ماهى الدولة وماهى قيمة الحكم الوطنى اذا لم يكن المواطن واحتياجاته الهم الاول من دفعتهم السياسة للهروب خارج السودان لا يمثلون الا نسبة ضئيلة ممن هربوا بسبب الفقر السودان الذى اجمعوا على وصفه بانه سلة غذاء العالم كيف اصبح (بلد الجوع الطارد) من نهب يرتب للهروب ليتمتع بما نهبه ومن نهبت امواله يرتب الهروب للقمة العيش فمن يبقى فى السودان اذا خير الشعب بين الانجليز والاستقلال لهتف الشعب (ليذهب الحكم الوطنى لمزبلة التاريخ) النعمان حسن حلقة 1-2 كنت اعلم مسبقا ان ما طالبت به بان مخرج السودان من ازمته لن يتحقق الا اذا حسم الشعب التكوين الحالى للقوى السياسية من احزاب طائفية وعقائدية وفرض ارادته حتى يعاد بناء السودان على مؤسسات ديمقراطية تحقق للمواطن انه هو صاحب الكلمة وله الحاكمية فوق السلطة وليس عبدا لها وان حقوقه مقدسة لا يعلوا عليها مسئؤل مهما بلغ من موقع فى السلطة وهو ما لم و لن تحققه هذه القوى السياسية التى افشلت الحكم الوطنى واغرقته فى الانقلابات العسكرية والاستئثار بالسلطة كهدف فى ذاته وليس وسيلة لخدمة الوطن والمواطن . فلقد كنت اعلم ان المتهافتين على هذه القوى سواء عن جهل او لمصلحة لن يتعاطفوا مع دعوة كهذه ولكن تبقى الكلمة للمواطن الذى سلبته هذه القوى كافة حقوقه والذى جعلت منه السلطة اداة لخدمتها مع انها هى ليست الا اداة لخدمته باعتباره صاحب الحق الذى لا تعلو عليه سلطة. والديمقراطية كنظام للحكم تقوم على هذه القاعدة التى تؤمن على حاكمية المواطن ومالم يتحقق هذا المبدا فان المعايير تختل وتفقد الديمقراطية مبررات وجودها ويستاثر بخيرات البلد محاسيب السلطة وليس المواطن ويعم الفساد وتغيب وسائل المحاسبة . ولعل اصدق دليل على هذا ان السودان عندما كان يخضع لحكم الاستعمار الانجليزى الذى يسوده حكم ديمقراطى السيادة فيه للمواطن والحاكم ليس الا اداة لخدمته واحترام حقوقه فان الانجليز وبحكم ثقافة النظام الديمقراطى الذى اولاهم السلطة فانهم كانوا اكثر التزاما بحقوق المواطن ولم ينصبوا انفسهم ملاك للبلد ومواطنيها ىل ان حقوق المواطن هى التى تحكم لانها مقدسة عندهم . لهذا فان السودان لم يشهد المحسوبية والفساد واحتكارمنسوبى السلطة لخيرات البلد من حكام ومحاسيبهم خصما على المواطن الا فى عهد ما سمى زورا بالحكم الوطنى,و والغريب انه لم يشهده فى عهد الاستعمار.| وتستحضرنى بهذه المناسبة واقعة لها اكثر من دلالة تؤكد على هذه القيم التى تحكم الديمقراطية. فلقد اطلعت على مستندات كانت بطرف رحمة الله عليه استاذنا الراحل بشير محمد سعيد التى تحصل عليها فى لندن بعد ان افرج الانجليز على المستندات السرية الخاصة بفترة حكمهم للسودان لانقضاء خمسين عاما عليها كما ينص القانون وكان الاستاذ بشير يعدها لاصدار مذكرات عن تلك الفترة ولا ادرى مصير هذه المذكرات بعد رحيله دون ان يصدرها. هذه المستندات كنت قد تحصلت على صورة منها الا انها احترقت فى الشقة بالقاهرة تحكى ان الحاكم العام للسودان تلقى فى مطلع الخمسينات خطابا من حزب الامة يطلب من الانجليز دعم حزبه ماديا لمواجهة الحزب الوطنى الاتحادى الذى يطرح برنامج وحدة وادى النيل و الذى يتلقى دعما ماديا غير محدود من الحكومة المصرية الا ان الحاكم العام اعتذر لهم بحجة انه لا يملك السلطة لذلك وانه