منتخبنا يواصل تدريباته بنجاح..أسامة والشاعر الى الإمارات ..الأولمبي يبدأ تحضيراته بقوة..باشري يتجاوز الأحزان ويعود للتدريبات    نشطاء قحت والعملاء شذاذ الافاق باعوا دماء وارواح واعراض اهل السودان مقابل الدرهم والدولار    لم يقنعني تبرير مراسل العربية أسباب إرتدائه الكدمول    ريال مدريد لنصف نهائي الأبطال على حساب مانشستر سيتي بركلات الترجيح    ركلات الترجيح تحمل ريال مدريد لنصف نهائي الأبطال على حساب السيتي    وزير الخارجية السوداني الجديد حسين عوض.. السفير الذي لم تقبله لندن!    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    سيكافا بطولة المستضعفين؟؟؟    العين يهزم الهلال في قمة ركلات الجزاء بدوري أبطال آسيا    مباحث المستهلك تضبط 110 الف كرتونة شاي مخالفة للمواصفات    شاهد بالفيديو.. بعد فترة من الغياب.. الراقصة آية أفرو تعود لإشعال مواقع التواصل الاجتماعي بوصلة رقص مثيرة على أنغام (بت قطعة من سكر)    الحركة الإسلامية السودانية ترد على كندا    مصر.. فرض شروط جديدة على الفنادق السياحية    شاهد بالصورة والفيديو.. ببنطلون ممزق وفاضح أظهر مفاتنها.. حسناء سودانية تستعرض جمالها وتقدم فواصل من الرقص المثير على أنغام أغنية الفنانة إيمان الشريف    ماذا كشفت صور حطام صواريخ في الهجوم الإيراني على إسرائيل؟    قرار عاجل من النيابة بشأن حريق مول تجاري بأسوان    العليقي وماادراك ماالعليقي!!؟؟    مقتل 33899 فلسطينيا في الهجوم الإسرائيلي منذ أكتوبر    الرئيس الإيراني: القوات المسلحة جاهزة ومستعدة لأي خطوة للدفاع عن حماية أمن البلاد    محمد بن زايد وولي عهد السعودية يبحثان هاتفياً التطورات في المنطقة    ترتيبات لعقد مؤتمر تأهيل وإعادة إعمار الصناعات السودانية    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    خلال ساعات.. الشرطة المغربية توقع بسارقي مجوهرات    بعد سحق برشلونة..مبابي يغرق في السعادة    شاهد بالصورة والفيديو.. فتاة تنضم لقوات الدعم السريع وتتوسط الجنود بالمناقل وتوجه رسالة لقائدها "قجة" والجمهور يسخر: (شكلها البورة قامت بيك)    شاهد بالصورة والفيديو.. بأزياء فاضحة.. الفنانة عشة الجبل تظهر في مقطع وهي تغني داخل غرفتها: (ما بتجي مني شينة)    رباعية نارية .. باريس سان جيرمان يقصي برشلونة    مبارك الفاضل يعلق على تعيين" عدوي" سفيرا في القاهرة    حمدوك يشكر الرئيس الفرنسي على دعمه المتواصل لتطلعات الشعب السوداني    وزير الخارجية السعودي: المنطقة لا تحتمل مزيداً من الصراعات    محمد وداعة يكتب: حرب الجنجويد .. ضد الدولة السودانية (2)    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    رسالة من إسرائيل لدول المنطقة.. مضمونها "خطر الحرب"    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الثلاثاء    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    تنسيقية كيانات شرق السودان تضع طلبا في بريد الحكومة    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    ماذا تعلمت من السنين التي مضت؟    إنهيارالقطاع المصرفي خسائر تقدر ب (150) مليار دولار    أحمد داش: ««محمد رمضان تلقائي وكلامه في المشاهد واقعي»    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    تقرير: روسيا بدأت تصدير وقود الديزل للسودان    تسابيح!    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    إيلون ماسك: نتوقع تفوق الذكاء الاصطناعي على أذكى إنسان العام المقبل    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    ما بين أهلا ووداعا رمضان    تداعيات كارثية.. حرب السودان تعيق صادرات نفط دولة الجنوب    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    الجيش السوداني يعلن ضبط شبكة خطيرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإصلاح في سياسة السودان الخارجية .. إعداد: د. ريم محمد موسى
نشر في سودانيل يوم 17 - 05 - 2014


بسم الله الرحمن الرحيم
الجمعية السودانية للعلوم السياسية
مؤتمر قضايا الإصلاح السياسي في السودان
ورقة بعنوان :
الإصلاح في سياسة السودان الخارجية
إعداد :
د. ريم محمد موسى
قسم العلوم السياسية
جامعة بحري
مقدمة :
السياسة الخارجية هي سلوك الدولة في علاقاتها الخارجية سواء كان ذلك السلوك على نحو إيجابي أو سلبي ، وهو سلوك تظهر موجهاته في ماكينيزمات عملية اتخاذ القرار .
والسياسة الخارجية لاي دولة هي مجموعة الاهداف السياسية التي تحدد كيفية تواصل الدولة مع بقية الدول الأخرى ، حيث تسعى الدول عبر سياستها الخارجية إلى حماية مصالحها الوطنية وأمنها الداخلي وأهدافها الفكرية الإيديولوجية وازدهارها الاقتصادي .
وقد عاني السودان قبل إنفصال الجنوب من سوء السياسة الخارجية ، فدولياً قطع السودان علاقاته مع عديد من الدول خاصة الدول العظمى ، وإقليمياً كان معزولاً وليس له وجود فعلي سواء في الاتحاد الأفريقي أو في الجامعة العربية ، لذلك كانت هنالك حاجة ماسة إلى ضرورة صياغة إستراتيجية محددة المعالم لسياسة السودان الخارجية تجاه المحيط الدولي والإقليمي تتماشى مع شكل الدولة الجديد بعد الإنفصال بهدف الإصلاح ، مما يتطلب إعادة تعريف بالسودان بصورته الجديدة ، على أن تكون هذه الإستراتيجية ذات الصلة بالسياسة الداخلية للدولة نسبة للتأثير المتبادل بين السياستين .
وتتمثل المشكلة التي تحاول الدراسة تفسيرها وتحليلها في : ماهي المحددات والمرتكزات التي تستند إليها السياسة الخارجية السودانية ، وإلى أي مدى هنالك حوجة لصياغة استراتيجية جديدة للسياسة الخارجية السودانية بعد إنفصال جنوب السودان تتماشى مع الوضع الراهن وتحقق الإصلاح المطلوب في السياسة الخارجية ، وهنالك افتراضات لذلك :
- تتأثر إستراتيجية السياسة الخارجية بالأبعاد الدولية والإقليمية والصراع في المجال الحيوي (البيئة المحلية) بالنسبة للسودان .
- تكمن إشكالية السياسة الخارجية السودانية في الوسائل التي يتم بها تنفيذ الخطط الإستراتيجية ، وليس في الخطة الموضوعة أصلاً للسياسة الخارجية .
- غياب المؤسسية في صناعة القرارات الخارجية السودانية ، بمعنى أن إتخاذ القرار لا يخضع لعمل المؤسسات والقوى السياسية .
وجاءت الدراسة في محاولة لتوضيح متطلبات صياغة استراتيجية جديدة لسياسة السودان الخارجية على المحيط الدولي والإقليمي ومقارنة التخطيط الاستراتيجي للسياسة الخارجية حسب الخطة الاستراتيجية الربع قرنية التي تم وضعها ، وإمكانية تطبيق هذا التخطيط على أرض الواقع بما يضمن تحقيق الإصلاح الفعلي في عملية صنع القرار في السياسة الخارجية السودانية ، وعليه تناقش الدراسة المحاور الآتية :
 أولاً – مفهوم السياسة الخارجية في العلاقات الدولية .
