تألَّق الأخُ أحمد محمد هارون والي ولاية شمال كردفان أمس (الأربعاء) في المجلس الوطني (البرلمان)، في سرده المُفصل لمشروع نفير نهضة شمال كردفان، شارحاً الفكرة والانطلاقة. واستطاع أن يُقدِّمَ مرافعةً قويةً عن هذا المشروع، جعلت الكثير من المتداخلين يشيدون بهذا الأسلوب في إطلاع نواب الشّعب عمّا يجري في المركز والولايات. على الرغم من أن الأخ الدكتور الفاتح عز الدين رئيس المجلس الوطني واجه نُقطتي نظام تعترضان على انعقاد المجلس في جلسة استماع إلى والي شمال كردفان عن مشروع نفير نهضة ولايته. واستند المعترضان على بعض النصوص في الدستور، ولائحة المجلس الوطني، ولكن تمكن الأخ الدكتور الفاتح عز الدين من قيادة دفة الاجتماع، بعد الرد على نقطتي النظام، بالإشارة إلى أنّ هنالك فقرةً في لائحة المجلس تتيح لرئيس المجلس دعوة من يشاء، فلذلك دعوات الذين يخاطبون المجلس هي في بعض الحالات تقديرية يقدرها رئيس المجلس بقدرها. وجميلٌ من بعض المتداخلين أن يشيروا إلى أنهم استفادوا أيّما فائدة من هذا اللقاء، من حيث الإلمام بمعلومات ضافية عن المشروع، ووصفوه بأنه مبادرةٌ طيبةٌ، وتجربة تستحق التأمل والدراسة من ولايات السودان الأخرى. كان الأخ أحمد هارون موفقاً في عرضه لهذا المشروع، بدءاً بالرؤية، مؤمناً بأن شمال كردفان ولاية ناهضة تنموياً، ومتماسكة اجتماعياً، ومتميزة اقتصادياً، فلذلك المأمول من هذا المشروع أن يحقق أعلى درجات الرِّيادة والامتياز والنهوض بفكرِ وسواعدَ بنيها، مؤكداً في الوقت نفسه، أنّ هذا المشروع في مجمله، مشروعٌ رساليٌّ. ويهدف إلى مشاركة جميع الشّرائح المُجتمعية في ولاية شمال كردفان، بالرّأي والجهد والمال، من أجل تحقيق تنمية شاملة متوازنة، تُسهم إسهاماً فاعلاً في تحسين مستوى المعيشة والخدمات العامة، وتُساعد في زيادة دخل الأسرة، واستقرارها، ومن ثم تُسهم بجهدٍ مقدرٍ في الدخل القومي الكلي، وفي نهضة البلاد. وأحسبُ أنّ الأخ أحمد هارون حرص على أن يكون المجلس الوطني (البرلمان) مسرحاً يقدم من خلاله هذه المرافعة الراقية عن مشروع مستقبلي لولاية شمال كردفان، ليكون نفيرُ نهضتها نموذجاً تحتذي به الولايات الأخرى، ورُبما لا تجد ولاية الخرطوم حرجاً في دراسة المشروع، والوُقوف على مُخرجاته ومآلاته، لتسارع إلى البحث عن أفكارٍ مماثلةٍ، ورؤىً مطابقة، لتستنهض همم أبنائها ومواطنيها من الولايات الأخرى، باعتبارها عاصمة البلاد، وقلبها النابض. وفي رأيي الخاص، كان توفيقاً من عند الله، وجهداً مبذولاً من الأخ أحمد هارون والي شمال كردفان، ليتدافع رؤساء تحرير الصّحف، وكبار كتابها إلى حضور هذه الجلسة التاريخية، في مشهدٍ، قلّما نراهم مجتمعين كاجتماعهم أمس (الأربعاء) للاستماع إلى الأخ أحمد هارون، ليؤكد جلياً أن والي شمال كردفان يعي تماماً، دور الوسائط الصحافية والإعلامية، في تشكيل الرأي العام، بشأن قضيةٍ من القضايا. وأحسبُ أنّ غياب عددٍ مقدرٍ من أعضاء المجلس الوطني (البرلمان)، رُغم أهمية