مقيد باوجه صرف لا يحيد عنها وتحت اصرار السيد الصديق المهدى رحمة الله عليه فلقد قرر السفر للندن وطلب من الحاكم العام ان يرتب له مقابلة المسئولين بانجلترا و بالفعل سافر وتم له مقابلة وزير المالية الا ان وزير المالية اخطره بكل صراحة ان هذا المال هو مال المواطن وانهم كحكومة حافظة لهذا المال لحسابه و ليس من اولويات اوجه صرفه فى غير الاغراض التى خصص لها لهذا فان الحكومة الانجليزية لا تملك ان تدفع جنيها خارج ماحدد له بامر المواطن الذى يمثله برلمان يعبر عن حقوقه واوجه صرف امواله ولكنه اشار للسيد الصديق بانهم يقدرون الموقف و انهم سوف يقدموا لهم مساعدات غيرمباشرة عبر المشاريع الزراعية وقد كان. هكذا وبهذا الفهم والالتزام بالقيم الديمقراطية كان الانجليز فى ادارتهم للحكم فى السودان اكثر رافة بالمواطن السودانى رغما عن انه مستعمر لانهم عاملوه كما يعاملوا المواطن الانجليزى امتثالا للعقلية التى تحكم علاقتهم كسلطة بالمواطن الانجليزى مما امن للمواطن السودانى ان يتمتع بحقوقه الاساسية فى مساواة تامة الا انه افتقدها بمغادرتهم وايلولة السلطة للحكم الوطنى القائم على هذه القوى السياسية التى تنصب نفسها سيدا على المواطن وليس خادما له. لهذا وبالرغم مما يحسه المواطن من تعاطف مع الاستقلال وايمانا به هدفا وطنيا الا ان الواقع الذى عاشه المواطن طوال فترة الحكم الوطنى والذى ظل يتراجع من سئ لاسوأ حتى بلغ حاله اليوم فان هذا المواطن لو خير اليوم بين الانجليز والحكم الوطنى لهتف باعلى صوته (ليذهب الحكم الوطنى لمزبلة التاريخ وعائد عائد يا استعمار) ولا للاستقلال حتى تعاد صياغته على النحوا الذى يقدس حقوق الوطن والمواطن. مما يطرح ساؤلا هاما رغم مرارته:ا كيف للاانجليز (الكفار ) ان يكونوا اكثر رافة بالمواطن من الحكام المسلمين بعد ان تولوا الحكم الوطنى لستين عاما؟ فالانجليز هم الذين اسسوا الخدمة المدنية وحياديتها واستقلاليتها عن السلطة السياسة لتامين قيمة الجنيه السودانى و الحقوق المتساوية للمواطنين وهم الذىن ارسوا مجانية العلاج والتعليم وساووا بين كافة مناطق السودان من عنصريات وجهويات واديان مختلفة بحيث يجكم كل منها بادارة على راس كل منها محافظ بالتعاون مع الادارة الاهلية للمنطقة دون ان يتلقوا عائدا ماديا وتحت اشراف سلطة تنفيذية قوامها ضباط البلديات والمجالس الريفية دون ارهاق لميزانية الدولة كما وضعوا الضوابط المالية عبر مؤسسات حكومية ليس فيه ثغرة لتسرب الما ل العام فى غير ما خصص له اهمها وزارة الاشغال والنقل الميكاتيكى والمخازن والمهما ت ومؤسسات اخرى لا يسع المجال ذكرها ولقد تناولت مزايا هذه المؤسسانت فى ضبط المال العام فى حلقات سابقة وهناك الكثير مما ارسى قيمه الانجليز لا يسع المجال ذكره. ويالها من مفارقة ففى عهد الحكم الوطنى ولانه قانم على هذه المؤسسات الحزبية التى لا تعبر او تخضع لصاحب الحق المواطن فان ماحققه السودان من ديمقراطية زائفة شكلا وموضوعا وماشهده من اقحام للجيش ضمن هذه القوى المتصارعة لكسب للسلطة بالقوة فان المواطن افتقد كل ما اسس له الانجليز من نظام عادل محكم والذى قام على المساواة بين المواطنين و احترام المواطن وتحقيق العدالة بينهم . ولعل المفارقة الاكبر الغريبة هنا ا ن كل من النظام الديمقراطى الزائف