 ثانياً – محددات السياسة الخارجية السودانية .
 ثالثاً – موجهات السياسة الخارجية السودانية حسب الإستراتيجية القومية الشاملة و الخطة الاستراتيجية الربع قرنية .
 رابعاً – متطلبات الإصلاح لسياسة السودان الخارجية في ظل الجمهورية الثانية .
 النتائج والتوصيات
 أولاً – مفهوم السياسة الخارجية في العلاقات الدولية :
تخضع السياسة الخارجية لعدة عوامل اقتصادية وسياسية وإستراتيجية متداخلة ، وقد حاول كثير من الباحثين تقديم تعريفاً محدداً للسياسة الخارجية ، إلا أنه لا يوجد إتفاق حتى الآن حول مفهوم السياسة الخارجية ، فجوزيف فرانكول يعرف السياسة الخارجية بأنها " مجموعة معاملات الدولة مع العالم الخارجي ، وهذا لا يعني مجموعة الوثائق الرسمية فقط ، إنها تحوي كذلك القرارات والتصرفات مع الدول الأخرى " . (1)
وهنالك أتجاه في الفكر السياسي يربط مفهوم السياسة الخارجية بالتخطيط والمصلحة القومية ، حيث نجد ذلك واضحاً في تعريف " وليم لوانت" الذي يربط السياسة الخارجية بالمصلحة القومية ، حيث يرى أن مفهوم السياسة الخارجية يعتمد على الفرضية القائلة بان السياسة الخارجية في جوهرها تكييف للوسائل بصورة عقلانية مع الغايات - أي المصلحة القومية . (2)
والبعض يربط السياسة الخارجية بالسياسة الداخلية ، حيث يرى هنري كاسينجر أنه توجد في المفهوم التقليدي عناصر ووحدات ذات طابع سياسي هي التي تنظم العلاقات الدولية ، والواقع أن السياسة الخارجية تبدأ حيث تنتهي السياسة الداخلية . (3)
هنالك إتجاه يعرف السياسة الخارجية معتمداً على البعد الإستراتيجي والأمني ، ويرى أن السياسة الخارجية في عموميتها تقوم على التحديد الدقيق لمنظومة من الأهداف الاقتصادية والسياسية والأمنية والاستراتيجية التي تعمل الدولة على تحقيقها في المدى القريب والبعيد من أجل تنظيم الفائدة والمنفعة والمردود القومي في ظل ظروف موضوعية محلية وإقليمية وعالمية محددة .(4)
وهنالك عوامل داخلية وخارجية تؤثر على عملية صنع السياسة الخارجية للدول بصفة عامة تتمثل في : (5)
1. العامل الجغرافي والإستراتيجي ، والذي يركز على مساحة ومناخ وشكل وموقع الدولة .
2. العامل السكاني ، والذي يركز على الحجم والتقسيم الاجتماعي والاقتصادي وحركة النمو أو النقصان السكاني .
3. العامل السياسي ، والذي يركز على الوضع السياسي للدولة من حيث إستقراره ومن حيث جموده ومرونته ، وقدرة الدولة على البقاء في وضع ثابت نسبياً بعيداً عن التقلبات السياسية وعدم الإستقرار .
4. العامل الاقتصادي ، والذي يركز على الموارد الطبيعية ووضع اقتصاد الدولة .
5. العامل الإيديولوجي ، والذي يرتكز على معتقدات السكان وقيمهم وطموحاتهم .
6. شكل النظام العالمي ، وتركيبة القوى العظمى المسيطرة عليه .
7. المنظمات الدولية والتحالفات ، إذ لابد للدولة مراعة مواثيق المنظمات الدولية والمعاهدات عند تشكيل سياستها الخارجية .
8. ردود فعل الدول الأخرى ، وعلى الدولة أن تعى ردود فعل الدول الأخرى تجاه اي إجراء تقوم به ، حيث لا تسمح الدولة لغيرها من الدول إنتهاج سياسة خارجية تضر بمصالحها القومية .
وهنالك أهداف رئيسية تسعى الدول إلى تحقيقها عبر سياستها الخارجية ، ولابد لكل دولة عند تحديد سياستها الخارجية أن تضع في حساباتها أن هذه الأهداف إما أن تتوافق مع أهداف الدول الأخرى فينتج عن ذلك حالة من التعاون والتفاهم وبالتالي تكون العلاقات وثيقة بين تلك الدول ، وإما تتعارض أهداف سياستها الخارجية مع تلك الدول وعليه تتفاقم الصراعات تؤدي إلى توتر العلاقات ربما تؤدي إلى الحرب ، لذلك يجب صياغة وتحديد أهداف السياسة الخارجية لكل دولة بصفة عامة بحيث تهدف إلى:
1. حماية الرقعة الجغرافية للدولة وحماية مصالح المواطنيين داخل وخارج الدولة .
2. رعاية الروابط مع الدول الأخرى وتصنيفها .
3. تطوير ورعاية المصالح الوطنية وحفظ الأمن القومي .
4. رعاية المصالح الاقتصادية للدولة .
5. تعزيز نفوذ الدولة ، إما بتوسيع دائرة نفوذها أو تحجيم دائرة نفوذ الدول الأخرى .
ولتحقيق هذه الأهداف فأن الأجهزة المسئولة عن السياسة الخارجية في الدولة تضطلع بمسؤولية صنع هذه السياسة ، وحتى تكون هذه الأهداف قابلة للتكيف مع مستجدات الأحداث في محيط السياسة الدولية ينبغي أن يراعى في عملية صنع السياسة الخارجية ووضع خططها الإستراتيجية أن تدرس هذه الأهداف بصورة جيدة تجعل من طريقة وضعها وتطبيقها وتحديدها ما يوفر قدر من المرونة بحيث تسمح لمتخذ القرار أن يختار عدة بدائل للتعامل مع المستجدات على الساحة الدولية ، وعادة يتم ترتيب هذه الأهداف حسب أهميتها النسبية ووفقاً لأولويات الدولة ومصالحها القومية على النحو التالي : (6)
أولاً - أهداف مركزية : وهي التي تمثل المرتكزات الأساسية للسياسة الخارجية للدولة وتكون مرتبطة بكيان الدولة ، وتمثل قيم وثوابت الشعب والتوجه العام للدولة .
ثانياً – أهداف وسيطة : وهي مهمة لتحقيق رفاهية الدولة وتقدمها الاقتصادي والسياسي والاجتماعي ، وتاتي في الأهمية بعد الأهداف المركزية .
ثالثاً – أهداف هامشية : وهي تعبر عن مطالب عامة ، تتوجه بها الدولة وتعلنها في سياستها الخارجية لكسب التأييد والمساندة من المجتمع الدولي ، وهي أشبه بتصور عام لمستقبل العلاقات الدولية والنظام العالمي .
وعليه وفقاً لهذا التقسيم فأن هنالك ترتيب للأولويات يبين الأهمية النسبية لأهداف السياسة الخارجية ، وفي الغالب تكون الدول متمسكة بتحقيق أهدافها المركزية ولا تبدي مرونة أو إستعداد للتنازل عن تحقيقها ، أما الأهداف الوسيطة والهامشية فهي التي تمثل مساحة كبرى للتغيرات والتفاوض نسبة لأنها غير ذات أولوية في توجه الدولة الخارجي ، لذلك تكون قابلة للمساومة وفقاً لقواعد التعامل الدولي وعلاقات القوى الدولية التي تسود في ظل نظام عالمي ، وعليه فأن السياسة الخارجية تقوم على التحديد الدقيق لمنظومة الأهداف السياسية والاقتصادية والأمنية والإستراتيجية .
