السودان يردّ على عقوبات الخزانة الأمريكية    ركابي حسن يعقوب يكتب: ماذا يعني تنصيب حميدتي رئيساً للحكومة الموازية؟    غرق 51 سودانيًا    الهلال السوداني يتطلّع لتحقيق كأس سيكافا أمام سينغيدا    سِيكَافا وفَن التّزحلق عَلَى الحَنِين    يوفنتوس يقتلع الفوز من الإنتر    الهلال يختم استعداداته لنهائي البطولة أمام سينغيدا بلاك استارز التنزاني    شاهد بالفيديو.. الناشطة المثيرة للجدل "زارا" التي وقع الفنان شريف الفحيل في غرامها تعترف بحبها الشديد للمال وتصدم المطرب: (أرغب في الزواج من رجل يملك أكثر من مليون دولار)    شاهد.. "جدية" الإعلام السوداني تنشر صورة لها مع زوجها الشاعر وتستعين بأبيات من الغزل نظمها في حقها: (لا شمسين قدر نورك ولا الاقمار معاها كمان)    شاهد بالصورة والفيديو.. بضحكة مثيرة جداً وعبارة "أبشرك اللوري مافي زول سائقه مركون ليهو زمن".. سيدة سودانية تثير ضجة واسعة بردها على متابع تغزل في جسدها: (التحية لسائق اللوري حظو والله)    شاهد بالفيديو.. الفنان شريف الفحيل يفتح النار على المطربة إيمان الشريف: (المجهود البتعملي عشان تطبلي لطرف تاني قدميه لزوجك لأنك مقصرة معه ولا تعطيه إهتمام)    شاهد.. "جدية" الإعلام السوداني تنشر صورة لها مع زوجها الشاعر وتستعين بأبيات من الغزل نظمها في حقها: (لا شمسين قدر نورك ولا الاقمار معاها كمان)    شاهد بالصورة والفيديو.. بضحكة مثيرة جداً وعبارة "أبشرك اللوري مافي زول سائقه مركون ليهو زمن".. سيدة سودانية تثير ضجة واسعة بردها على متابع تغزل في جسدها: (التحية لسائق اللوري حظو والله)    رونالدو يتسلّم جائزة الحذاء الذهبي للدوري السعودي 2024-2025    وزير الداخلية يتفقد سجن سوبا ويقف على عمليات الصيانة و التأهيل بالسجن    د. كامل إدريس يلتقي المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة للسودان    محمد صلاح يضرب شباك بيرنلى ويُحلق ب"ليفربول" على قمة البريميرليج    الهلال يواجه سينغيدا التنزاني غدا في نهائي بطولة سيكافا    إنت ليه بتشرب سجاير؟! والله يا عمو بدخن مجاملة لأصحابي ديل!    لامين يامال: هكذا سأحتفل إذا فزت بالكرة الذهبية    مصر تسجل مستوى دخل قياسيا في الدولار    وزير الداخلية يترأس إجتماع لجنة ضبط الأمن وفرض هيبة الدولة ولاية الخرطوم    وزير الداخلية يترأس إجتماع لجنة ضبط الأمن وفرض هيبة الدولة ولاية الخرطوم    عودة السياحة النيلية بالخرطوم    ترامب يلوح بفرض عقوبات كبيرة على روسيا    في أزمنة الحرب.. "زولو" فنان يلتزم بالغناء للسلام والمحبة    إيد على إيد تجدع من النيل    أرميكا علي حافة الهاوية    الرئيس الرواندي يصل الدوحة    انتقادات عربية وأممية.. مجلس الأمن يدين الضربات في قطر    وزارة الزراعة والثروة الحيوانية والري بالخرطوم تبحث إعادة إعمار وتطوير قطاع الألبان    شاهد بالصورة والفيديو.. عروس سودانية ترفض "رش" عريسها بالحليب رغم إقدامه على الخطوة وتعاتبه والجمهور يعلق: (يرشونا بالنووي نحنا)    حسين خوجلي يكتب: الأمة العربية بين وزن الفارس ووزن الفأر..!    