي فنك التحية وأرجو أن يتولاك الله بالصبر والعناية وأن لا يأتي ذلك اليوم الذي يشكرك فيه الآخرون بعد فوات الأوان والتدم هانئاً في أمان الله
عبدالمنعم عبدالمحمود العربي - لندن


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.