وتنفيذ قرارات السياسة الخارجية على أرض الواقع يتطلب إستعمال مجموعة من الآليات والوسائل لتحقيق أهداف السياسة الخارجية ، وتنبع أهمية هذه الآليات من كونها عاملاً مؤثراً في مسار السياسة الخارجية ، وقد اختلف الباحثين حول وسائل تنفيذ السياسة الخارجية ، فهناك من يرى أن أهم وسائل تنفيذ السياسة الخارجية تتمثل في : الرضا بالقانون الدولي وإسداء إحكامه متى ما كان في ذلك تاييد للمصلحة القومية للدولة ومن ثم لقوتها ، و الدبلوماسية وهي وسيلة لإقناع الآخرين بالإمتثال لما فيه تحقيق لتلك المصلحة القومية ، والإستراتيجية وهي وسيلة أكراه الآخرين على ذلك . (7)
وعموماً يختلف إسلوب إستخدام الوسائل من دولة لأخرى وقد تستخدم الدولة العديد من الآليات في آن واحد ، إلا أنه يمكن تقسيم أهم الأدوات والوسائل لتنفيذ السياسة الخارجية في الآتي :
(1) الدبلوماسية : وهي وسيلة مهمة في وقت السلم وتتضح هذه الأهمية من الخلط الشائع بينها وبين السياسة الخارجية ، وهي عملية التمثيل والتفاوض التي تجري بين الدول في إطار إدارتها لعلاقاتها الدولية ، وتقوم الدبلوماسية بدور مهم في العلاقات الدولية حيث يتم بواسطتها التمثيل الرسمي للدولة وحماية مصالحها وحماية أمنها القومي ، وإقامة العلاقات بين الدول وتدعيمها إضافة إلى إدارة كافة الشؤون الخارجية .
(2) الأداه الاقتصادية : تعرف بدبلوماسية التنمية ، وهي مفهوم حديث شاع تداوله بعد الحرب الباردة في ظل تراجع العوامل السياسية والفكرية في السياسة الدولية لصالح العوامل الاقتصادية ، وتعني إستخدام القدرات والإمكانيات الاقتصادية المتاحة للدولة بهدف التأثير في الدول من حيث توجهاتها أو سلوكها أو مواقفها على النحو الذي يتفق مع تحقيق الأهداف الخارجية للدولة وحماية مصالحها .(8)
(3) الأداه الدعائية : حيث تعتبر الوسائل الدعائية من الوسائل الفعالة التي تعتمد عليها الدول في تنفيذ سياستها الخارجية ، ومما ساعد على تزايد أهمية الأداه الدعاية إتساع نطاق التفاعل بين الدول بفعل التطور الذي حدث في وسائل الإتصال والتكنلوجيا ، وبالتالي لها أثر على الرأي العام الذي بدوره يؤثر في اتجاهات وميول صانعي القرار المتعلق بالسياسة الخارجية للدول .
(4) الأداه العسكرية : وهي مجموعة القدرات المتعلقة باستعمال العنف المسلح أو التهديد باستعماله ضد الوحدات الدولية الأخرى ، وتستخدم القوة العسكرية كأداه من أدوات السياسة الخارجية للدولة في مظهرين : الأول هو الإستخدام المادي للقوة المسلحة في الدفاع عن مصالح الدولة وأهداف سياستها الخارجية ، والثاني هو التهديد باستخدام القوة المسلحة لإجبار الدول الأخرى على الرضا والتسليم بأهداف هذه السياسة ، بالرغم من أن الكثير من المواثيق الدولية تحظر اللجؤ إلى إستخدام القوة في العلاقات الدولية ولا يمكن التسليم بشرعية النتائج التي تترتب على إستخدامها ، إلا أن ظاهرة الإعتماد على القوة المسلحة كأداة لتنفيذ السياسة الخارجية هي ظاهرة قائمة ومستقرة .(9)
(5) الكيانات المتعددة الجنسيات : وهي هئيات غير حكومية تدير نشاطها على المستوى الدولي وتشمل الأحزاب السياسية والشركات متعددة الجنسيات والجمعيات العلمية ، وتلعب هذه الكيانات قدر من الأهمية على الصعيد السياسي في المناخ الدولي من خلال النفوذ أو السيطرة على كل من السياسة الخارجية والداخلية للدول المضيفة لها ، ومن خلال النفوذ والسيطرة على السياسة الخارجية الاقتصادية ، وتبقى الكيانات متعددة الجنسيات آلية من آليات العمل الدبلوماسي في ظل المتغيرات الدولية والترابط الاقتصادي باعضاء المجتمع الدولي .
وعملية صنع القرار السياسي هي عملية منظمة تتداخل فيها عوامل متعددة منها البيئة الدولية والبيئة الداخلية ، وبالتالي هي الآلية التي يتم من خلالها تحويل الأهداف العامة للدولة التي تهم الفضاء الخارجي إلى قرارات ومواقف معلنة ، ويمثل إتخاذ القرار في البناء السياسي موضوعاً بالغ الأهمية لأي نظام سياسي ، ذلك من واقع أن القرار المتخذ يجب أن يهدف إلى المصلحة العليا للدولة وتحقيق الأهداف الحيوية للدولة في محيطها الإقليمي والدولي ، مما يعني أن القرار يستند في السياسة الخارجية بالاستراتيجية العليا للدولة .
وهنالك ثلاث مناهج رئيسية لصناعة القرار في السياسة الخارجية هي : (10)
(1) منهج التحليل النظمي The system Approach :
يعتمد هذا المنهج على افتراض أساسي هو أن نظام السياسة الخارجية يتضمن مجموعة من المتغيرات تتمثل في البيئة ومجموعة الفاعلين ومكونات النظام ، من خلال البداية بالقرارت والاستجابة للتحديات والعمليات التي تدعم أو تؤجل تدفق المطالب ثم مخرجات النظام ككل ، أي كل نظام للسياسة الخارجية يشمل مجموعة من العناصر يتم تصنيفها في مراحل ثلاث هي : المدخلات والعملية والمخرجات .
وتتضمن المدخلات شقين رئيسيين هما البنية الواقعية وتشمل البيئة الخارجية بالمستويين العالمي والإقليمي والبيئة الداخلية المتمثلة في القدرة العسكية والاقتصادية والبناء السياسي ، والشق الثاني يتمثل في مكونات البيئة النفسية لصانع القرار ، أي إدراك صانع القرار للواقع العملي .
وعملية صنع القرار في السياسة الخارجية تتضمن مرحلة الصياغة أو الإعداد ثم مرحلة التنفيذ ، بينما المخرجات تتمثل في القرارات السياسية التي تصدر لإحداث تأثير في البيئة الواقعية .
(2) منهج صنع القرار Decision- Making Approach :
ويركز على البحث في الكيفية التفاعل بين الدول والنظام الدولي الذي تعمل داخله ، وفي البحث عن الكيفية التي يعبر بها هذا التفاعل مع الواقع الدولي من خلال اتخاذ قرارات خارجية محددة تدافع فيها الدولة عن مصالحها تجاه بقية الوحدات الدولية الأخرى .
وظهر هذا المنهج في الحياة الفكرية في أوائل الخمسينيات عندا قدم ريتشارد سنايدر أول إطار نظري لصناعة القرار في دراسة السياسة الخارجية متضمناً البيئة الخارجية والبيئة الداخلية لصناعة القرار ، والهيكل والسلوك الإجتماعي ، وعملية صنع وصناع القرار ، والفعل الصادر عن الدولة . وتكم ميزة هذا النموذج في انه يأخذ البعد الإنساني في عملية صنع السياسة الخارجية ، فحسب وجهة نظر سنايدر فأن أهم عوامل تفسير خيارات السياسة الخارجية هي دوافع صانعي القرار ومدى توفر المعلومات لديهم .