ضياء الدين بلال يكتب: (معليش.. اكتشاف متأخر)!    في الجزيرة نزرع أسفنا    شاهد بالفيديو.. حسناء الإعلام السوداني تستعرض جمالها بإرتداء الثوب أمام الجميع وترد على المعلقين: (شكرا لكل من مروا من هنا كالنسمة في عز الصيف اما ناس الغيرة و الروح الشريرة اتخارجوا من هنا)    أعلنت إحياء حفل لها بالمجان.. الفنانة ميادة قمر الدين ترد الجميل والوفاء لصديقتها بالمدرسة كانت تقسم معها "سندوتش الفطور" عندما كانت الحياة غير ميسرة لها    من هم قادة حماس الذين استهدفتهم إسرائيل في الدوحة؟    مباحث شرطة القضارف تسترد مصوغات ذهبية مسروقة تقدر قيمتها ب (69) مليون جنيه    في عملية نوعية.. مقتل قائد الأمن العسكري و 6 ضباط آخرين وعشرات الجنود    هذا الهجوم خرق كل قواعد الإلتزامات السياسية لقطر مع دولة الكيان الصهيوني    نجاة وفد الحركة بالدوحة من محاولة اغتيال إسرائيلية    ديب ميتالز .. الجارحى ليس شريكا    ضبط (91) كيلو ذهب وعملات أجنبية في عملية نوعية بولاية نهر النيل    الخرطوم: سعر جنوني لجالون الوقود    السجن المؤبّد لمتهم تعاون مع الميليشيا في تجاريًا    وصية النبي عند خسوف القمر.. اتبع سنة سيدنا المصطفى    عثمان ميرغني يكتب: "اللعب مع الكبار"..    جنازة الخوف    حكاية من جامع الحارة    حسين خوجلي يكتب: حكاية من جامع الحارة    تخصيص مستشفى الأطفال أمدرمان كمركز عزل لعلاج حمى الضنك    مشكلة التساهل مع عمليات النهب المسلح في الخرطوم "نهب وليس 9 طويلة"    وسط حراسة مشددة.. التحقيق مع الإعلامية سارة خليفة بتهمة غسيل الأموال    نفسية وعصبية.. تعرف على أبرز أسباب صرير الأسنان عند النوم    حادث مأسوي بالإسكندرية.. غرق 6 فتيات وانقاذ 24 أخريات في شاطئ أبو تلات    بعد خطوة مثيرة لمركز طبي.."زلفو" يصدر بيانًا تحذيريًا لمرضى الكلى    الصحة: وفاة 3 أطفال بمستشفى البان جديد بعد تلقيهم جرعة تطعيم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حسن نجيلة : مدرستي وتلاميذتي .. بقلم: حسن محمد صالح
نشر في سودانيل يوم 29 - 05 - 2014

ضمن تناولنا لكتاب الأستاذ حسن نجيلة (( ذكرياتي في البادية )) نقف عند المدرسة الظاعنة والتي جاء ذكرها في صفحة (71 ) من الطبعة الخامسة من الكتاب تحت عنوان مدرستي وتلاميذتي . ويقول حسن نجيلة : إن علاقته بتلاميذه الصغار بدأت في أول يوم وصل فيه إلي بادية الكبابيش ومنزل الشيخ علي التوم برفقة المستر لي مفتش دار الكبابيش وكان ذلك في العام 1930م وقد ذكر المؤلف في بداية كتابه أنه قد لقن درسه الأول من تلاميذته الصغار الذين كانوا بين الفرسان الذين إستقبلوا المفتش وكانوا علي الخيل وهي تعدوا بهم ويقول ولم أكن أستبين وجودهم علي ظهور الخيل لصغر احجامهم وعلو حافات السروج العربية .وكانت هذه العلاقة قد بدأت بالنهار أما في أول ليلة قضاها الأستاذ حسن نجيلة في بادية الكبابيش فهي ليلة لا تنسي فهو كان متعبا من تلك الرحلة الطويلة التي قطعها علي ظهور الجمال (( من سودري حتي حمرة الشيخ )) فكان في ليلته تلك مسهدا ولم ينم إلا بعد منتصف الليل فهذه هي الليلة الأولي في حياته ينام داخل خيمة لا باب لها ولا سور ..... وذر قرن الشمس فسمع داخل خيمته أصواتا تتهامس وتضحك في خفوت وقد فتح عينه بعد مشقة حيث كان متعبا وفي حاجة لمزيد من النوم .. ويقول :
