استجبتُ لدعوةٍ كريمةٍ من مؤسسة سودان فاونديشن يوم الاثنين الماضي في فندق السلام روتانا، لحضور فعاليات حفل تدشين المنظمة لأعمالها. وقد ظهر الأخ أسامة عبد الله وزير الكهرباء والقوى المائية السابق، بعد غيبةٍ عن الوسائط الصّحافية والإعلامية منذ مغادرته المنصب الوزاري في ديسمبر الماضي، متأبطاً مشروعاً نهضوياً في مبادرة للمساهمة في بناء السودان. وقد حدد فترة زمنية لمرئياته حول هذا المشروع النهضوي، إذ رسم له خارطة زمنية من 2015 إلى 2025. وحرص الأخ أسامة عبد الله أن يطل على الوسائط الصحافية والإعلامية في حفل فخيم بمشروع ضخم، حمل في طياته الكثير من الوعود، فكان بحقٍ وحقيقةٍ مشروعَ اليقظةِ والأحلامِ. فلا غَرْوَ أن أشار صاحب هذه المبادرة النهضوية إلى أنه بهذه المبادرة يريد أن يحلم، طالباً من الحضور أن يحلموا معه، ولكن في رؤية علمية وفكرة ثاقبة، يتطلع من خلاله الجميع إلى غدِ السودان المشرق، دون أن يغرقوا في بحور الماضي، ويكونون أسرى له وللمُضاغطات التي يواجهونها حاضراً. وأحسبُ أن مشروع سودان فاونديشن، مشروع متكامل وطموح، وأنّه من المشروعات التي قلما تجد حظاً من النجاح في بلدان العالم الثالث، الذي تتحكم الدولة فيه على كلِّ مصافِ الحياة السياسية والاقتصادية. فلذلك لا يمكن أن يكون مثل هذا المشروع النهضوي، مشروعاً لقطاعٍ خاصٍ، إذ لم يجد مباركة الدولة، وموافقة الحكومة، لأنه يتوزع في مناشط الحياة المختلفة، زراعةً وصناعةً وعمالةً وتدريباً، أيّ أنه يزاحم الحكومة وينافسها في التفكير بنهوض الوطن. وتتضمن الخارطة المستقبلية والمرئيات المتوقعة لهذا المشروع النهضوي، مشروعات وبرامج زراعية وحصاد مياه ومصانع وتعليم وتدريب. فلا يمكن لهذا المشروع النهضوي أن يقوم على تمويل عبر تبرعات وهبات. ولعلي حرصتُ في مداخلتي أن أتطرق إلى قضية تمويل المشروع – تلميحاً - وذلك من خلال الإشارة إلى أن هنالك أحاديث تتحدث عن تمويل هذا المشروع النهضوي، مفادها أن بيوتات مالية من داخل السودان وخارجه تقف وراءه، ولذلك من الضروري أن يكون هنالك قدر من الشفافية في ما يتعلق بتمويله، سعياً لضمان تبريكات مؤسسات الدولة، ومواصفات وزارات الحكومة. وبالفعل أتاح الأخ أسامة عبد الله فرصةً لمخاطبة الحفل للأخ مصدق طه المدير الإقليمي لبنك قطر الوطني في إفريقيا، على الرغم من أنه حرص على تأكيد أن تمثيله في هذا الحفل تمثيلٌ شخصيٌّ لا علاقة له بمؤسسته، وأن ما يدلي به من أفكار حول هذا المشروع النهضوي، لا تمثل إلا شخصه. أما قضية تمويل المشروع، فمن القضايا المهمة لبسط أسباب ومسببات نجاحه، وإلا كان مشروعاً حلماً، يظل هذا الحلم عند الأخ أسامة عبد الله وإخوانه في المشروع، حتى وإن كان يقظاناً. وكذلك أشرت في مداخلتي إلى أن الجميل في هذه المبادرة أنها تأتي من شخص لم تملكه مرارات المنصب الدستوري، فيزهد عن الدنيا وما فيها، وتسود في عينيه، مهما كانت حسناتها أو تداعياتها. ولكن الأخ أسامة عبد الله ضرب مثلاً حياً في أن المواطن الغيور على وطنه، يكرس جهده في العمل من أجل مصلحة بلاده، سواء كان داخل الحكومة أو خارجها. أخلصُ إلى أن هذا المشروع النهضوي جاء بمفهومٍ جديدٍ ومتجددٍ، ألا وهو السعي الحثيث إلى أن يتحول الحلم والأمل إلى واقعٍ وحقيقةٍ. فأكبرُ الظنِّ عندي، أن الأخ أسامة عبد الله حرص على تأكيد هذا الفهم الجديد في السعي إلى النهوض بالعباد والبلاد، عندما قال في كلمته لدى تدشين هذا المشروع النهضوي، إنه يهدف إلى تحقيق التنمية الاقتصادية والإنتاجية والاجتماعية، بعيداً عن التقاطعات السياسية، مؤكداً أن البلاد تحتاج إلى هذه المبادرات التي تمر بها، والتي تتطلب تضافر الجهود. ولم يغفل أهمية التزام هذا المشروع النهضوي بالشفافية في كثير من أمورهم، لا سيما تلكم المتعلقة بالتمويل. وأنه سيسعى جاهداً إلى اعتماد تمويل مشروعات هذه المبادرة النهضوية، على القطاعين العام والخاص. والمأمول أن يجد هذا المشروع النهضوي اهتماماً خاصاً من الجهات المختصة في إطار التفكير الجاد لإحداث قدرٍ من التغيير في نظامنا السياسي والاقتصادي، بُغية تخفيفِ الكثيرِ من الرّهقِ المالي والمُضاغطات الاقتصادية على المواطنين كافة. ولنستذكر في هذا الصدد، قولَ الله تعالى: "وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ". وقول الشّاعر العربي أبي الطيب أحمد بن الحسين المعروف بالمتنبئ: عَلى قَدْرِ أهْلِ العَزْم تأتي العَزائِمُ وَتأتي علَى قَدْرِ الكِرامِ المَكارمُ وَتَعْظُمُ في عَينِ الصّغيرِ صغارُها وَتَصْغُرُ في عَين العَظيمِ العَظائِمُ