(3) منهج دراسة الحالة case study Approach:
يهتم منهج دراسة الحالة بجميع الجوانب المتعلقة بموقف معين ، على أن يعتبر الفرد أو المؤسسة أو المجتمع أو أي جماعة وحدة للدراسة ، ويقوم المنهج على التعمق في دراسة المعلومات في مرحلة معينة من تاريخ حياة الوحدة ، أو دراسة جميع المراحل التي مرت بها .
ويستخدم المنهج مجموعة من البيانات كالإستبيان والملاحظة والمقابلة وتحليل المضمون ، بهدف جمع الدلائل والبراهين للتعرف على الإتجاهات والتيارات المؤثرة في صناعة القرار السياسي .
 ثانياً – محددات السياسة الخارجية السودانية :
هنالك إختلاف حول محددات السياسة الخارجية للدول ، إذ أن الباحثين لم يتوصلوا إلى اتفاق وإجماع بشأنها ، إلا أن هناك ثلاث اتجاهات نظرية تنازع الباحثين في مجال السياسة الخارجية : (11)
أولاً : اتجاه نظامي ، يركز على النظام الدولي باعتباره العامل المحدد لسياسات أعضائه من الدول .
ثانياً : صنع القرار ، ويركز على العملية التي يتم وفقاً لها إنتاج قرارات السياسية الخارجية للدول ، وهنالك من يركز على مؤسسات صنع القرار أو على مصلحة الدولة باعتبارها العامل الأساسي المحدد لقرارات السياسة الخارجية أو على المنافسات البيروقراطية بين أقسام الحكومة العاملة في مجال صنع السياسة الخارجية .
ثالثاً : إتجاه وسيط يركز على عوامل موضوعية ولكنها أضيق نطاقاً من النظام الدولي ، ويركز انصار هذا الإتجاه على عوامل مثل طبيعة الجوار الجغرافي وطول الحدود الدولية والموارد الاقتصادية والتحالفات وسباق التسلح باعتبارها عوامل حاسمة في تقرير السياسة الخارجية للدول .
والبعض يرى أن هنالك عوامل تعتبر محددات هامة لصنع السياسة الخارجية للدول تتمثل في : (12)
- البيئة الداخلية ، وهي النظام السياسي والاقتصادي والاجتماعي للدولة .
- البيئة الخارجية ، وتشمل اعتبارات المجتمع الدولي ، وتستند على عدد من المعطيات على المستوى الدولي مثل المنظمات الدولية والتكتلات العسكرية والسياسية والاقتصادية .
- دور الشخصيات المساهمة في دراسة وإتخاذ القرار السياسي سواء على مستوى القادة السياسيين أو على مستوى العاملين في أجهزة السياسة الخارجية .
- نظام عمل المؤسسات السياسية بهدف تخطي القرارات الفردية نحو العمل المؤسسي .
وتشير الدراسات الخاصة بالسياسة الخارجية السودانية إلى أربعة محددات تشكل النمط العام لهذه السياسة ، تتمثل هذه المحددات في :
1. حاجة السودان إلى مصادر خارجية للتمويل .
2. تاثير التحالفات الإقليمية والعالمية على الأمن الوطني السوداني والأهمية المعطاة للاعتماد على قوة إقليمية لتوفير الدعم العسكري .
3. تاثير تفتت المجتمع السوداني على الإستقرار الداخلي وعلى حرية صانع القرار في السياسة الخارجية .
وتشير هذه المحددات إلى الإرتباط الوثيق بين السياستين الداخلية والخارجية للسودان ، كما تشير هذه المحددات إلى الارتباط بين السياسة الخارجية السودانية على المستوى الإقليمي والدولي ، كما أن هذه المحددات الأربعة تدمج بين العوامل البنائية وبين العوامل الظرفية التي تؤثر على صنع السياسة الخارجية السودانية .
وترتبط العوامل البنائية بالوضع الجيوبوليتيكي للسودان ، فبالرغم من تغيير أهمية السودان الإستراتيجية بالنسبة للقوى الدولية فأن الموقع الجغرافي والجغرافية الطبيعية والبشرية ساهمت في إكساب البيئة الداخلية للسياسة الخارجية السودانية سمات معينة تتمثل في : التعددية الواسعة للواقع الاقتصادي والاجتماعي والديموجرافي للسودان ، والتفتت الشديد للمجتمع السوداني ، والامتدادات العابرة للقومية لارتباطات القوى المجتمعية المختلفة السياسية والدينية ، والتداخل بين قضايا الفقر والحرب الأهلية والهجرة وعدم الإستقرار السياسي مع قضايا الصراع الإقليمي والتدخل الخارجي والمساعدات الاقتصادية .(13)
وقد إستطاعت حكومة المؤتمر الوطني منذ أوائل التسعينيات أن تضع محددات لسياسة السودان الخارجية والإستفادة من العقبات والتحديات التي واجهتها قبل التسعينيات في تحقيق الإستقرار السياسي والتنمية السياسية والاقتصادية والاجتماعية ، وعملت الهيئة الحاكمة على وضع خطط لتصحيح المسار وتجاوز تلك المرحلة ، حيث تم وضع مرتكزات جديدة لهذه السياسة في العام 1998 تلخصت في : (14)
أولاً : أن السلام هدف أساسي يتصدر أولوية قصوى وتسعى الدبلوماسية السودانية لتأمين الدعم الإقليمي والدولي لتحقيق الحل السلمي والعادل والدائم لمشكلة جنوب السودان .
ثانياً : تنطلق الدبلوماسية السودانية من مرتكزات الواقع السياسي الداخلي السائد الذي يعطي مجالاً واسعاً لحرية التعبير والتنظيم والتداول .
ثالثاً : تعمل الدبلوماسية السودانية لترسيخ التعاون بين أعضاء الأسرة الدولية من منطلق الإلتزام بالقوانين والمواثيق الدولية ضماناً للأمن والإستقرار .
رابعاً : رفض كل عمل إرهابي يؤدي إلى ترويع الآمنين من كل جنس ومعتقد والتعاون مع الأسرة الدولية في ذلك .
خامساً : السعي الدءوب لتعزيز وترسيخ التعاون العربي الأفريقي ودعم التضامن العربي وإثراء علاقات دول الشمال ودول الجنوب .
سادساً : التاكيد بالإلتزام بالمعاهدات والمواثيق والاتفاقيات الموقعة في إطار المنظمات الدولية التي يتمتع السودان بعضويتها .
ويبدو واضحاً أن الدولة بدأت تأخذ في اعتبارها المتغيرات الدولية التي قلبت الكثير من المفاهيم والقيم ، وذلك من خلال تسليط الضوء على قضايا مثل حقوق الإنسان ، وقضايا المرأة والطفولة ، وترسيخ الديموقراطية ، وجعلها أولويات في السياسة الخارجية إلى جانب التعبير بصورة واضحة عن الرغبة في التعاون مع الأسرة الدولية والإعلان صراحة للتضامن لمكافحة الإرهاب .
والواضح أن نهج الدولة في إدارة الشأن الخارجي بعد منتصف التسعينات يتصف بمداركة الأخطاء مستصحبة في ذلك التطورات التي طرأت على الساحتين الدولية والإقليمية ، الأمر الذي أدي إلى تقديم بعض التنازلات لتحسين العلاقات مع بعض الدول الشقيقة على مختلف الأصعدة .