فرأيت في ركن الخيمة مجموعة صغيرة من الأطفال ينظرون إلئ وقد جلسوا القرفصاء علي الأرض ولم أخطئ فهمهم إنهم تلاميذتي الذين رأيتهم بالأمس كالجن علي ظهور الخيل عند إستقبالنا ومن أجلهم جئت لهذه البادية الجديدة علي حياتي ومعرفتي ولعلهم تعجلوا الحضور أيضا ليعرفوا ما هذه المدرسة الجديدة علي معرفتهم وحياتهم فبكروا بالدخول إلي خيمتي ولم يدر بخلدهم أني نائم فقد تعودوا مثل أهلهم ان لا تشرق عليهم الشمس وهم نائمون بل قل أن تشرق الشمس ولا يكون أكثرهم قد تناول وجبة الإفطار ((عصيدة الدخن بأي إيدام من لبن أو قديد )).
وقد عجبوا أن وجدوني نائما وقد أشرقت الشمس فتهامسوا وتبادلوا الضحكات من مدرسهم الذي ينام في تلك الآونة وكان هذا كافيا لأجعل برنامج المدرسة يسير منذ يومه الأول حرا طليقا من كل قيد ... فنحن نبدأ في وقت مبكر لا تشاركنا فيه مدرسة أخري في السودان ونعود مرة أخري في المساء لنستأنف الدراسةأما الجمعة فهي عطلة وهي أيضا عيد صغير في الحي (( نصحو في الصباح الباكر علي دوي النحاس ))وفي يوم الجمعة تذبح شاة كرامة للنحاس وترش أجزاء النحاس بالدم وكان النحاس له توقيعا يحبونه ويؤثرونه ويتغنون معه بكلمات تتماشي مع توقيع ضربات النحاغس كار جدو وجد جدو ويعنون بذلك عراقة المجد في بيت الشيخ علي فالمجد عنده ىطارف وتليد من جده وأجداده القداما . وتعمل المدرسة في جو طليق فلا تتقيد بمكان ولا زمان للتدريس ليس في المدرسة مقاعد أو كنبات للتلاميذ وكل عدة المدرسة ((سبورة )) واحدة يتم تعليقها علي شجرة أو شدها علي حبال خيمة أو بيت شعر والتلاميذ يجلسون علي الرمال ملتفين حول أستاذهم فلا مقاعد ولا حصائر إلا مقعد صغير لجلوس الأستاذ أحيانا .
ويقول الكاتب : حجرتنا هذه الطبيعة الواسعة المنبسطة حولنا نجلس منها حيث نشاء ، اليوم هنا وغدا هناك عند منحني الوادي وقد تداعبنا الرياح فتحمل السبورة عنا بعيدا فنضحك كثيرا ويتسابق التلاميذ للحاق بها وإعادتها إلي مستقرها ،،جذع شجرة أو حبال خيمة . لا تسألني عن العطلات فلا شأن لنا بشم نسيم ولا أعياد ميلاد أو جلوس الملك وكم كنت أسخر عندما تصلني نشرة مصلحة المعارف محددة الإجازات السنوية فألقيها جانبا ولا أعمل بها لقد كانت لنا في باديتنا تلك كما يقول الكاتب إجازاتنا الخاصة التي نحتفي بها ونشارك الناس من حولنا بهجتهم وفرحتهم بها .. فهذا مثلا عيد أوبة الإبل من مرعاها في فصل الشتاء في منطقة صحراوية يسمونها الجزو وعند عودة الشباب من الجزو يخرج الحي كله لإستقبالهم رجالا ونساء وأطفالا في فرحة طاغية والحي كله في عيد متصل والمدرسة في عطلة تشارك الحي بهجته ومسرته ..
