لم يكن غريباً على ولاية كسلا أن تحتفي احتفاءً ملحوظاً، واستعداداً كبيراً، لإخراج فعاليات عُرس الشهيد اليوم (الأربعاء)؛ لأنها تعلم علم اليقين، أهمية الشهداء بالوفاء. إذ إن ولاية كسلا أُبتليت ابتلاءً عظيماً، ضمن غيرها من بعض ولايات السودان بأحداث التمرد، وويلات الحرب الأهلية. لا أحسبُ أن هنالك من أبناء ولاية كسلا وبناتها من ينسى غزو بعض الحركات المسلحة لبلدة القرآن الكريم همشكوريب، وحاضرة الولاية كسلا، إذ إنها عانت عناءً قاسياً من ذاكم الغزو، تدميراً لبعض بنياتها التحتية ومنشآتها الحكومية، إضافةً إلى إزهاق أرواح الأبرياء. وأكد الأخ محمد يوسف آدم والي ولاية كسلا، وهو يستعد لبدء احتفالات ولايته لمهرجان عُرس الشهيد، أن التذكر والاعتبار بمن مضوا في درب الشّهادة من أبناء الولاية الباسلة، ما قدموه من تضحية وفداء بالنفس، لا يحتاج إلى احتفالات لتذكرهم، لأنه خالد في أفئدة أبناء الولاية. كما أنها تفاخر ضمن ولايات السودان المختلفة بأنها قدمت فداءً لهذا الوطن حماية لبنيه مئات الشهداء ليس في ولاية كسلا فحسب، بل في غيرها من مناطق النزاع، حيث إن لها شهداء شرفوها في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق، إضافة إلى إقليم دارفور، وهو في ذلك لا يمنون على أحد، بل ترى أن ذلك واجبهم المقدس تجاه حماية الوطن ومواطنيه. وفي رأيي الخاص، أن احتفالات عُرس الشهيد في ولاية كسلا تكسب زخماً كبيراً، ولا تقتصر على احتفالات توصف وتمضي بانتهاء فعالياتها، ولكنها تحمل في ثناياها الكثير من الخير لأسر الشهداء من حيث افتتاح المنشآت، وكثير مشروعات، قد لا يعود ريعها على أسر الشهداء فحسب، بل يمتد إلى كل أبناء ولاية كسلا وبناتها. وقد أكد لي الأخ الصديق عبد الله محمد دِرف، وزير الصحة في ولاية كسلا، ورئيس اللجنة الإعلامية لمهرجان عُرس الشهيد، أنهم في الولاية يحرصون للمرة الثانية على استضافة هذا العُرس بفهمٍ متجددٍ، وأسلوب غير تقليدي، يزاوج بين التذكر والاعتبار، ويمنح فرصاً وخيرات مدرارا. أخلصُ إلى أن هذه الاحتفائية التي تنتظم ولاية كسلا، تستهدف الوفاء والتقدير لمجاهدات الشهداء وجهادهم، الذين بذلوا أنفسهم رخيصة في سبيل الوطن، ومن أجل حماية المواطن. وإن ولاية كسلا تفخر بأنها تستضيف هذا الاحتفال للمرة الثانية خلال 10 سنوات بتشريف من الأخ الرئيس عمر البشير، ورعاية متفردة من الأخ الصديق محمد يوسف آدم والي ولاية كسلا، وبهمةٍ عاليةٍ وجهدٍ مقدرٍ من حكومة الولاية وشعبها في سبيل إخراج تلك الاحتفالات في ثوبٍ قشيبٍ، تقديراً ووفاءً للجهد العظيم الذي بذله هؤلاء الشهداء العظام من هذه الولاية الفتية، ومن عموم ولايات السودان، ولأسرهم وذويهم. ولنستذكر في الصدد، قول الله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ * وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ * وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ". وقول أمير الشعراء أحمد بك شوقي: وَلِلأَوطانِ في دَمِ كُلِّ حُرٍّ يَدٌ سَلَفَت وَدَينٌ مُستَحِقُّ وَمَن يَسقى وَيَشرَبُ بِالمَنايا إِذا الأَحرارُ لَم يُسقوا وَيَسقوا وَلا يَبني المَمالِكَ كَالضَحايا وَلا يُدني الحُقوقَ وَلا يُحِقُّ فَفي القَتلى لِأَجيالٍ حَياةٌ وَفي الأَسرى فِدًى لَهُمُ وَعِتقُ وَلِلحُرِّيَّةِ الحَمراءِ بابٌ بِكُلِّ يَدٍ مُضَرَّجَةٍ يُدَقُّ