فعلى الصعيد السياسي شهدت العلاقات مع معظم الدول العربية خاصة دول الخليج ومصر تطبيعاً هيأ لقيادة الدولة أن تمد جسور التواصل مع نظرائها من قادة تلك الدول لشرح مواقف السودان حيال كافة القضايا لا سيما قضية جنوب السودان وبيان المخطط الصهيوني لتفكيك السودان ، وعلى الصعيد الأمني شرع السودان منذ العام 1996 في إبعاد المعارضون من الدول الأخرى ، كما شهدت تلك الفترة عدم إستقرار الأوضاع الأمنية مع دول الجوار الأفريقي نسبة لاتهام هذه الدول حكومة السودان بايواء المتمردين كما هو الحال بالنسبة ليوغندا ، أو المحاولة لتقويض النظام فيها لصالح مجموعات إسلامية في داخلها كما هو الحال بالنسبة لأثيوبيا وأرتريا .(15)
على الصعيد الاقتصادي إستطاع السودان الإستفادة من تطبيع علاقاته مع الدول العربية بحيث لعبت بعض الدول دوراً بارزاً في تجميد تنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي رقم (1070) القاضي بتطبيق الحظر الجوي ، وقرار تجميد عضوية السودان في صندوق النقد الدولي في العام 1999 ، كما وجد السودان متنفساً للتحرك نحو إيجاد شركاء يتمتعون بإمكانيات مالية وخبرات فنية لإستئناف العمل في مشروع إستخراج النفط السوداني .
وعلى صعيد العلاقة مع الغرب إجتهد السودان في تقديم البراهين التي تثبت عدم تورط السودان في إيواء الإرهاب ، وعلى الرغم من ذلك اقدمت واشنطن على تضمين أسم السودان ضم قائمة الدول الراعية للإرهاب وقامت بفرض عقوبات اقتصادية عليه ، وقد ارجع البعض حدة العداء الأميركي للسودان إلى بعض الملابسات تتمثل في(16) : إنتهاء الحرب الباردة وانحسار التهديد الشيوعي وتراجع موقع السودان وأهميته للسياسة الأمريكية ، والتوجه الإسلامي للإنقاذ والتعبئة السياسية وشعاراتها وتوثيق الصلات مع الحكومات والمنظمات والحركات الإسلامية .
وعموماً هنالك معوقات داخلية تهدد السياسة الخارجية السودانية وتوثر عليها سلباً تتمثل في : (17)
1. النزاعات العسكرية ، التي تهدد السودان منذ الإستقلال واستمرت لفترة طويلة .
2. قلة الإمكانيات المالية المتاحة ، وضعف البنيات التحتية مما أدى إلى صعوبة إستغلال الثروات الظاهرة والكامنة .
3. التنازع على السلطة ، باحزاب منقسمة وبالتالي غاب التداول السلمي للسطلة والخطط والأهداف المشتركة والوحدة الوطنية .
4. كثرة التدخلات الأجنبية من خلال مشكلة جنوب السودان ومشكلة دارفور .
5. الاحتماء بالنعرات القبلية والجهوية وصولاً إلى سدة الحكم .
6. خطأ الفهم الأمريكي والأوروبي عامة لنظام الحكم الإسلامي ، وربط مفهوم الإرهاب بايديولوجية الإسلام السياسي .
7. إثارة بعض المنظمات الإنسانية للفتن من خلال تحريضها للمواطنين في مناطق النزاعات ضد السلطة الحاكمة .
 ثالثاً – موجهات السياسة الخارجية السودانية حسب الإستراتيجية القومية الشاملة و الخطة الإستراتيجية ربع القرنية :
تمت صياغة إستراتيجية علاقات السودان الخارجية في ضؤ الاستراتيجية القومية الشاملة قبل الخطة الإستراتيجية الربع قرنية ، فقد جاءت الأهداف العليا للسياسة الخارجية السودانية ضمن إستراتيجية العلاقات الخارجية وفقاً للإستراتيجية القومية الشاملة في المحاور الآتية : (18)
1. حماية مقومات الأمن السوداني بأبعاده الشاملة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعسكرية .
2. حماية النصيب العادل للسودان من موارد النيل وسائر الموارد المشتركة ، وحماية نصيب السودان في جرفه القاري ومياهه الإقليمية .
3. توظيف العلاقات الخارجية لتدعيم وتعزيز إستراتيجيات التنمية الشاملة ، أي الإهتمام بالعلاقات الاقتصادية ودبلوماسية التنمية .
4. إستخدام علاقات السودان الخارجية وموارد قوته لحشد المشاركة الدولية والإقليمية ومن دول الجوار لحل مشكلة جنوب السودان لنزع العنف والخلافات بين ابناء الوطن الواحد وبناء السلام على دعائم الحرية والمساواة .
5. جعل السودان مركزاً للتحرر من الهيمنة الغربية الجائرة ، والقيام بواجب مساندة الشعب الفلسطيني في قضيته ودعم الأقليات والشعوب الإسلامية ومناهضة الإستبداد العرقي في أفريقيا .
6. تبني سياسة التكامل مع دول الجوار والدول الشقيقة والصديقة .
7. الوفاء بالتزامات السودان تجاه الأسر الدولية وفق المواثيق والمعاهدات .
وفيما يتعلق بالسياسة الإقليمية وفقاً للإستراتيجية القومية الشاملة في العلاقات الخارجية ، كان الهدف تحويل الحدود المشتركة من بؤر نزاع إلى مناطق سلام مشتركة لتجارة الحدود والتبادل الاجتماعي ، والإستجابة لحاجة دول الجوار للخبرة والعمالة السودانية ، بجانب التعبير عن سماحة السودان بتقديم العون في المجالات التي يحظى بها السودان بالتفوق والتقدير وذلك بفتح الكليات العسكرية والجامعية أمام الطلاب من الدول الأفريقية والعربية والإسلامية .
وفيما يتعلق بالسياسة الدولية ، يسعى السودان إلى توسيع مساهمة الثقافات الإسلامية والعربية والأفريقية في الحياة الدولية ، كما يسعى إلى تعزيز روابط التعاون الجماعي مع المجموعات الجديدة من الدول الناهضة التي تتلاءم منتجاتها وشروط التبادل معها مع حاجات السودان ، كما يسعى السودان إلى خلق تحالفات إيجابية مع الدول الأفريقية والعربية وتؤطيد العلاقات معها ، والسعي إلى سيادة السلام العالمي والإقليمي وإنهاء المنازعات الداخلية على أسس عادلة .
كما يسعى السودان لمواصلة الحوار بين دول الشمال ودول الجنوب وإقامة العلاقات بينهما على أساس التكافؤ ورعاية المصالح وتأكيد واجب الشمال في دفع التنمية في دول الجنوب وإقامة نظام اقتصادي دولي جديد يقوم على العدل والإنصاف .
ويمكن تعريف الإستراتيجية بأنها قدرة الدولة على تشكيل المستقبل وفق الإرادة الوطنية، والتخطيط الإستراتيجي هو العملية التي يتم من خلالها وضع الإستراتيجية وبالتالي يسعى إلى تحقيق أهداف كبرى طموحة ، ومن أهم مزايا الإستراتيجية أنها تضع الدولة في موضع المبادرة بدلاً عن موضع الإستجابة عند التخطيط لتشكيل المستقبل .(19)
ونسبة لأن التخطيط الإستراتيجي أصبح ثقافة عامة وهم قومي وشأن يتعالى على الجهوية والحزبية لذلك جاء إعداد الإستراتيجية ربع القرنية (2007-2031) برؤية إستراتيجية عامة تتلخص في إستكمال بناء أمة سودانية موحدة وآمنة ومتقدمة ومتطورة. فالإستراتيجية القومية بمداها الزمني تستهدف بدءاً الإنسان السودانى غاية ووسيلة، من أجل حياة كريمة تسودها الحرية والعدل والأمن والسلام الإجتماعي والتعايش السلمي على إمتداد رقعة البلاد الواسعة.