وجودهم بالأمس، لم يُؤثر سلباً على مسار الجلسة، ولا على مرافعة الوالي، التي حُظيت بالإشادة، من الأخ علي عثمان محمد طه النائب الأول لرئيس الجمهورية السابق، والذي كان أحدُ رُعاة هذا المشروع، ومن بين المُتحمسين له، وأظهر من خلال مداخلته، أنّ حماسته لهذا المشروع لم تخفت، حتى وإن غادر المنصب الدستوري في مؤسسة الرئاسة، إذ تحدث بإسهابٍ، مؤمناً على أهمية نفير نهضة شمال كردفان، ومؤملاً على أن يكون نجاحه ضمن نجاحات السودان، وموصياً ولايات السودان الأخرى بأن تحذو حذو ولاية شمال كردفان، مستفيدةً من هذه التجربة الثرة، والفكرة العظيمة، في سبيل تزكية معاني التعاون والتوادد بين أبناء الوطن كافة. وكذلك ما أكده أستاذي الأخ البروفسور إبراهيم أحمد عمر، من أنّ نفير نهضة شمال كردفان بشارةُ خيرٍ، ومدعاةُ مفخرةٍ لأهل شمال كردفان خاصةً، والسودان عامةً، وذلك في البحث عن أساليبٍ جديدةٍ ومتجددةٍ للنهوض بالوطن، عبر استنهاض همم إنسان السودان في تحقيق الإزدهار للسودان ونهضته. ومن ثم انداحت المداخلات من عدد من أعضاء المجلس الوطني، وإن غلب على أكثرها الاكتفاء بالإشادة، وأظنُّ – وليس كلُ الظنِّ إثماً- أن الأخ أحمد هارون كان حريصاً على سماع بعض الأفكار والرؤى التي تدعم نفير نهضة شمال كردفان، وتُسهم إسهاماً فاعلاً في تحقيق أهدافه المُرجاة. ولكن ليس كل ما يتمنى المرء يدركه!. أخلصُ إلى أنّ تظاهرة نفير نهضة كردفان بالأمس، أبرزت قدرات الأخ أحمد هارون في قيادته هذا المشروع النهضوي، متكئاً في ذلك على قاماتٍ وطنيةٍ لها إسهامها المقدر في خارطة السودان السياسية، منهم الأخ المشير عبد الرحمن محمد حسن سوار الدهب، والأخ الفريق عبد الماجد حامد خليل، والأخ أحمد إبراهيم الطاهر، والأخ البروفسور محمد أحمد علي الشيخ، والدكتور سيد زكي، وغيرهم كثر من أبناء وبنات الولاية. وأحسبُ أنّ ما تحقق للأخ أحمد هارون في مرافعته لهذا المشروع، أنّ الكثيرين الذين حضروا اللقاء من غير أهل كردفان، صاروا من أبناء الولاية، هوىً وانتساباً، ولا أنفي أن هواي صار مع أولئك، ولكن حرصي الأكيد أن تحذو ولايتي ولاية كسلا هذا الحذو، في مشروعٍ نهضويٍّ، جامعٍ لبنيها، يُلبي طموحات ورغبات أهلها، وما ذلك ببعيد على الله، ولا على أهل كسلا. والمأمول في هذا المشروع النهضوي أن يكون من أسباب انفراجات الضائقة الاقتصادية في ولاية شمال كردفان، ومن ثم يكون مدخلاً مهماً من مداخل الفَرجِ بعد أن استحكم الضيق الاقتصادي والمالي على كثيرٍ من ولايات السودان، كلُّ ذلك سيكون سهلاً مُيسراً، إذا تعاون بنو السودان على البر والتقوى، وارتقوا بفضيلة العمل. ولنستذكر في هذا الخصوص، قولَ الله تعالى: "وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ". وقول الإمام أبي عبد الله محمد بن إدريس الشافعيّ: وَلَرُبَّ نازِلَةٍ يَضيقُ لَها الفَتى ذَرعاً وَعِندَ اللَهِ مِنها المَخرَجُ ضاقَت فَلَمّا استَحكَمَت حَلَقاتُها فُرِجَت وَكُنتُ أَظُنُّها لا تُفرَجُ