في هذا الأسبوع وتحديداً في الثاني والثالث من أبريل المقبل سيعقد الاتحاد الأوربي القمة الأوروبية الأفريقية الرابعة، والمفارقة أن الدعوات التي قدمها الاتحاد الأوربي للدول الأفريقية لحضور القمة يتجلى فيها بوضوح أن القارة الأوروبية (العجوز) ما زالت تعتبر القارة الأفريقية (الفتية) تحت سيطرتها، ومازالت شعوبها تحت رحمتها، ومن المقرر أن تعقد القمة في بروكسل بعنوان (الاستثمار في الشعوب والرخاء والسلام)، وتأتي هذه القمة بعد القمم الثلاث التي عقدت في القاهرة ولشبونة وطرابلس، ومن المهم أن نشير إلى أن المراقبين حيال القمة منقسمين إلى فريقين، فريق متفائل، رأيه أن القمة الأوربية الأفريقية، ستكون خطوة مهمة نحو تعزيز الشراكة بين الاتحاد الأوروبي والقارة الأفريقية، أما الفريق الثاني فله رأي مختلف، ويرى أن الاتحاد الأوربي يمارس مع القارة الأفريقي سياسة "فرق تسد" وذلك بعدم دعوة كل أعضاء الاتحاد الأفريقي للمشاركة، ويبدو أن الاتحاد الأفريقي نفسه غير راضٍ عن تهميش بعض الدول وانتقد عدم توجيه الدعوة لبعض القادة الأفارقة، واعتبر هذا المسلك محاولة للهيمنة الأوربية عبر فرض ممثلين من الدول الأفريقية في مؤتمر القمة الأوربي الأفريقي بدلاً من الرؤساء. ويبدو أن هذه القمة تلتئم في ظروف بالغة التعقيد من الرفض والمقاطعة والنقد من قبل عدد من دول القارة، حيث أعربت الدول الأفريقية عن قلقها الشديد إزاء عدم دعوة رئيس السودان عمر البشير، ورؤساء كل من دول إريتريا وجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية، فيما لوحت زمباوي بالمقاطعة لرفض الاتحاد الأوربي منح تأشيرة دخول للسيدة الأولى في زيمبابوي غريس موغابي باعتبارها على لائحة عقوبات الاتحاد الأوربي، وانتقد الاتحاد الأفريقي دعوة أوربا لمصر للمشاركة في الوقت الذي علقت فيه عضويتها بعد انتهاء انقلاب عسكري مزعوم في عهد الرئيس المنتخب محمد مرسي. وبالرغم من أن الاتحاد الأوربي أكد دعوته للسودان للمشاركة في مؤتمر القمة الأوربية الأفريقية، إلا أن وزير الخارجية علي كرتي قطع بعدم مشاركة السودان في هذه القمة باعتبار أن الدعوة لم توجه للرئيس السوداني عمر البشير، وسفير الاتحاد الأوربي لدى زمباوي، وعزا عدم توجه الدعوة للرئيس البشير للمشاركة في القمة نسبة الى أن الرئيس السوداني لديه مذكرة اعتقال دولية صدرت من قبل المحكمة الجنائية الدولية، وقال في حوار مع صحيفة (ذا هيرالد) الزيمبابوية إن كل دول الاتحاد الأوربي وقعت وصدقت على نظام روما الأساسي، والمحكمة الجنائية الدولية، الولاية القضائية على جميع الدول إلى الاتحاد الأوربي، وهذا يعني اختصاصاً ملزماً للاتحاد الأوربي وفقاً لقرارات وإجراءات المحكمة الجنائية بأنه إذا كان قد دعا الرئيس البشير فسيتم اعتقاله بمجرد أن تطأ قدماه أي إقليم من الاتحاد الأوربي، لذلك فإن دعوته ليست شيئاً اختياريا، ونحن ملزمون بموجب نظام روما الأساسي، وبما إن وجود السودان مهم في القمة لمناقشة أوضاعه فقد تمت دعوة النائب الأول للرئيس. كما أن رئيس زيمبابوي قرر عدم المشاركة احتجاجاً على النهج الأوربي في فرض الهيمنة السياسية على القارة وتحديد مستوى تمثيلها في القمة، وتوقعت وزارة الخارجية في زيمبابوي يوم الجمعة إلغاء القمة بين الاتحاد الأوربي وأفريقيا بسبب رفض الأوربيين منح غريس موغابي زوجة رئيس زيمبابوي تأشيرة دخول، وقال الناطق باسم الوزارة جوي بيمها في تصريح صحفي "ليس هناك حتى الآن قرار نهائي للاتحاد الأفريقي، لكن "مفوضية الممثلين الدائمين قررت أن الدول الأعضاء لن تحضر القمة إذا أصر الاتحاد الأوربي على التدخل في تشكيلة الوفد الأفريقي"، وأردف قائلاً: "هناك دول مثل السودان لم تتم دعوتها بينما دعيت مصر التي علقت عضويتها في الاتحاد الأفريقي، ومشكلة السيدة الأولى التي يرفضون منحها تأشيرة من الموضوعات