ولما كان التخطيط الإستراتيجي بمفهومه العلمي جديداً على الثقافة السياسية السودانية، فقد تم تكوين المجلس القومي للتخطيط الإستراتيجي ولجنته العليا، ثم تكوين وحدات تخطيط في الوزارات القومية ومجالس وأمانات تخطيط ولائية لتعمل متناسقة مع الامانة العامة للمجلس القومي للتخطيط الإستراتيجي ، مثلت الخطة الخمسية الأولى (2007-2011) المرحلة الأولى من عمر الإستراتيجية الربع قرنية تليها أربع خطط مرحلية ، و تأتي الخطة الخمسية الثانية(2012-2016) بعد الخطة الخمسية الأولى ، (2007-2031) لتخطط للجمهورية الثانية وتزامن هذا التخطيط مع إنفصال جنوب السودان .
و ترتكز الإستراتيجية القومية الربع قرنية علي قيم الأمة وثوابتها الاخلاقية وإرثها الثقافي الراشد ، وأهم هذه القيم : (20)
- العدل أساس الحكم الراشد يتحراه أهل السودان في كافة شئونهم .
- الحرية هبة من الله أساسها أن الناس خلقوا أحراراً لا يجوز قهرهم واستعبادهم .
- الوحدة وتتحقق بالتمازج القومي الذي يحترم التنوع والتعدد باعتبارهما مصدر قوة .
- الحياة الكريمة الطيبة للمواطنين كافة لضمان تحقيق الحاجات الأساسية للإنسان والاستجابة للتطلعات المشروعة للأجيال .
- المشاركة بتوسيع أطرها أمام سائر القوي السياسية والاجتماعية ، وذلك من حيث أنها حق وواجب .
وتضمنت الإستراتيجية الربع قرنية في مجال العلاقات الخارجية المحاور الآتية : (21)
 إقامة وتقوية وتعزيز العلاقات الخارجية مع دول العالم كافة والإسهام في تحقيق الأمن والسلم الدوليين والاستقرار الوطني. ‌
 إقامة علاقات متطورة مع دول الجوار خاصة دولة جنوب السودان. ‌
 إدارة الأزمات ودرء آثار الكوارث ببناء جهاز مقتدر للإنذار المبكر. ‌
 توظيف السياسة الخارجية والدبلوماسية السودانية لخدمة مصالح الوطن وصياغة إطار موضوعي لعلاقات خارجية تستوعب التيارات المتجاذبة في بنية المجتمع الدولي دون رهن للإرادة.
ويتضح أن إستراتيجية العلاقات الخارجية في ظل الجمهورية الثانية تقوم علي مبادئ حسن الجوار والصداقة وتوثيق وتمتين عري العلاقة مع الدول المجاورة والسعي الي علاقات جيدة مع المجتمع الدولي وهي مبادئ قامت عليها السياسة الدولية للسودان، ولأبد أن تعتمد السياسة الخارجية في هذه المرحلة على عدة عوامل أهمها ضرورة وضع دستور شامل يراعى التنوع والتعدد ، إضافة إلى تحديد طبيعة العلاقة مع دولة جنوب السودان التي أعترف بها المجتمع الدولي والإقليمي وسؤ العلاقة معها يعني تهديد لعلاقات السودان بدول محيطه الجغرافي والإقليمي ، مما لايتيح له تفعيل دوره في المحيط الإقليمي الأفريقي .
وحسب سياسة حكومة الإنقاذ تم وضع هذه الخطط الإستراتيجية والنهج التنموي بالإعتماد على الذات وتحريك قوى المجتمع لتحقيق التنمية ، فكانت الخطة الإستراتيجية القومية الشاملة والتي مهدت الطريق أمام الخطة الإستراتيجية ربع القرنية ، وقد جرى إتباع النهج العلمي المتعارف عليه في التخطيط الإستراتيجي من إعداد وتنفيذ ومتابعة وإشراك كل فعاليات المجتمع ومؤسساته الرسمية والشعبية ، ثم ترجمة الرؤى الإستراتيجية إلى خطط مرحلية خمسية وبرامج معلومات الموارد والأولويات .
ويتضح أن الإستراتيجية لها معالم واضحة وضعت بدقة ، إلا أن الإشكالية كانت تكمن في التنفيذ السليم للخطط الإستراتيجية فيما يتعلق بالسياسة الخارجية ، وفي الوسائل التي يتم بها تنفيذ الخطة الإستراتيجية ، وعليه كانت هنالك معوقات لتنفيذ الخطط التي تتعلق بالسياسة واتخاذ القرار في المجال الخارجي تمثلت في : (22)
أولاً : لم تستطيع وزارة العلاقات الخارجية تنفيذ سياسات العلاقات الخارجية بكفاءة وإقتدار ، مما أدى إلى ضرورة تدعيمها ، فتم تأسيس وحدات متخصصة لمعالجة العلاقات الدولية بين الدول في صورتها الجديدة والإنشطة المتعلقة بالمجالات الحيوية للمصالح المشتركة مثل مياه انيل والبحر الأحمر والتجارة الدولية ونقل التقانة .
كما تم تأسيس أجهزة ووحدات إدارية مناسبة برئاسة وزارة العلاقات الخارجية تهتم بشئون الحدود المفتوحة وخطط التكامل وتجارة الحدود والمؤتمرات الإقليمية والدولية والتنبؤ وإدارة الأزمات .
ثانياً : لم يكن السلك الدبلوماسي مؤهل تأهيلاً فنياً ومادياً ، وعليه تم زيادة القوة البشرية وتحديث البرامج التدريبية المخصصة للدبلوماسيين خاصة في مجال التفاوض ومهارات الإتصال والإعلام الخارجي ، وتقوية المكاتب والملحقيات الفنية بانتداب وتعيين خبراء وفنيين بمختلف درجات وتخصصات الكادر الدبلوماسي ، ودعم المركز القومي للدراسات الدبلوماسية وتوثيق صلاته بالمراكز والمعاهد ذات الصلة داخل السودان وخارجه .
ثالثاً : لم يكن هنالك دور فاعل للدبلوماسية الشعبية ، مما أدى إلى تنشيط دورها
والعمل على أن تكون متسقة مع السياسات الرسمية وأن تكون داعمة ومطورة لهذه السياسات في مجال العلاقات الخارجية بما يتيح نمو دواعي التعاون وتعزيز مبادرات التكامل بين الدول .
رابعاً : تهميش دور الإعلام الفاعل في العلاقات الخارجية ، مما يعني تدريب الإعلاميين والدبلوماسيين لإكتساب المعرفة والخبرة في فن التأثير الإعلامي في البيئات الاجتماعية المختلفة ، وتوفر الأدوات الضرورية وأجهزة الإتصال .
ونتيجة لما سبق ذكره أن هنالك سؤ في تنفيذ الخطط الإستراتيجية في مجال السياسة الخارجية السودانية مما أدى إلى ضرورة الحوجة لصياغة نهج جديد للسياسة الخارجية يمتلك مقومات اقوى من ناحية الإعداد والتنفيذ ، يستوجب تحقيق الإصلاح في سياسة السودان الخارجية في ظل الجمهورية الثانية .
 رابعاً - متطلبات الإصلاح لسياسة السودان الخارجية في ظل الجمهورية الثانية:
شهدت الفترة الماضية خلاف دائم للسودان مع المجتمع الدولي في المحافل الدولية والاقليمية وشهدت علاقات السودان الخارجية حالة من التدهور والتوترات ، ومازالت علاقات السودان مع المجتمع الدولي تسودها بعض العثرات وكثير من الاختناقات وان كانت نوعاً ما أفضل من ذي قبل حسب الشهود والدلالات .