وفترات الحكم العسكرى عرفت برلمانات سميت بالوطنية الا انها مثلت فرية كبرى خادعة على انها مؤسسات ممثلة للشعب وللمواطن مع انها لم تخرج عن كونها مؤسسات خاضعة للقابضين على السلطة من بيوتات طائفية حريصة على مصالحها الضيقة من المنتفعين معها لهذا فا السودان لم يشهد فى كل هذه الحالات برلما ن صادق يمثل الشعب و المواطن حيث ان ايا منها لم يحدث ان تناول بالبحث هموم المواطن بغرض الحسم لحماية ما تمتع به المواطن فى عهد الانجليز وما انتهى اليهى حاله تحت الحكم الوطنى الوهم الذى لم يعرف سيادة المواطن وحقوقه. ولعل هذا من الموضوعات التى كانت تستوجب على الحادبين على الوطن والمواطن ان يجروا الدراسات حول هذه المفارقات للوقوف على الاسباب التى اضاعت ما اسسه الانجليز من قيم تحقق العدالة والمساواة بين المواطنين وعدم توظيف المال لغير ما يعود بالمصلحة للمواطن وتحت امرته حيث اصبحت الدولة هى طبقة حكام يعيشون فى رفاهية خصما على حساب المواطن وافقاره حيث افقدوه كل حقوقه . صدقونى انه لو جرت دراسة لهذه المفارقات بين الحكم الوطنى وفترة المستعمر لتكشفت حقئق لا يصدقها عقل وهذا ما ساتناوله فى الحلقة القادمة والاخيرة. فما تعرض له الوطن من جهة وتعرض له المواطن من جهة ثانية يجعل من الاستقلال والحكم الوطنى كارثة حلت بالسودان. فهل للاستقلال من هدف عير صيانة الوطن واحترام حقوق المواطن فكيف يكون الموقف منه اذا اخفق فى حق كليهما. هذه قضايا كان من الواجب ان تكون المحور الاول لادعياء الوصاية على الوطن بدلا عن الصراع والتكالب من اجل السلطة واقتسامها بديمقراطية مزيفة او انقلابات عسكرية او عبر حوار لا مصلحة للشعب فيه اذ ما جدوى حوار لايخرج عن دائرة المطامع فى السلطة ولعلنى هنا اكتفى فقط بثلاثة نقاط جوهرية دون الخوض فى التفاصيل رغم كثرتها والتى سبق ان تناولتها اكثر من مرة. ا- فلقد تمذق الوطن وانفصل جنوبه ولا يزال التمذق يتهدد العديد من مناطقه بعد ان استغل المتامرون على وحدته بقيادة امريكا الذين عرفوا كيف يوظفون الصراع على السلطة بين قيادات الاحزاب لتحقيق مطامعهم فالتجمع الوطنى الذى ضم القوى المعارضة من اجل السلطة هو الذى مهد لفصل الجنوب يوم اقر حق الجنوب فى تقرير المصير فى مؤتمر القضايا المصيرية باسمرا مما سهل تحالف النظام مع امريكا فى نيفاشا لتحقيق الانفصال للجنوب ولتهديد غيره من المناطق .تحت حاكمية الغرب المتامر على وحدة السودان وحلفائه الافارقة من غير الدول العربية التى صنفت بانها رافضة للانفصال وتقسيم السودان فابعدت عمدا عن المشاركة 2- تجاهل القوى السياسية بلا استثناء لظروف السودان العنصرية والجهوية والعرقية والدينية منذ رفع علم الاستقلال وعدم حرصها لصياغة وحدته لتتوافق مع التعايش والمساواة بين عنصرياته واعراقه واديانه المختلفة مما دفع الكثير منها للتمرد بحثا عن حقوقها عبر مسيرة الحكم الوطنى مما اهدر حياة الملايين من الضحايا منذ عام الاستقلال ولا تزال الدماء تهدر حتى اليوم مما ادى لتشرد اهالى العديد من هذه المناطق للهرب بحثاعن الامان وسط ظروف لا انسانية يعيشها اللاجئون من ابناء الوطن داخل ارجائه وخارجه منذ تمرد توريت وما تبعه من تمرد حتى الانفصا ل والذى امتد حتى دارفور وجنوب كردفان والنيل الازرق 3- السودان الذى اجمع المراقبون