ويقدم الكاتب شهادة في حق تلاميذه حيث وصفهم بالذكاء ولكنه كان يجد عناءا كبيرا في نقل صورة متكاملة لبعض ما يرد في كتب المطالعة من إشارة لما هو سهل واضح في المدينة فكلمات مثل نهر ، قطار ، قصر ، كهرباء مثلا : يجد الأستاذ نجيلة (عسرا ) كبيرا في تحديد مدلولها في أذهانهم ومن لا شك فيه أن واضعي تلك الكتب كما يقول الكاتب في ذهنهم دائما طفل المدينة ولم يدر بذهنهم مثل هؤلاء الأطفال البدويين . ويقول الكاتب أن تلاميذه بمر الأيام قد صاروا في مستويات مختلفة : أولي ، ثانية ، ثالثة ، رابعة وهو وحده الذي يعمل بينهم مقسما وقته وجهده .
ومن بين الطرائف التيجاء بها الكاتب عند حديثه عن مدرسته هي (( لعبة كرة القدم )) يقول : وافرحتاه لقد وصلتنا كفرات وأنابيب لكرة القدم لقد تذكرتنا ( المعارف ) وأهدتنا ما يهدي لمدارس المدن لنلعب كرة القدم في البادية ويقول الأستاذ حسن نجيلة في هذا الجانب من حديثه عن مدرسته الظاعنه : أن تلاميذه قد إلتفوا حوله وكانوا مذهولين وهو يحدثهم عن هذا الشئ الجديد في حياتهم وقد حدثهم طويلا عن لعبة كرة القدم وأمام أعينهم أخذ الكرة وملآ جوفها بالهواء بالمنفاخ ثم ربطها كل هذا وأبصارهم عالقة بما يفعل في دهشة بالغة ..... ويقول : وأمسكت الكرة بيدي وقذفتها برجلي بعنف نحو الفضاء فكان لها دوي وأوشك بعض الصغار أن يهربوا فزعا لولا أن طمأنتهم ثم شجعتهم لكي يقذفوها وأن ( يشوطوها )بأرجلهم كما أفعل وبعد قليل سرت نشوة اللعب بينهم وأخذوا يتقاذفون الكرة ويجرون خلفها بغير نظام وهم يتصايحون ويضحكون في مرح صاخب وخرج أهل الحي يشهدون هذا الشئ العجيب الجديد في عجب وإعجاب وشاركنا بعض كبارهم في اللعب .. وهنا يتوقف الكاتب ليقول كلمات عن هذه اللحظات التي قضاها تلاميذته مع كرة القدم يقول : لقد شهدت الكثير من المباريات في كرة القدم وأشهد الله أنها كانت مجتمعة لم تبعث في نفسي البهجة والمسرة كتلك التي بعثها منظر تلامذتي في البادية وهم يعدون وراء الكرة كل يقذفها بأي جزء من جسمه وقد سقطت ثياب بعضهم فأنطلقوا مع الكرة عراة لا يأبهون وآخرون بالسراويل وكلهم منتش وطروب .
ويضيف الكاتب بأن مدرسته ليس بها جرس ولا طابور يعد فيه التلاميذ ويحصي الغياب ولا يتقيد ذلاميذ المدرسة الظاعنه بلبس معين كما تفعل المدارس الأخري فتلامذته يعدون نموذجا حسنا لكل أنماط اللبس في البادية فهذا يأتي ملتفحا بثوبه فقط ليس علي جسمه سواه وذاك بسروال صغير وقميص وآخر بسروال فقط وقد يجئ الصغار منهم عراة تماما . وليس علي الرؤوس غطاء وقد حلق شعر بعضهم بالموس كله وبقي عند آخرين جزء من الشعر في مفرق الرأس وتدلت من رؤوس آخرين ضفائر للخلف وأخري إلي الأمام حتي تكاد تتجاوز الجبهة وقد يلبس بعضهم أحذية وقد يأتي بعضهم حفاة الأقدام .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.