وتتطلب طبيعة المرحلة المقبلة بعد إنفصال جنوب السودان وقيام الجمهورية الثانية إنتهاج سياسة خارجية مناسبة ينبغي للسودان أن ينتهجها لحماية البلاد وفق رؤية إستراتيجية معينة ، خاصة وأن بعض المراقبين يرون أن وضع سياسات خارجية علي أسس جديدة ضرورة لمصلحة السودان والاوضاع الاقتصادية في البلاد ، مثلها في ذلك مثل السياسات الداخلية التي أعلنت الدولة تغييرات جوهرية فيها بعد انفصال الجنوب وتكوين دولته المستقلة عن السودان، وقد شملت هذه التغييرات الداخلية لسياسة الدولة إعادة هيكلة الدولة وتأكيد الالتزام بسيادة حكم القانون وبسط العدل. (23)
وعند التخطيط لإستراتيجية جديدة للعلاقات الخارجية لأبد من الأخذ في الإعتبار السياسات الداخلية في الدولة بجانب كل المتغيرات الدولية المتعلقة بطبيعة النظام العالمي وآلياته وتأثيرات ثورة الاتصالات والمعلومات وتقاطع مصالح القوى الدولية الكبرى الفاعلة في المسرح السياسي العالمي .
وتنبع أهمية وضع سياسات خارجية جديدة في ظل الجمهورية الثانية من أن السياسة الخارجية القائمة الآن خلقت للسودان مواجهات حادة مع المجتمع الدولي إذ لأبد من الاستفادة من دروس الماضي حيث يقسم البعض فترات السياسات الخارجية للسودان الي فترتين احداهما شهدت تخبطاً وسوء تقدير، بينما الأخري شهدت سياسة خارجية عبر مؤسسات رشيدة وذات كفاءة .
ولأبد من ضرورة وجود حليف إستراتيجي وفقاً للرؤية الجديدة للسياسة الخارجية ، إن الحديث عن الحليف الإستراتيجي حتى وقت قريب كان ينادي به دعاته من طرف خفي، فالحليف الاقتصادي والعسكري والسياسي مطلوب وليس في السعي إلي الحليف ارتهان أو تسليم بالضعف، ولكن الأحلاف هي ثمرة التأريخ البارزة نسبة لاهميتها في حماية سيادة الدول المتحالفة وتطوير التعاون بينها في مختلف المجالات .
لأبد من تفعيل الدور الإقليمي للسودان في محيطه الأفريقي والعربي ، على أن يتم ذلك وفقاً لمعايير ومرتكزات مدروسة ، إذ لأبد من ضرورة تحسن علاقات السودان بدول الجوار والدول الأفريقية ، فقد أتسمت سياسة السودان الخارجية في كثير من مراحل مسيرتها بعدم التوازن، فالتركيز على حقيقة الانتماء العربي لم يواكبه في أحايين كثيرة ذات القدر من الاهتمام بحقيقة إنتماء السودان الأفريقي، مما أدى إلى إهمال المكون الأفريقي من هوية السودان ، وعلية لأبد من الوقوف على أوجه القصور وتقويم السياسات حتى يتسنى للسودان أن يعوض غياب دوره الفاعل في الاتحاد الأفريقي والجامعة العربية ومن ثم تفعيل دوره في المحيط الإقليمي العربي والأفريقي .
والملاحظ أن علاقات السودان الثنائية بدأت تتراجع مع دول الاتحاد الأوربي ، حيث أخذ الاتحاد الأوروبي يظهر ككتلة واحدة تنسق سياساتها الخارجية السياسية والاقتصادية ، الأمر الذي أدى إلى تراجع العلاقات الثنائية مع دول الاتحاد بصورة منفردة ، وأصبحت الأسبقية لعلاقات الاتحاد مبنية على التنسيق بين مواقف الدول الأعضاء ، وهي مسألة لابد من وضعها في الإعتبار عند التخطيط لمستقبل علاقات السودان الخارجية مع الدول الأوروبية . (24)
ولأبد من صياغة إستراتيجية واضحة ومحددة المعالم لعلاقات السودان الخارجية مع دول الاتحاد الأوروبي تتماشي مع الإستراتيجية الجديدة للعلاقات الخارجية في ظل الجمهورية الثانية ، وهذا يتطلب إعادة التعريف بالسودان من جديد بعد الإنفصال ، إذ تقلصت المساحة وعدد السكان وفقد السودان جزء من دول جواره الإقليمي ، وعليه يحتاج السودان من الاتحاد الأووربي المساندة من النواحي المعنوية يمكن وضعها في شكل اعتراف جديد بالسودان بصورته تلك بعد الإنفصال ، بهدف فتح صفحات جديدة في علاقاته مع السودان ، ومن ثم إستقطاب الإستثمارات الأوروبية والتبادل التجاري وإعفاء الديون التي تعتبر من أكبر العقبات التي تواجه السودان قبل وبعد الجمهورية الثانية .
وفي إطار الإصلاح وفقاً للرؤية الإستراتيجية للسياسة الخارجية لأبد من التخلي عن بعض الممارسات التي تؤثر سلباً على العمل الدبلوماسي والمتمثلة في : (25)
1. الدبلوماسية الرسالية التي تعمل على تبليغ رسالة فكرية ثقافية للعالم باكمله .
2. التطاول على الدول العظمى والقول بتهديد مصالحهم ، مما يستوجب ضبط الخطاب الحكومي للسياسة الموجهة للخارج .
3. الشعارات الجوفاء التي لا يحتملها العمل الدبلوماسي والتي ربما يحتملها العمل السياسي .
ولابد من تؤطيد العلاقات مع المنظمات بمختلف أنواعها في إطار إستراتيجية علاقات السودان الخارجية ، فهي تعتبر أجهزة فعالة في سياسات الدول الغربية الأوروبية على وجه الخصوص ، ومن المهم التعامل مع هذه المنظمات بصورة واضحة وشفافة ، إذ باتت تعرف الآن بالحكومات الخفية ، وعادة ما يتم التعامل مع هذه المنظمات عن طريق دبلوماسية الغضب غير أن الدبلوماسية الهادئة دوماً هي التي تحقق أعلى النجاحات في كل الظروف .
وفي رؤية مستقبلية للسياسة الخارجية السودانية ، فأن وضع رؤية إستراتيجية جديدة بموجهات جديدة تتطلب توحيد الخطاب السياسي الخارجي للسودان، والتفاعل مع الواقع الجديد وتفعيل الدوائر الإفريقية والعربية والإسلامية والُبعد عن سياسة المواجهة.
ولأبد أن تنبع السياسة الخارجية من وجدان التاريخ الثقافي والجغرافي والسياسي للشعب السوداني مما يتطلب قراءة هذا التنوع بصورة جيدة والإتجاه بكلياتها نحو توفير الديمقراطية و الحرية و المشاركة التشاور.
وبما أن السياسة الخارجية تخدم المصالح السياسة والاقتصادية والأمنية ، فلأبد من ترقية التعاون الدولي والسعي لتحقيق التكامل الاقتصادي بين السودان ودول محيطه العربي والأفريقي .
وتتطلب سياسة السودان الخارجية في ظل الجمهورية الثانية إعداد الخطط والبدائل وإتخاذ المواقف التي تساعد صانع القرار على مواجهة تحديات رئيسية تتمثل في :
أولاً : تحدي إستمرار بقاء السودان متماسكاً بعد إنفصال الجنوب ، بحيث يمكن أن يتكرر هذا السيناريو في مناطق أخرى ما لم يكن هنالك حلول جزرية لكل المشكلات المماثلة التي قادت إلى إنفصال الجنوب .