على مستوى العالم بانه موعود ليصبح سلة غذاء العالم لما يتمتع به هذا الوطن من خيرات وفيرة اصبح (بلد الجوع الطارد ) لاهله حيث اصبح يعيش على المعونات المشروطة اما الحديث عن ما لحق بالمواطن وهو الامر الذى ظل مهملا كما اوضحت لانه ليس من اولويات القوى السياسية التى ظلت تتجاهله وتتعامل معه كانه دجاجة تبيض لهم ذهبا كتب عليه ان يكون طوع يدها لهذا بقيت غير معنية بحقوقه منذ عرفنا الاحزاب التى انصب همها فى السلطة والصراع والاحتراب من اجلها بكل الوسائل المشروعة وغير المشروعة . هذا الواقع الذى عاشه المواطن ولايزال يعيشه مع تصاعد حاله اكثر سوءا من مرحلة لاخرى يطرح العديم من الاسئلة : 1- ما هى الدولة وما هى قيمة الاستقلال والحكم الوطنى اذا لم يكن المواطن وحقوقه هو الهم الاول له؟ وهل يعقل ان يتغنى المواطن بالاستقلال ويحتفى به وقد حرم تحت مظلته من اهم وابسط حقوقه الاساسية التى تمتع بها ايام الاستعمار؟ 2- هل يعقل ان تكون خيراته التى تغنى بهاالعالم تنهب باسمه ومن نهبوها يرتبون اوضاعهم للهروب خارج السودان حتى ينعموا بها فى امان ومن نهبت اموالهم من غالبية الشعب العظمى اما هربوا او يبحثون عن الهروب من اجل لقمة العيش حتى انتشرت سوق تهريب البشر وحتى ارتفعت اسعار الاقامات لدول الخليج ارقاما فلكية وحتى اصبحت استراليا التى ما كنا نحلم يوما ان يصلها سودانى تعج اليوم باحياء للسودانيين الهاربين من جحيم البلد. 3- 3- نخطئ اذا قلنا ان الهاربين من السودان دفعتهم لذلك المعارضة السياسية وهم قلة لا تقارن مع ملايين الهاربين بسبب عجزهم عن لقمة العيش حتى ان خيرة الكفاءات من الاخصائئين فى كافة التخصصات من اطباء ومهندسين واقتصاديين بل وزراعيين فى بلد نحسبه زراعى وغيرهم اعجزتهم دخولهم من ان يوفروا الحد الادنى من احتياجات اسرهم الضرورية فتقدموا الصفوف للاغتراب حتى اصبح من المسلمات انه لم يبق فى السودان من لايبحث عن الهروب خارج السودان للقمة العيش. 4- هذا الواقع فى السودان افرز اثارا اخرى سالبة وبالغة الخطورة : أ- فهل بقيت فى السودان اسرة امنة من اغتصاب الاطفال واختطافهم وسرقة اعضائهم وهل هناك اسرة امنة من عصابات السرقة والنهب علانية فى وضح النهار واقتحام المنازل بالقوة ومن كان يصدق ان المساجد اصبحت هدفا للصوص لسرقة احذية المصلين وموبايلاتهم واى نقود فى جيوبهم سواء فى اوقات الصلاة او مناسبات عقود الزواج وهل يمكن ان نصدق ان السودان يصل درجة ان يقطع لص يد مواطن بساطور ليستولى على الموبايل بمشاركة شريك له بموتر لزوم الهرب السريع. ب- هبوط القيم الاخلاقية وانتشار كل مظاهرالاحتيال حتى انعدمت الثقة التى كان يتمتع بها المجتمع السودانى واذا كان الفساد المالى يمكن محاسبة مرتكبيه واسترجاج ما نهبوه منه فكيف تسترد القيم التى انهارت والتى فرضتها ظروف الحياة القاسية حتى فاضت المايقوما بالاطفال مجهولى الهوية ناهيك عن الكم الهائل الذى تفترسه الكلاب مع انتشار المخدرات حتى فى اوساط المدارس الثانوية والجامعات. مكابر من ينكر ان حياة المواطن اصبحت مستحيلة مالم يكن من المحاسيب فهو عاجز عن توفر القليل من الحد الادنى الذى تحتمه الضرورة رغم المظاهر الخادعة التى تشهدها بعض احياء العاصمة هذا اذا كان المواطن نفسه وجد فرصة عمل مهما قل شانه حيث ان