الصلاحيات هنا وهناك وهذا التبعيض المخل: الظروف التي جعلت الدول الديمقراطية في أوربا وأمريكا تعمل على إصدار قوانين جديدة تسمح بمراقبة المواطنين رقابة إلكترونية والتصدي للارهابيين بوضعهم في الاعتقال لسنين في بعض الأحيان ، وإستخدام أساليب تشمل التعذيب وإقامة سجون سرية تابعة لأجهزة الامن كتلك التي يحتفظ بها جهاز المخابرات الامريكي ال(CIA) كانت بسبب تعرض هذه الدول لمخاطر أمنية في ظروف ليست أشد خطورة مما تتعرض له بلادنا اليوم ، ولا أعني بطبيعة الحال الإقرار والموافقة على تلك الاجراءات أو السماح لأجهزتنا الأمنية بالقيام بها ، ولكنني قصدت الاشارة الى ممارسات أجهزة الأمن الغربية في الدول الديمقراطية ، والتي يرى البعض بأنها المثل الأعلي في الحرية والديمقراطية والحفاظ على حقوق المواطن الشخصية ..!! ، ومطالبتهم بأن يكون وضعنا القانوني وحتي الاجتماعي مطايقا لها بالرغم من خصوصيتنا الثقافية والإعتقادية ، ومن جهة أخري تجد تنكب لدعواتهم تلك عندما تقتضي الحالة والموقف نقاش قانون جهاز لهم معه موقفاً خاصاً لاعلاقة له بمطلوبات البلد ، فيكون التنكب في رفض فكرة القوانين المشابهه التي تحكم جهازنا الأمني ليصير شبيهاً لأجهزتهم علي خلفية أن الاحداث السياسية والامنية أين ما وقعت فإن تأثيرها يتمدد فيصل إلينا في داخل حدود بلدنا ونتأثر بها ، كما ان الأنظمة الدولية فيما يسمي بالتعاون الدولي يقتضي مشابهة تلك القوانين لتسهل عمليات تبادل المعلومات والمجرمين ، غير ان السؤال المهم والواجب طرحة هو .. علي من ندافع بعدم وجود مادة قانونية تسمح بالإعتقال والحجز للمشتبهين ..؟! ، لماذا نقدم في قوانين أجهزتنا حماية متقدمة للمجرمين والقتلة وقطاع الطرق يبصم عليها نواب شعبنا ، والاولي بهم سن القوانين التي تحمي الجماهير التي قدمتهم لتلك المجالس التشريعية ..!! ، والذين يستندون في دعواهم علي أن تجربة جهاز الامن الانجليزي خالية من الإعتقال الاحترازي والتفتيش غير صحيحة البتة ، ففي احداث برجي التجارة بنيويورك كان هنالك إتجاه في داخل الإدارة الامريكية يقول بتحويل وكالة التحقيقات الفدراليةF.B.I.) ) الى جهاز أمن داخلي فعال شبيه بالجهاز الانجليزي ، فأفاد مدير جهاز الامن الانجليزي (FI6) أمام اللجنة المكلفة بالتحقيق في الحادثة بأن (هناك اختلافاً كبيراً في مجال الحريات المدنية بين بريطانيا وأمريكا ، فالمملكة المتحدة ليس لها دستور مكتوب وأن الضمانات في مجال الخصوصية محدودة بصورة مختلفة عن أمريكا وأن مستوى الرقابة الالكترونية التي يقوم به جهاز الأمن الانجليزي يمكن أن تثير مسائل دستورية حادة إذا ما حاولت الحكومة الأمريكية تطبيقة عندها ، والمقصود بالرقابة الالكترونية هي الرقابة على التلفونات والفاكس والبريد الالكتروني) ، أي بمعني أن الإتكاء علي تجربة بريطانية لاتسمح بإعتقال او حجز لمشتبه بهم لفترات غير صحيح والعكس تماما هو الواقع .. بأن الجهاز الامني البريطاني يعتقل ولشهور طويلة ومن غير محاكمة ، فكل أجهزة الامن في كل العالم تزيد من شدة قبضتها وحماية أراضيها ومواطنيها وأسرارها ، في ظل ظروف تزداد الخطورة بها وتتوسع المهددات الامنية ، وذلك يتطلب بطبيعة الحال مزيد من الحذر والاجراءات الصارمة ..!! ، والتفكير في تجاوزات الأمن في التعامل مع المعارضين في الداخل يجب أن لا يدفع بنا لفتح بلادنا لكل العملاء والجواسيس والمتعاونين معهم من داخل بلادنا ونحقق لهم الحماية من ذات الأجهزة التي تكافح نشاطهم المضر والفتاك ، والصلاحيات التي يدار عنها الحديث لابد لأي جهاز أمني من أن يتمتع بها ولا غنى عنها ، ولابد لجهاز الأمن من ممارستها والمقصود منها بالطبع هو توفير الظروف والمقدرة التي تمكنه من مواجهة أنشطة المخابرات الاجنبية وحماية أمن بلادنا وأرضها ومواطنها واسرارها ، وذلك كله مع امكانية ضبط هذه الممارسات والصلاحيات ووضعها في الاطار القانوني المناسب .. لا التجاوز والافتئآت علي حق المواطن الصالح بالتمتع بكل حقوقة غير منقوصة ..!!