ثانياً : تحدي الأمن ، وذلك بمواجهة مصادر التهديد الخارجي ، ويرتبط ذلك بمدى النجاح في حل القضايا الداخلية والوصول إلى تكامل قومي يجمع كل الوان الطيف السياسي ومنظمات المجتمع المدني .
ثالثاً : تحدي التنمية ، وذلك بالعمل على تهيئة البيئة المحلية لتدفق الإستثمارات والمساعدات المالية والفنية والمعرفية اللإزمة لدفع عجلة التنمية .
 النتائج والتوصيات :
يتضح مما تقدم أن هنالك حوجة مأسة لضرورة صياغة إستراتيجية فاعلة بغرض الإصلاح لسياسة السودان الخارجية في ظل الجمهورية الثانية بعد إنفصال جنوب السودان وذلك تماشياً مع طبيعة المرحلة ، هذه الإستراتيجية يجب أن تتوافق حولها كل القوي مما يؤدي إلى قبولها وتنفيذها على المستوى الداخلي والخارجي والذي حتماً سيؤدي إلى تحسين العلاقات مع الدول الأخرى .
ويتضح أن الخطط الإستراتيجية لسياسة السودان الخارجية من حيث الإعداد لم يكن بها قصور نسبة لإتباع النهج العلمي المتعارف عليه في التخطيط الإستراتيجي من إعداد وتنفيذ ومتابعة ، إلا أن القصور كان في عملية تنفيذ هذه الخطط وفي الوسائل التي يتم بها تنفيذ الخطط الإستراتيجية مما يستوجب الإصلاح في سياسة السودان الخارجية .
عند وضع إستراتيجية للسياسة الخارجية لأبد من إستصحاب بعض المبادئ الهامة التي تتحكم في السياسة الخارجية وهي : أولاً ، أن السياسة الخارجية تعمل على خدمة المصالح المشتركة بين الدول وقد تكون هذه المصالح سياسية أو اقتصادية أو أمنية أو ثقافية ، مما يعني ضرورة تحسين العلاقات مع دول الجوار العربي والأفريقي لا سيما دولة الجنوب الوليدة التي اصبحت تمثل بعد استراتيجي للسودان في المجال الإقليمي الأفريقي .
وثانياً لأبد من مراعاة الوضع الداخلي والسياسة الداخلية للدولة والتي تعتبر هي المحدد الرئيس للسياسة الخارجية ، فلابد من معالجة التحديات الداخلية التي تؤثر على تنفيذ السياسة الخارجية والتي ابرزها مشكلة إعادة بناء الدولة وتحقيق الإندماج الوطني والتكامل السياسي القومي بصورة فاعلة .
وتخرج الورقة بعدد من التوصيات متمثلة في الآتي :
 أولاً : ضرورة مراعاة وإنسجام الخطط والإستراتيجيات الخاصة بالسياسة الخارجية مع المتغيرات الدولية والإقليمية .
 ثانياً : لابد من تحقيق التوافق الداخلي بهدف تحديد الأولويات والمصلحة العامة لبناء علاقات خارجية سليمة للسياسة السودانية .
 ثالثاً : ضرورة تفعيل دور السودان في المحيطين العربي والأفريقي ،على أن يتم ذلك وفقاً لمرتكزات واضحة ، ومن ثم تحسين العلاقات مع دول الجوار الأفريقي خاصة دولة جنوب السودان لتحقيق المصالح المشتركة .
 رابعاً : تعزيز العلاقات مع دول الاتحاد الأوروبي وتنشيط مجالات التشاور السياسي واستقطاب دعم الاتحاد الاقتصادي وتشجيعه على الاستثمار بالبلاد ، واستئناف تقديم العون الفني عبر المجموعة الافريقية الكاريبية الباسفيكية للاستفادة من اتفاقيتي لومي وكوتونو وإشراك الاتحاد في جهود الاعمار والتنمية في سياسة الجمهورية الثانية .
 خامساً : على وزارة العلاقات الخارجية القيام بدورها المنشود عبر إعادة هيكلتها بصورة تواكب التغيرات الماثلة ومدها بالكوادر المدربة حتى يتسنى لها تنفيذ سياسة الدولة الخارجية بصورة تحقق المصلحة العامة .
 المصادر :
1. صلاح الدين عبد الرحمن الدومة ، المدخل إلى علم العلاقات الدولية ، الخرطوم: مطبعة جي تاون ، 2006 ، ص 111.
2. بدر الدين رحمة محمد علي ، صنع القرار في السياسة الخارجية- السودان نموذجاً ، رسالة دكتوراة غير منشورة مقدمة لكلية الدراسات العليا بجامعة النيلين 2010 ، ص 11.
3. هنري كاسينجر ، مفهوم السياسة الخارجية ،القاهرة : الهيئة العامة للكتاب ، 1973 ، ص 19 .
4. بدر الدين رحمة ، مصدر سابق ، ص 13 .
5. حسن سيد سليمان ، المدخل للعلوم السياسية ، الخرطوم : منشورات جامعة أفريقيا العالمية ، 2010 ، ص 174 .
6. عمر صديق البشير ، سياسة السودان الخارجية والعوامل المؤثرة ، القاهرة: مطبعة العمرانية ، 2012 ، ص 58.
7. محمد طه بدوي ، مدخل إلى علم العلاقات الدولية ، القاهرة : دار النهضة العربية ، 1971 ، ص 285.
8. المصدر سابق ، ص 379.
9. بدر الدين رحمة ، مصدر سابق ، ص 128.
10. نفس المصدر السابق ، ص 32.
11. جمال عبد الجواد ، محددات السياسة الخارجية للسودان ، السياسة الدولية على الموقع http://digital.ahram.org.eg/articles.aspx بتاريخ 1- 4 - 1997 .
12. ماجد شدود ، العلاقات السياسية الدولية ، دمشق : منشورات جامعة دمشق ، 1992 ، ص 200 .
13. جمال عبد الجواد ، مصدر سابق .
14. عوض الكريم الريح بله ، العولمة والسياسة الخارجية للسودان ، الخرطوم : مركز الراصد للدراسات السياسية والإستراتيجية ، 2011 ، ص 135.
15. المصدر السابق ، ص 138.
16. إبراهيم عوض البارودي ، سياسة السودان الخارجية من الحصار إلى الإنفتاح ، الخرطوم : المركز القومي للإنتاج الإعلامي ، 2005 ، ص 50 .
17. محمود حسن أحمد ، مرتكزات السياسة الخارجية السودانية ، ورقة قدمت في المؤتمر الدولي الثاني لجمعية العلوم السياسية عن العلاقات السودانية الأفريقية ، مايو 2012 ، ص 30 .
18. الإستراتيجية القومية الشاملة 1992-2002 جمهورية السودان ، الخرطوم : دار جامعة الخرطوم للنشر ، ص 9 .
19. محمد حسين أبو صالح ، التخطيط الإستراتيجي القومي ، الخرطوم : شركة مطابع العملة ، 2010 ، ص 56.
20. الخطة الاستراتيجية الربع قرنية ، المجلس القومي للتخطيط الإستراتيجي على الموقع http://www.ncsp.gov.sd
21. نفس المصدر السابق .
22. عمر صديق البشير ، مصدر سابق ، ص 117 .
23. سياسة الجمهورية الثانية الخارجية ، تقرير عز الدين ارباب، صحيفة الصحافة العدد 6477 بتاريخ 28 يوليو 2011 على الموقع http://www.alsahafa.sd/details.php?articleid=
24. علاقات السودان الخارجية في ظل الظروف المحلية والاقليمية والدولية ، ندوة قدمت بمركز الراصد للدراسات والبحوث ، على الموقع www.arrasid.com
25. نفس المصدر السابق .
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.