غالبيته عاطلة ومن وجد فرصة العمل فان ما يحققه من دخل لايحقق القليل من احتياجاته الضرورية وليس الترفية من سكن واعاشة وتعليم وعلاج ومواصلات وخدمات مياه وكهرباء ولا داعى للحديث عن الجبايات. ولكن هل عرف السودان عن هذه القوى السياسية التى تتتصارع من اجل السلطة سواء بالحرب او الحوار امتلكت فى اى يوم سواء كانت فى فترة حكم او معارضة الشجاعة لان تدرس وتقيم الحد الادنى من الضروريات للمواطن والتى حرم منها حتى تقف على حجم المعاناة وما افرزته من سلبيات فى المجتمع لتضع الحلول لها حتى لم يعد التسول حكرا على المشردين وحدهم وانما اصبح ملاذا لاسر ضاقت بها سبل الغيش. ولعلنى هنا احكى واقعة كنت طرفا فيها فى حفل زواج فى احدالاندية وكنت ضيفا فيه عندما شهدت مسئول امن الحفل يمنع رجلا يصحب زوجته واولاده الاربعة من الدخول لصالة الحفل فاتجهت نحو رجل الامن وعاتبته على هذا المسلك بحجة انه لا يعرف ضيوف الحفل من الجانبين ولكنه رد على بعنف وفال لى(انت لا تعرف هذا الرجل ياتى باسرته كل يوم لصالات هذه المنطقة من اوائل الضيوف من اجل وجبة العشاء وانه يغادر الحفل بعد الوجبة مباشرة) وحيرنى ان الرجل نفسه صمت عن التعليق ولم اعرف ما اقوله غير الانسحاب من الموقف .. الحالة الثانية التى شهدتها فى حفل زواج احد اقاربى باحدى الصالات رجلا فوق الستين من العمر يبدو عليه الوقار ولكنى رايته يحزم جلبابه حول وسطه ويفرغ ما تبقى من اطعمة في الجلباب فتجمع حوله بعض الشباب من عما ل المحل يحاولون افراغ ما جمعه فعاتبتهم على مسلكهم فاستقبلنى الرجل بابتسامة وقال لى (ده بكفى اولادى اسبوع) فكم ياترى تشهد الصالات سلوكيات كهذه من الذين اجبرتهم ظروف المعيشة الا يستحوا عن هذا المسلك وللضرورة احكام. اذن هو واقع مؤسف ولكن المؤسف اكثر هل الاحزاب السياسية التى تصطرع على السلطة سواء عندما تتربع على عرشها او تعارض من اجل العودة اليها هل اولت يوما اهتمامها بهذا الواقع ورصدته ودرست حجم المعاناة حتى يكون هذا محور اهتماهها خروجا على المالوف . وهل حدث ان اولى من يدعون انهم يمثلون المواطنين من نواب البرلمانات المتعاقبة ان ناقشوا يوما هذه القضايا ووقفوا على الحدا لادنى المطلوب للاسرة ليتوفر لها تغطية احتياجلتها وحفظ كرامتهم ام انهم قصروا نيابتهم للحصول على مخصصات النيابة من سيارات ومرتبات وتوفير لاحتياجاتهم هم عبر المنظمات التى تكون لخدمة هذه الفئات المميزة من السلطة وهل اولت جمعية المستهلك هذا القضية اهتمامها واجرت دراسة احصائية للحد الادنى من احتياجات المواطن للوقوف على حجم المعاناة والتصدى لحماية المظاليم الذين يمثلون غالبية الشعب السودانى وهل اجرت وزارة الصحة دراسة لتقف على الحد الادنى الذى يتتطلب توفيره من مال بغرض العلاج بعدان اصبح العلاج باموال فوق طاقة المواطن وكم من ضحاياةعجزوا عن العلاج ورحلوا وهل لدى الاجهزة المختصة احصاءات بعدد المواطنين الذين يسكنون بالايجار وهل الايجار فى حدود الحد الادنى من الدخل وهل اجرت وزارة العمل دراسة احصائية لحجم العطالة من مختلف فئات المجتمع وكم هو متوسط دخل من وجد عمل وهل اجرت وزارة التربية والتعليم دراسة لمعرفة ما يتكلفه التعليم لمختلف فئات المجتمع بعدان اصبح الاموال الطائلة وهل رصد ت الاجهزة الحكومية المختصة تكلفة