التي تثير قلقنا". وتابع الناطق باسم خارجية زيمبابوي: "نأمل أن يصر الاتحاد الأفريقي على قراره المبدئي الذي اتخذ في يناير وهو المشاركة شرط أن تتم دعوة كل أعضاء الاتحاد الأفريقي". وكان الاتحاد الأوربي علق في فبراير كل العقوبات المفروضة منذ 2002م على زيمبابوي باستثناء تلك التي تطال الرئيس موغابي وزوجته اللذين يبقيان شخصيتين غير مرغوب فيهما على الأراضي الأوربية، ولكن هناك فقرة تسمح لرؤساء الدول والحكومات أو أعضاء الحكومات المدرجين على "لائحة سوداء" بالسفر في مناسبات دولية، إلا أن المعارضة في زيمباوي رفضت المقاطعة، وقال المحلل السياسي جوي مابنغا مدير الأزمة إن المقاطعة ستجعل زيمباوي تخسر أكثر. وكان مجلس السلم والأمن الأفريقي قد نصح القادة الأفارقة بعدم المشاركة في القمة الأوربية الأفريقية احتجاجاً على طريقة أوروبا في تحجيم دور القارة بازدراء من خلال تحديد من هو مؤهل لحضور القمة. يبدو أن الاتحاد الأوربي لديه مبررات حول عدم مشاركة بعض القادة الأفارقة والسماح للبعض الآخر بالمشاركة في القمة التي تناقش إستراتيجية التعاون بين القارتين الأوربية والأفريقية، وتقوية الشراكة السياسية والعلاقات بين القارتين في كافة المجالات، حيث أجرت صحيفة (ذا هيرالد) حواراً مع سفير الاتحاد الأوربي لدى زيمباوي الذي شرح بدوره كيف تم اختيار المشاركين؛ حيث برر دعوة مصر بالرغم من تجميد عضويتها من قبل الاتحاد الأفريقي بسبب الإطاحة بالرئيس السابق محمد مرسي بأن هذا الاجتماع بين الاتحاد الأوربي والقارة الأفريقية وليس اجتماعاً بين الاتحاد الأوربي الأفريقي، ولم يتم الاسترشاد بمشاركة عضوية الاتحاد الأفريقي، وهذا الحدث أعلى نسبة من الحوار السياسي بين الاتحاد الأوربي وأفريقيا، واعتزام الاتحاد الأوربي هو جعل من الممكن التحدث إلى جميع الذين هم على صلة بموضوع الحدث، والاستثمار في الناس والرخاء والسلام، وبأن تكون قادراً على التحدث بصراحة معهم والحصول على التقدم في هذه الشراكات بين الاتحاد الأوربي في هذه المنطقة، هذا هو السبب الذي دعيت به مصر على الرغم من حقيقة أنه قد تم تعليقها من الاتحاد الأفريقي. هكذا برر المسؤول الأوربي مشاركة مصر، ولكن ما هو تبريره لعدم مشاركة كل من إريتريا والجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية، لم يتردد السفير الأوربي حين قال: "اسمحوا لي أن أصحح المفهوم الخاطئ، فقد دعيت إريتريا على مستوى الرئيس ورفض الرئيس، وقيل لنا إن نائب الرئيس قادم. وصلنا تأكيد أن وزير الشؤون الخارجية سيحضر هذا الحدث، أما بالنسبة للصحراء الغربية، فإن الاتحاد الأوربي لا يستطيع دعوة البلد الذي لا يعترف بها المجتمع الدولي بأسره، حتى لا تكون لدينا مشكلة، لا يمكننا دعوة الشركاء على أكمل العضوية، كما أن دعوتنا للمغرب بذات الفهم لدعوتنا لمصر، فوجود المغرب في غاية الأهمية، باعتبار أن هنالك مشاكل مشتركة، فعبر المغرب تتم الهجرة، والعبور، مما يعني أن المغرب شريك مهم للغاية في هذا الحوار بالرغم من أن مشاركتها ضد رغبات الاتحاد الأفريقي، في حين لم يدع الرئيس السوداني عمر البشير لما لديه دعوة من المحكمة الجنائية". ويأتي انعقاد القمة وسط تطورات متلاحقة شهدتها القارتان تستلزم إعادة النظر في هيكل العلاقات بينهم وتفعيله، فعلى سبيل المثال شهدت القارة الأوربية توسعات بانضمام دول جديدة لعضوية الاتحاد الأوربي، كما شهد المشهد الاقتصادي في أوربا تغيرات فرضتها عليه الصعوبات الاقتصادية التي طرأت، وعلى الجانب الأفريقي أيضاً حدثت تغيرات عديدة، ومن ثم هناك صعوبات تواجه الجانبين، ولكن في الوقت نفسه هناك آمال كبيرة مشتركة بينهما يجب العمل على تحقيقها. لذا فمن المتوقع أن تمثل القمة فرصة لتعميق العلاقات بين القارتين واستكمال آفاق الاقتصاد والتطور الواعدين بالمستقبل. /////////