الخدمات الضرورية التى تقدمها الحكومة للمواطن بالمقابل المادى من تكلفة مياه وكهرباء وما تتحصل عليه من جبايات منه فى مختلف المجالات رغم كثرتها للوقوف على توافق ما تتحصله مع امكاناته وهل رصدت هذه الاجهزة ما يتكلفه العاملون فى الامجاد والتاكسى والهايس وغيرها من وسائل المواصلات من التزامات مالية للدولة وهل يتوافق ما تتحصله منهم من رسوم ترخيص وعوائد وجبايات ومايترتب على ذلك من رفع تكلفة المواصلات العامة على المواطن حتى تكون فى مقدور المواطن وكم هو حجم ما تتقاضاه الدولة من اقساط وجبايات مقابل ما تقدمه من اراضى بالاقساط للمواطنين ومدى توافقها مع دخل المواطن واحتياجاته وهل اجرت اجهزة الدولة اى دراسة احصائية لما تلزم به المواطن دفعه لخذينة \ ىالدولة من خدمات وجبايات للتاكد من مقدرته على تحملها والا لماذا تصر على ان المواطن هو الذى يمول خذينتها وليست هى التى تمول خذينته الخاوية واخيرا اهم من هذا كله كيف للسلطة ان تحمل المواطن تبعة هذه التكلفة العالية فى الوقت الذى تخصص لمنسوبيها الذين يتمتعون بمرتبات عالية السكن المجانى والعربات والبنزين والكهرباء والمياه المجانية مع انها تتقاضى مقابل توفيرها الجبايات من المواطنين وتعفى منها اصحاب الدخول العالية فمن هو الاحق بذلك بذلك اذا كلنت السلطة لا تميز بين المواطنين وتنحاز لمن هم فى السلطة الذين يتقاضون اعلى المرتبات من الدولة بينما تحمل الغبش الذين يتقاضون اقل المرتبات والاجور فهل اولى بذلك الوزراء ونواب البرلمان ومنسوبى السلطة ام الفقراء المعدمين. اما اهم واخطر جانب من مسببات المعاناة للمواطن انه يتقاضى مرتبه واجره على قلته بالجنيه السودانى فى الوقت الذى يشترى احنياحاته من السوق المحسوب بالدولار بسبب انخفاض قيمة الجنيه السودانى فى مواجهة الدولار مما جعل مجاراته لسعر الدولار من المستحيلات وفى الحلقة القادمة ساقف على هذه النقطة تحديدا بمزيد من التفاصيل لنرى كيف كان اثرانهيار الجنيه السودانى على دخل المواطن مع ان الانجليز تركوا هذا الجنيه يساوى دولارين ونصف ولينقلب الحال فيساوى الدولار اليوم تحت الحكم الوطنى تسعة الف جنيه(قديم) اى اصبحت التسعة الف جنيه سودانى التى كانت تساوى ايام الانجليز0(مضروبة فى اتنين دولار ونص للجنيه السودانى) تساوى حوالى اثنين وعشرين الف دولار يومها الا انها اصبحت تساوى اليوم دولارا واحدا فقط(ولا حول ولا قوة الا بالله) ويبقى السؤال: هل تستحق اى قوى سياسية حاكمة او معارضة ان تبقى فى الحكم وهى تغض الطرف عن قضايا وهموم صاحب الحق والاول والاخير وهل يمتلكون الجراءة لمقارنة الحال ايام الانجليز مع واقع الحكم الوطنى لنرى ان كان يحق لنا ان نهلل ونفرح ونغنى (اليوم نرفع راية استقلالنا ) وهى فى حقيقة الامر اليوم نبدا مشوار فقرنا ويسجل التاريخ بؤس حالنا / ويبقى السؤال الهام: ماهى جدوى الحوار الذى يحقق اتفاق رموز الفشل الوطنى على اقتسام السلطة او عودة الديمقراطية الزائفة ام المطلوب حوار حول هذه الهموم التى يعانى منها المواطن لوضع الحلول الجذرية لها وصياغة دولة مؤسسات ديمقراطية حقيقة وليس افتراء ؟ اعود واكرر ولن امل التكرار لو خير الشعب بين الانجليز والحكم الوطنى لشيع الاخير لمزبلة التاريخ. والى الحلقة القادمة والاخيرة [email protected]